[راعى الزين]

يقول احدهم :

تعجبت اشد العجب من السخرية من مصطلح الاعتزال الذي ذكره الشيخ عائض القرني حفظه الله وتشبيهه باعتزال الفنانين ولاعبي الكره وجعلوا من هذا المصطلح مادة للتندر والسخرية وما علم هذا الجاهل انه يسخر من نفسه ومن قلة علمه ومن تفاهة عقلة

وما علم هذا الجاهل ايضاًَ أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمل هذا المصطلح في قوله صلى الله عليه وسلم (( خير الناس في الفتن رجل اخذ بعنان فرسه خلف أعداء الله يخيفهم ويخيفونه ورجل معتزل في باديته يؤدي الحق الذي عليه ))

وزاد من عجبي على استعجال البعض وخوضهم في ما لا يفقهون وذالك أن الشيخ عائض قد حدد شهراًَ فقط فلم يعتزل الناس نهائيا

وما فعله الشيخ عائض وفقه الله معروف عند السلف وأصغ إلى ما يقول الإمام الكبير أبو حاتم بن حبان البستي المتوفى سنة 354 رحمه الله قال في كتابه الماتع

((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء )) بعد ذكره أثرا لداود الطائي قال

هذا الذي ذهب اليه داود الطائي وضرباؤه من القراء من لزوم الاعتزال من الخاص كما يلزمهم ذالك من العام ارادوا بذالك رياضة الانفس على التصبر على الوحده وايثار ضد الخلطه على المعاشرة فان المرء مالم ياخذ نفسه بترك ما البيح له فانا خائف عليه من الوقوع فيما حضر عليه

وقال ايضاًَ مبينا سبب الاعتزال :

واما السبب الذي يوجب الاعتزال عن العالم كافة فهو ما عرفتهم به من وجود دفن الخير ونشر الشر يدفنون الحسنة ويظهرون السيئة فان كان المرء عالم بدعوه وان كان جاهلاًَ عيروه وان كان فوقهم حسدوه وان كان دونهم حقروه وان نطق قالوا مهذار وان سكت قالوا عيي وان قدر قالوا مفتر وان سمح قالوا مبذر ))

وروى بسنده الى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه قوله (( خذوا بحظكم من العزلة ))

قال مسروق رحمه الله (( ان المرء لحقيق ان ان يكون له مجالس يخلو فيها فيذكر ذنوبه فيستغفر منها ))

رواه الامام احمد في الزهد

قال ابو سليمان الخطابي (( وفي العزلة انها معينة لمن اراد ان ينظر في علم او اثارة لدفين او استنباط لحكمة لن شيئا منها لا يجيئ الا مع خلاء الذرع وفراغ القلب ))

ثم رحمكم الله اليس الاعتكاف من الاعتزال وقد فعله محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه من بعده والصالحون في كل زمان ومكان

قال شيخنا سلمان العوده حفظه الله في كتابه العزلة والخلطه :

وليست العزلة المشروعة لتربية النفس وتهذيبها مقصورة على سنة الاعتكاف فحسب بل كان السلف رضى الله عنهم يحثون السالك على اختلاس اويقات يخلو فيها بنفسه للذكر اوالفكر او المحاسبة او غيرها

قال بايزيد الاول : انتقد بعض الفضلاء على الشيخ عائض بعض المواقف وبعض الآراء ولما أردا الشيخ أن يختلي بنفسه ليراجع ويصحح ويتأمل صوب الجهال والفارغون عليه سهامهم فحسبنا الله ونعم الوكيل

قد يقول قائل : فلماذا لم يعتزل الشيخ بهدوء وبدون تلك الضجة

فأقول لعل في الأمر خير ونلتمس العذر للشيخ ونحسن الضن به وأني اجد للشيخ وفقه الله آلاف الأعذار في هذا فلماذا نحمل هذا الأمر على أضيق المحامل


----------------------------

وقال اخر :
سامح الله الشيخ عائض القرني !! حتى فطوم تشمت بنا !!

سامح الله الشيخ عائض القرني !! ، لو أنه ترك الساحة واستراح استراحة المحارب دون قصيدة ، لما تجرأ كل جريء على عباد الله دون حسيب بعد أن امنوا القضاة !! ، باسم حرية الكلمة قاتلها الله من حرية تثير الفتن وتقض مضجع الوطن .

