بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » 00(( هذه مشكلتي !! للشيخ سلمان العودة ))00

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 05-05-2002, 02:58 PM   #1
خبوبي متستر
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: (فوق الأرض وتحت السماء)0
المشاركات: 253
00(( هذه مشكلتي !! للشيخ سلمان العودة ))00

هذه مشكلتي
الشيخ سلمان العودة


ومن الذي ليست لديه مشكلة؟
المشكلات جزء من الحياة، ولولا البعد والحرمان ما عرف المرء طعم اللقيا والوصال، ولولا الفقر ما عرف الغنى، ولولا الحزن ما عرف السرور.
وبهذا تأذن الحق تبارك وتعالى أن هذه الدنيا دار عبور تمتزج فيها الآلام بالمسرات، ويختلط فيها الضحك بالبكاء، وبمقدار المعاناة وقسوتها يكون الفرح بانكشافها وزوالها وتبدل أحوالها.
كل بيت فيه مشكلة، وكل إدارة أو مؤسسة أو بلد فهو كذلك، بل وكل نفس فيها مشكلة، وإذا كان الإنسان يدري أن نفسه لا تواتيه على ما يريد، ولا تطاوعه فيما يهوي، وأن فيها عليه من التلوم والتضجر والنكوص ما لايكاد يحتمل، فكيف ظنه بالآخرين؟
وكيف ظنه بالتعقيد الناتج عن الاجتماع بين فئة من الناس، أسرة كانوا، أم جيراناً، أم زملاء عمل، أم شركاء مهنة، أم رفاق طريق؟
ومع هذا ففي الجماعة من الخير والأنس والمصلحة ما لا يظفر به الفرد المعتزل بذاته، وفي العزلة من الشرور ما ينيف على ما يكرهه المرء في الجماعة.
وكم من فرد عالج المشكلة بالانخزال والاعتزال، فتداوى بالتي كانت هي الداء، وصار يتمنى ما كان يتعنى.
قد تضيق المرأة من خلق زوجها وترى أن الحل في الطلاق، فإذا انفصلت قتلتها الوحدة، وبدأت تفكر بطريقة أخرى عكسية.
وقد يضيق الموظف بعمله فيفارقه، وبعد حين يسوق الشفاعات ويكرر المحاولات ليعود إليه.
فليس من الرشد إذاً أن يكون الحل السريع هو الحسم الذي نظن أنه يقضي على المشكلة من جذورها، وهو ربما صنع لنا معاناة أكبر مما كان.
والمختصون يضعون خطوات عملية لمواجهة المشكلة تتلخص في:
1 الإحساس والشعور بالمشكلة.
2 ثم تحديدها تحديداً دقيقاً.
3 ثم البحث والاستقصاء وجمع المعلومات والتعرف على الأسباب.
4 وبعد ذلك يأتي وضع البدائل والفرضيات وتقويمها والحكم عليها.
5 لنصل بعد إلى اختيار الحل المناسب.
وهذه الخطوات فرع عن القدرة على الهدوء في مواجهة المشكلات، ومقاومتها. إن المشاعر الوقتية العاطفية تغلق منافذ التفكير، وتوهم أنه لابد من المفاصلة الحادة مع موضوع المشكلة أو مع أطرافها.
قد تنبع المشكلة من أعماقك، أو من تاريخك الطويل الذي لا تملك الانسلاخ عنه، أو من واقعك المفروض عليك..
في أحيان كثيرة، نحن نحاصر أنفسنا بالمشكلات والعقبات، نعم هي موجودة قطعاً، لكن لدينا إمكانيات جيدة لتجاوزها، وعدم الوقوف عندها، مستعينين بالله، معتصمين بحبله، مرددين كل حين:«إياك نعبد وإياك نستعين».
ومن الأدعية المأثورة في بعض الروايات عن الأنبياء السابقين:«اللهم لك الحمد، وأنت المستعان، وعليك التكلان، وإليك المشتكى، وبك المستغاث، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».
نستطيع النظر إلى المشكلات بحجمها الطبيعي، فنسعى في علاجها أو تخفيفها، دون أن تعوقنا عن المسير، أو تقعدنا عن العمل والإنجاز، ونسطيع أن نرجي بعض المشكلات التي تستعصي على الحل الآن، منتظرين فيها فرج الإله العظيم، الذي بيده التدبير.
وفي سنن الترمذي«3571» عن ابن مسعود مرفوعاً: «أفضل العبادة انتظار الفرج» وهو معلول.
ورواه البزار عن أنس، وفي سنده ضعف وجهالة«المجمع 10/147» ورواه البيهقي في الشعب عن علي«7/204» ثم عن ابن عباس.
وقال ابن الجوزي: لا يثبت«العلل 2/864، والفيض 2/44».
لكن مما لا شك فيه أن ترقب التفريج من الله عبادة، لأنه أحد معاني الصبر، ومن الأسرار البديعة في هذا المقام أن هناك مشكلات كثيرة قابلة للحل، لكن دون قفز على المراحل، أو تسرع يفضي إلى الحرمان، وهناك مشكلات ليس لها حل الآن، فالحل في تأجيلها والصبر عليها حتى تحين فرصة البحث عن حل.
وهكذا يبدو الصبر ضرورة لازمة في الحالين، ومن ما ورد الأمر به، والحث عليه في القرآن الكريم، حيث أحصيت كلمة الصبر ومشتقاتها فوجدتها جاءت في نحو مائة وثلاث آيات، بسبع وعشرين تصريفاً.
بدون التجمل بالصبر تذهب جهودنا أدراج الرياح، ولهذا قال عمر رضى الله عنه: وجدنا خير عيشنا بالصبر. رواه البخاري تعليقاً«6104».
إذن نستطيع أن نحل المشكلات، بإذن الله، ونستطيع أن نخفف قسماً آخر منها، ونستطيع أن نتكيف مع الشريحة الثالثة من تلك المشكلات التي لم نجد لها حلاً حتى الآن، لكن يجب أن نعي تماماً أن الإنسان لو أمسك بيده مربعاً بحجم الكف ثم قربه من عينه، فهو سيحجب الرؤية عنه لا محالة، وهكذا المشكلات حين نعطيها حجماً أكبر، ونمنحها من وجداننا، وتفكيرنا، وحياتنا، فهي بذلك تحتل حيزاً أوسع، وتبدو لنا عائقاً جدياً أمام الانطلاق والعمل، ولذلك يقول المتنبي:




