|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
13-04-2006, 11:08 PM | #1 |
إمام وخطيب جامع الروّاف
تاريخ التسجيل: Sep 2004
البلد: السعودية
المشاركات: 261
|
الحيل (التمويه والخداع والتلبيس على الناس)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحيـــــل د. صالح بن عبد العزيز التويجري 16-3-1425هـ إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد ورسوله، وصفيه وخليله. بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده. صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد. يقول المصطفى ص(يامعشر التجار ان الشيطان والاثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بالصدقة ) الترمذي ويقول ص ( لا تكونن ان ا ستطعت اول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته) رواه مسلم لابد للناس من مساس الحياة المادية وكسب اليد درع يقي الابتذال ولولا الكفاف او الاستعفاف لتمندل قوم بآخرين فهل يكون المال مطلوب لغيره ام لذاته ومن عاش حاش ومن خبر ظفر وليس المقياس تعداد النقود ولكن هي سلم لصعود القيم لمن فهم * وما اكثر الطرق وليست كلها تؤدي الى مكة ومن عاش بالحيل عاين الفقر الحيلة هي الحذق في تدبير الأمور، وتقليب الفكر ليهتدي إلى المقصود، وأكثر استعمالها في تعاطي الخبث، وقد تستعمل في الحكمة. ويستعملها الفقهاء في العمل الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال،ثم غلب استعمالها عرفا على سلوك الطرق الخفية التي يتوصل بها إلى حصول الغرض، بحيث لا يتفطن لها إلا بنوع من الذكاء والفطنة. قاله ابن القيم رحمه الله. (إعلام الموقعين (5-188)).و قال الشاطبي رحمه الله: «فإن حقيقتها المشهورة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي، وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر. فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع». ومن الألفاظ ذات الصلة بها: الخداع وأصله إخفاء الشيء أو الفساد بإظهار مما يبطن خلافه. جلبا لنفع أو دفعا لضر ويفارق الحيلة في أنه لا يحتاج إلى نظر وفكر. كذلك الغرور: وهو إيهام الإنسان على فعل ما يضره. والكيد: وهو إيقاع المكروه بالغير على وجه المكر والخديعة . والمكر: وهو صرف الغير عما يقصده بحيلة ، ومنه المحمود والمذموم، وهو أخص من الحيلة. عباد الله: والحيل منها ما هو مشروع ومنها ما هو محرم، فالحيل المشروعة هي التي تتخذ للتخلص من المآثم للتوصل إلى الحلال، أو إلى الحقوق، أو إلى دفع الباطل، هي الحيل التي لا تهدم أصلا مشروعا ولا تناقض مصلحة شرعية. (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ). ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) ومن ذلك جواز الحيلة للمكرَه بالتلفظ بالكفر إحرازاً لدمه. والحيل المحرمة هي التي يتوصل بها إلى محرم، أو إبطال الحقوق، أو لتمويه الباطل و إدخال الشبه فيه. وهي الحيل التي تهدم أصلا شرعياً أو تناقض مصلحة شرعية. فالحيل المحرمة تقوم على المخادعة والتلبيس والتدليس وعلى اتخاذ الوسائل غير المشروعة للوصول إلى الحرام. وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له، لأن فيه استحلال الزنا باسم النكاح، وقال صلى الله عليه وسلم: قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها". وعاقب أصحاب السبت أن مسخهم قردة خاسئين بسبب تحايلهم وعدوانهم. إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم. فرصدوا شباكهم يوم الجمعة ليقع فيها صيدُ السبت ثم أخذوها يوم الأحد وقالوا: لم نصد يوم السبت. فقال تعالى: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ). [البقرة: 65-66]. وما أخبر به سبحانه عن أهل الجنة الذي ذكر قصتهم في سورة القلم وهم قوم كان للمساكين حق في أموالهم إذا جذّوا نهاراً جاء المساكين ليلتقطوا ما يتساقط من الثمر، فأرادوا أن يقطعوا في الليل حتى يسقط حق المساكين، فعاقبهم الله بأن أرسل على جنتهم آفة سماوية فأصبحت كالصريم هشيماً يبسا، فحرموا خير جنتهم لما تحايلوا على إسقاط حق المساكين، فكان ذلك عبرة لكل محتال يريد إبطال حق من حقوق الله أو حقوق عباده. وهناك فرق بين الحيلة والتورية: إذ التورية والتعريض أن تطلق لفظا ظاهراً في معنى، وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ؛ لكنه خلاف ظاهره. ولا يتوسع فيها بل لا تجوز حتى يكون اللفظ محتملاً لها. وألا تستعمل في الظلم.