الدعاة المخلصين أصبحوا في نظر القاصرين الذين لم يتعدوا نطاق المبنى والمعارف ؛ ناشطين !! عجباً لكم أيها المفسدون !! خبث عجيب برائحة عبقة تزكم الأنوف يحسبه الظمآن ماءاً حتى إذا جاءه وجده غثاء يبث السم ، كونهم محليين لا يقيم عامة الناس لهم وزناً وهم تعدت كلماتهم آفاق الأرض وسمعهم القاصي قبل الداني وتلكم والله قاصمة الظهر وقاطعة أوصال القلب ؟ .

سلمان وعائض مصلحان لكنهما في نظر المريضة ( أحيطا لزمن طويل بالمريدين والمصفقين وتزاحم الناس حولهما وضجيج أشرطتهما ومحاضراتهما التي ملأت الأسماع وساقت الشباب بدون وعي إلى أن يزيدوا كثيراً على ما أراده خطاب المصلحين ) ، وكأني بها تقول لو أسكتا لما أججا مشاعر الشباب ولما أخرجا شباب حادوا طريق الفلاح .

صوت العقل أيتها المريضة لم يحرم قيادة المرأة للسيارة بذاتها ، لكنه حرمها درءاً للمفاسد لأن أثمها أكبر من نفعها ، هذا قول علمائنا وهو صوت العقل قبل ذلك وليس قول الشيخ عائض لوحده ومن أنكر على الشيخ ؛ ذلك بسبب أنه لم يذكر إجماع علمائنا على حرمة قيادة المرأة للسيارة للمفسدة العظيمة المترتبة عليها و درا المفاسد مقدم على جلب المصالح وهي ليست باباً متحركاً ولا مرن بل أنه سهل يسير الاستنباط على أهل العلم لا أهل الشهوات .

مسالة غطاء الوجه لم يكن الشيخ عائض الوحيد الذي قال باختلاف أهل العلم في جواز كشفه من عدمه ومن قال هذا فقد وهم ، فكل علمائنا أقروا بالاختلاف ولم ينفوه أبداً لكن بعض من قصر علمهم وبان جهلهم وحقدهم أبوا إلا التلفيق بقولهم ( كان الدرس الذي يملى على الجميع هو أن غطاء الوجه متفق عليه ولا خلاف ) ، وهذا غير صحيح أبداً ، فعلمائنا يرون حرمة كشف وجه المرأة لكنهم في نفس الوقت يقرون بالاختلاف ولا ينكرون على أحد ويحترمون آراء من خالفهم ، فمثلاً الشيخ الألباني رحمه الله كان ذا منزلة عظيمة عند علمائنا ومحل تقدير مع أنه خالف علمائنا في قضية كشف الوجه التي يراه جائزاً لكنه في نفس الوقت وكما علم عنه يجبر بناته على تغطية الوجه درءاُ للمفسدة ، مع أن هذا الخلاف ليس خافياً على أحد وهو موجود من زمن بعيد .

لتعلم فطوم وغيرها من المرضى أن الشيخ سلمان ليس جباناً حتى يبتعد ( عن كل الموضوعات الحساسة التي تتطلب تصادماً مع المجتمع ) ، بل يكاد الشيخ سلمان من أكثر العلماء صراحة وجرأة ولا يخشى في الله لومة لائم سواء الصالح منهم أو الطالح ، وله في كل مسألة رأي صريح لا يقبل التفسير فهو عندما قال أن ( نقد المتدينين لا يدخل ضمن نقد الدين ) ، أو عندما قال أن المسلسل الطائش لم يخرج عن حدود النقد الطبيعي كان يدور في ذهنه ما سوف يلقاه من هجوم شرس من فئة الملتزمين ومع ذلك صدح برأيه وما تأثر بأحد ، أما موضوع المرأة فرأي الشيخ ليس بجديد فالكل يقر بالظلم الواقع على المرأة بسبب بعض العادات والتقاليد البالية التي ليس لها أساس من الدين ولم ينكر هذا أحد ، لكن مصيبتنا النظرة القاصرة للمفسدين الشهوانيين الذين يريدون أن ينالوا من المرأة عفتها وكرامتها ، هو جعلوا من القيادة وكشف الوجه قضيتهم الأولى والأخيرة !! .

