|
|
|
![]() |
#113 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: May 2010
البلد: في بساتين الرضى }|..
المشاركات: 1,290
|
المحاضرة التاسع عشر [ 19 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. إخواني الطلاب وأخواتي الطالبات من منسوبي قسم الدعوة الدارسين لمقرر مناهج الدعوة في المستوى السادس أُحييكم في مستهل اللقاء التاسع عشر من لقاءات هذا المقرر المبارك وسيكون حديثنا في هذا اللقاء بمشيئة الله تعالى موصولاً بما إنقطع الحديث عنه حول الأساس الثالث من أسس بناء مناهج الدعوة وهو ’’ الدلديل المنسجم مع الدعوة ‘‘وكنا بدأنا الحديث في طرائق تحقيقه ثم ذكرنا النوع الأول من أنواع الدعاوى وهو الدعاوى المتضمنة الأمور الحسية و سنتكلم إن شاء الله في هذا اللقاء عن أبرز أساليب المنهج الحسي و سنتكلم أيضاً عن مواطن إستعمالات المنهج الحسي ثم سنشير إلى خصائص المنهج الحسي فينتهي الحديث بذلك عن المنهج الحسي لنبدأ الحديث بعد ذلك و في نفس حلقة اليوم عن النوع الثاني من أنواع الدعاوى وهو الدعاوى المتضمنة لأمور عقلية . نقول مستعينينا بالله إن للمنهج الحسي أساليب أبرزها ما يلي : أولاً : لفت الحس إلى التعرف على المحسوسات للوصول عن طريقها إلى القناعات ( لاحظ معي ) لفت الحس اللي هي الحواس الخمس خصوصاً السمع و البصر إلى التعرف على المحسوسات المتاحة الموجودة أمامك ( يعني ببساطة أقولك أنظر هذه .. إلمس هذه .. إسمع القول الفلاني .. هذا معنى لفت الحس إلى المحسوسات الموجودة للوصول عن طريقها إلى القناعات كما في قوله تعالى "وفي الأرض آيات للموقنين و في أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء و الأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون " نقول للناس عبر هذه الآية في الأرض آيات للموقنين فتش في الأرض أنظر هذه المظاهر الكونية العجيبة براكين تتفجر و أرض تمور و تتزلزل ومُطر تنزل وسحب تتكون و بذور تنبت و تكبر و تثمر آيات ..! لابد أن تسأل نفسك يعني كيف جاءت ؟ هذه الأشياء محسوسة أنت تنظر إليها .. تسمع بها .. بل إنك تشمها و تلمسها , هذا من أهم الأساليب قال الله تعالى أيضاً في آيات أخرى و الآيات و الأحاديث كثيرة لكننا نورد منها ما يكفي لبيانها قال تعالى " سنريهم آياتنا في الآفاق و في أنفسهم حتى يتبين لهم أنهم الحق أولم يكفي بربك أنه على كل شيء شهيد " بلا والله سبحانه و تعالى , و في أنفسهم .. جسمك أيها الإنسان شيء محسوس " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " لفت الحس إلى شيء محسوس وهو الجسم و في هذا الجسم مالا نهاية له من العجائب و الغرائب و بدائع صنع الله سبحانه وتعالى , هذا هو الأسلوب الأول من أساليب المنهج الحسي , الأسلوب الثاني هو أسلوب التطبيق العملي .. أسلوب التطبيق العملي على وجه يشاهده المدعو و يعرف منه كيفية تطبيق الفعل المأمور به الذي ندعوه إليه , الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ فعل شيئاً من ذلك و باشر أسلوب التطبيق العملي _ عليه الصلاة والسلام _ حين كان يعلم الناس الصلاة والحج وأمر الناس بأن يقتدوا به وكان يقول لهم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وكذلك يقول لهم " خذوا عني مناسككم " و لشك إن هذا تفعيل قوي للحس فالرسول _ صلى الله