|
|
|
21-12-2006, 02:44 PM | #281 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
حواضن الأدب السعودي وملامحه في العشرينية..!
د. حسن الهويمل 1/4 و«العشرينية» شهدت متغيرات فرضتها التحولات العالمية والعربية والمحلية فالشعر أصبح غير الشعر والسرديات غير السرديات والنقد غير النقد. وما أبدع من نظم وسرد، وما كتب حولهما من نقد، زوحم بمستجدات استأثرت بالعناية والأهمية، وكادت تربك المشهد الادبي والمتابع لفيوض المطبوعات من كتب وصحف ومجلات، والمستمع للمحاضرات والندوات والأماسي، والمتابع للقنوات والاذاعات، يدرك ان المشهد غير المشهد، وان هناك مخاضات سيكون لها ما بعدها، ولأن فترة «العشرينية» واقعة في «مرحلة الانطلاق»، فقد وسعت المبدعين حقاً والمقتدرين ثقافة ودربة والمقلدين والمحافظين والمجددين والحداثيين، وكانت الكثرة والغلبة فيها للمثقفين من الشباب ولذوي الدراسات العليا المبتعثين والمقيمين ولمن هم دون ذلك من مثقفي السماع. ولقد استطاع «النقد الصحفي» المشايع لبعض التيارات والمشيّع لابداعات بعض الناشئة المغامرة ان يغير كثيرا من الاولويات والاهتمامات، وان يحاول اكراه الناس على ان يكونوا كما يريد، فبعض من يمسكون بأزمة الاعلام المقروء، يديرون المعارك، ويختارون التوقيت والتقدير المناسبين للعمل الصحفي، وقد لا يتأتى لهم ذلك، وبخاصة حين يجد الجد، ويبدو الحيف او التحامل. ومع ما يقترفه «النقد الصحفي» من تجاوزات، فانه الأقدر على تحريك الركود وجر الأقلام، وبدون التناوش لا تكون حركة أدبية نشطة، ومع تذمر البعض من تجاوزات «النقد الصحفي» إلا أنه اسهم في تحفيز المقتدرين لحماية مقدراتهم. والمفاهيم الخاطئة تتمثل في حصر الحركة الادبية بمن يلمون بالوسائل الاعلامية وتناسي كفاءات متميزة، تقف حيث قاعات الدرس وممارسة التأليف والتحقيق. ومن الخطأ تقويم الحركة الأدبية من خلال التداول الاعلامي، وذلك بعض ما نسمع به. والحضور الاعلاميُّ وحده مؤشر لا غير، يحفز على التنقيب في الوثائق. والنقاد الذين يلاحقون المستجدات من مناهج وآليات، وبخاصة ما يتعلق بالنقد الحداثي أو البنيوي خلفوا ضجة من مشاهد الأدب في البلاد، وحملوا المناوئين والمتحفظين على استرجاع الأصول وتمحيصها، والتأسيس لنظريات نقدية ذات جذور تراثية، وهذا الاحتدام لم يكن خاصا بالمملكة، ولم يكن وقفا على الفترة المدروسة، ولكنه كان الأكثر حضورا، والأقوى جدلا وتحفيزا للأطراف، والدفع بهم الى أتون الجدل. وما اعترى هذه الفترة اعترى كافة المشاهد العربية. واحسب ان الانفتاح المتاح، والتواصل المتعدد القنوات، والامكانيات المادية جعلت المملكة طرفا فاعلا ومتفاعلا وسوقا مغرية لترويج الكتب والصحف والدوريات واستضافة المؤتمرات والندوات والمهرجانات ومعارض الكتاب العالمية. وتلك الفعاليات حولت العملية الأدبية الى خلق آخر، أثار انتباه الراصدين والمؤرخين. ولقد كان الشعراء والروائيون والنقاد الشباب وراء هذه التحولات، يكرسونها ابداعاً: سردياً وشعرياً، ونقداً: تنظيرياً وتطبيقياً. والحركة النقدية حول الشعر تنازع صدارتها : نقاد المشهد الادبي غير المؤسساتي، وكانوا شعبتين : شعبة المثقفين المتضلعين من المستجدات، وشعبة الصحفيين المشايعين، ونقاد أكاديميون عبر الدراسات والمحاضرات. فكان نقاد المشهد أسرع الى التعديل والتبديل والهيمنة، فيما كان الأكاديميون أقرب الى العلمية والمنهجية والنمطية ومثلما تفرقت السبل بنقاد المشهد الأدبي اختلفت مواقف الأكاديمين من المتغيرات، فنجد طائفة من أعضاء هيئة التدريس في «كلية الآداب» ب«جامعة الملك سعود» و«جامعة