الشيخ سلمان حفظه الله ورعاه وجعله غصة في قلوب الأحقاد ، يذكر لنا دوماً أن ما تغير فيه هو فقط أسلوب المعالجة والطرح ، لكن الكثير مع الأسف يصر على أن التغيير جذري ومشاهد لكن لو سألته كيف ؟ لن يزيدك على ما قالته فطوم ( والحقيقة التي يعرفها تلاميذ العودة الذين جلسوا إليه أو درسهم في جامعة الإمام محمد بن سعود في القصيم يعرفون حجم هذا التغير فليست المسألة في هدأة الضجيج أو خفوت نبرة الاستعداء ) ، إن كان تعلم الحقيقة فلماذا لا تذكر لنا أمثلة على هذا التغير بدلاً من التهريج الذي ينبني على دليل وليس لها أساس إلا قيل ؟ ، ألأن الشيخ سلمان مشى وتحدث مع الصفار نعد ذلك تحولاً في الأسلوب والمنهج مع انه لم يسبق للشيخ سلمان أن قدح في الصفار أو تكلم فيه مع لأنه مستحق لذلك ؟ .

الشيخ سلمان العودة بثقافته هو جزء لا يتجزأ من ثقافة علمائنا المستمدة من مدرسة الشيخ ابن باز وابن عثيمين ومن قبلهم الشيخ محمد بن عبد الوهاب والقول بغير هذا إنما هو ضرب من الهذيان !! فلم يسبق للشيخ أن وصف نفسه بالمستقل ولا ينبغي لأحد أن يتقول عليه ، فهو يتسم بالثقافة الإسلامية الصحيحة المتسامحة الداعية إلى الحوار مع الأخر بعيداً عن الليبرالية الأمريكية المقيتة التي نسمع بها ونرى نظارها ولا نراها تطبق على أرض الواقع فلا حوار ولا قبول ولا تسامح بل خوار !! .

سامحك الله يا شيخ عائض !! .

-----------------
ومما قيل :
من كان يعبد عائض القرني فإن عائض القرني قد. . .


--------------------------------------------------------------------------------

برغم استياء عظيم عجيب مِنْ عنوان هذه المقالة السابق، ومقص رقيب طال المقال فحذفها، ولم تصل إلى بريدي حتّى الساعةَ رسالة تنبي بالسبب، معَ تحرير رد كانَ رقمه 16 في سلسلة الردود أبين فيهِ موقفي ووجهتي في ذلك العنوان ( المشاكس ) نوعًا ما. . . إلا أنني أجدني مدينٌ بالشكر للجميع لتوجيههم ونصحهم، برغم تعددية في التوجهات والمشارب والمآخذ والنيات بالطبع، وها أنا أعيد المقال متلافيًا الملاحظة الأكبر في العنوان السابق، سائلاً الله عز وجل أن يعاملني وإخواني بعفوٍ مِنْهُ وكرم. . .


--------------------------------------------------------------------------------



في الخامس عشر من شهر ذي القعدة عام اثنين وعشرين وأربعمئة وألف للهجرة، ذلك اليومٍ المشهود من أيامِ الرياض، اجتمع الناسُ في مسجد حطين بحي أسكان الحرس الوطني شرقي الرياض، توافد الناس زرافات ووحدانا، فقدر موقع الإسلام اليوم الحضور بقريب من الثلاثين ألفًا!، وحدثني أحدهم أنه ذهب بعد صلاة العصر مباشرة فما وجد إلا الصف السادس!، ولمّا يزل الناس يتوافدون وما أذن المؤذن لصلاة المغرب إلا وساحات المسجد قد اصطكت. . . صلى بالناس القارئ/ عادل الكلباني، ثُمَّ قدّمَ خطيب الجامع ـ السابق ـ/ بدر المشاري للناسِ عريسهم في مقامة طويلة مليئة بالثناء والمدح، شرعَ بعدها المحاضر بإلقاء محاضرته التي اختار أن يطلقَ عليها ( أمَّا بَعْدُ ). وبعدَ أنْ حَمد الله بما هو أهلٌ له، وصلى على نبيه شرع في محاضرتِهِ وكانَ مما قال:

* ليس لك في المصاعبِ إلا الله، وما لكَ عند الدواهي إلا الله. وما معك في الخطوبِ إلا الله {أمن يجيب المضطرَ إذا دعاه} ؟.

* العلماء يصيبون ويخطئون، والدعاة يُحسِنون ويغلَطُون، والمصلحون يُسدّدون ويعثُرون إلا محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فهو المصيبُ بلا خطأ، والمسدَّد بلا غَلَط، والمصلِحُ بلا عثْرة {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى}.

