بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » ( قطع الَلَسَن .. من تراث الدكتور حَسَن ) كتاب مفتوح للتأليف والقراءة ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 21-12-2006, 02:47 PM   #36
عباس محمود العقاد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
«الإرهاب» بين: الكبيسي.. ومشعل السديري..!
د.حسن بن فهد الهويمل


الكاتب المثير الأستاذ«مشعل السديري»، يتعرض في بعض تناولاته إلى كبوات غير موجعة، وغير مفقدة للثقة به، مما يضطره في بعض الأحيان إلى الاعتذار الساخر حتى من نفسه، بحيث يزين صمته على نطقه، وتلك محمدة وشجاعة، لا مذمة ولا مجبنة. وواجب المحبين له - حين لا يتدارك الخطأ- أن يبادروا إلى تسديده، والصديق من صدق لا من صدق. وإذ يكون من الكتاب المقروئين والمؤثرين، وممن يحتلون الصدارة، يكون من حقه على قرائه أن يأخذوا على يده، متى أحسوا بحيدته، ولا يضيره التسديد حين يجتهد، بعد توفر آليات الاجتهاد وشروطه، ثم لا يصيب.. ورده إلى الطريق القاصد مع الاحتفاظ بمكانته والثقة بنواياه وبأمانته من الإرشاد المأمور به. والمستبرئ لدينه وعرضه من يتوقى إحالة الكبوات إلى سوء النوايا والمقاصد، مما هو ديدن بعض الغيورين المتسرعين في معالجة الخطأ بخطأ أسوء الكبوات إلى سوء النوايا والمقاصد، مما هو ديدن بعض الغيورين المتسرعين في معالجة الخطأ بخطأ أسوأ منه، وكأنهم قادرون على شق الصدور.
ومما أود تسديده فيه رده على المفكر الإسلامي«أحمد الكبيسي» حول مفهوم «الإرهاب» «جريدة عكاظ 21/9/1423هـ » ولست في ردي مدافعا عن ذات «الكبيسي» ولا عن مجمل رؤاه وآرائه، فكم له من الأخطاء التي يجب تعقبه فيها، وإنما أدافع عن الاختلاف حول مفهوم «الإرهاب» بينهما، وتداركي ذو ثلاث نقاط:-
الأولى: حول مفهوم «الإرهاب» ف «الكبيسي» في «عكاظ 19/9/1423ه» عوّل على آية{تٍرًهٌبٍونّ بٌهٌ عّدٍوَّ اللّهٌ وّعّدٍوَّكٍمً}، فيما عوّل«السديري» على المفهوم الشائع عند وسائل الإعلام كافة، المتمثل بالتفجير، والقتل العشوائي، والإخلال بالأمن، ونسف المصالح والاتفاقات، والخروج على السلطة الشرعية، وخفر ذمتها بالغدر بالآمنين والمستأمنين وأهل الذمة، ومن هم في حكم رسل الحكومات، وربط ذلك بوقوعات معينة كحادث«الحادي عشر من سبتمبر». وكلاهما مسدد في إحالته وتعويله، والخلاف بين الاثنين ناشىء من تعدد المفاهيم والتصورات، فالأمة الإسلامية مطالبة بإعداد القوة: قوة العلم وقوة الاقتصاد وقوة السلاح، وقوة الأمة المتمثل بتماسك الجبهة الداخلية وشرعية المؤسسات السلطوية، لكي تخيف أعداءها، وترهب المتربصين بها الدوائر، وهذا ما سعى إليه، وقال به«الكبيسي»، يقول: - «وكان على المسلمين أن يرهبوا هؤلاء الأعداء لأن الإرهاب هو أول خطوات الدفاع عن الحق باتجاه الظالم الغاصب، وهذه هي الحالة الوحيدة التي يصبح الإرهاب فيها مقدساً، من حيث كونه جهداً عسكرياً مشروعاً»، وانتبه إلى قوله: - «من حيث كونه جهداً عسكرياً مشروعاً»، ولا أحسبه بهذا القول يحرض على الإرهاب المرفوض، ولا أحسبه يبرر الأحداث المستنكرة عالمياً، وقوله يتساوق مع قوله تعالى: {تٍرًهٌبٍونّ بٌهٌ عّدٍوَّ اللّهٌ وّعّدٍوَّكٍمً}.
و«السديري» الحريص على تجاوز الأمة الإسلامية محنة التحدي غير المتكافىء، حين فاته المفهوم الذي عوّل عليه«الكبيسي» انجر وراء مفهوم الإرهاب المرفوض إسلامياً، وأحال إليه مقولة الكبيسي، واختلاف المفاهيم لا يقتضي منا إسقاط المفهوم الذي يقتضيه الإسلام، ذلك أنه مشروع لكل مضطهد مسلوب الحق والحرية. وعلينا بوصفنا أمة ذات حضارة لها مصطلحاتها ومفاهيمها وتصوراتها الربانية: للكون والحياة والإنسان، ألا نرقب الرؤية الغربية للأشياء، فالإرهاب كما يراه الغربيون يعني أي مواجهة ضده، وإن كانت دفاعاً مشروعاً عن النفس والمال والعرض والوطن والدين.
