|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
14-10-2011, 01:32 AM | #1 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
تحليل لغوي لسورة الفاتحة ## الجزء الثاني ##
الآية الرابعة: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (5) سورة الفاتحة هذه الآية فيها تسع مسائل : المسألة الأولى : الانتقال من الغيبة للخطاب . المسألة الثانية : الحديث عن الضمير ( إياك ) : معناه , تقديمه , تكراره . المسألة الثالثة : معنى العبادة . المسألة الرابعة : معنى الاستعانة . المسالة الخامسة: ما علاقة العبادة والاستعانة بالتوحيد ؟ المسألة السادسة: لماذا قدمت العبادة على الاستعانة ؟ المسالة السابعة : لماذا أطلقت الاستعانة ؟ المسألة الثامنة : لماذا جاء بلفظ المضارع ؟ المسألة التاسعة : لماذا جاء التعبير بالجمع ؟ المسألة الأولى : الانتقال من الغيبة للخطاب . هنا يأتي القسم الثاني من أقسام الفاتحة , وهو توجيه الخطاب إلى الله تعالى بعد أن كان الخطاب غائباً أول السورة , لأن قولك في أول السورة : " الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين " هذا يدخل ضمن خطاب الغائب , ثم يتوجه المصلي إلى الله تعالى بالخطاب المباشر بضمير الخطاب ( إياك ) . وهذا الانتقال يسمى في عُرف البلاغيين ( الالتفات ) , وهو الانتقال من الغيبة إلى الخطاب , أو العكس وفائدته هنا كما ذكر الزمخشري أنه لما ذكر أوصاف الله تعالى أول السورة ناسب أن يتوجه الخطاب إلى هذا الرب الذي هذه صفاته , فخوطب هذا الإله المتميز بتلك الصفات فقيل : إياك يا من هذه صفاته نعبدك ... ( الكشاف للزمخشري : 1/14 ) . المسألة الثانية : الحديث عن الضمير ( إياك ) : معناه , تقديمه , تكراره . ( إيّاك ) ضمير منفصل , مفعول به مقدم . ( نعبدُ ) فعل مضارع والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن . والقاعدة النحوية تقول : إذا أمكن اتصال الضمير فهو أحق من انفصاله . ولو نظرنا لهذه الآية لوجدنا انه يمكن أن نقول : ( نعبدك ) فيكون الضمير متصلاً , وهو أولى من المنفصل . إذن , لماذا انفصل الضمير وتقدم ؟ الجواب : أن الضمير إياك لم ينفصل إلا لأنه تقدم , ولو تأخر لاتصل . إذن لماذا تقدم ؟ الجواب : تقدم الضمير ( إياك ) وهو مفعول به لأجل غرض هام جداً في الآية , وهو الحصر , ومعنى ( إياك نعبد ) معناه : لا نعبد إلا إياك . كما قيل في المثل : إياكِ أعني , أي لا أعني إلا إياك . وهذا هو معنى الإخلاص في العبادة , لأنها تحصر العبادة لله تعالى , وهذا كمال التوحيد . س : لماذا لم يكن التعبير : لا نعبد إلا إياك , فيكون فيه حصر بالأداة وهو أقوى . الجواب من وجهين : 1. أن التعبير ب( إياك نعبد ) أخصر في العبارة وأوجز , وهو يناسب فاتحة الكتاب القائمة على الإيجاز والاختصار . 2. أن ( إياك نعبد ) فيها البداءة بالضمير الذي يعود على الله تعالى , وهو الذي سبق اسمه في أول السورة , فناسب أن تبدأ النقلة هنا بضمير يعود على الله تعالى . ومثل ما قيل في ( إياك نعبد ) يقال في ( إياك نستعين ) أي لا نستعين إلا إياك . س : لماذا أعاد الضمير ( إياك ) مع الاستعانة ؟ ج : أعاد الضمير لكي يفيد أنَّ كلاً من العبادة والاستعانة مقصود لذاته ( تفسير المنار لرشيد رضا : 1/ 62 ) ولأن العبادة من حق الله تعالى لألوهيته , والاستعانة من حق الله تعالى لربوبيته ( كما سأبينه لاحقاً ) فجاء الحصر بالتوحيدين ( الألوهية والربوبية ) , وهذا أكمل في الإخلاص والتوحيد . المسألة الثالثة : معنى العبادة , العبادة تعني التذلل والخضوع , ومنه طريق مُعبّد أي مذلل للمشاة , وهي هنا تعني أقصى غايات الخضوع والتذلل لله تعالى , وهي حالة إيمانية وجدانية تستلزم من العبد طاعة مولاه والانقياد له والخضوع , والتسليم بكل ما يأمر به دون تردد أو شك أو مواربة , ولهذا أثنى الله تعالى على المؤمنين الذين قالوا سمعنا وأطعنا {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} (285) سورة البقرة , وأمر تعالى المؤمنين أن ينقادوا لأوامر الله تعالى بلا تردد {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا} (36) سورة الأحزاب , وهذا من كمال العبودية لله تعالى , ولهذا ذم الله