بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » مقدِّمَةٌ في نَشْـأةِ الفكرة عند الطالبِ الجامعي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 14-06-2006, 07:04 AM   #1
ناصرالكاتب
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
مقدِّمَةٌ في نَشْـأةِ الفكرة عند الطالبِ الجامعي


بسم الله الرحمن الرحيم


تضجُّ الساحة العلمية والثقافية بأصوات أقوامٍ مختلفي الرؤى والمناهج والمدارس، ومن بدهيِّ القول: إنَّ الواحد من هؤلاء الناس كان شابا ناشئا وكان لطريقة نشأتِهِ أثرٌ واضح في سلوكه هذا المسار أو ذاك..

ما أريدُهُ هنا هو أن ألتفتَ إلى هذه النشْأَة وأنظرَ في بعضِ طبائِعها وطرائِق التفكير عند بعض أصحابِها.

وأنا لنْ أعودَ للبحثِ في تاريخ رجالات العلم والثقافة والأدب؛ بل سأقف على زمني -أنا وأقراني- والسنوات القليلة التي سبقَتْه. فأنا شاب على وشك التخرج (1)، ومرَّ عليَّ خلال هذه الفترة -التي أريد الحديث عنها- عقولٌ تتكوَّن وأفكارٌ تهبُّ من كلِّ جانب.

أجازِفُ حينَ أدَّعي القدرةَ على الكشفِ عن الصورة المطابقة لحقيقةِ عقولِ بني جيلنا وكيفَ تكوَّنتْ.
ولا أُحِب أنْ أقع في خَرصِ بعضِ التحليلاتِ النفسيَّة والتقسيم الاجتماعي؛ فكثيرًا ما نسمع أو نقرأ من يرُدّ ظاهرةً إلى حالةٍ نفسيَّة معينة ومن يقسِّم الناسَ إلى فئاتٍ تجاه أمرٍ ما، دونَ أن يأتي لنا ذلك المحلل أو الباحث بدليل مقنع يُثبِتُ قولَه، ومثلُ ذلك نجده حتى عند من ليس بينه وبين الثقافة شِلْو نسب.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلُّ مولودٍ يُولدُ على الفطرَة فأبواه يهوِّدانه أو يُنصِّرانه أو يُمجِّسانِه».
يخرجُ الإنسان إلى هذه الدنيا على الفطرة الدالة على الحق؛ إلا أن هذا المولود يكون قابلاً للتشكل، فينشأُ –غالبًا- على ما عرَفَه من نَهْجِ والديه أو مَنْ احتضنه، ثم يدخل المدرسة ويأخذ عن معلّميه ما يُكتَب له أَنْْ يأخذ... حتى يصل إلى المرحلة الثانوية، فتجده على وَضْعٍ سمَّاه بعضُ صَحْبي: «تحديد التوجُّه» وقد يكون «تحديداً للشخصيَّة»؛ إذ إنَّ تبني فكرة ما والثبات على سلوك معيَّن: يُعَدَّان مِنْ مكملاتِ الشخصيَّة.
والنفوسُ في ذلك تتباين؛ فنفسٌ عجلى ضعيفة التدبير تُوقِع ذاتَها على أي «مسلكٍ» تَصِلُ فيه إلى «تكوين الشخصية» -أي شخصية- فلا غايةَ لها سوى ذلك.

وأخرى عاطفية تقلِّبُها المواقف.

وثالثة تتشوف إلى الجديد وتبحث عن الشخصية المُحرِّكة والفكرة الثائرة.

ورابعة –وأظنها الأغلب في بني الإنسان-: المقلِّدة السائرة على ما سار عليه آلها وصحبُها.

وخامسة: المتأنية الطالبة للحق. وهي أشرفُ النفوس.
والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل.

يضعُ الشابُّ فكرَه بعد أن يضعَ قَدمَه في الجامعة أمامَ عالَمٍ جديد، يسمعُ في هذا العالَم أقوالا لم يسمع بها من قبل، ويجلس إلى ناس لم يجلس إلى مثلهم، وتنكشفُ له سُبلٌ عِدَّة تحرِّك في قلبِه آمالاً وفِكَراً جديدة.

ومع مرور الأيام والفصول الدراسيَّة يتسعُ فهمه أكثر لما حوله، ثم بحسب طبيعة تفكيره وصِدق ديانتِه ودرجة علمِه وقبل ذلك كلِّه ما يريده الله تعالى له: يثبُتُ على منهجٍ ما.

وشأنُ ما يُطرح في الجامعة أمامه هو أن تمرَّ الفكرةُ على قلبِه؛ فإن كان محلُّه قابلاً لها عن علمٍ بحقيقتها وقعَت في قلبه وساهمت في بناء منهجه، وإن كان العكس ذبَّها عن قلبِه وأقامَ في منهجِه أداةً لعلاج مثيلاتِها. وإن كان محلُّ قلبِه لا يردُّ يدَ لامس أسكنَها فيه مع أمشاجٍ من الفِكَرِ لا تنسَجِم، وليس شديدا على نفسِه أن ينفضَ بساطَ منهجِه الخلِق فتسقط منه أو لا تسقط؛ إذ إن مراداته من الاعتقاد قشورية يستعملها لإشباع عُجبِه أو التشغيب على خصمه.

وإن كان ببغاءً ردَّدَ الأنشودة؛ دونَ أن يعي منها شيئاً!.

ناصر الكاتب
ليلة السبت: 5 / 1 / 1427هـ.

____________
(1) أما الآن فقد تخرَّجت -ولله الحمد-.


__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه».
[/center]
[توضيح الكافية الشافيَة].
[/mark]
صفحة ناشر الفصيح
ناصرالكاتب غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:56 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)