والغرب وراء مغريات«العولمة» بوصفها وجهاً جديداً للاستعمار، لايريد للعالم الإسلامي أن يمتلك من القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية ما يبلغ به حد التكافؤ وحماية الحقوق.
وحين يريد إحكام السيطرة على العالم، يشرعن لنفسه التدخل العسكري، وينفرد بتحديد المفاهيم، والناتج الطبعي لهذا الاستبداد: أنه لايرى بأساً من امتلاك السلاح النووي لدولة صغيرة، لا يبلغ سكانها سكان حي من أحياء القاهرة . ف «إسرائيل» تمتلك رؤوساً نووية رادعة، وقادرة على تدمير العالم الإسلامي، والغرب حفي بهذه القدرة الرادعة، داعم لها، فيما لايرى من حق أي دولة إسلامية امتلاك الأقل من القوة غير التقليدية.
يتجلى ذلك في موقفه المعلن من«العراق»، ومن «باكستان» وفي مواقف سرية ضاغطة، يمارسها لتحجيم القوة التقليدية: آلياً وبشرياً عند دول المواجهة لإسرائيل.
ومع ما يقترفه«العراق» من تجاوزات لانقره عليها، إلا أننا نستغرب إلحاح الغرب في نزع القوة بكل أشكالها، وإلحاحه في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، مع وجود دولة مغتصبة، رفضت عشرات القرارات، ولم يكن منه أدنى موقف، بل أتيحت ل «إسرائيل» فرصة التمتع المطلق بحق«الفيتو» فيما لم يستخدم هذا الحق ولو لمرة واحدة لصالح العرب.
أفلا يكون هذا الفعل إرهاباً منظماً؟
تمارسه دول مسؤولة عن العدل والحرية والديمقراطية والاستقرار كما تزعم. وإذ لا نقدر على المواجهة وحمل الغرب على الإذعان للحق والعدل فإن علينا- ونحن نطالب العراق بالامتثال لقرارات الأمم المتحدة- أن نلح على الدول المتحكمة كي تنصاع للحق، وتنظر إلى فظائع الصهيونية وإلى الإرهاب الممارس عالمياً على يد منظمات غربية.
و«الكبيسي» الذي يدعو إلى تكوين القوة المرهبة، يعي تماماً كم هو الفرق بين الإرهاب غير المشروع، حتى في المنظور الإسلامي والإرهاب المشروع الذي تمتلكه أصغر دولة في الشرق الأوسط هي«دولة إسرائيل»، إن قوتها النووية مرهبة ومخيفة للعالمين العربي والإسلامي، وهي في ذاتها دولة إرهابية مغتصبة، تمارس تحت سمع العالم وبصره ودعمه أبشع عملية إبادة للإنسان وإفساد في الأرض«والله لا يحب الفساد»، ومع ذلك لا نبرح الحديث عن الإرهاب العالمي كما يراه الغرب منسوباً إلى الإسلام، ونحاول استرضاءه بشكل مذل، إن الدفع بالتي هي أحسن، واتقاء الأعداء مطلب إسلامي، غير أن ما نمارسه عين المذلة والهوان، والضعة لا التواضع، وإذ يكون من مصلحتنا مشاطرة العالم في محاربة الإرهاب، يكون من حقنا بل من واجبنا الإلحاح في طرح الممارسة الصهيونية، لكونها عين الإرهاب، ووضع أمريكا أمام مسؤوليتها، لأنها راعية السلام.
إن الإرهاب الذي يدعو إليه«الكبيسي» يعني إخافة الاعداء وحفظ التوازن، فالأمة الإسلامية لايمكن أن تحمي مشروعها الرباني إلا بالقوة، والله أمرها بإعداد القوة، لإرهاب عدوالله وعدوها، والجنوح للسلم والتصالح والتعاذر والتُّقاة لا تقتضي أن نكون أذلة، لانملك ما ندفع به عن أنفسنا، ومن أراد السلام فليستعد للحرب.
وسلام الشجعان لا يتحقق إلا بعد أن نصنع السلاح الذي يحمينا، ونزرع الطعام الذي يغذينا، وننسج اللباس الذي يكسونا، ونتقن العلم الذي يغنينا، فذلك سبيل السلام والعزة التي أرادها الله لأوليائه، ولا يتم شيء من ذلك إلا بالعدل والمساواة والحرية، لأنها أركان الحياة الكريمة في الدنيا، مثلما أن الصلاة والزكاة والحج أركان الحياة السعيدة في الآخرة.ومشاطرة العالم في محاربة الإرهاب الحقيقي الإرهاب الذي تتفق كل الحضارات على مفهومه لا يعني الكف عن إعداد القوة المرهبة: حسياً ومعنوياً وإجرائياً، وحين تغل أيدينا عن صناعة السلاح وإنتاج المطعم والملبس وإشاعة العدل والحرية، وحين يحل الظلم محل العدل والعبودية محل الحرية، والفقر محل الغنى بفعل الآخر ومباركته فإن من حقنا ألا نذعن، فكل خطوة في سبيل إهانتنا ستتبعها خطوات أدهى وأمر، و«من يهن يسهل الهوان عليه»، وإذا سايرنا الغرب على مفهومه للإرهاب، عشنا أذلة، والله لايريد لعباده الذلة والمهانة.
