|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
08-05-2006, 11:26 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Dec 2002
البلد: ((منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى))
المشاركات: 238
|
قراءة في الظهور المفاجئ للزرقاوي / د. أكرم حجازي
المختصر/
مجلة العصر / ظل قطاع كبير من الناس يعتقد أو تختلط عليه الأمور بأن أبو مصعب الزرقاوي مجرد نكرة صنعتها أجهزة الاستخبارات الأمريكية حين احتلالها للعراق قبل ثلاث سنوات، وظلت القوات الأمريكية تدك بطائراتها ومدافعها وصواريخها البيوت والأحياء العراقية السنية في الرمادي والموصل وبغداد وبعقوبة والفلوجة والقائم وتلعفر والموصل ونينوى وسامراء وغيرها، مما يسمى بالمثلث السني، ليل نهار محيلة إياها إلى رماد فوق رؤوس ساكنيها من شيوخ وأطفال ونساء وشباب، وظل قطاع كبير من العراقيين يتلوى حسرة وقهرا من الظلم الأمريكي في كل مرة تغير فيها الطائرات على هذا المكان أو ذاك بحجة القضاء على الزرقاوي وجماعته، وظل الكثير من المحبين والكارهين للزرقاوي على السواء يتمنون لو يصدقون حكاية الرجل الأسطورة الذي دوخ الأميركان وحلفاءهم في العراق. وظل السؤال لدى الجميع بلا استثناء: لماذا لا يظهر من الزرقاوي إلا صوته أو لثامه؟ وما الذي يمنع هذا الرجل من الظهور بالصوت والصورة أمام وسائل الإعلام ولو لمرة واحدة؟ وحتى يطمئن المناصرون بأن دماء أبناءهم الذين قضوا تحت الأنقاض بحجة وجود الزرقاوي بينهم أو بحمايتهم، قد نالوا على الأقل شرف التضحية بأنفسهم فداء لرجل الساعة، وأن الرجل ليس نكرة ولا فبركة إعلامية ولا صناعة مخابراتية تشبع عطشها للقتل وسفك الدماء، ولا لتبرر فيها أمريكا بقاءها في العراق، بل حقيقة واقعة. ثلاث سنوات من الحرب الطاحنة في العراق بين جيوش المقاومة الضارية وقوى العدوان الغازية ذهب ضحيتها مئات الآلاف من هذا وذاك، لم تزحزح الزرقاوي قيد أنملة عن احتجابه تاركا أمة بحالها فريسة الشك والهذيان. بعضهم آمن بالأسطورة، وبعضهم قال بفارس الليل، وآخرين قالوا بوجوده حقيقة واقعة وقد أصابوا، وبعضهم طلب الدليل على وجوده كي لا يصاب بالصمم أو العمى، فإن كنا سنؤيده أو نعاديه فلا بد لنا من هدف واضح، والحقيقة أن الزرقاوي حتى نشر الشريط، أثار من البلبلة والغموض ما لم يثره السقوط السريع لبغداد. فهل يستحق ظهور الرجل الغموض الذي كان عليه؟ لأنه الشريط الأول الذي يكشف عن شخصية الزرقاوي، فقد قمنا بتحليل لمحتوياته شكلا ومضمونا، وقد تبين لنا ما نعتقد أنه القراءة الأولى التي تعكسها الانطباعات الأولى عن الشريط لدى كل من تابع الحرب في العراق، وتملكه الغموض وحتى اليقين في شخصية الزرقاوي. المحور الأول: المحتوى الزمني للشريط يمتد الشريط على مساحة 34 دقيقة قسمت إلى ثلاثة أقسام: الأول: هو المقدمة والتي احتلت مساحة زمنية بـ 4.45 دقيقة، تضمنت فلاشات بعضها من داخل الشريط وواحدة من خارجه، خصصت لأسامة بن لادن الذي قدم فيه كلمة صوتية، ويمثل هذا القسم العناوين الكبرى للشريط. الثاني: هي كلمة الزرقاوي التي بلغت نحو 21.35 دقيقة وجهها للأمة الإسلامية من جهة وللقوى العراقية من جهة أخرى. الثالث: مساحة زمنية باقية بمقدار 7.3 دقائق تضمنت نحو أربع مقاطع ميدانية للزرقاوي وجنوده وضباطه وحصونه العسكرية. المحور الثاني: شخصية الزرقاوي ربما يكون الشريط قد نجح في إظهاره عزة