[أبو سليمان الحامد]

للعرب نوادرُ ومُلَحٌ تزيد النفسَ انبساطاً , والقلبَ انشراحاً , وتُذْهِبُ السآمة , وتزيل الكآبةَ , وتبعث على النشاط بعد الكسل , والشِّرَّةِ بعد الفتْرَة , وقد أحببتُ أن أطرح بين أيدي القراء الكرام شيئا مما عنّ لي أثناء قراءاتي في كتب الأدب والأخبار والتاريخ , لعل فيها مَرَاحٌ لِمُسْترِيحٍ , ومَوْرِدٌ لناهِل , وهي لا تخلو من حكمة رصينة , أو موعظة بليغة , أو فائدة مستنبَطَة , ولو لم يكن فيها إلا تخفيف الكَلال لكفى .
وسأسوقُ ما تيسر لي منها دون ترتيب أو تنظيم , ليكون أروح للنفس وأجمل بالتنقل في أفياء الأدب العربي الرصين .
1. قال لقمان لابنه : ثلاثة لا يُعرَفون إلا في ثلاثة : لا يُعرَفُ الحليمُ إلا عند الغضب , ولا الشُّجاعُ إلا في الحرب , ولا تعرفُ أخاك إلا عند الحاجة إليه .
2. قالوا : أمران لا ينفكان عن الكذب : كثرة المواعيد , وشدّة الاعتذار .
3. دفعوا إلى أعرابية عِلكاً لتمضغَه , فمضغته قليلا ثم طرحته قائلةً : ما فيه إلا تعبُ الأضراس , وخيبة المعدة .
4. قالت امرأة لزوجها : مالَكَ إذا خرجتَ إلى أصحابك تطلّقْتَ وتحدّثتَ , وإذا كنتَ عندي تعقّدْتَ وأطرقتَ , فقال : لأني أجِلُّ عن دَقِيقِك , وتَدُقِّينَ عن جَليلي . أي : أترفع عن كلامِكَ السَّاقِط , وتسقطين عن كلامي الرفيع .
5. حكى الأصمعي عن الشاعر ذي الرُّمَّة أنه قال : قاتلَ الله أمةَ آل فلان ما كان أفصَحَها ! سألتُها : كيف المطر عندكم ؟ فقالت : غِثنا ما شئنا .
6. كان الحسن البصري في جنازة فيها نوائحُ ومعه رجل , فهمّ الرجلُ بالرجوع , فقال الحسن : إن كنتَ كلما رأيتَ قبيحاً تركتَ له حَسَناً أسْرَعَ ذلك في دينِك .
7. قال إبراهيم النخعي لسليمان الأعمش وأراد أن يماشيه : إنّ الناس إذا رأونا معاً قالوا : أعمش وأعور , فقال الأعمش : وما عليك أن يأثموا ونُؤجَر ؟ فقال النخعي : وما علينا أن يسلموا ونسلَم .
8. من نوادر الطفيليين : قيل لطفيلي : كم اثنان في اثنين ؟ فقال : أربعةُ أرغفة .
9. وقال الفلاس القاص : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ ثلاثمائة وستين درهماً !!
10. قال شداد الحارثي : قلتُ لأمَةٍ سوداء بالبادية : لِمَنْ أنتِ يا سوداء ؟ فقالت : لسيد الحضر يا أصلع , قال : فقلت لها : أوَلَسْتِ سوداءَ ؟ قالت : أولستَ أصلعَ ؟ قلت : ما أغضبَكِ من الحق ؟ قالت : الحقُّ أغضبك , فلا تسبُبْ حتى تُرْهَب , ولأن تتركَه أمثل .
11. دعا بعضُ السلاطين مجنونينِ ليحركهما فيضحكَ مما يجيء منهما , فلما أسمعاه غضب وأرعد , ودعا بالسيف , فقال أحدهما لصاحبه : كنا مجنونينِ فصرنا ثلاثة !.
12. قال ابن جابان : لقي رجل رجلاً ومعه كلبان ( أبيض وأسود ) فقال له : هَبْ لي أحدَهما ؟ قال : أيهما تريد ؟ قال : الأسود , قال : الأسود أحب إلي من الأبيض , فقال : فهَبْ لي الأبيَضَ إذنْ , قال : الأبيضُ أحب إلي من كِليْهما .
13. دخل كَرْدَمُ السدوسي على بلال بن أبي بردة , فدعاه إلى الغداء , فقال : قد أكلتُ , قال : وما أكلتَ ؟ قال : قليل أرزٍ فأكثرت منه . [ به من ربعنا هالكردم يقدر الرز مرة ] .
14. كان عتاب بن ورقاء الرياحي من أمراء الحجّاج على قتال الخوارج, فجيء له بامرأة خارجية فقال : أيْ عدوّة الله , ما دعاكِ إلى الخروج ؟ أما سمعتِ قولَ الله عز وجل :
كُتِب القتلُ والقتالُ علينا ,,, وعلى الغانياتُ جرُّ الذيولِ
فقالت : يا عدوَّ الله , إنما أخرجني حُسْنُ معرفتك بكتاب الله تعالى .
15. قيل لسهل بن هارون : خادمُ القومِ سيِّدُهُم , فقال : هذا من أخبار الكُسالى . أراد أن الكسالى يوردون مثل هذا القوم ليغتر به من يقوم بالخدمة .
16. قال إبراهيم بن هرمة : أصحاب السلطان في المثل كقومٍ رقوا جبلا ثم وقعوا منه , فأقربهم إلى التلف أبعَدُهُم في المرقى .
17. قال رجل لرجل : بكم تبيع الشاة ؟ قال : أخذتُها بستة , وهي خير من سبعة , وقد أُعطِيتُ بها ثمانية , فإن كانتْ حاجتُك بتسْعة , فهاتِ عشرة .
18. استعمل معاوية رجلا من كلب , فذكر يوما المجوس وعنده الناس , فقال : لعن الله المجوس ينكحون أمهاتهم , والله لو أعطيتُ مائة ألف درهم ما نكحتُ أمي , فبلغ ذلك معاوية , فقال : قاتله الله ! أترونه لو زادوه على مائة ألف فَعل ؟؟ فعزَلَه .
19. مر المسيح عليه السلام بحلق بني إسرائيل فشتموه , فكلَّما قالوا شراً , قال المسيخُ خيراً , فقال له فتاه شمعون : أكلما قالوا شرا قلتَ خيراً ؟ فقال المسيح عليه السلام : كل امرئٍ يعطي مما عنده .
20. ونختم بهذه النادرة الجميلة : نظر عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى عِيرٍ مقبلة , فقال لأبي ذر وكان إلى جنبه : ما كنتَ تُحِبُّ أن تحملَ هذه ؟ فقال أبو ذر : رجالاً مثل عمر !!
قال أبو سليمان : الله المستعان , رحم الله أولئك الأخيار الأطهار الأسياد , وجمعنا بهم , وهل يمكن أن تلد الأمة مثلك يا عمر ؟؟؟