عليه و سلم _ يتوضاء الوضوء على الصورة الصحيحة ثم يصلي الصلاة على صورتها الصحيحة هذه أشياء محسوسة مشاهدة في الواقع فيقول للناس " أعملو حواسكم و انظروني كيف أتوضىء و أنظروني كيف أصلي فخذوا وضوءكم و صلاتكم عني " هذا ببساطة أسلوب التطبيق العملي و هو من الأساليب المهمة في المنهج الحسي و هكذا الشأن في الحج يقول الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ " أنا أحج بالصورة الصحيحة فأنظروني بحواسكم وتعلموا مني كيف تحجون " و أنا أعتقد أن هذا ميدان قوي واسع في الدعوة إلى الله سواءً في جلب الناس للإسلام و ترغيبهم فيه و إغرائهم بما فيه من مضامين أو في تعليمهم و ارشادهم فما يتعلق في الجانب الأول وهو جلب الناس للإسلام ( لاحظ معي ) أن غير المسلمين وهم يشاهدون المسلمين في شعائرهم و سلوكياتهم و تعاملاتهم و إنتظامهم وتوادهم و تراحمهم إذا جاءو يتوضؤون في معاد واحد ثم يذهبون إلى المسجد في معاد واحد و يصفون صفوفاً واحدةً أمام إمامٍ واحد يقتدون في تكبيراته و سجوده وما إلى ذلك .. هذه صورة حسية لافتة و بقوة لحس غير مسلمين و هي صورة مؤثرة كانت من أقوى عوامل إغراء غير المسلمين بالنظر في الإسلام و بالتالي الدخول إليه و الإيمان بما فيه , الأسلوب التالي من أساليب المنهج الحسي القدوة العملية في تعليم الأخلاق و السلوك وهذا له علاقة بالأسلوب الثاني لكن قد يكون فيه شيء من التخصيص جاء الله رسوله _ صلى الله عليه و سلم _ قدوة للمؤمنين قال سبحانه و تعالى في الآية الكريمة " لقد كان لكم في رسول لله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر وذكر الله كثيراً " ليس عليك أيها الإنسان العبد إلا أن ترى تلك الأسوة وهي الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ و تقتدي به فتدلك لما فيه فلاحك ونجاتك , هذه الآية جاءت في سورة الأحزاب . كان خلق الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ القرآن وقد جاء ذلك على لسان عائشة _ رضي الله عنها _ حين سُألت عن خلقه _ صلى الله عليه و سلم _ فقالت " فإن خلق نبي الله _ صلى الله عليه و سلم _ كان القرآن " فهو نموذج حيٌ يجسّد القرآن في حياته و كل أفعاله و أقواله و لذلك إذا رأيته في هذه الحال في كل ظروف حياته فكأنك ترى القرآن يمشي على الأرض فهو قدوة .. أسوة نصدر عنه و نأخذ منه و نحن نقتدي به في إمتثال تلك القدوة ليرانا الآخرون فيقتدوا بنا و يتأثروا بما نحن عليه من الأساليب الخاصة بالمنهج الحسي تغيير المنكر باليد على وجه يشاهده و يحسه صاحب المنكر .. تغيير المنكر باليد حس على وجه يشاهده ( حس لاحظ ) إحساس صاحب المنكر و يعد هذا الإنكار أقوى درجات الإنكار إن كان الداعية أو المحتسب قادر عليه ( ننتبه لذلك ) فهي درجات للإنكار لكل درجة منها مواضعها التي تسوغ فيها , جاء في حديث أبي سعيد الخدري _رضي الله عنه _ عن النبي _ صلى الله عليه وسلم _ قوله " من رأى منكم منكراً فليغيروه بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه .... إلى آخر الحديث " من أمثلة ذلك ما فعله النبي _ صلى الله عليه وسلم _ لما فتح مكة بتلك الأصنام التي كانت تحيط بالكعبة حيث طعنها بعود في يده فتساقطت على وجهها ثم بعث سرايا إلى الأوثان وهي اللات و العزى و مناة و يخارج الحرم فتم تكسيرها , يعني