[د. صالح التويجري]

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة جمعة 21/11/1431هـ د. صالح التويجري
(حين يتخاذل الفريق)
إن الحمد لله
لا شيء يجلب التعاسة للآباء أكثر من انحراف الأبناء، وتعنتهم في الاستمرار مع رفقاء السوء، وارتكاب المحظورات، والمغامرات الجنونية، وما ينتج عن ذلك من كثرة مثولهم أمام جهات القبض والتحقيق، وصلت التعاسة إلى كثرة مراجعة الآباء للجهات الحكومية المعنية للنظر في قضايا أبنائهم الذين «نزّلوا رؤوسهم» أمام الآخرين، حتى إن بعضهم يعاني أمراضاً مزمنة «السكر، الضغط،...»، بل إن أحد الآباء كثيراً ما يتجنب المناسبات الاجتماعية خشية أن يسأله أقرباءه عن ابنه الذي لا يزال رهن الإيقاف؛ لارتكابه تصرفاً شاذاً و كثر تغيبه عن مناسباتهم.. رجل يقول: ثقتي المفرطة هي السبب فيما أعيشه اليوم، لقد أتعبني ابني بشطحاته وأرهقني بمغامراته الجنونية، بل وجعلني أشعر بغصة بين الآخرين عندما أقارنه بأبنائهم، وكنت احلم باليوم الذي أراه رجلاً ذا قيمة بين أقرانه، ويساعدني في تربية إخوته، لكنه أصبح قدوة سيئة لهم والآن أعيش رهبة مستقبل الأيام، خوفاً من تكرار تجربته مع البقية منهم، فقد أصبحت ملامح وجهي مألوفةً أمام الجهات الأمنية لكثرة ترددي عليهم عند كل مشكلة يقع فيها ابني
*فمن السبب! يحمل بعض الناس الوالدين مسؤولية انحراف أبنائهم، فغياب الثقة بين الطرفين وازدياد الحواجز النفسية بينهما، جعلت مسألة المكاشفة والمصارحة غاية في الصعوبة، فلا يستطيع الآباء معرفة ما يدور في عقول أبنائهم، وكون الأبناء خرجوا إلى الحياة في فترةٍ زمنية مختلفة بشكلٍ كبير عن آبائهم وأمهاتهم، والكثير من الآباء يفتقد مهارة التواصل مع أبنائه مما ينعكس ذلك سلباً على تصرفاتهم، فتجدهم يمارسون سلوكياتٍ غريبة كالتحرش والمعاكسات والتفحيط و الحماقات التي تسبب إزعاج الآخرين، بل وتجعل آبائهم في غاية الحرج أمام الجيران والجهات الأمنية والمجتمع، لأن الجميع ينظر إليهم بأنهم لم يحسنوا التربية. فهل أنت شؤم على والديك
*إن كثيرا من التصرفات "الغوغائية" أبطالها الوهميون شباب وأحداث تعددت مشاكلهم بقضايا برزت بصورة مخيفة، نتيجة تهاونهم واستهتارهم بالأنظمة، فانتشرت بينهم العديد من القضايا والمشكلات، في مقدمتها المشاجرات والاعتداءات واستخدام الأسلحة البيضاء التي برزت بين الشباب ، بالإضافة إلى السرقة والتعصب القبلي، ونخوة الجاهلية وتخريب الممتلكات والمرافق العامة التي يرتفق بها المواطنون ، وهذه التصرفات سببت لدى كثير من الآباء خدشاً وجرحاً عميقاً في حياتهم وحيائهم، وكان لهذه التصرفات الطائشة أثر في تعكير صفو حياة الآباء وإسقاط رؤوسهم أمام الآخرين، إلى جانب إذلال كرامتهم أمام المسئولين بحثاً عن الشفاعات والوجاهات، والتنقل من دائرة لأخرى لحل قضية أبنائهم المتورطين، حتى إن بعض الآباء يدعو على ابنه بالهلاك نتيجة هول الصدمة والمعاناة من مراجعة المحاكم الشرعية والمراكز الأمنية ومراكز السجون ودور الملاحظة .فهل يدخر الأولاد للعناء في زمن الثراء
بل إن الأمر وصل إلى الحماية والدفاع ، فعندما يقع الابن في مشكلة نجد الأب بدافع الأبوة والرأفة يستميت لإخراجه منها، وهذا الأمر يتكرر في المدارس والجهات الاخرى عندما يحصل من بعض الطلاب مخالفة سلوكية ويطبق بحقه الإجراءات الواجب اتخاذها، فإن لغة الأب تتغير تجاه المدرسة ، ويبذل المستحيل لتبرئة ساحة ابنه او ابنته، بل قد يصل به الأمر إلى اتهام المدرسة والأمن والقضاء بالقسوة ، وأنه مظلوم ولم يخطئ ويبدأ يراجع المسئولين بالطعن في قرارات الجهات، كل ذلك نتاج دلال الآباء للأبناء تحقيقاً لرغباتهم وتعاطفا مغلوطا