وتكبر في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم


ويقول:



إذا اعتاد الفتى خوض المنايا
فأهون ما يمر به الوحول!


دون أدنى شك.. سيجد الإنسان عوائق من أهله، خوفاً عليه وإشفاقاً، أو كراهية، لأنه يخالف مألوفاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، أو حباً.. ومن الحب ما قتل.
وسيجد عوائق من مجتمعه الخاص، مدرسة أو جامعة، أو إدارة، ومن محيطه العام الذي يهتم بملاحظة أفراده، والتعليق على مسالكهم.
بل سيجد عوائق من نفسه، التي يجرها إلى الخير، وتجره إلى الشر، ولسان حاله يقول لها: مالي أدعوك إلى النجاة.. وتدعينني إلى النار؟
لكنه سيجد من مدد الله وعونه، خصوصاً للداعين والمبتهلين والمتضرعين، وسيجد من الإرادة الصلبة التي جعلها الله في نفسه، وسيجد من معونة إخوانه المؤمنين، ورفاق طريقه، خير عون وزاد.
وحتى حين تكون المشكلة نابعة من أعماقنا.. يجب ألا تكون سوراً مضروباً علينا، لم لا ننهض من جديد، ونلملم جراحنا، ونستجمع شتات إرادتنا.. ونتطلع إلى المستقبل، بدلاً من كثرة الالتفات إلى الوراء..
أليس الله هو التواب؟ أولسنا بالخطائين؟
توضأ القلب من ظني.. بأنك غفار وصلى.. وكانت قبلتي الأملُ
دع الهوى لذويه يهلكوا شغفاً.. أو فاقتل النفس فيه مثل من قتلوا
فليفزع المؤمن إلى ربه، وليستمسك بصحبة من يعينه على مشقة الطريق، وليشحذ عزيمته، ولينهض كلما كبا وهو لابد واصل.



*المصدر: صحيفة الجزيرة السعودية اليوم الأحد 22/2/1423هـ0
__________________

خبوبي متستر غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 03:19 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)