بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » لا.. لتغيير لوحات السيارات

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 15-07-2006, 04:08 PM   #1
حجر
عـضـو
 
صورة حجر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: بريدة
المشاركات: 2,705
لا.. لتغيير لوحات السيارات

لا.. لتغيير لوحات السيارات
د. أحمد بن محمد الضبيب ( عضو مجلس الشورى )

أعلنت إدارة المرور عن اعتزامها تغيير لوحات السيارات الحالية، وإصدار لوحات جديدة تحمل اللغة الأجنبية والأرقام الإفرنجية (انظر على سبيل المثال: الرياض: العدد 13856 ليوم الخميس 5-5-1427هـ)، ونشرت جريدة الحياة في عددها ذي الرقم 15801 والتاريخ 13 جمادى الثانية 1427هـ (9 يوليو 2006) صورة للنموذج الجديد لهذه اللوحات التي تحتوي على أربعة أرقام وثلاثة حروف، بينما تحتوي اللوحات الحالية على ثلاثة أرقام وثلاثة حروف.
ولا ندري ما الذي حدا بالإدارة إلى هذا التغيير، وما هي العيوب والنواقص التي منيت بها اللوحات الحالية؟.
فإذا كان التغيير قد تم بإضافة حرف إلى الحروف حتى تستوعب اللوحات أعداداً أكبر من السيارات، فإن ذلك يكون مقبولاً وبالإمكان إجراؤه على اللوحات الحالية المكونة من ثلاثة حروف عربية.
أما إذا كان السبب يكمن في عدم احتواء هذه اللوحات الحالية على اللغة الأجنبية، والأرقام الإفرنجية فإن الأمر يكون عجيباً وغريباً، فمتى كانت اللغة الأم في أي أمة من الأمم مصدرا للعيب والنقصان، يخجل منها الإنسان ويغطي عيبها بوضع لغة غريبة بجانبها كي تسد نقصها وتجبر كسرها؟
إن اللغات في جميع بلدان العالم مصدر اعتزاز وفخر لشعوبها وحكوماتها، يتمسك بها الجميع، ويدافع عنها الجميع، وتقوم الحروب والنزاعات في سبيل تثبيت الأمم للغاتها، وإحلالها محل الصدارة، إلا في البلاد العربية التي أصابها في هذا الزمن غشاوة عجيبة، جعلتها تتحلل شيئا فشيئا من مقومات كرامتها وعلامات هويتها، وتقبل بالتبعية الذليلة والتقليد الأعمى، ظنا من بعض القائمين على أمورها، أن هذا هو طريق التقدم والرقي، وما عرفوا أن الفرق دقيق بين التحديث والتغريب، وأن الطريق الأول - المنبعث من الذات والهوية - هو طريق العزة والإنجاز، أما الطريق الثاني - المنبعث من التقليد العشوائي للآخرين - فهو طريق المهانة والإخفاق. وما عرفوا أيضا أن هذا التقليد العبثي الذي منيت به هذه الأمة هو الذي أوردنا موارد التخلف والتقهقر، فلم نستفد من علاقتنا بالغرب إلا التشبه بقشور الأمور، والتقزم أمام العمالقة، والمحاكاة العمياء لدرجة المسخ.
إن لوحات السيارات واجهة من واجهات بلادنا، وهي في صيغتها الحالية المكتوبة بالعربية وحسب، أصيلة المظهر والمخبر، جميلة في غاية الجمال، مشرقة صافية، وذات دلالات إيجابية عميقة، فهي تدل على تفرد هذه البلاد بقرارها، واعتزازها بلغتها التي هي أشرف اللغات، منذ أنزل بها الكتاب الكريم، ونطق بها أشرف الرسل، وهي تدل أيضا على الثقة بالنفس والحفاظ على كرامة هذه الأمة وهذه الأرض التي هي مصدر الفصحى وموئل الإسلام. في زمن الهرولة التعيسة نحو كل ما هو غربي.
وعلاوة على ذلك فهي لوحات عملية تتصف بالوضوح والسعة، فاللوحة غير مزدحمة بالحروف والأرقام العربية والأجنبية وغير مشتتة للفكر بالخطوط والمربعات الكثيرة، كما في النموذج المقترح وبعض اللوحات الخليجية والعربية، كما أنه تسهل قراءتها من مسافة مناسبة. وهذه أهداف مهمة يجدر الاهتمام بها، أما إذا ملئت اللوحة بالأرقام والحروف من لغتين فإن ذلك مما يقلل من فائدتها ويجعلها عرضة للتشويش وصعوبة القراءة. وهذا ما سيحدث بالنسبة للنموذج المقترح.
ومن الواضح في هذا النموذج الذي نشرت صورته جريدة الحياة أن اللغة الأجنبية لا تزاحم اللغة العربية وحسب وإنما تطغى عليها، عن طريق الإبراز المتعمد للغة الأجنبية، حتى أن اسم المملكة العربية السعودية حذف تماما من القسم العربي، ووضع مختصرا بحرفين أجنبيين (s.a) وتحت هذين الحرفين صورة لا ندري إلام ترمز. وأعتقد أنه من المخجل أن يحذف الاسم العربي للمملكة ويرمز إليه بحرفين أجنبيين. أما شعار السيفين والنخلة فلا يغني عن كتابة الاسم بالعربية.