* الأمةَ لا يشفي عليلَها ولا يروي غليلَها مقطوعةٌ من فنان، ولا طرْحٌ من علماني، ولا هُيامٌ من شاعر، ولا خيالٌ من فيلسوف، إنما يحييها. . ويرفعُها ميراثٌ من نبوة، وتَرِكةٌ من رسالة، وأَثَارةٌ من وحي: { فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }.

* الدعوةُ همٌ لازمٌ، وواجِبٌ دَائمٌ.

* ليسَ للداعيةِ وقوفٌ، سُجنَ يوسفُ فدعا في السجنِ، وطُردَ نوحٌ فدعا في السفينةِ، وحوصرَ مُحمدٌ فدعا في الشِّعبِ، وطُوِّقَ فدعا في الغارِ، وطُردَ فأنشأ دولة.

* ليسَ مِنْ المهم عند الداعية أن يكون له جمهورٌ حاشد، أو حفلٌ بهيج، أو مستمعون كُثر، المهم أن يقولَ الحق، وأن يأمرَ بالمعروف، وأن ينهى عن المنكر، وأن يحملَ الميثاقَ بأمانة، ويبلَّغَ الشريعةَ بصدق.

* الداعية ليس له إجازةٌ، ولا انتدابٌ، ولا مخصّصَاتٌ، ولا عادات.

* الداعيةُ لا يُعيَّن بقرارٍ جمهوري، ولا بوثيقةٍ حكومية، ولا بانتخابٍ مِنْ الجمهور. الداعيةُ لا يأتي عن طريقِ صناديقِ الاقتراع، ولا المجلسِ النيابي، ولا الهيئةِ البرلمانية، فهو فوقَ الكونجرس، واللوردات، والشيوخ.

* الداعية يعَلِمُ أنَّ الحياة ليست فرصة لتقلد مَنصب، ولا الظفر بأمارة، ولا العثورَ على وزارة، ولا جمعَ تجارة، ولا التشرفَ بسفارةٍ، وليست الحياة عِنْدَهُ مِتعة، يقضيها في اللهو واللعب. . .

* أهمُ صفةٍ في الداعية أنه صَاحِبُ مَبدأ، وحاملُ رسالة، ولهُ منهج، قد يغلظ أو يرفق، يقسو أو يلين، يُقبل أو يدبر، يُواجِهُ أو يُهَادِنُ. . . لكِنَّهُ صَاحِبُ مَبدأ. قَدْ يحاور ويفاوض، ويردُّ ويَقْبل، ويأخذ ويعطي، ويغضب ويرضى، ولكنه صاحب مبدأ . . .


--------------------------------------------------------------------------------



كانَ الناسُ ولا يزالونَ يُأملونَ مِنْ عائض آملاً. . .
ويُعلقونَ عليه رجاءً. . .
ويَتوسمونَ فيهِ عطاءً. . .

وهُوَ عِنْدَ ظنهم بمشيئة الله.



اعتزل عائض! فماذا كان؟
عاد عائض! وماذا كان؟
!

إن شَعري قفْ عجبًا واستغربًا مِنْ صحفٍ أزعجتنا بخبر ( اعتزال الشيخ عائض القرني لمدة شهر ) ، ولئن كانَ آثرَ الوحدةَ وحدها فإن الطريقَ أمَامَهُ مُشْرَعٌ، والناس في غنى عَنْهُ، وهو المحتاج إليهم، فهم لن يسألوا عن علمِهِ لماذا لم يستثيروهُ ويستخرجوهُ؟ أمّا هوَ فمسؤولٌ عِنْ علمِهِ هل بلغه؟!

ليسَ مِنْ عادتي أن أتوجسَ المخاوف، بل إنني مغلبٌ لكفةِ الأمل كثيرًا، إلا أن قراءةً سريعةً في قصيدة وتصريحات عائض الأخيرة [إنْ صَحت] تنبيكَ عَنْ قرارٍ بطنه عائض، وكانت هَذِهِ العُزلة بمثابةِ المقدمة التمهيدية لذلِكَ القرار.