المسلمين لمؤيدي الزرقاوي، بما لم يستطع إظهاره أي شريط سابق، اللهم شريط بن لادن الأول بعد هجمات 11 سبتمبر وعشية الهجوم على أفغانستان، ولعل السبب يكمن في شخصية الزرقاوي الفذة التي عبرت عن رجل إسلامي مقاتل ذو شكيمة وعزم وقوة لم تكن متوقعة، بالمقارنة مع صوره السابقة التي تم تداولها في وسائل الإعلام، حيث بدا فيها رجلا نحيلا وبدائيا وضعيفا، وذو ملامح غير ثابتة وملابس تقليدية متنوعة تراه فيها يرتدي تارة طاقية عمال قديمة أو كوفية بدوية أو رجل قبلي، يصعب الوثوق به أو ائتمانه على قضايا الجهاد الإسلامي، بل إن شخصية من هذا النوع كان يصعب مجرد التفكير بأن تخرج منها شخصية أسطورية على النحو الكاسر الذي بدت عليه في الشريط. ولقد علق أحد الصحفيين الأردنيين على شخصية الزرقاوي واصفا إياها بشخصية رامبو الهوليودية، مستعينا بمقطع يتأبط فيه الزرقاوي بندقية ويطلق فيها النار بثبات وعزم وقوة، والحقيقة أن ظهور الزرقاوي مثل بداية طمأنينة لأهله وأقربائه ومحبيه وأصدقائه، غير أن هذا التشبيه الذي لم يعجب أحد أفراد قبيلة الزرقاوي، أصاب مقتلا ليس من شخصية رامبو فقط والتي أعجبت الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان، بل وحتى من شخصية سوبرمان التي بنت الولايات المتحدة الأمريكية عليها وجعلتها رمزا للشخصية الأمريكية الخارقة، وها هو الزرقاوي ينجح في تجريد الشخصيات الأمريكية الأسطورية من مضامينها، على أن الفرق بين شخصيته وشخصية رامبو أو سوبرمان، أن الأولى حقيقية واقعية وليست لعبة تصنعها هوليود ومؤثراتها وخدعها السينمائية. فلماذا لم يستطيع الشعب الأمريكي مثلا أن يستعين حتى الآن بشخصيات هوليودية أو غير هوليودية للقبض على بن لادن أو الظواهري أو الزرقاوي؟ ثم، ألا يلحق الظهور الجارح للزرقاوي هذا، مسا بكبرياء الشخصية الأمريكية عموما، ويثبت فشلا ذريعا للأجهزة الاستخباراتية العالمية وعلى وجه الخصوص الأمريكية منها؟ من جهة أخرى فقد ظهر الزرقاوي بلباسه الأسود متمتعا ببنية جسدية قوية، سليما ومعافى ومقداما كالأسد كما يصفه الشارع ورواد المنتديات، ولا شك أن هذا الظهور مثل صفعة مؤلمة لأجهزة الدعاية والإعلام العالمية وللسياسة الأمريكية على وجه الخصوص، فالرجل لا يبدو عليه أنه أصيب أو قطعت رجله أو يده أو أنه يحتضر أو أنه قتل أو أسر في جحر أو في خضم أحد المعارك، في حين لم يكن من حديث لأجهزة الدعاية والإعلام سوى بث الأكاذيب والأخبار الملفقة، وفي أحسن الأحوال تعميم التنبؤات والتوقعات بزوال الزرقاوي أو تحييده لحظة واحدة منذ احتلال العراق كما لو أنها حقائق دامغة، فأي حرج سيسببه ظهور الزرقاوي للأميركان بهذا التحدي الصارخ؟ وهل سينفع تواتر الأخبار شبه اليومية عن اعتقال أو قتل كبار مساعديه؟ بل كيف ستغدو مصداقية الإعلام الأميركي أمام الأمريكيين وهم يبثون أخبارا بات في حكم المؤكد أنها عارية عن كل صحة؟ لقد بدا واضحا من مضمون الشريط، أن شخصية الزرقاوي ليست شخصية رجل الكهوف الذي تنال السنين والمشقة من قدرته على التنقل والحركة، كما أن العراق ليس أفغانستان البلد الغارق في القبلية، فها نحن نرى رجلا مفتول العضلات ومدجج بالسلاح وذي بأس شديد، يتجول بين عشرات المسلحين في أراضي مكشوفة لكل الأقمار الصناعية وفضاءات الطيران وأسلحة الاستطلاع دون أن يرف له جفن، بل يبدو مقداما ثابت الخطى يصافح جنوده وضباطه وكقائد جيش أو وزير دفاع، يتفقد قطعاته العسكرية ويتسابق كل من حوله على حمايته ويصافحهم الواحد تلو الآخر وسط نشيد يتخلل الشريط يتحدث عن معارك فاصلة مع الأمريكان، ثم نراه يمسك ببندقية رشاشة يطلق منها بثبات دون أن يهتز بحركة واحدة ودون أن ترمش عيونه أو تغمض للحظة. وفي الحقيقة ثمة أكثر من ذلك، ففي غرفة منارة بالكهرباء مغطاة بفراش لا يختلف عن فراش أي بيت من عامة الناس، ومزودة بحاسوب وخرائط عسكرية، يبدو أنها لمنطقة الرمادي، يجلس الزرقاوي مع بعض أركانه العراقيين، حيث بادره أحدهم بأدب جم بالترحيب به في الأنبار، مقدما له شرحا عن سير العمليات العسكرية وتقريرا عن وحدة التقنية والتطوير العسكري، مشيرا أنه تم تطوير صاروخين أحدهما سمي بـ (القاعدة 1) ومداه أربعين كم والثاني سمي بـ (قدس 1) وهو محمول على الكتف يشبه مدافع الأر.بي.جي الروسية، وأن الصاروخين سيدخلان العمل في المرحلة القادمة. ثم يشرع الزرقاوي مع قادة الميدان في مناقشة الخطط العسكرية ومشاريع المقاومة. ومثل هذه الأمور من المؤكد أنها تحتاج إلى فضاءات مدنية وليس فضاءات معزولة عن البشر، فالتصنيع يحتاج إلى بنية تحتية وخدمات ومكتبات وورش صناعية صغيرة أو كبيرة وخبراء وعلماء ومتخصصين وتجهيزات تقنية مثلما يحتاج كل ذلك إلى مناطق آمنة. فهل يمكن لرجل يعيش معزولا في البراري أن ينجح في إنشاء وحدات تقنية وتطوير صناعي ويختبر صناعاته في وسط الميدان؟ ومن الملفت للانتباه، أن الزرقاوي لم يلتفت إلى الكاميرا ولم ترْق عينيه إليها بوضوح طيلة عرض الفلم، بل بالكاد لاحظ المشاهد ابتسامة خجولة في القسم الأخير من الشريط. المحور الثالث: المحتوى السياسي بطبيعة الحال لن نركز في العرض على تفاصيل الخطاب السياسي الذي قدمه الشريط، ولكننا سنقدم أبرز وجوهر ما قدمه. من الواضح أن الشريط استعراضي وتحريضي من الطراز الأول، سواء في شخصية الزرقاوي القوية جدا أو في المحتوى الخطابي للكلمات المضمنة في الشريط. ففي القسم الأول، ثمة صورة ساكنة لبن لادن وهو يرتدي بزة جيش عسكرية وكلمة صوتية تناغي فتيان الإسلام في كل مكان، لاسيما في الجوار وفي جزيرة العرب وأرض الكنانة والشام وأحفاد صلاح الدين وفرسان محمد الفاتح وفدائيي أم الفدا وحلب الشهباء ومعان والزرقاء و... يطلب منهم الالتحاق في العراق لنصرة إخوانهم. أما الزرقاوي، فيتوجه هو الآخر في القسم الثاني من الشريط، والذي تم تضمينه في القسم الأول كفلاش، إلى العراقيين داعيا أسود الأنبار وليوث صلاح الدين ورجالات بغداد وفرسان نينوى وأبطال ديالى وصناديد كردستان وأسود التوحيد ... إلى الانضمام للمجاهدين، ولكنه لم يدْعُ أي من التيارات الشيعية المناهضة للاحتلال الأميركي كي تنضم إليه، ولم يكفرهم ولم يتطرق إليهم بأذى، إلا ما هو عليه حقيقة الوضع بين السنة والشيعة من تسمية هؤلاء بالناصبة أو أولئك بالرافضة. وفي القسم الأخير، يرد ذات الخطاب التحريضي على لسان الظواهري حيث يقول: "إن العراق اليوم هو أخطر ميادين الجهاد في هذا العصر"، ويطالب الأمة الإسلامية بدعم مجاهدي العراق "الذين يقاتلون في الخط الأول دفاعا عن عزة الإسلام وكرامتهم". ورغم أن شخصية الزرقاوي بدت "كاريزمية" أكثر من شخصية بن لادن ناهيك عن الظواهري، فالرجل قطع الشك بكل يقين في تجديده الولاء لبن لادن والظواهري، وهو ولاء يفند كل الأطروحات التي تحدثت عن خلافات بين الزرقاوي وقادته التاريخيين، كما