ولقد حفظ النظام الأساسي للحكم لهذه اللغة سيادتها في هذه البلاد فنص على أنها لغة الدولة، ومعنى هذا أن السيادة لهذه اللغة في جميع المواقع. فبأي حق يخرق هذا النظام؟ وبأي حق يعتدى على مواده بوضع اللغة الأجنبية على لوحات السيارات، وتلطيخ لافتات أسماء شوارعنا باللغة الأجنبية، ومساواتها باللغة الأم. وإقصاء اللغة العربية من كثير من المواقع السيادية؟.
قد يقول بعضهم إن التعديل جاء لكون بلادنا يؤمها الوافدون، وهذا كلام من السهل الرد عليه، ذلك أن نسبة الوافدين من الأجانب المقيمين الذين لا يعرفون العربية لا تتعدى 50% من جملة الوافدين إلينا، فهل يستحق الأمر أن نتنازل عن كرامتنا من أجل عدد لا يعادل 15% من السكان؟.
وقد يقول بعض الناس إن المركبات السعودية تخرج إلى خارج البلاد العربية، مما لا يجعلها مناسبة في بلاد أجنبية، الذي أعرفه أن البلدان الأجنبية بل والعربية تصدر في جماركها لوحات مؤقتة للمركبات ذات أرقام تتفق وما في تلك الدول من أنظمة. كما أن بعض الدول تسمح بدخول السيارات وعليها لوحاتها الوطنية، وقد سبق أن رأيت في الرياض سيارات تحمل لوحات أجنبية، ليس فيها من العربية شيء.
ثم قل لي بربك كم هو عدد السيارات السعودية التي ترحل إلى بلاد لا تعرف العربية؟. إنه عدد محدود بالقطع لا يوجب أن تغير لوحات المركبات في المملكة كلها بناء على ذلك. وإذا كان الأمر لا مفر منه لهذه السيارات المحدودة المغادرة إلى خارج المملكة، فلماذا لا تصدر لها لوحات مؤقتة تحتوي على ما هو مطلوب في تلك البلدان.
إن الثنائية اللغوية في البلدان المتقدمة لا تكون إلا إذا كان هناك تعدد متساوٍ في لغات المواطنين، وهذا لا يتم إلا من خلال دراسات وبرلمانات تقر قوانين بهذا الصدد، ومعلوم أن الكونجرس الأمريكي قد أقر منذ عهد قريب أن تكون الإنجليزية لغة وطنية على الرغم من وجود تعدد لغوي كبير داخل الولايات المتحدة.
أما نحن فإن المواطنين جميعا عرب ومسلمون، والوافدون عمالة مؤقتة سوف ينتهي دورها بإحلال المواطنين بدلها تدريجياً، فهل تتخذ القرارات الشاملة لكل المواطنين من أجل حالة مؤقتة، نأمل أن تنتهي في وقت قريب؟.
أليس من المنطقي أن يتعلم الوافدون لغتنا لا العكس؟ نعم إن هذا ما يحدث في جميع بلاد العالم، ولو كنا نحترم أنفسنا ولغتنا لجعلنا معرفة الأجنبي للغتنا شرطا للتوظيف عندنا، فلسنا مكلفين بأن نشجع جهلهم بلغتنا من خلال التنازل عن سيادة هذه اللغة. وهذا - أيضا - هو ما يحدث في جميع دول العالم المتقدم وغير المتقدم، لا يشذ عن ذلك إلا البلاد العربية التي أخضعها الاستعمار الأجنبي لنفوذه بفرض لغته عليها، ولما زال الاستعمار الحسي عنها بقيت رواسبه، فلم تجد الشجاعة على التخلص منها، ومن تلك الرواسب وجود اللغة الأجنبية على لافتات أسماء الشوارع، ولوحات السيارات.
أما بلادنا فهي بلاد أكرمها الله بعدم الرضوخ للاستعمار، فظلت جذوة الاستقلال فيها مشتعلة، حافظ عليها قادتها ومواطنوها، فلماذا يأتي الآن من يحاول أن يعيدنا إلى أجواء الاستعمار البائد عند الآخرين؟
إننا نعلم أن العولمة - في بعض أوجهها - تمثل استعماراً حديثاً يستهدف الثقافة بمعناها الواسع، واللغة هي بوابة الثقافة الكبرى وحارسها الأمين، فاستهدافها وتهميشها يحقق هدف الاستعمار الجديد، فلماذا نكون صيداً سهلاً لذلك؟
وأخيراً فإن من مساوئ هذا التغيير، الذي لا موجب له، ذلك الهدر المالي الذي سوف تتكبده خزينة الدولة في أمر يبدو ضرره أكثر من نفعه، والأجدر أن توجه تلك المبالغ التي ستصرف عليه إلى أمور تنموية حيوية يستفيد منها المواطن. والله الهادي إلى سواء السبيل.

منقول من جريدة الجزيرة في يوم السبت 19/6/1427 هـــ
__________________



أشكر بريدة city على هذا التوقيع الجميل
حجر غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:21 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)