، وأصبح كل يحمل الآخر المسؤولية، والضحية الأبناء،والمجتمع على أن الجهات كلها التربوية والقضائية والأمنية عليها مسؤولية عظمى في تربية الأبناء وتوجيههم واحتضانهم وحل مشاكلهم قبل استفحالها، ويكفي أنهم يقضون الساعات الطوال خارج البيوت فأين المنتج المؤمل؟، فالمدرسة بكامل طاقمها تتحمل جزءا بدءاً بالمعلمين ومدير المدرسة ووكيل المدرسة والمرشد الطلابي ورائد النشاط، و الجهات الأمنية عليها دور كبير من خلال المتابعة والرقابة وتطبيق الأنظمة والجزاءات الرادعة دون تردد، وكذلك أئمة المساجد والخطباء بالوعظ والتوجيه والنصح والإرشاد. ورعية الشباب بإعادة مفهوم رسالتها ودورها
* كما أن دراسات علمية عدة أثبتت بأنه كلما زاد وقت فراغ الأبناء ساعد ذلك على إحداث خلل في سلوكياتهم، فأن السجون ومستشفيات الأمل للصحة النفسية تحتضن الكثير من الأمثلة لأبناء أتعبوا آباءهم ، بتصرفاتهم اللا مسئولة التي ولدت الحرقة في نفوسهم،
هذا ونحن دولة غنية وتبذل أموالا طائلة لتقديم الدراسات والنهوض
فماذا يقال عن الدول الفقيرة والعالم في سباق مع الزمن لتحقيق التقدم وهل الثراء أصبح مولدا للبطالة فنركن الى الوظائف والقروض ونترك الحقول والمصانع والمتاجر ايها الناس لقد عاش آباؤنا فقراء ولم يتخلوا عن المبادئ والقيم والأخلاق وتوكلوا على الله في طلب الرزق وبذل الأسباب المشروعة فمالنا في زمن العيش الرغيد سلكنا في جلب المال طرق الغش والخداع والمخدرات وتهريب المسكرات والحيل والمحرمة وفي بذله سلكنا الإسراف والتبذير والخيلاء والتدمير فهل يكون الفقر بديلا يربي على العناء وينسي برامج التقدم والنمو وهل النعمة خمر جياش تحمل على التعدي والبغي والأذى اللهم انا نعوذ بك من فقر ينسي وغنى يطغي
*هل تعلم مقومات الدخل ومصادره وعلى أي شيء تعتمد بعد الله وهل لك موقع في منظومة التنمية ام أنت استهلاكي أحمق فقد قال احدهم لأبنائه تخيروا مال وحمق ام فقر وعقل فتناظروا واختاروا فقال أرشدهم اختار فقرا وعقلا فقيل لم ؟ فقال عقل أدبر به فقري خير لي من حمق يذهب بمالي فلا يبقي لي إلا حمق يشتتني
لن تراعوا فبالأمس حضرنا تخريج حفظة كتاب الله برعاية كريمة من أمير المنطقة وقوافل النابهين تتوالى ومع ان الله قدر كل شيء فقد مكن كل فرد بان يشارك في تحديد ملا مح مستقبله بما أوتي من أسباب وفرص ضيع ام غنم . ففي صالح الأعمال نفسك فاجعل.
وكما ترون طبقات الجنسيات من حيث المهن فهذا طبيب وذاك مهندس وذاك حمال وزبال وما بينهما ليتخذ بعضنا بعضا سخريا وما ربك بظلام للعبيد فماذا تتخيل نفسك بعد سنوات . وكما قيل مستقبلك من احلامك.
عباد الله ان تنسيق جهود البناء مطلب ملح فمن تتوقعون من الجهات تنادي بجمع القوى الفاعلة في الميدان من القضاء والتحقيق والادعاء والهئيآت والأمن والبحث الجنائي والاجتماع والتعليم العام والجامعي ورعاية الشباب وتقديم ورقة عمل لورشة تناقش أوضاع الشباب بكل وضوح وشفافية وان نتجنب الإسقاط والتهرب وإلقاء اللوم على مجهول او معلوم غائب فقد بذلت الدولة وفقها الله لهذه القطاعات بسخاء وغرد كل منها وحده خارج السرب وهي لن تحقق المنى إلا بمزيد من التواصل والتعاون والشراكة في الميدان فمن يخطف السبق؟؟؟

[&زهور الجوري&]

باركـ الله فيكم ونفع بكم الأمة