هنا هو في هذا المقام ليس بحاجة إلى أن يقول للناس أكسروها فهو قادر على أن يغير المنكر بيده فتبعات ذلك ( غير معروف ) و ليس لذلك أثر سلبي فباشر بيده و أمام عباد هذا الأصنام تغيير المنكر بصورة حسية أحسوها بحواسهم فتأثروا بها حين رأوا هذا الصنم المبجل هذا الصنم المعظم لا يرد عن نفسه شيئاً و إنما يسقط على الأرض على وجه جامداً متحطماً لا خير فيه لنفسه ناهيك أن يكون فيه خير للآخرين , هذا أسلوب جيد يصلح أن يباشره مثلاً المربي في أسرته مع أولاده بالطريقة المناسبة الحكيمة و المدير مع مرؤوسه وهكذا ... إن كان الموقف فعلاً سائغ لمباشرة هذا التغيير باليد , الأسلوب الأخير من أساليب المنهج الحسي تأييد الرسل عليهم الصلاة و السلام بالمعجزات الحسية و الخوارق وهذا حدث مع الأنبياء كلهم تقريباً الذين سبقوا الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ ومع الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ فإبراهيم عليه السلام أُيّد بمعجزة بعدم التأثر بالنار وموسى بمعجزة العصا و اليد و عيسى بإبراء المرضى و إحياء الموتى و الرسول _ صلى الله عليه وسلم _ أيد بمعجزات كان أقواها و أطلقها و أعظمها هو القرآن الكريم و الصلة المشتركة لتلك المعجزات لدى هؤلاء الأنبياء عليهم السلام أنها سمات تتناسب مع ميول و إهتمامات أقوامهم فحين كان فرعون و قوم فرعون من قوم موسى عليه السلام يهتمون بالسحر ساق الله سبحانه و تعالى له معجزات تتناسب مع هذه الإهتمامات و حين كان العرب يهتمون أكثر ما يهتمون باللغة العربية و البديع و البيان و الفصاحة ساق الله سبحانه وتعالى لهم تلك معجزالمعجزة الكبرى و هي القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فأعجزهم أيما إعجاز ناهيك عن المعجزات الأخرى التي ساقها الله على يد رسوله و هي كثيرة _ عليه الصلاة و السلام _ هذا كل ما يتعلق بأساليب المنهج الحسي . لدينا الآن مواطن إستعمالات المنهج الحسي يعني أين نستخدم المنهج الحسي .. ماهي الظروف أو الحالات التي يكون المنهج الحسي فيها مجدي ؟ فيها مؤثر فيها مقنع , عندنا بعض المواطن نذكر من أهمها عندما نكون ( هذا الأول الموطن الأول ) عندما نكون محتاجين لتعليم الأمور التطبيقية العملية و الدعوة إليها التي تحتاج إلى تفهيم و هذا التفهيم يحتاج إلى تطبيق ولذلك نستخدم هذا المنهج الحسي وكل ما كان الأمر المدعو إليه دقيقاً و هاماً و تفصيلياً كانت الحاجة إليه أشد كما فعل الرسول _ صلى الله عليه و سلم _ في تعليم الوضوء و الصلاة و الحج باشر هذه الأمور عملياً أمام الناس و أمر الناس أن يرقبوه وهو يأديها فتعلموها على وجه صحيح هذا موطن مهم من مواطن إستخدامات المنهج الحسي لدينا أيضاً موطن آخر وهو أن يُستخدم في دعوة العلماء المتخصصين في العلوم التطبيقية التجريبية و يُعين في ذلك الإستدلال بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم و السنة المطهرة مع ملاحظة عدم استخدام النصوص الشرعية لتأييد النظريات العلمية والفرضيات ويكتفى بالإتشهاد بها على الحقائق العلمية الثابتة و بأسلوب مناسب دون تحويل الآيات مالا تحتمل من المعاني ( ما معنى هذا الكلام ) نقول يعني انه في مجال العلم التجريبي التطبيقي و بالذات مع العلماء نستخدم المنهج الحسي للفت النظر إلى أشياء محسوسة