[دعبل نجد]

( 2 )
مرحلة التحول والانتقال غالبا ما تكون عندما يحصل المرء على وظيفة وهذه دائما ما تكون أيضا بعد الانتهاء من المرحلة الدراسية الجامعية التي يتخرج منها الطالب وهو في مستقبل شبابه بمتوسط عمر 23ــ 25 وقد يشذ قوم من هذه القاعدة وقد رأيناهم معنا في القاعات وأعمارهم تزيد عن أعمار أبائنا ..
إذا فمرحلة التحول كما أسلفنا تكون في بداية مرحلة الشباب وعنفوانه ومعروف عن هذه المرحلة حبها للاستطلاع والتجديد وكذلك معروف عنها أيضا حبها للجمعة والخلطة وستجد غالب من في هذه الأعمار هم من ملئوا الاستراحات والمنتزهات وليس هذا تناقضا فهم يحبون التجديد والاستطلاع والسفريات ولكنهم أيضا متعلقون بمجتمعهم ومحيطهم ..!
إذا فالتحول الطويل المستمر ثقيل على مثل هذه الفئة أثقل منه لو كان على غيرهم صغُر أم كبُر لأنه سيتسبب في بعدهم عن أحبابهم وأقرابهم أشد ما يكونون ولعا بهذا اللقاء وأكبر من هذا وأطم عندما يتحولون إلى أماكن صامته لا يجدون فيها سوى رجع أصواتهم وأنَّاتهم حيث تكون الساعة لديهم كأنها يوم واليوم كأنه دهر أولئك الذين يفرحون بصوت المؤذن حينما يسمعونه يجلجل أركان بيوتهم ينهضون فرحين مسرعين إلى الصلاة ليروا الحياة هناك وليبصروا أبناء جنسهم وإن كانوا عندهم أغرابا يدخلون من هاهنا ويخرجون من ها هناك ويردون السلام و يبدأون غيرهم بالسلام وهكذا يشعرون بأنهم ما زالوا في كوكب الأرض بين بني جنسهم ..
وما أثقل ليل أولئك وأطوله يضع الواحد منهم رأسه على مخدته بعد العشاء فينام ما كتب الله له أن ينام ثم إذا استيقظ شبعانُ من نومه ورأى الساعة تفاجأ بأنه مازال في الهزيع الأول من الليل ذلك الوقت الذي يدرك جيدا أن أصدقاءه وأحبابه مازالوا مجتمعين فيه يتبادلون الحديث والطُرَف فيزيده غما إلى غم ويعود أدراجه مندسا في فراشه مغمضا عينيه علَّ النوم يرأف بحاله فيعود إليه ويمضي معه بعض الوقت , وهكذا دواليك حتى يسمع صوت أذان الفجر فيهب مسرعا نحو المسجد ..!

ليس هذا الأمر تهويلا بل هو حقيقة تحصل للكثير من المغتربين وربما تحصل لهم في بداية غربتهم حتى يتأقلموا عليه بعد ذلك ــ أقول ربما وأنا لا أدري أهذا الاحتمال صحيح أم لا لأني ما زلت بالصفوف الأولى ــ ..!