ومن حق المجتمع الإنساني المتمدين أن نشاطره في المفاهيم المشتركة، وأن نسهم معه في صناعة المدنية والحضارة ومطاردة الإرهاب الحقيقي، الذي يسيء العلاقات، وينسف الاتفاقات، ويؤثر على المصالح المشتركة،.
ويشرعن للقوى الكبرى حق التدخل، ومتى أريد منا أن نكون: أذلة لا نملك السلاح، فقراء لا نملك الإنتاج، مستعبدين لا نملك حق تقرير المصير كان حقاً علينا ممارسة ما يعيد لنا إنسانيتنا بالأسلوب الذي نريد وبالطريقة التي نمتلك.
ومن أبسط حقوقنا تعريف الإرهاب، وتحديد مفهومه، وتحديد النوع الذي نحاربه ونشاطر الغرب في محاربته.
أما التوفر على القوة المرهبة لعدونا، وأما الدفاع المشروع عن حقوقنا، فليس من حق أحد أن يسلبنا إياه، باسم محاربة الإرهاب، وإذا تسلط الغرب على مصالحنا وعلى إخواننا العزل وعلى قضايانا المصيرية، فليس من الحكمة أن نسترضيه بالتنازلات، ولا أن نسايره باسم الوفاق العالمي، وفي سبيل الحصول على حقوقنا المشروعة يجب علينا فقه الواقع والتقدير والتوقيت، فالله قد خفف عنا، وعلم أن فينا ضعفاً، ولهذا فليس علينا تكليف أنفسنا فوق وسعها، ولنا- والحالة تلك- أن نجادل بالتي هي أحسن، وأن نتعمد أهون الضررين:-




وإذا لم يكن من الموت بد
فمن العار أن تموت جباناً


وكيف تليق بنا المسايرة والغرب يصف الفدائيين الذين يختارون الموت الشريف على الحياة المهينة بالإرهابيين، وما هم إرهابيون، إنهم يدافعون عن أرضهم وعن حرياتهم وعن أعراضهم.
والغرب الديمقراطي الحامي للحرية ولحقوق الإنسان، كما يدعي، لا يتردد في وصفهم بالإرهابيين، فهل خرجوا من ديارهم لممارسة المقاومة، أم انهم أخرجوا منها، إنهم يقاومون على أرضهم المغتصبة، ويدافعون عن أعراضهم المنتهكة، ومع ذلك فالعدو بعدده وعتاده يمارس مع الأطفال والشيوخ والعجائز أبشع صور الإذلال، والغرب يشايعه، ويبارك خطواته، فيما يوظف البعض منا طاقاته البلاغية لاسترضائه وترسيخ مفاهيمه.
أما الثانية: فقد وقع في خطأ آخر، ما كان له أن يفوت عليه، وهو العنوان«العنز التي تناطح الجبل» فالأمة الإسلامية وإن كانت في وضع موجع، ليست عنزاً إلى جانب جبل، ولو أن العالم الإسلامي لملم أطرافه، وسحب يداً واحدة من الغرب، وصفّى خلافاته الوهمية، وارتد إلى الداخل: يصنع إنسانه، ويحرث أرضه، ويكف شره عن جاره، ولم يكن مسرحاً للعب السياسة، ولم يختلف حكامه مع شعوبه، ولم يبذر مقدراته، ولم ينازع الغرب مصالحه المشروعة، ولم يستعن به على الأقربين، لكان مع وضعه مهيب الجانب، ولا تجوز الاستهانة بالأمة، مهما بلغت من الضعف، ذلك أنه ضعف من صنع أيدينا، وضعف عارض، وليس سمة ملازمة، وكيف يكون الضعف طبيعة، والإسلام سبق الحضارات في البحث والعلم والصناعة والفكر الاقتصادي والسياسي والعدل والمساواة والحرية وسائر القيم، وما من عمل أو نظام أسعد به الغرب إنسانه إلا أبانه الإسلام وسبق إليه، والإحباط واليأس والمرارة تزيد في الارتكاس، وتعطي للآخر فرصة الإيغال في الإذلال والإهانة، إن الغرب يزرع فينا اليأس والإحباط، ويمارس حرباً نفسية منظمة، أدت ثمارها.
أما الثالثة: فأسلوب المعالجة الهزلي الموغل في الهزلية، فالقضية التي ندب الأستاذ«مشعل السديري» نفسه لمواجهتها مسألة فكرية عقدية مصيرية، وليس من الحصافة أن تعالج بهذا الأسلوب الهزلي، وبخاصة أن الكاتب يواجه مفكراً إسلامياً جاداً، ومع احتفائنا بسخرية الكاتب إلا أن لكل مقام مقالاً.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج
عباس محمود العقاد غير متصل  
 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:39 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)