إكتشفها العلم لنثب للعلماء وهم أصحاب فكر و منهج قوي من المدعويين براعة الإسلام و سبقه و إعجازه في هذه المسألة حين يتحدث القرآن على سبيل المثال عن الظلمات الثلاث للجنين في بطن أمه و جعل العلماء من غير المسلمين يحتارون كثيراً في مراحل تطور الجنين بينما القرآن أخبر على أن الجنين مغلف في تلك الظلمات واحدةً فوق الأخرى ثم يأتي علماء المسلمين ويلفتوا أنظار غير المسلمين إلى هذا الإخبار العظيم حول تكون الجنين بتلك الصورة و مراحل تكونه من نطفة إلى علقة إلى مضغة إلى كذا كذا إلى أن يكسى عظاماً ثم رأى العلماء ومن واقع التجربة و التطبيق حصول هذه المراحل في تكوين الجنين ووجود هذا الجنين في تلك الظلمات الثلاث , هذا منهج حسي واضح لمخاطبة هذه الفئة من الناس لكن ( و يجب أن نقف عند لكن هنا ) يجب ( لاحظ معي ) ألا نستخدم الإكتشاف العلمي دليلاً على صحة الدليل القرآني أو النبوي لأننا نجزم أن النص القرآني أو النص النبوي الصحيح أصح و ايقن ولا يمكن أن يتطرق عليه أخطاء ولذلك على سبيل المثال لو أثبتنا صحة الآية القرآنية بإكتشاف علمي ثم تبين بعد سنوات أن الإكتشاف هذا صار خاطىء و فهم العلماء له غير صحيح فهل معنى ذلك أن الآية سقط مضمونها و أختلف ..! لا العلة ليست في دلالة الآية فدلالة الآية صحيحة مطلقة لا إشكال فيها إنما العلة في جهد العلماء فهم ظنوا أن هذه الظاهرة الكونية تتسم بهذا التفصيل ثم تبين لهم بعد ذلك و بعد إجراء المزيد من الدراسات أن فهمهم خاطئ فالذي يتطرق إليه الخلل جهد البشر و ليس النص القرآني أو النص النبوي الصحيح . فيجب أن ننتبه لهذا الإحتراز ونحافظ عليه ولذلك نحن نأتي بالإكتشاف العلمي كشاهد نستأنس به فقط على صحة القرآن و السنة في قضايا الإعجاز وليس دليل على صحة الكتاب و السنة وحين نستأنس بالإكتشاف العلمي على ما في القرآن و السنة من مضامين فنحن بذلك نلفت نظر غير المسلمين حسياً ( حسياً ) إلى عظمة القرآن الذي أشار إلى هذه القضايا العلمية من أكثر من 14 قرناً ( الصورة أعتقد بهذا الطرح واضحة ) أيضاً من مواطن إستعمالات المنهج الحسي حين ندعو المتجاهلين للسنن الكونية الذين ينكرون البداهيات العقلية هؤلاء المعاندين تفيد معهم الحقائق المعتمدة على المحسوسات وعلى هذا الأساس جاءت كثير من معجزات الأنبياء _ عليهم السلام _ ماديه محسوسة مثلاً محاجة إبراهيم _ عليه السلام _ مع الطاغية الذي إدعا أنه يحي و يميت إلى أن بهتة إبراهيم حين قال له : إن الله يأتي بالشمس بالمشرق ( ظاهرة كونية محسوسة ) الله كل يوم يأتي بها من المشرق تفضل لنا أيها المدعي فأتي بها من المغرب وهكذا .. تسقط والإستطراد في تلك الأمثلة كثير ومتعدد وهو لا يخفى عن علمكم لكن الوقت تقريباً لا يسمح بإراد شيء من ذلك لكن الآن هذا المثال بيّن لنا تقريبا ما يمكن أن يتضح به هذه المواطن التي يسوغ و يحصل فيها إستخدام المنهج الحسي . ننتقل الآن إلى خصائص المنهج الحسي سمات ( يعني الأمور التي إمتاز بها ) من أبرز ذلك سرعة تأثيره لإعتماده على المحسوسات لأن القضايا الحسية يتأثر بها الناس أسرع من القضايا الأخرى ( يعني يسلم بها كل إنسان عادة فإذا لم يُظهر المدعو تسليمه بما رأى دلّ ذلك على عناد و إصرار و مكابرة و ليس على عدم إقتناع فهو مقتنع لكنه مكابر و معاند ) ومن هنا توعد الله سبحانه