الملك عبد العزيز» أكثر مرونة وتقبلاً للتجديد وايغالاً في المنتج الغربي الذي قد لا تقوم الحاجة الى اكثره، فيما نجد نظراءهم في كلية «اللغة العربية» «بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية» ومثلهم اعضاء هيئة التدريس ب«جامعة أم القرى» أميل الى التريث والثبات، وأحفل بالتراث، ولا تخلو الجامعات الأربع من عناصر تحالف لسمة الأمة، ولكن شواذ القاعدة تكرسها ولا تلغيها. ونستطيع القول بأن النزعة التاريخية والدرس الأدبي سمة بارزة لدى المحافظين، فيما تكون النزعة التنظيرية والتطبيق الألسني بكل تحولاته «العلائقية» و«السيميائية» و«التفكيكية» سمة بارزة لدى المجددين، واحتدام الجدل بين تلك الطوائف مؤشر ايجابي. والتباين في المشهد الأدبي، وفي أروقة الجامعات أسرع في تشكل المذاهب والتيارات، وفي ظل هذه الظروف الاستثنائية تبدت حركة نقدية تمخضت عن عدد من القضايا والظواهر التي حفزت كل طائفة على تكريس نفسها، واشاعة مذهبها، وفي ذلك اثراء واغراء. 2/4 وجاء من بين هؤلاء وأولئك ناشئة متسرعة استدرجها تعدد المشاهد وتنوع المذاهب وامكانية القول، واستهوتها تلك الظواهر، وغرها في فنها الترخص، بحيث تقحمت المشاهد الأدبية بامكانيات ضعيفة وتصورات مهزوزة، فكان ابداعها تصنعاً، وتجديدها تقليداً، ولم ينهض احد من النقاد لمساعدتهم على معرفة انفسهم وصقل مواهبهم، بل استطيع القول بأن البعض اوهمهم وغرر بهم. لأن «مرحلة الانطلاق» تتسم بالكثرة والتنوع والتسارع في التغيير والاستبدال فقد كثر الأدعياء والمقتدرون الذين يكتبون من خلال امكانيات ثقافية لا من خلال مواهب ومواقف، ولا يستبين الفروق الدقيقة بين كتابة المقتدر وابداع المجرب الا الناقد الخبير. هذه الظواهر السلبية عمت الأدب العربي، وكان للحركة الأدبية في المملكة منها أوفى نصيب. والمصداقية تتطلب منا وصف الواقع الأدبي كما هو، اذ لسنا بدعاً من سائر المشاهد العربية. ولو صوبنا النظر الى العمليات الكتابية والابداعية، ونظرنا اليها من خلال أبعادها: الفنية والدلالية، وأنواعها: السردية والشعرية، ومبدعيها: الشباب والمخضرمين من النساء والرجال لوقفنا على مستويات متباينة واتجاهات متعددة، ف«مرحلة الانطلاق» خضعت لمفاهيم ورؤى وتصورات، دارت حول «حرية التعبير» و«حرية التفكير» وامكانية خلط الانواع الابداعية، والتلويح بمصطلح «الكتابة» الذي يلغي ضوابط الفن وشروط الابداع، وقد مارس هذه الحرية الفنية والدلالية طائفة من الشباب الذين استلهموا فسح الحداثة المؤكدة على الانقطاع والاغتراب والاعتراف والخلوص من الضوابط والشروط والحدود والقيود. ولم تكن معطيات هذه الطائفة هي السمة البارزة في الابداع والنقد، ولكنها قائمة ومعاشة، ولا يمكن إغفالها. واختلاف المفاهيم حول سائر المصطلحات الجديدة التي لم تحرر مفاهيمها كادت تربك العمليات الابداعية والنقدية وتؤزم الصراع، ومع تدفق المستجدات فقد ظلت هناك طوائف من الشعراء والسرديين متمسكة بالأنموذج القديم، محتفية بكافة القيم، أو مجددة بمقدار، ولكن المشاهد لم تكن حفية بمثل اولئك، الامر الذي جعل البعض منهم يتخلى عما هو عليه، ليتوفر على موقع مناسب من المشاهد. وشعراء مرحلة الانطلاق خليط من شعراء المراحل الثلاث، اذ ليست هناك حدود جامعة مانعة، ولكننا سنشير الى من كان حضورهم في تلك المرحلة اكثر تميزاً واقرب الى التجديد بمفهومه الصحيح، ذلك ان كلمة «التجديد» اطلقت بتوسع حتى شملت من قلد الآداب الغربية دون وعي ودون اقتدار. فمن المجددين من الشعراء المحتفظين بالخصوصية وبمرتكزات القيم الفنية والدلالية الشاعر «محمد بن فهد العيسى». والشاعر «غازي القصيبي». والشاعر «محمد العيد الخطراوي». وعشرات آخرون تتوازعهم المذاهب وتتنازعهم التيارات، وبعض هؤلاء الشعراء مخضرمون، سبقوا بإبداعاتهم، ولكنها كانت محاولات لم تقل الشعر الا في «مرحلة الانطلاق»، وقد قصرنا الاشارة على الأمكن منهم، أما المتمكنون فبالمئات، ومثلهم الذين استوت ملكاتهم، وطبعت أعمالهم في مرحلة التأسيس ك«القرشي» و«الفيصل» و«سرحان» و«عرب» و«ابن خميس» و«العقيلي» ذلك ان حديثنا مقصور على حركة الأدب في العشرين سنة الاولى من قرننا الهجري، وليس بمقدور بحث محدود ان يأتي على الأسماء المشمولة بالفترة فضلا عن ذكر الخصائص والسمات والشواهد. والتحول من المحافظة الى التجديد، او الايغال في الحداثة الفنية عمد اليهما البعض تطبعا لا طبعا، والأقل الاقل من كان تحوله طبعا، فممن أوغل في الحداثة وتبدى اقتداره «محمد العلي» و«الثبيتي»، ولو نظر المتابع الى ما سلف وما خلف من اعمال لأحس ان النقلة عند بعض اولئك ليست طبيعية، وليست عفوية. والاشكالية فيمن لم يحسن الأداء في الحالين، وتلك الظواهر تتطلب نقداً واعياً لطبيعة التحول وامكانيات الشاعر في المرحلة الانتقالية، وهي مرحلة حرجة وأحسب ان الشاعر «محمد عيد الخطراوي» خير شاهد على التحول المتمكن من التجديد الى التحديث، وهو خير من يمثل الخضرمة: زماناً وفناً. وتلاحم المخضرمين مع ناشئة تلك الفترة أذاب الفوارق، ومكن من الاندماج. ومن الذين راحوا بين التجديد المتزن، والايغال بغير رفق في حداثة الفن «عبد الله بن عبد الرحمن الزيد» «وسعد الحميدين» و«عبد الله الصيخان» ويحلو لهؤلاء ان يوصفوا بأنهم من طلائع الحداثيين، ولاشك انهم في بعض ابداعاتهم يتعمدون النثرية والغموض، مما يشي بالتطبع. ومن دونهم طائفة من الشباب الذين يتعلمون، ويكرهون انفسهم على ان يكونوا كما كان أساطين الحداثة، الأمر الذي أوقعهم في النثرية والاحالة وخلق الأسطورة، فالكلمات المنثورة على غير نظام، لا تحمل دلالة، ولا تجسد صورة، ولا تشد قارئا، ولا تؤدي مهمة. والنقاد الحداثيون غير المؤتمنين يعدرون او يصمتون، والعارفون من النقاد قد لا يعبؤون بما يصيب المشهد من اولئك، وفي ذلك تمكين لمن لا يستحق التمكين، وقد يكون عند بعض اولئك موهبة، ولكنها تفتقر الى ثقافة ودربة وموقف وناقد يقول الحق، ويهدي الى الفن الأصيل بالصدق والمكاشفة. أما عن المجددين والمحافظين والمقلدين في هذه المرحلة المتميزة بالكثرة والتنوع فحدث ولا حرج: كثرة وتنوعا وتفاوتا في المستويات، نجد من هؤلاء الشاعر «عبد الرحمن العشماوي» و«أحمد الصالح» و«عبد العزيز العجلان». و«مرحلة الانطلاق» يتنازع الصدارة فيها المجددون والمحافظون، والحداثيون: المعتدلون والموغلون، ولاشك ان الغلبة والشيوع للمجددين. والتجديد والمحافظة يمتدان الى الشكل والموسيقى واللغة والاسطرة والرمز والصور والأغراض، وليست هناك مرحلة وسعت المتناقضات مثلما وسعتها «مرحلة الانطلاق» ولهذا حفل المشهد بالشيء ونقيضه، ولم تعدم اي ظاهرة شكلية او فنية او دلالية مريدا متفانيا لا يرى لغيره حق الوجود. والدارس لظواهر هذه الفترة تربكه الأشكال والألوان. وفي تلك المرحلة علا كعب «الشواعر»، حيث آتى تعليم المرأة ثماره وعرفت الساحة الأدبية مئات المبدعات في الشعر والقصة والرواية والدراسات والنقد، وهن أقل من الرجال اندفاعا وراء بوارق التجديد والأكثر حضورا في الابداع السردي.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:45 PM | #282 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
خسره المنصب وكسب نفسه..!
