|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#4 |
كاتب مميّز
تاريخ التسجيل: Feb 2002
المشاركات: 2,634
|
![]() من أروع ما قرأت في فن الحوار هناك فرق كبير بين أن تعترف بمن يُخالفك .. وبين أن تحترمه .. في أوروبا كانوا يعترفون بوجود اليهود .. ولكنهم كانوا يكتبون على واجهات محلاتهم “” ممنوع دخول اليهود والكلاب “” فهم يعترفون بوجود اليهود .. ولكنهم لم يكونوا يحترمونهم .. وكذلك فعل الأمريكيون البيض تجاه الأمريكيون السود والزنوج .. فهم أيضاً كانوا يقرون بوجودهم ولكنهم كانوا يكتبون كذلك “” ممنوع دخول الزنوج والكلاب “” إذا الفرق كبير بين ان تعترف بمخالفك ولكنك تزدريه وتمقته .. وبين أن تعترف بُمخالفك وتحترمه وتُناقشه وتُكرمه .. فكيف كان الإسلام ؟؟!! تعالوا نطوف مع هذه الآيات القرآنية لنرى كيف كانت نظرة الاسلام للمخالف وكيف كان القرآن يُحاورهم ويُناقشهم : {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24) قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (25) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 24-26]. انظروا الى روعة الأسلوب وأدبه .. فمع أن النبي صلى الله عليه واله وسلم كان على يقين أنه على حق وان المشركين عبدة الأصنام على باطل .. مع ذلك فإن القرآن كان يوجه رسوله أن يقول لهم ” وإنا او إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين ” .. هذه هي الأرضية التي يجب الانطلاق منها .. إما نحن على الحق او أنتم على الحق .. فتعالوا نُظهر حججنا ونرى من منا على الحق ومن على الباطل … هذا أدب في الحوار ولا أروع .. ولو تابعنا في الآية الكريمة سنجد اشارة لا تقل روعة عن سابقتها .. ( قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ، لقد نسب الاجرام وهي كلمة تترافق مع الخطأ دائماً .. نسبه الى نفسه .. ونسب ” العمل ” وهي كلمة تحتمل الصلاح والفساد نسبها إليهم ..فهل هناك أدب أكثر من هذا ؟!! إن ذلك غاية الأدب ومنتهى السمو في الأخلاق .. {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [العنكبوت: 46]. وهنا مثلٌ رائع من أمثلة التحاور والمجادلة … لم يقل لا تُجادلوا أهل الكتاب إلا بالكلام الحسن أو بالجدال الحسن .. وإنما قال ” ولا تُجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن “” أي بحثوا عن احسن طريقة للحوار مع أهل الكتاب ..فهو يدعونا إلى البحث عن الأسلوب الأفضل والأحسن في الحوار .. وليس الحَسن فقط لا أظن أن هناك من أقوال الفلاسفة أو من تشريعات الأرض ما يرقى الى هذه الأخلاق الرفيعة .. {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 64] الدعوة الى الأشياء المشتركة .. الدعوة الى كلمة سواء توحّد ولا تفرّق .. الدعوة الى حوار يستند على المشتركات .. لأن هدف القرآن من الحوار هو هداية الناس وتبيان الحقيقة لهم .. وليس لأي غاية أخرى .. فلذلك يدعوهم الى كلمة سواء والى الحوار الهادف .. جزا الله كاتبه خيرا . |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|