هذه بعض النوادر والملح التي عنَّتْ لي , وغيرها كثير مما لا يحسن ذكره هنا , ولعل قارئا أن يجد فيها بغية أو خَلة فيدعو لكاتبها بظهر الغيب .

ملحوظة : معظم هذه النوادر والملح من كتاب : البيان والتبيين للجاحظ , وكتاب : البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي .

جمعه : علي الحامد ( أبو سليمان )

8/11/1432

[الـعـابـر]

بارك الله فيك وجزاك خيرا
اعجبني الموضوع و اكثر شيء اعجبني فيه حكمة هذه الاعرابية

اقتباس 3. دفعوا إلى أعرابية عِلكاً لتمضغَه , فمضغته قليلا ثم طرحته قائلةً : ما فيه إلا تعبُ الأضراس , وخيبة المعدة .

الحين مصانع العلوك عجزت تغطي على متطلبات حنوك نساء هالوقت

[اِنْزِواء ،]

رآئع جداً
أحسنت

[أبو سليمان الحامد]

من الجماعة

راما

شكرا لكما على الإطلالة .

[لسـ المواطن ـان]

أخي الكريم
إن بضاعتك اليوم فيها من الحكمة والموعظة كذلك فيها طرائف نقف عند سرعة بديهه قائليها ..!

فاسمح لي بالمشاركة بشي قرأته في كتاب " موسوعة الظرفاء ونوادرهم "

و أبدأ بـ أبو العينـــــــــاء وتعريفاً به هو: محمد بن القاسم بن خلاد بن ياسر الهاشمي .. (191 هـ - 283 هـ ) فقد بصره بعد بلوغه الأربعين سنة .

وقف عنده رجل من العامة فلما احس به أبو العيناء قال : من هذا ؟

قال : رجل من بني ادم

فقال ابو العيناء : مرحبا بك ــ أطال الله بقائك ، ما كنت اظن هذا النسل الا قُطع .

----------
مرّ ابو العيناء بباب عبد الله بن منصور وقد شفي من مرضه

فقال لغلامه : كيف خبره ؟

فقال : كما تحب
فقال ابو العيناء : ومالي لا اسمع الصراخ عليه ؟ ( مايحبه )
---
دخل ابو العيناء على اسماعيل القاضي ، واخذ يرد عليه إذا غلط في اسم رجل وكنية آخر ، فقال له بعض من حضر: أترد على القاضي أعزه الله ؟
قال : نعم لم لا ارد على القاضي وقد رد الهدهد على سليمان وقال أحطت بما لم تحط به وانا اعلم من الهدهد وسليمان اعلم من القاضي .

-------------------------

أبـــو نـــــــواس
عاصي غني عن التعريف .. !
فعندما مرض .. أبو نواس دخل عليه الجماز يعوده فقال له : اتق الله يا ابا نواس فكم من محصنة قد قذفت وكم من سيئة قد اقترفت وانت على هذه الحال فتب قبل الموت .