تعالى بني إسرائيل حين خرجوا عن الطاعة والانقياد : {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُواْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ} (93) سورة البقرة . والعبادة : اسم جامع لكل ما يحبه الله تعالى من الأقوال والأفعال , فكل عمل يراد به وجه الله تعالى من قول أو فعل فهو عبادة , ولو كان أمراً دنيوياً . ولأجل هذا الأمر نفهم سر قراءة هذا السورة في الصلاة , لأنها أشد العبادات تذللاً لله تعالى وخضوعاً , فناسب قراءة الفاتحة فيها لتكرار العبادة قولاً وفعلاً . ( قولاً بقراءة الفاتحة , وفعلاً بالركوع والسجود وهما قمة الخضوع والذلة ) . والكلام في العبادة طويل أكتفي بهذا القدر , وأحيل القارئ الكريم لكتاب العبودية لابن تيمية رحمه الله , وكلام رشيد رضا في تفسير المنار عند هذه الآية . المسألة الرابعة : معنى الاستعانة . الفعل ( نستعين ) مضارع , وماضيه : استعان , وأصله من العون , ثم أضيفت له ( الهمزة والسين والتاء ) وهذه الأحرف الثلاثة إذا أضيف للفعل في أوله فإنما تفيد في الغالب ( الطلب ) فكلمة ( استعان ) أي طلب العون , ( ونستعين ) أي نطلب العون , مثل : استغفر : أي طلب المغفرة , استأذن : أي طلب الإذن , استسمح : أي طلب السماح ... الخ . إذن فالاستعانة : طلب العون من صاحب العون وهو الله تعالى . المسالة الخامسة: ما علاقة العبادة والاستعانة بالتوحيد ؟ العبادة هي الخضوع لله تعالى , وهذه دالة على توحيد الألوهية , ويسمى توحيد العبادة , لأن معنى توحيد الألوهية : أي توحيد الله تعالى بالعبادة , فلا تعبد معه غيره , ومعنى ( الإله ) : المعبود , وقد سبق شرحها في أول السورة . أما نستعين : فإن العبد يطلب العون من مدبر الأمور ومصرفها , ويطلبها ممن بيده العون , وهو الله تعالى الخالق الرازق رب الكون , وهذه تدل على توحيد الربوبية . إذن فنعبد دلت على توحيد الألوهية , ونستعيد دلت على توحيد الربوبية , وكلاهما جميعا دلا على التوحيدين فالعبادة لم تصرف لله تعالى إلا لأنه الرب الخالق المستحق للعبادة , الاستعانة نوع من أنواع العبادة . إذن : فنعبد دلت على توحيد الألوهية صراحة وعلى توحيد الربوبية تضمينا , ونستعين دلت على توحيد الربوبية صراحة وعلى توحيد الألوهية تضمينا . المسألة السادسة : لماذا قدمت العبادة على الاستعانة ؟ قدمت العبادة على الاستعانة لعدة أغراض أجملها فيما يلي : 1. أن العبادة أصل , والاستعانة فرع , لأن الاستعانة نوع من أنواع العبادات , وبمعنى آخر : العبادة معنى كلي , والاستعانة معنى جزئي , فناسبَ تقديم الكلي على الجزئي والأصل على الفرع . 2. أن العبادة غاية والاستعانة وسيلة , فناسب تقديم الغاية على الوسيلة , ( الكشاف للزمخشري : 1/ 14 ) .ومعنى ذلك : أن الغاية من الخلق هي عبادة الله تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات , ولا يمكن للإنسان أن يحقق هذه الغاية إلا بوسيلة الاستعانة بالله تعالى , فلولا إعانة الله وتوفيقه لم تحصل عبادة , ومصداق ذلك كثير في الشرع , ومنها قوله تعالى : {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ } (43) سورة الأعراف , فلولا هداية الله ومعونته لم تحصل هداية . وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ : لا تدعَنَّ دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعِنِّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " فالعبادة تستلزم طلب العون من الله تعالى , ومثل ذلك أن المؤذن إذا قال : حيّ على الصلاة حي على الفلاح , فإن السامع يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله , لماذا ؟ لكي يبين أنه لا حَوْلَ لي ولا قوة لأداء العبادة إلا بطلب المعونة من الله تعالى , إذن فالشرع يفسر بعضه بعضا . 3. أن الاستعانة ثمرة للعبادة فإذا قام الإنسان بعبادة الله تعالى حق قيام فإن الله تعالى سوف يعينه ويوفقه ويسدده ( تفسير المنار : 1/61 ) . 4. أن العبادة حق الله تعالى , لأنها تصرف لله , والاستعانة حق العبد من الله , أي أن العبد يطلب العون من الله , فناسب تقديم حق الله على حق العبد . 