--------------------------------------------------------------------------------

يا ناس: مَنْ منكم مبلغٌ لعائض مني السلام؟ ومَنْ منكم مبلغ لعائض مني هذا الكلام؟




--------------------------------------------------------------------------------

يا عائض: اعلم أنكَ شخصٌ تشخص لرأيهِ ورؤيتِهِ أبصار، وتتحرى لفكرهِ أفكار، يروجُ كلامه بين الناس عاجلاً، ويعمل برأيهِ حالاً، فأي رُزءٍ وإثمٍ عظيمٍ سوفَ تقترفه على نفسِكَ إنْ أنتَ ارتضيتَ غيرَ الصواب الذي كُنتَ تعيشه؟، وأي جريمة أعظُمُ مِنْ جرائمِ إنكاس المفاهيم كما كنت تقولُ كثيرًا؟!

يا عائض: إنْ توجسي الخيفة مَنْبعه أمُورٌ أربعة: صوابٌ نسبي كُنتَ تَسيرُ عليه، وآراءٌ غريبة تُطلِقُها بَينَ فينةٍ وأخرى، وقصيدةٌ وتصاريح حُمِلتْ مظامين التأذي من زملاء المهنة الربانية ( الدعوة ) ، وهالةٌ إعلاميةٌ أنتَ تعلم أنها لو لم تُصنَعْ لما شعرَ بِكَ أحدٌ.

يا عائض: ليس من زملاء مهنتك من حازَ حضورًا كما حزت، ولم يعرف أحدٌ منهم رقمَ المليون إلا بعد عدد نسخ كتابك ( لا تحزن )، وما سمعت أذنُ واحدٍ منهم التصفيق كما سمعتْ أذناك، وما امتلأ درسٌ لواحِدٍ مِنْهُم كما امتلأ جامع القاضي لَكَ. . أفتظن أنَّ الدنيا بلا حساد؟، أم تظنها صفوًا مِنْ الأنكاد؟ بل هيَ كدرٌ ودَرَكٌ، إنْ حسدَكَ الصاحِبُ لم يُبق لقرينٍ فيكَ مُزعةٌ، وإن تركك الصاحِبُ للقرين لم تَقرَ عين، وإن تركاك فإلى الردى أسلماك ( للجماهير )! واعلم يا عائض أنكَ ما شُكتَ كما شيكَ أصحابُكَ وزملاء مهنتكَ، فإن أوقفت عشرًا فقد سجنوا دهرًا، وإن أوذيت يومًا فقد أوذوا عشرًا، وإن أبرزت دهرًا فقد أبرزوا مرةً.

يا عائض: الفَمُ ما عرفَ الكلام، والدنيا يحوطها قتام، والعالم نيام. . . استيقظت فأطلقت ( أرحنا بِها يا بلال ) ثم أرسلتها نشوى في ( رسالة إلى المغنين والمغنيات ) ثم أعضتنا بِـ ( قصة الحب ) وصحبتنا معكَ في ( أمريكا التي رأيتَ ) وما زلتَ حتى ( الابتلاء ). . . ثُمَّ عُدتَ بـ ( أمَا بعد ) وأبدعتَ في ( قصة الرسالة ) و ( القمم لأهل الهمم ) ولا نزال ننتظركَ هناك.

يا عائض: إن كنّا قد ناصرناكَ والتففنا حولكَ دهرًا، فثِقْ أنَّ ذلكَ ليس لأجل ( عائض القرني ) الرجُل { ولو كُنتَ فضًا غليظَ القلبِ لانفضوا مِنْ حولِكَ } ، وإنما هو لحقٍ وخيرٍ يحمله صدرُ عائض، ومتى تخلى عنه عائض تخلينا عن عائض، بل إننا سنكون أول من يرده عليكَ.

يا عائض: الدعوةُ وميدانها خيرٌ لكَ وبِكَ، والعُزلةُ والخلوةُ خيرٌ لكَ، أمّا التبدل والتحول فهو شرٌ لكَ وبِكَ وعليكَ. . .

يا عائض: عليكَ سلام الله ورحماته يومَ ولدتَ، ويومَ خطبتَ، ويومَ أوقفتَ، ويوم اعتزلت، وإن بقيت. . . والسلام



-----------------
وفي الختام لكم ذه البشرى :

أفادت مصادر خاصة لشبكة الإسلام اليوم بأن فضيلة الشيخ عائض القرني في صدد إعداد قصيدة مفاجئة يبشر فيها محبيه بأنه سوف يستأنف عمله الدعوي ويعود إلى حضوره الإعلامي.
وقد انهمرت الاتصالات والرسائل المفعمة بالمودة والأخوة التي تحاول أن تثني الشيخ عائض القرني عن قرار الانقطاع ، كما تلقي الشيخ عائض اتصالاً من فضيلة الشيخ سلمان العودة ، ومن الشيخ سعد البريك ، ومن مجموعة كبيرة من خاصته ومحبيه ، مما دعت الشيخ إلى التفكير الجاد في العودة إلى الساحة الدعوية والإعلامية .