أن الرجل أكد على استمرارية قيادته لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين. أما الأمر الثاني، فقد حسم الجدل حول تشكيل مجلس شورى المجاهدين الذي يتزعمه البغدادي والذي يضم ستة تشكيلات مسلحة، مشيرا إلى أنه يتشرف بكونه أحد أعضائه وجنوده. وبخلاف ما تشيعه وسائل الإعلام يقدم الزرقاوي المجلس كبشرى للمجاهدين ومظلة لهم ونواة لقيام دولة إسلامية، وليس مجلسا يجري فيه تقليص دوره. * ملاحظات ختامية وبعض المناقشات: موضوعيا، ليس ثمة توازن في أقسام الشريط الثلاثة، إذ إن طول كلمة الزرقاوي كادت تفتك بأنفاسه وهو يلقيها، كما أن الشريط يبدو أنه موجه للأمة الإسلامية أكثر مما هو موجه إلى القوى الغربية التي تحتل العراق، فضلا عن خلوه من الترجمة الإنجليزية. وعلى المستوى الإعلامي يبدو واضحا أن الهيئة الإعلامية للمجلس باتت تحتكر الأخبار المتعلقة بالزرقاوي وبالتشكيلات المسلحة الست أو التسع التي تنضوي تحت راية المجلس، فلم يعد الزرقاوي يظهر صوتيا وموشحا بخلفية سوداء بعنوان: "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين". كما أن الشريط يأتي كاشفا النقاب عن شخصية الزرقاوي مقابل اختفاء لشخصية بن لادن على مستوى الصورة، ويعيب أحد مقومي الشريط ممن يقدم نفسه بأبي أسيد الفلوجي (المخلص لمجلس شورى المجاهدين) على الشريط خلوه من فلاشات مرئية أو مسموعة لكبار المجاهدين أمثال الشيخ عبدالله عزام وخطاب وحمود العقلا الشعيبي ويوسف العبيري وغيرهم، مشيرا أن مثل هذه الإضافات من شانها أن تضفي شرعية أكبر على جهاد القاعدة وترفع من معنويات المسلمين والمجاهدين في شتى أنحاء العالم الإسلامي، وأزيد من ذلك في أنها تؤكد على وحدة المجاهدين وحملة الرايات السود في قتالهم ضد القوى المتغطرسة، فهي حسب قوله: " تؤكد على قوة الغطاء الشرعي وأهمية الجهاد". أما الأمر المثير حقا، فهو السرعة الخارقة التي صور بها الشريط وأعدت به المادة الإعلامية من تركيب وإخراج وتحميل على عشرات المواقع في الشبكة. فالمعاينة تشير إلى فترة تقع بين 21 / 4 — 25 / 4، وهي فترة قياسية بكل المقاييس وخطرة أمنيا، بحيث يمكن طرح السؤال بمشروعية تامة: إذا كان الشريط قد صور في العراق وفي أماكن باتت معلومة استخباريا، فهل من السذاجة القول بأن الزرقاوي يحتفظ بمكانه؟ أو أن الشريط أنجز في العراق بهذا الوقت القياسي؟ سؤال يمكن أن يجيب عليه خبراء التقنية والبرمجة. صحيح أن الشريط يحرض على التعبئة العامة في العراق تحديدا ويظهر الزرقاوي متجولا في ثغوره وبين عساكره وضباطه، ولكنه لا يأتي على أي حديث عن تشكيلاته العسكرية، ولا عن نمط حياة المقاتلين، في حين نشرت القاعدة الكثير من الأشرطة المرئية التي تتحدث عن حياة المقاتلين، والتي كان أبرزها شريط "أكاديمية الجهاد"، وعليه فالتعبئة المطلوبة تظهر أمرا من اثنين أو كليهما معا: فإما أن المجلس يشكو من نقص في الأفراد، وإما أنه يخطط لعمل ما كبير في العراق، وما يلفت الانتباه في هذا السياق أنه يقدم نفسه باعتباره "نواة لقيام دولة إسلامية"، وهو تقديم لم يكن مألوفا بقدر ما يكشف عن توجهات جديدة، ترى في العراق القاعدة الآمنة كما كان الحال في أفغانستان، حتى إن كلمتي بن لادن والظواهري تتوجهان نحو التحضير لتعبئة في العراق وأفغانستان بغض النظر عن دعوات القحطاني التي وجهها قبيل شريط الزرقاوي، ودعا فيها إلى تعبئة عامة