5. أن العبادة تفيد توحيد الألوهية , والاستعانة تفيد توحيد الربوبية , وتوحيد الألوهية أعظم , لأجله خلق الله الخلق , ولأنه في أول السورة تقدم توحيد الألوهية على توحيد الربوبية فيما شرحنا في الآية الأولى ( لله رب العالمين ) . فناسب هنا أن يتقدم الألوهية على الربوبية لكي يتناسق الترتيب مع أول السورة . المسالة السابعة : لماذا أطلقت الاستعانة ؟ المعروف لغة أنك تقول : استعنت بالله على كذا , فتحدد نوع الشيء المستعان به , ولكنه هنا لم يحدد بل أطلق الاستعانة , وذلك ليتناول كل مستعان به من أمور الدين والدنيا , وأعظم شيء يستعين به العبد بربه هي العبادة . ( الكشاف للزمخشري : 1/ 15 ) . المسألة الثامنة : لماذا جاء بلفظ المضارع ؟ جاء الفعلان ( نعبد ونستعين ) بلفظ المضارع , ولم يأتيا بلفظ الماضي لعدة أسباب : 1. أن المضارع يدل على الحال , أي أنك تعبد الله تعالى في هذه الحال , وكل حال , فكلما قرأت الآية فإنك تفيد أنك تعبد الله وتستعينه في حالك هذه . 2. أن المضارع يدل على الاستمرارية والدوام أكثر من الماضي , ليدل ذلك على دوام العبادة ودوام الاستعانة , وأنها غير منقطعة بوقت من الأوقات . المسألة التاسعة : لماذا جاء التعبير بالجمع ؟ جاء الفعلان : نعبد ونستعين بالجمع ولم يأتيا بالإفراد , فلم يقل : إياك أعبدُ وإياك أستعين , مع أن المصلي والقارئ للفاتحة يعبر عن نفسه حين يقرأ السورة , فما الحكمة من الجمع ؟ الحكمة والله أعلم تكمن فيما يلي : 1. أن الجمع يدل على أن المسلمين جميعاً قائمون بهذا العمل , وليس شخص واحد . 2. أن الفاتحة تقرأ في الصلاة , ويقرؤها الإمام وخلفه المصلون , فتكون تعبيراً عن الجميع . 3. أن في الجمع تواضع من القارئ !! قد يقول قائل : كيف يكون الجمع تواضعاً مع أن الجمع عادة ياتي للتعظيم . الجواب : أن القارئ لو قال : إياك أعبد وإياك أستعين لكان فيه نوع من تعظيم الذات , والحديث عن النفس , ولكن التعبير جاء بالجماعة لكي يقول القارئ إننا يارب نعبدك جميعاً ولست وحدي من يقوم بالعبادة , وهذا قمة التواضع . والله تعالى أعلم . علي الحامد .
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
14-10-2011, 01:43 AM | #2 |
.. فُــرٍجَـــتْ ..
تاريخ التسجيل: Nov 2008
البلد: خارج الخدمة مؤقتا-أعتذر
المشاركات: 3,091
|
أقف احتراماً لشخصك الكريم..
ولقلمك الذي يخط من حبر العلم,أسأل الله أن يحفظك ويبارك فيك ويزيدك علماً
__________________
سبحان الله وبحمدهـ |
14-10-2011, 03:50 AM | #3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2011
البلد: بريدة
المشاركات: 121
|
موووضوووع رائع
مشكككور
__________________
الدنيا ماااالها امااان |
14-10-2011, 05:14 AM | #4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Oct 2011
البلد: بريدة
المشاركات: 2
|
جزاك الله خير
__________________
~ |
14-10-2011, 10:09 AM | #5 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2010
البلد: بريدة
المشاركات: 3,320
|
بارك الله فيك وجزاك خيرا
__________________
|
14-10-2011, 12:50 PM | #6 |
قبس دائم
تاريخ التسجيل: Mar 2010
البلد: لحلمٍ لن يعودوقلبٍ تعاقبني بعد رحيله الأحزان..(ياوالدي)
المشاركات: 3,328
|
جزاك الله خيراً و وزادكم من فضله ~
__________________
تمــوت النفوس بأوصابها .......................ولم يدري عوادهــا ما بها وما أنصفـت مهجة تشــتكي .................................أذاهــا الى غير أحــبابها ستبقى لي منك ذكرى ماحييت |
14-10-2011, 05:13 PM | #7 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2006
البلد: في مكتبتي
المشاركات: 1,537
|
بورك فيكم
__________________
وَمِنْ عَجَبٍ أنَّ الفتَى وهْوَ عاقِلٌ ,,, يُطِيعُ الهَوَى فِيما يُنافِيه رُشْدُهُ يَفِرُّ منَ السُّلوان وهْوَ يُرِيْحُـهُ ,,, ويأوِي إلى الأشْجانِ وهي تَكُدُّهُ [ محمود سامي البارودي ]
|
14-10-2011, 05:25 PM | #8 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Jul 2011
البلد: بريدة.
المشاركات: 1,910
|
جزآكـ الله خيـــر. .
بجد مفيد جداً
__________________
[FLASH="http://up.7cc.com/upfiles/Ey096011.swf"]width=480 height=320 t=1[/FLASH]
|
الإشارات المرجعية |
|
|