د. حسن بن فهد الهويمل أذكر جيداً النصيحة التي تلقيتها من محبِّ عالم مجرِّب، وذلك حين أسندت لي في مطلع شبابي مسؤولية ادارية، تمس حياة شريحة معوزة من المجتمع. وكنت يومها في عنفوان الشباب وميعة الصبا، مقبلا بكليَّتي على الدنيا، ولمَّا تكن لديَّ حسابات المجربين، ولا خوف الورعين، ولا تحفظ الخائفين. والطاقة العارمة حين لا تعقلها التجربة، ولا توجهها المعرفة، ولا يسددها التوقيت والتقدير، تقود الى مهاوي الهلكة. قال لي ذلك المجرب العارف المخلص: - يا بني هذا الكرسي الذي تجلس عليه، جلس عليه سلفك، وسيعقبك عليه خلفك، وأنت بين يومين: - يوم الجلوس وهالاته وأفواج المهنئين،ويوم التحول وعتمة التهميش وتفرُّق المودعين، ومن الخير لك ان تحسب ليوم التحول حسابه، ولا تُصاب بزهو اليوم الأول، ومهما امتدَّ بك الزمن، فإنك مفارق: ميِّتاً، أو متقاعداً، أو صاعداً لما هو أرفع، فلا تكن الرابعة فتهلك، وبعد المبارحة لن يبقى لك إلا الذكر، فليكن ذكراً جميلاً «فالذكر للإنسان عمر ثان». فالشهادة أو الواسطة تصل بك الى الكرسي، ولكنها لا تضمن لك النجاح ولا النجاة. ومرت الأيام بحلوها ومرها وإقبالها وإدبارها، وتلك الكلمات تأكل معي وتشرب، وجاء يوم التحول، وتركت الكرسي صُعداً، وخلفني عليه أكثر من واحد، وما ندمت على شيء ندمي على تقصير القادرين على التمام، لقد فعلت ما يطمئن إليه قلبي، ولكن كان بودي لو تزودت من الخير، وما من محسن بعد الفوات إلا تمنى مضاعفة الإحسان، وندم على ما فرط في جنب الله، لقد خرجت راضياً بما قسمه الله لي، شاكراً لأنعمه عليَّ، وما أردت فيما أقدمت عليه أو أحجمت عنه إلا الاصلاح. وأزلية المفارقة تحفز على استباق الخيرات، قبل الفوات، وكيف يغفل من إذا فرَّ من الموت لاقاه. ومن لم يبارح عمله بالرقي أو بالانحدار، بالاضطرار أو بالاختيار بارحه «بالتقاعد». ففي كل عام تخرج أفواج الموظفين بقوة النظام التقاعدي، تترك الأضواء، وتفرغ من السلطة، وينفض من حولها سامر القوم. وتعود الى ديارها وأهلها خالية الوفاض، إلا من الذكر الجميل، أو القبيح، وشيء من مال قليل أو كثير، طيِّب الكسب أو مشوب بالشبهات. ومن لم يطب مطعمه لن تُجاب دعوته، وكل لحم نبت على السحت فالنار أولى به. وهذه الأفواج المتدفقة خارج المسؤولية متفاوتة الأحوال والمآلات: فمنها من خسره المنصب وكسب نفسه، أو خسرها، ومنها من تخلص منه المنصب، وتخلص من أذيته الناس، إذ كان عقبة كأداء أزيلت عن طريق المارة، فكل من سمع بذهابه بادر الى القول:-«مع الذين لا يستطيعون توصية ولا الى أهلهم يرجعون». وفي ذلك اليوم الحاسم تجد كل نفس ما عملت محضراً، فإن كان خيراً تمنت لو أنها تزودت منه، وإن كان غير ذلك تمنت لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً. ولا