و تعالى الذين أصروا على كفرهم بعد رُؤيت المعجزات النبوية الدامغة طلبوا معجزات فحققوا لهم .. ثم طلبوا المزيد فحققت لهم ومع ذلك ينكرون الآن لا سبيل لحصول أي لجس عندهم فقد إتضحت الرسالة و بانت على حقيقتها لهم لكنهم عاندوها و جحدوا بها ليس لعدم قناعتهم بها و إنما هو الكبر و الغرور وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلو قال الله سبحانه و تعالى حول ذلك " قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء ( قال على طلب قومه هم طلبوا ذلك ) تكون لنا عيداً لأولنا و آخرنا و آية منك و ارزقنا و أنت خير الرازقين ( قال الله ) إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداّ من العالمين " لأنها إذا نزلت فقد قامت عليكم الحجة فقد لمستم بأييديكم ( دليلاً على صدق رسالة عيسى عليه السلام ) و لذلك حين تنكرون بعد ذلك لكم إلا العذاب و العقاب الأليم , جاءت هذه الآيات الكريمة في سورة المائدة . من خصائص المنهج الحسي عمق تأثيره في النفوس البشرية لمعاينتها للسيء المحسوس ومن هنا قيل " ليس الخبر كالعيان " فالأنفس تتأثر به خصوصاً إذا رأت الآثار السلبية لما هم عليه من حال و أفكار سيئة و الإسلام يدعوهم إلى تركها , الخصيصة الثالثة للمنهج الحسي سعة دائرته لإشتراك الناس جميعاً في إدراك كثير من الأمور بالحس و هذه لغة مشتركة بين كل البشر مسلمهم و غير مسلمهم ملحدهم و غير ملحدهم كلنا تقريبا كبشر نشترك في هذه الحواس ونتعاطى بصورة واحدة مع المحسوسات و لذلك سعة الدائرة التي يؤثر بها المنهج الحسي كبيرة جداً ومن السائغ أن نستخدمه في تلك الدائرة الواسعة و نستثمر ما فيه من مزايا . ننتقل الآن إلى النوع الثاني من الدعاوى و نستهل الحديث عنه بما يسمح وقت هذه الحلقة وهو الدعاوى المتضمنة لأمور عقلية و هي ليست فيها حس و إنما فيها مضامين تُعمل في العقل وتُنشأ في العقل و يتم تعاطيها بلغة العقل و الفهم ولذلك ربما لا يسوغ أن نستخدم فيها الدليل الحسي الملموس لكن مواطن التعامل معها وتداولها في العقل و الدليل المناسب المثمر هو التأمل و التفكر , يصعب طرح هذا النوع من الدعاوى على أرض الواقع كما نتعامل مع المسائل الحسية المجردة و لذلك فإن الدليل العقلي أو الذي نسميه البرهان قال العلماء عبّر عنه علماء الإسلام بالبرهان وهكذا جاء الحديث عنه في القرآن الكريم " قل هاتوا برهانكم " هو المناسب البرهان هو المناسب لإثبات هذا النوع من الدعاوى ونحن نعبر عنه في مقررنا بالمنهج العقلي لأنه يرتكز على العقل .. يدعو إلى التفكير .. يدعو إلى التدبر و الإعتبار هذا النوع من الأدلة يحتاج إلى أن يبحث الداعية لدى المدعو عن الحد الأدنى من القناعة التي يشترك معه فيها بشأن تلك القضية التي يطرحها الداعية عليه هذه القناعة المشتركة بين الداعية و المدعو على أمر معين هي الخلفية المعرفية لهما التي يتفقان عليها ثم ينطلقان منها لإتمام النقاش حول القضية المطروحة . أهم شيء أن أشترك أنا و المدعو في خلفية علمية حول تلك القضية لا نختلف فيها حتى ننطلق منها كمل يقال " ننطلق من أرضية مشتركة " يجب أن يؤسس الداعية على تلك الأرضية المشتركة بينه و بين المدعو الدليل العقلي لأن الدليل العقلي المبني على تلك الأرضية المشتركة ملزم للمدعو لا يستطيع المدعو إنكاره لأنه إذا