[عباس محمود العقاد]

العربي الجاهلي الأول .. عندما يطرق سمعه خبر ظهور نبي جديد .. يرتفع حاجباه ويسأل : وإلام يدعو ؟
فيقولون : إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. فيقول على الفور : إذن تقاتله الملوك !!
الملوك ؟
ولم الملوك فقط ؟
الملوك لأنهم عشقوا السيادة وهذا النبي جاء بدين يتمم السائد من الأخلاق ..
وسؤال آخر يطن في أذني الآن يقول : وهل من لوازم مخالفة السائد التربع على كرسي الملك ؟
والجواب عليه عائد إلى المرء نفسه وكل بحسبه ..
من كرسي الممالك العريضة إلى طفل صغير ينازع في عرافة فصله في قرية نائية !
الدين الإسلامي دين سائد بل ربما كانت تلك صفة في الأديان السماوية عامة .. يعرفه العامي والصغير والكبير .. وبالتالي فإن أولئك الذين يبحثون عن السيادة يأنفون من الإندماج وسط هذا المجتمع .. ويرون أنهم لايهزون رؤوسهم مبكرين لأي دعوة ولذلك تسمعهم يردون بكل صفاقة قائلين : ( مانراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ) !
( وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ) !
ومطالبة أسياد قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن يطرد من حوله حتى يؤمنوا كانت مؤشرا يتردد بين السيادة والسائد .. حتى حسم ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( .. وما أنا بطارد الذين آمنوا )
ربما لانبتعد في التعريف حينما نقول إن افتعال مخالفة السائد وتقمص الآراء الشاذة هو نوع من المراهقة أيضا .. مراهقة فكرية .. وثقافية .. وشهوانية .. وأشياء أخرى كثيرة ..
فالمراهقة عريضة بعرض المساحات التي تفي بحجم جنون العظمة !
وطويلة بطول الجبال الشاهقة التي يكثر ترداد اسمها من أي اتجاه ..
المراهقة باختصار شديد ثورة على السائد وصراع داخلي للبحث عن سيادة ما .. بالتصرفات .. بالحركات .. باللباس .. بالكتابات .. المهم أن تكون هناك ثورة على السائد وكفى ..
حسنا .. وما هو السائد الذي ثارت عليه المراهقة ؟
الرجولة ..
نعم .. الرجولة ..
فما هي الرجولة إذن ؟
هل هي خشونة الصوت .. ووجود الشعر على الوجه ؟
هل هي القدرة على أخذ الحق ممن ظلم واعتدى ؟
هل هي الشوارب المعقوفة لدرجة أن يقع على أطرافها الطير ؟
هل ذكر تعريفها في القرآن الكريم ؟ وبأي شيء ؟
في القرآن الكريم لم تذكر الرجولة في السياقات المعيشية الإعتيادية ..
فعندما تكلم الله عن تقسيم الإرث لم تذكر الرجولة لأنها ليست شرطا .. فقد يرث المراهق بكل سهولة ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) وعند تقسيم الأولاد كذلك فقد قال الله تعالى ( ويهب لمن يشاء الذكور )
ولكن في آيات أخرى يقول الله تعالى :
( فيه رجال يحبون أن يتطهروا ) أي في المسجد
( رجال لاتلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ) أهل الصلاة والزكاة والذكر والخوف من الله
( يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال ) الذين يذكرون الله في المساجد
( وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال ياقوم اتبعوا المرسلين ) الداعية
( وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال ياموسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج ) آمر بالمعروف وناه عن المنكر
ومما مضى يتبين بأن الله تعالى ذكر صفات الرجولة في القرآن .. ولكن لأنها صفات سائدة .. ويستطيعها حتى أولئك البسطاء من الناس .. فإن المراهقة ستكون بالنفور منها للطرف المقابل ..
والأشياخ في مجتمعنا بفطرتهم يشيرون إلى الشاب الذي ليست له صبوة قائلين : فلان رجل ..
ولأن الأديان سائدة .. وتقر السائد من العادات الحميدة .. فإنها مأوى لكثير من المسحوقين والمظلومين والمنبوذين بخلاف الظالمين الذين يخافون من سحب البساط من تحت أقدامهم ..
جبلة بن الأيهم مثلا حينما أسلم وعثر في طوافه برجل من العامة صفعه وحينما حكم عليه عمر بالقصاص عاد إلى الشام وحلق رأسه وتنصر
ومسيلمة يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم عرضا غريبا حينما يوافق على الإسلام بشرط أن يخلف النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته !
في كل جيل ..
في كل مكان ..
هناك ثائرون على السائد بدافع حب السيادة ..
اسمها مراهقة .. أو مخارقة .. أو صفاقة .. أو ثقافة .. أو أي شيء آخر ..
لكنها بالطبع ستجعل صاحبها خارج السرب الذي يراه هو حقيرا ..
ويراه الله عظيما ..
والموعد بر القسم ..

[بدون مجاملة]

..............

أحسنت أستاذ عباس

مقال رائع جدا ..... ليته جاء قبل تسعة أشهر حتى لا يفهم منه البعض شيئًا ما

.......

أتمنى لك من أعماق قلبي العافية

[حرف جر]

حقك علي أن أرفع الموضوع كل يوم مدة إسبوع أقل شئ تقديرا لجهدك ولنري الآخرين من الزوار أن في هذا المنتدى قادرون على الإبداع . .

مشكور ياعقاد العاجزين ......

[العصفور الأنيق]

تحياتي لك من الأعماق أخي عباس

لكن الثبات على السائد ليس بالأمر الهين

طرح جديد ،،،،،، وكلمات رائعة ،،،، من العقاد

ثبتنا الله وإياك على الحق حتى نلقاه

[عباس محمود العقاد]

بدون مجاملة
حرف جر
العصفور الأنيق
أبو محمد النجدي
عباس يشكر لكم إطلالتكم البهية
ويتمنى لكم كل خير
ولكم منه غزير المودة

ثمة نمط معين يشترك في السير عليه جمع من الباحثين عن كرسيّ الملك في هذا الزمن وهو الشهرة حيث يثورون حينا على شيئ من مبادئهم أو يفتعلون أشياء في عرف مجتمعاتهم هي ممجوجة مرفوضة
ولنا في ذلك الذي بال في زمزم خير مثال أليس بوله ليدخل باب الشهرة ولكن للأسف من أرذل وأخس ابوابه فكان أن ارتبط اسمه بالبول أجلكم الله ولقد ارتبطت اسماء الكثيرين من مخالفي السائد في زمننا بأشياء مضحكة بل بثورتهم على مبادئهم من أجل الشهرة ..

[عباس محمود العقاد]

أخي أسد العقيدة
أشكرك على إضافتك الجميلة
وإيقاظك بعض المعاني من مراقدها
ولي همسة في أذنك أقول فيها :
سأتركها لك هذه المرة ولكني أطلبك تثبيتا في المرات القادمة

[حرف جر]

ف
و
ق

اقتباس المشاركة الأساسية كتبها عباس محمود العقاد أخي أسد العقيدة أشكرك على إضافتك الجميلة وإيقاظك بعض المعاني من مراقدها ولي همسة في أذنك أقول فيها : سأتركها لك هذه المرة ولكني أطلبك تثبيتا في المرات القادمة

توافق تثبيتان
فأحببنا أن يكون الأكثر فائدة
خاصة وأنه سفر الكترونيٌّ كبير ربما لم ولن
يوجد في الإنترنت بهذه الصورة


عباس / كل الود والحب


أسد .