عباد الله: التحايل المحرم صفة مذمومة ممقوتة، ولها أثر سلبي في لبس الحقائق، وتضليل الناس، وخلق النزاعات، تورث سخطهم ومقتهم، وتدل على دناءة النفس وتحرم بركة المال والعمر. كما تحرم إجابة الدعاء. وفي الحديث: " المؤمن غرٌّ كريم، والفاجر خب لئيم". أخرجه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: عباد الله: إن من الحيل المذمومة الحيل لكسب السمعة واستغلال أسماء الناس وأصواتهم، والحيل لترويج سلعة معينة بأسلوب إعلامي مزوَّر. او تمرير مشروع افسادي بطريقة التغرير بالسفهاء ومن الناس من يستنزل همتَه ليستخدم المؤثرات على الآخرين كاستغلال ثقتهم بالمتدينين للتسويق والتوثيق والتلميع اعتمادا على حسن الظن بهم او رغبة في تشويه سمعتهم ، أو بأصحاب الخبرة، أو العلاقات، أو النجاحات الوهمية. فيجعل ذلك فرصة لجمع الأموال والعمل بها تحت غطاء لا يظهره لأصحاب المال ولربما لم يتورع عن طرق الكسب المشبوهة المختلف في حكمها، ولو علم الناس لاعترضوا ، كل ذلك تحت غطاء عفوية الناس في التعامل مع بعض الأمور او بكارة المشروع او الطمع بالربح السريع. ثم هو يطرق معهم أبواب الحيل الممنوعة شرعاً إذا ما وقع في خسارة أو مصيبة التهمت حقوقهم ، وبذلك تضيع الحقوق، وتكثر النزاعات، وتتقاذف التهم. و الله تعالى يقول: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون). عباد الله: هناك فرق بين الثقة والأمانة، وبين فهم قانون العمل سواء التجاري أو السياسي أو الاجتماعي. فأحياناً يقع الناس دون تمحيص بسبب طمعهم ثم إذا وقعت الفاجعة رجعوا يلومون من استغل طمعهم أو غفلتهم. ومثل ذلك: الاسقاط على الفتوى حين يدخل الناس في عقود ومبايعات من غير سؤال فإذا حدث خلاف المتوقع لديهم بحثوا عن المخارج من خلال القدح في المفتي أو عدم وجود مرجعية او رقابة نظامية أو غيرها. كمشجب يعلقون عليها اخطاءهم وماذا عن مقولة «القانون لا يحمي المغفلين».. فمن يحمي حقهم إذن؟! بهذه العبارة الباردة درج البعض على التعامل بسلبية مع كل من وقع عليه غبن أو غش أو تدليس في إحدى معاملاته المالية، بحيث أصبحت عرفاً يخذل من حاول الشكوى أو اللجوء إلى القضاء، واستمرأها غالبية حكمة مسلمة، استغلتها بدهاء شركات الربح السريع، ومهرة التسويق ومن ذلك مع الأسف بعض الشركات العقارية، فكان نتيجة ذلك مساهمات عقارية معلقة منذ سنين طوال، وذريعة لبقاء أموال المساهمين تحت سمع وبصر القانون. إن هذه العبارة المتداولة في عرف الناس ليس لها أصل في الشرع، بل دل على خلافها تماماً، حيث ورد في الحديث الشريف أن منقذ بن عمرو، وكان رجلًا قد أصابته آمة في رأسه، فكسرت لسانه، وكان يتجر فيغبن، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فذكر له ذلك ، فقال: "إذا أنت بايعت، فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وان سخطت فارددها على صاحبها" (أخرجه ابن ماجه والحاكم وغيرهما). ولقد سبق فقهاء المسلمين العالم بأسره، في تأكيد الضمانات التي تحمى حقوق الطرفين، حتى وإن صدرت من أحدهما علامات الغفلة، وأمارات الجهل بالتعاقد، ومن هذه الضمانات خيار المجلس والشرط وبيع المسترسل، وهو المشتري الجاهل: يتعاقد مع من يشتهر بالسوق أنه صاحب دين وأمانه فيطمئن له ويتعاقد معه، وهو جاهل بسعر السلعة، فيعلم البائع بذلك فيستغله، ويرفع عليه القيمة فوق سعرها الحقيقي في السوق، أو أن يستغل البائع ضعف المشتري الذي لا يحسن المماكسة في أمور البيع والشراء فيغبنه.. لقد تضمنت الشريعة الإسلامية الرحمة مقرونة بالحكمة، وهي تقف مع الحق أينما وجد، فكيف بمن ظهر ضعفه وبان خلله، من باب أولى أن تقف نصوص الشرع ومن يطبقها من الفقهاء والقانونيين بجانب هؤلاء، الذين لا يحسنون البيع والشراء، ولا يعرفون كيف يحمون أموالهم من أصحاب النفوس الضعيفة. إذا كان هؤلاء قد داخلتهم بعض الغفلة: أيكون للمتلاعبين الحق، في أكل ما يريدون من أموال بلا حسيب ولا رقيب؟! وهل تقوم الغرف التجارية بدورها في تدريب الناس فقه التعامل وآدابه وتشرف على العقود وهل يكون للمحامين سبق في اعداد نشرات توعوية تردم هوة الانفتاح التجاري بلاوعي وتخفف معاناة القضاة وتدرأ الشماتة وتحفظ الحقوق وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما). اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد، وعلى آله الأطهار وصحابته الأخيار. اللهم ارزقنا اتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، واحشرنا في زمرته، وأدخلنا في شفاعته، واسقنا من حوضه، واجمعنا به في جنات النعيم. مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم أصلح ولاة أمرنا، وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة.
__________________
1) الملاحظات. 2) اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع. الرجاء التواصل عبر البريد الإلكتروني: saleh31@gmail.com حفظكم الله ... |
الإشارات المرجعية |
|
|