أنكر الدليل العقلي معناه أنه أنكر الخلفية المشتركة و القناعة المسلمة بها و التي أخذنا إقراره عليها , بعد ذلك ينطلق الداعية في وضع المقدمة العقلية وهي التي يترتب على إيمان المدعو بها ضرورة إيمانه بما يُبنى عليها ( لاحظ معي ) يترتب على إيمان المدعو بالمقدمة العقلية وهي الخلفية المشتركة بينه و بين الداعية ضرورة إيمانه بما يبنى عليها , يتجلى ذلك في أمور عديدة جاءت في القرآن و السنة منها قول الله سبحانه و تعالى " قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل الله و إنا أو إياكم على هدى أو ضلال مبين " الخلفية المشتركة إشتراكنا نحن مع المدعويين على إيماننا بأن الذي يرزق من السماوات والأرض هو الله , ثم ننطلق من هذه المقدمة لنبني عليها نتائج يجب أن نلزم المدعو بها تبعاً لإلتزامه بتلك المقدمة الدليل في هذه الآية قام معنى البرهان العقلي الذي ساق مقدمة عقلية مفادها أن أحد الفريقين على صواب و الآخر على خطأ فلم يدعي المسلم أن الحق معه قال إن الحق محتمل معي و كذلك الخطأ محتمل معي و شأنك كذلك وهذه مقدمة جيدة ثم قال : تعال نتداول المسألة التي بيينا فالذي يثبت الحق معه معناه أن الثاني مخطئ و بالطبيعي أن المسلم يستطيع أن يُثبت الحق معه فإذا ثبت الحق معه لزم المدعو أن يسلم بتلك النتيجة التي بناها على المقدمة و هي إحتمالية الخطأ و الصواب عند المدعو و الداعية , فيعترف المدعو بخطئه و حين إذن ليس إلا أن يقتنع ثم يسلم أو يعاند . هذا كل ما يتصل بلقائنا في هذا اليوم حيث تحدثنا معكم حول الدعاوى المتضمنة الأمور الحسية و ذكرنا أبرز أساليب المنهج الحسي وذكرنا كذلك مواطن إستعمالات المنهج الحسي ثم ذكرنا أهم خصائص المنهج الحسي ثم بدأنا الحديث في النوع الثاني من أنواع الدعاوى المتضمنة لأمور عقلية و سنكتمل الحديث عن هذا النوع من أنواع الدعاوى في اللقاء القادم بحول الله أقول قولي هذا و أصلي و أسلم على محمد بن عبد الله صلى الله عليه و سلم و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ~ إنتهت المحاضرة و لله الحمد و أخيراً الحمد لله الذي هدنا لهذا و ما كنا له موقنين و جزاء الله كل من بذل جهد في العمل المبارك و أسأل الله أن يجعله في موازين حسناتكم ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
#114 | |||||||||||||||||||||||
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2009
البلد: جنَّة فيها أسير يارب = )
المشاركات: 232
|
__________________
رصآصآت مُوردهـ ! |
|||||||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#115 | |||||||||||||||||||
قبس دائم
تاريخ التسجيل: Mar 2010
البلد: لحلمٍ لن يعودوقلبٍ تعاقبني بعد رحيله الأحزان..(ياوالدي)
المشاركات: 3,328
|
لا عليكِ ياغاليتي الآن اتمنى وحدة تساعدن بأحصاء عدد المحاضرات التي تم تفريغها والمتبقيه وخصوصاً المتبقية . ماعاد محاضرة الثانية فهي تم تفريغها وتلخيصها بوقت واحد جزاكن الله خير
__________________
تمــوت النفوس بأوصابها .......................ولم يدري عوادهــا ما بها وما أنصفـت مهجة تشــتكي .................................أذاهــا الى غير أحــبابها ستبقى لي منك ذكرى ماحييت ![]() |
|||||||||||||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|