في أفغانستان والالتحاق بأسامة بن لادن. بل إن أحد التحليلات لرواد المنتديات ذات الصلة، تتحدث بوضوح عن خطة للقاعدة في العراق تسعى إلى حرمان الأميركان من الانسحاب من العراق إلا بعد تحطيم القوة الأمريكية بحيث تخرج من العراق مهزومة ومنكسرة. ولا ينكر الزرقاوي مثل هذا التحليل في كلمته، بل نراه في خاتمة الشريط يدلي بقسم مهيب: "والله لتهزمن أمريكا في العراق بإذن الله، ولتخرجن من أرض الرافدين مهزومة ذليلة حسيرة حقيرة بعون الله تعالى". ويبدو أن قاعدة بلاد الرافدين توفرت على معلومات ما عن نوايا حقيقية تقضي بانسحاب أمريكي من العراق بعد أن ثبت بالقطع المأزق الذي وقعت فيه أمريكا، فالعراق الآن لا يحوز على قيادة وطنية شرعية يمكن أن تمثل مختلف الأطراف وتحظى بالإجماع، فلا الشيعة، بما فعلوا بالسنة، قادرين على تبرير وجودهم بالحكم بدون الأمريكان، ولا الطائفة الشيعية مجمعة على قياداتها، سيما أن العرب منهم مناهضون للاحتلال الأمريكي، ولا السنة أيضا متفقون على آليات إخراج القوات الغربية من العراق، فضلا عن أن الكثير من القوى الاجتماعية والسياسية تحاول استثمار نصر تشعر جماعات القاعدة وجماعات المقاومة المسلحة أنها صنعته. والطريف أن القاعدة تفعل ذلك دون أن تدخل في عداء سافر مع هذه الطائفة أو تلك، إلا ما يتعلق برموز الحكم وجماعات الشرطة وميليشيات القتل والخطف الشيعية. كما أن الشريط خلا من أي هجوم أو الدخول في عداء مع أي نظام عربي، مما يوحي بأن أولوياتها باتت مختلفة تماما، ولا ندري إن كان هناك تحالفات أو تفاهمات ما أوقفت التدخل، أو أن القاعدة تسعى إلى تحييد القوى الإقليمية غير الصديقة لها ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، أو أنها تمارس نوع من التضليل أو التمويه. باختصار، فإن غياب المشروعية والشرعية عن أغلب الجماعات السياسية في العراق، وعجزها عن قيادة العراق، وتورط أمريكا في الملف النووي الإيراني التي استطاعت امتلاك مكونات القنبلة النووية، إلى جانب الحديث المتواتر إعلاميا واستخباريا عن نوايا أمريكية بتوجيه ضربات قوية وربما مزدوجة إلى إيران وسوريا، دفع القاعدة إلى الاعتقاد بأن الوقت حان أو أنه قادم لكسر العظم، بما أن المنطقة باتت على شفير الفوضى الشاملة. لذا عليها أن تتحرك بإعلان التعبئة العامة والاستعداد لمراحل دموية من المواجهة ربما تكون أشد وطأة وأشد تنكيلا، وفي هذا السياق بالذات، تكشف القاعدة عن أبرز قياداتها، وهي في طابع حربي هجومي متخذة من العراق، في ظل فوضى محتملة، نواة لقيام الدولة الإسلامية بقيادة مجلس شورى وليس بقيادة الزرقاوي وحده، وكأن القاعدة في العراق تريد القول: ها نحن حملة الرايات السود فاعلون، لسنا قطريين ولسنا نكرة وصحتنا جيدة، نتحدى الأمريكان وحلفاءهم، ولا تقلقوا فعيوننا على القدس، فأهلا بمن ينضم إلينا. كاتب وأستاذ جامعي
__________________
والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا أسامة والله لقد أتعبت كل من جاء بعدك يا أسامة .. أنا ضد أمريكا و لو جعلت لنا :: هذي الحياة كجنة فيحاء أنا ضد أمريكا و لو أفتى لها :: مفت بجوف الكعبة الغراء أنا معْ أسامة حيث آل مآله :: ما دام يحمل في الثغور لوائي أنا معْ أسامة إن أصاب برأيه :: .............................. أنا معْ أسامة نال نصرا عاجلا :: أو حاز منزلة مع الشهداء |
الإشارات المرجعية |
|
|