وقد أثار إعلان الشيخ عائض القرني اعتزاله العمل الدعوي ردود فعل متباينة في الأوساط السعودية وتناقلت وسائل الإعلام الخبر بشكل واسع طيلة الأسبوع الماضي، وكان لافتا دخول أطراف رسمية في الأمر حيث نقلت الصحف مؤخراً لقاء أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبد العزيز بالشيخ عائض القرني في مكتبه حيث طلب منه الأمير سلمان مراجعة قراره بغية إثنائه عن الاعتزال، موضحاً له أنه يعتبر نفسه صديقاً للدعاة ومن هذا المنطلق جاء اهتمامه بما أعلنه الشيخ القرني.

و إعلان اعتزال الشيخ عائض القرني جاء في ثنايا قصيدة كتبها بخصوص هذا الموضوع استهلها بأبيات يحن فيها إلى مسقط رأسه قرية (بلقرن) ومن ثم بدأ بعدها في الحديث عن التحامل الذي يلقاه من أطراف مختلفة من كتاب الأعمدة في الصحف اليومية ومن الشباب الذي درج على الكتابة في الإنترنت وغيرهم، كما ضمن في القصيدة أيضاً تبرمه من التصنيف الذي لقيه من التيارات الأخرى، والقصيدة التي جاءت بعنوان (القرار الأخير) في حدود 70 بيتاً وجدت ضجة كبيرة في أوساط محبي الشيخ منذ صدروها في ملحق (الرسالة) بجريدة "المدينة" وتباينت التعليقات حولها من مؤيد لرأي الشيخ عائض وما بين مخالف له يرى أن العمل الدعوي لا يُعتزل.

والمتتبع لسيرة ومسيرة الشيخ عائض القرني في الحياة العامة يلحظ بوضوح أن الشيخ كان على الدوام يؤثر صحبة الكتب والمؤلفات ويقلل من اختلاطه بالناس واختار أشخاصاً معدودين لصحبته ينتشرون بين الرياض ومكة وجدة، والقصيدة التي أثارت الجدل كتبها الشيخ عائض في شهر رمضان المنصرم ثم قام بتعديلها ومراجعتها قبل أن يدفع بها لجريدة المدينة السعودية لتنشرها في الأسبوع الأخير من شهر شوال. ورغم قراره باعتزال العمل الدعوي إلا أن الشيخ عائض لا يزال مستمرا في تأليفه للكتب وسيصدر له خلال الفترات القادمة من مكتبة العبيكان كتاب "التفسير الميسر" وكاتب آخر في السيرة النبوية إضافة إلى عدة مؤلفات في حقول التربية والأدب التي تتهيأ للنزول إلى الأسواق، ذلك بجانب أن الشيخ يعكف حالياً على تسجيل برنامج مختص بالسيرة النبوية في قناة (خير) الفضائية الإسلامية الجديدة، وهذا النشاط العلمي قد يقوي من الرأي الذي يرى أن العمل الدعوي بالنسبة للشيخ القرني وغيره من الدعاة يعتبر كالهواء لا يمكنهم الاستغناء عنه، ووفق هذا الرأي فإن قصيدة القرني الأخيرة يمكن النظر إليها من زاوية "المشاعر التي تجيش بالنفس في لحظات معينة في إطار تفاعلها مع الواقع الحياتي الذي قد لا يكون منصفا في أحايين كثيرة".

ردود الأفعال التي تلت الإعلان عن القصيدة ونية الشيخ القرني في اعتزال الحياة العامة واعتكافه في منزله، عكست وبشكل واضح مدى حضور الشيخ القرني في الساحة الدعوية والإسلامية بشكل عام ومدى التأييد الذي يلقاه من الملايين الذين سارعوا إلى إعلان عدم موافقتهم للخطوة التي سيتخذها الشيخ .

[الـصـمـصـام]

أخي راعي الزين
أعجني جدا هذا الموضوع
لكن ذهني تشتت ...على الرغم من روعة الموضوع
جزاك الله خيرا أيها الأخ الغالي