فقال : صدقت ولكن لن افعل ..!!

فقال الجماز : ولم ذلك ؟

فقال ابو نواس : مخافة ان تكون توبتي على يد واحد مثلك ..!

-------

كان ابو نواس خارجا من دار الخلافة فتبعه الرقاشي الشاعر وقال له : أبشر أبا عليّ ! إن الخليفة ولاك في هذه الساعة ولاية .

فقال أبو نواس : وما هي ؟
فقال الرقاشي : ولاّك على القردة والخنازير .!
فقال أبو نواس : اذن فاسمع وأطع .!!
--
مبطين عن الضحك ..!!

[| يحيــى فقيـــه |]

محطة تزود معرفي استفدت من توقفي عندها بضع دقائق .
لله درك يا كبير

[الصريح777]

شكراااا

[قائد المجد]

بارك الله فيك ابا سليمان

[الــنــســيــان]

شكرا لطرائفك أو لروايتك لطرائف العرب القدماء ..

لنستمتع منها من غثاء طرائف العرب الحاليين!!

فهناك طرائف تعطيك فائدة وربما حكمة .. وهنا غثاء يعطيك ضحك من خلف قلب!!


شكرا لك ياكبير ... وأستغرب عدم وضع وسم للجمالك الــ " مميزة"

[طاب الخاطر]

جزاك الله خير
مواقف جميله وطريفة
اسمح لي بنقلها للمجلة
مع ذكر المصدر


في أمان الله

[أبو سليمان الحامد]

شكرا لكم جميعا أحبتي في الله على تشريفكم موضوعي المتواضع

وشكرا لمن أضاف وأفاد .

ويشرفني أخي طاب الخاطر أن تنقل ما سطر أعلاه , فليس لي فيه حظ إلا الجمع والاختيار .

وبمثل هذه الطرائف والنكت تستلذ النفس وتجدد نشاطها .

وبمناسبة ذكر أبي العيناء فقد كان من أظرف أهل زمانه , ولا سيما أنه كفيف البصر , ومن المعلوم أن هذه الفئة من الناس تتميز بخفة الدم , وسرعة البديهة , وقد ألف فيه كتابان : أحدهما بتأليف الشيخ محمد العبودي , والآخر بتأليف الدكتور : أنور أبو سويلم , جمعا فيه أكبر قدر من طرائفه ونوادره .

وكان يشكل مع الجماز وأبي نواس ثلاثيا ( عربجيا ) في زمانهم .

ولعلي أذكر هذه الطرفة التي حصلت مع الجماز .

قال السدّي للجماز : ولد لي البارحةَ مولود كأنه دينار منقوش ( أي جميل ) , فقال له الجماز : لاعِنْ أمّه ويحك ! ( أي أقم معها الملاعنة لأن الولد ليس لك ) .
فبلغت النادرة أبا العيناء فقال : وددتُ أنها لي بجميع ما قلتُه .

وفي قصة أخرى : ولد للجماز مولود فأرسل له أبو العيناء هدية عبارة عن ( كيس فيه حجر ) , فغضب الجماز , وقال : قبحه الله , جعلني عاهراً حين أرسل إلي الحجر , فالجماز فهم من أبي العيناء أنه يعرض بالحديث الشريف : الولد للفراش وللعاهر الحجر .

وشكرا لكم .

[ذكـريـات الصبـا]

موضوع رائع وفيه الفائدة ممزوجة بقالب مختلف ..

فَ جزاكم الله خيرًا وبارك فيكم

[ونـاسه]

اقتباس المشاركة الأساسية كتبها كبير المحايدين [center] 11. دعا بعضُ السلاطين مجنونينِ ليحركهما فيضحكَ مما يجيء منهما , فلما أسمعاه غضب وأرعد , ودعا بالسيف , فقال أحدهما لصاحبه : كنا مجنونينِ فصرنا ثلاثة !. هذي بلحآآآآآآآآآآله .. مهبووووله .. صار المجنون اعقل من الملك ..!! -13 دخل كَرْدَمُ السدوسي على بلال بن أبي بردة , فدعاه إلى الغداء , فقال : قد أكلتُ , قال : وما أكلتَ ؟ قال : قليل أرزٍ فأكثرت منه . [ به من ربعنا هالكردم يقدر الرز مرة ] . ياكبير .. عاد الا الرزّ .. مانجوز بلاو .. 119. مر المسيح عليه السلام بحلق بني إسرائيل فشتموه , فكلَّما قالوا شراً , قال المسيخُ خيراً , فقال له فتاه شمعون : أكلما قالوا شرا قلتَ خيراً ؟ فقال المسيح عليه السلام : كل امرئٍ يعطي مما عنده . ياحبي لعيسى وحكمتــه في هذا .. جمعنا الله واياكم معه في جنات النعيم ..!! [/color][/size]

بارك الله فيك ياكبير .. ونفع بك الاسلام والمسلمين ..!!

[أبو سليمان الحامد]

ذكريات الصبا

وناسة

حياكما ربي وبارك فيكما .