[صالح أبو]

لك مني كل الحب والتقدير

لكني أكرر أننا لا نحارب المجاهدين ، ولا نتهمهم ونجرمهم ، ولا نصفهم بالكفر أو الخروج أو نحو ذلك من الأوصاف ... كلا وحاشاهم ، فهم مخلصون لا نشك في إخلاصهم ، قدموا الغالي والنفيس ولا نشك في ذلك ...

لكن ... هل هذا التصرف في محله ؟؟ هذا سؤالي المهم ؟

أما أهل البلد : فنعم هو في محله مائة بالمائة .
وأما الوافدون عليهم للنصرة : فمن أمن على نفسه أن لا يبتلى بدم مسلم فكذلك في محله ، ولذا لم نتكلم عن جهاد الأفغان قبل فتح كابل ، ولم نتكلم عن جهاد الشيشان والبوسنة وغيرها من ثغور المسلمين ، لكن في العراق بالذات ما أصعب ما أصعب السلامة من دماء المسلمين _ نقلاً عن المنصفين من أهل الثغور _ والسلامة لا يعدلها شيء .

وأما من أفتى بشرعية جهادهم فجميع العلماء المعتبرين متفقون على شرعيته ، ولم يخالف ذلك إلا مكابر ؛ لأن المسألة واضحة .
وأما ما يفتي به العلماء المعتبرون مخالفاً لما يرغبه عدد من الشباب : فهو النصرة من أبناء هذا البلد ، والدخول مع الجماعات المسلحة في حرب العصابات .

وإنما أفتى هؤلاء العلماء بذلك لأمور :
1- أن الجماعات التي تحرص على دماء المسلمين ، غالبها لا تؤيد دخول غير العراقيين إليهم ، فهم يصرحون أنهم ليسو بحاجة إلى الشباب الذي يبقى عالة عليهم ، ولا يؤيدون أن يكونوا مراكز تدريب لأنهم أحوج لحفظ المسلمين هناك منهم إلى تدريب الشباب ، وأحرص على تهدئة الأوضاع والعمل بهدوء منهم إلى استمرار سفك الدماء والتصفية الجسدية ، فلأن تصلح رافضياً وتعيده إلى جادة الصواب ، خير لك من أن تقتله ، فيأخذ أهله بالثأر فيقتل من المؤمنين قتلى كثير ، مع ما يقتل من هؤلاء الخنازير .
2- أن الجماعات التي تحرص وتستميت على دخول هؤلاء الشباب وتدريبهم ، لا مانع عندها من أن تقتل آلافاً ويقتل منها أضعاف أضعافهم ، فهم بحاجة لأعداد كبيرة من الشباب ولو لم يكونوا مدربين أو نافعين في الجبهة : ليستخدموا كبش فداء ، وأرانب لإبطال الألغام التي يزرعها العدو ، والقلة منهم ممن يرغب في الرجوع لبلده ينصحونه بالعمل في بلده _ لأنها بلد كفر على حد زعمهم _ وقد سمعنا كثيراً بنماذج من الشباب نصحهم أهل الثغور بأن يعودوا لبلادهم ليحاربوا الكافرين فيها !! وليهدموا دولة الكفر فيها !! وليقتلوا من أعانها من علماء السلطان !! وكذا من رضي بالعيش في هذه البلاد الكافرة !!!

ولذا يرجع هذا المخلص مشحوناً على بلاد المسلمين ، أرخص ما ترخصه نفسه دم المسلمين ولو كانوا أصلح الناس : لأن في هذا مصلحة للجهاد على حد زعمهم !!!

وقد سمعنا كثيراً عن أعداد من الشباب قتلوا أو قتلوا أنفسهم كي لا يدلوا بمعلومات لمن هو في حقيقة الأمر لا يملك من الأمر شيئاً ، ولا يملكون من المعلومات ما يساوي ذهاب نفس مؤمنة ، قال صلى الله عليه وسلم في حرمتها : " لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم " كما في السنن من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .

هذا ما جعل مشايخنا ينهون عن الذهاب إلى هناك : لا شكاً في شرعية الجهاد ، ولا في حجم الظلم الذي أصابهم ، ولا كفر الكافر الذي استباح بيضتهم ، ولا في أثر مقاومتهم والنكال الذي أصابهم منها ، ولا في غير ذلك من الأمور ، وإنما الذي يدندن حوله هؤلاء المشايخ : هو المصلحة من هذا الذهاب إذا كان ذهاب الشباب إلى هناك ضرراً محققاً : عليهم ، وعلى الجهاد هناك ، وعلى أهل البلد ، وعلى البلد ، وعلى بلد هذا الذي ذهب ، وعلى الإسلام عامة .

ونص بيان ال26 : صريح في هذا ، أن الجهاد واجب ، والمصلحة لاتقتضي خروج الشباب لتلك المعمعة .

أسأل الله لي ولك التوفيق في الدنيا والآخرة ، وأن يحمينا من الفتن ، وأريد أن أدلك وإخوتي على كلام يشفي الغليل ، ويوصلك إلى وضوح الصورة في هذه الفتن : ألا وهو كتاب الفتن من صحيح البخاري ، لتعلم حجم الفتنة التي لاقاها الصحابة رضي الله عنهم ، وأن من دخلها منهم ندم ، ومن سلم منها فالسلامة لا يعدلها شيء ، وهم صحابة ، وما حصل من يزيد والحجاج تجاههم ، وأجمل ما سمعت شرحاً لكتاب الفتن من صحيح البخاري : شرح الشيخ : عبد الكريم الخضير ، والمسجل في أشرطة ، لكن تفرغ لسماعها ؛ لأنك إن بدأت بها فلن تستطيع تركها حتى تنتهي ، وستتضح لك الصورة في هذه الفتن ، ويطمئن قلبك .


أرجو أن أكون وفقت في توضيح مرادي _ الذي أظنه صواباً على الأقل _ ، والاختلاف في الرأي خير ، لأنه يجلى الغبش ويوضح الصورة ، ويجعلك تؤمن بما تؤمن به عن قناعة .

أسأل الله أن يجمعني بك والقراء في جنات النعيم

محبك / صالح أبو