شك ان طائفة من المبارحين خرجوا من مناصبهم، وهم يضربون كفَّاً بكف، ويتمنون لو أُرجعوا إليها ليعملوا غير الذي كانوا يعملون. ولكن أنَّى لهم ذلك، وقد رفعت الأقلام، وجفت الصحف، وآخرون خرجوا، وهم يحمدون الله على أداء الأمانة، والنصح للأمة، وكسب ما بقي من أرذل العمر، وهؤلاء ولدوا يوم أن تركوا أعمالهم بقوة النظام. وصديقنا الأستاذ أبوعبدالرحمن ابراهيم البليهي مدير عام الشؤون البلدية والقروية نحسبه من هذه الفئة والله حسيبه، لقد تقلب في عدة مناصب حساسة ومغرية لكسب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والسيارات الفارهة والأنعام والحرث والضياع والجاه والأصدقاء، ولكنه زهد بكل ذلك، وولاها ظهره، واتجه صوب الأمانة والنزاهة والاخلاص، فخرج ثرياً بسمعته، نقياً في ملبسه، طيباً في مطعمه، وما شهدنا إلا بما علمنا. وإذا كان قد كسب الأقل من الأصدقاء فإن القالين له سيراجعون أنفسهم ويذكرونه بخير. لقد شغل رئاسة البلدية في أكثر من موقع، «وختم أعماله بادارة الشؤون البلدية والقروية في القصيم» وكان في كل المواقع مثال الصدق والاخلاص والنزاهة والمثالية والتفاني، وحين خسره المنصب كسب نفسه: قارئاً ومفكراً وكاتباً، تختلف معه أو تتفق، ولكنك لا تجد بداً من أن تجله وتحترمه:- لعمق ثقافته، وثبات موقفه، ونبل غاياته. وحين نؤكد على انه كسب نفسه فإنما نومىء الى انه قارىء خبير، ومفكر عميق التفكير، ومثقف واسع الثقافة، وجاد صارم الجد، لا يفرغ لنفسه، ولا لجيبه، وقد لا يفرغ لأهله ولا لأحد من أصدقائه إلا لكاتب هذا التأبين، وإذ برح مكتبه الصاخب، فإنه سيعود الى مكتبته الهادئة المليئة بآلاف الكتب، والتقاعد الذي يشكل فراغاً قاتلاً للفارغين، حتى قيل:«مُت.. قاعداً» لن يحس به، لأن سعادته تكمن بين دفتي الكتاب، فهو قرينه، ونعم القرين، يخلو به بعيداً عن الأضواء والضوضاء والمتع الزائلة «وخير جليس في الزمان كتاب»، ولقد كلَّت السنتنا وحفيت أقلامنا في سبيل مناصحة طلابنا لجعل القراءة هواية، يسدون بها فراغ التقاعد إذا امتدت بهم الحياة، وهي بلاشك مسؤولية خطيرة. والأستاذ البليهي الذي وضعت مسؤوليته أوزارها، كان وراء كثير من النجاحات واللمسات الجمالية، وتجلي صدقه وأمانته مكَّن له من قلوب المسؤولين وأصحاب القرارات، فكانت حقائبه تغدو خماصاً وتعود بطاناً لمصلحة العمل، ومع أنه يحمل هم المسؤولية، فقد لقي في سفره المخلص نصباً، انعكس على رؤيته الفكرية، وكاد يصيبه بالإحباط، وكنت ممن يحاول تثبيت فؤاده، كلما اقتربت صمامات الأمان عنده من الانفجار، لقد خرج وفي نفسه غصص من فئات تحارب الخضرة، وتستعدي على التشجير، ولأنه باخع نفسه على آثارهم، فقد استغاث بالمؤسسات وبحملة الأقلام لإنقاذ مشروعه من القتل. ومع تلك التحديات ظل وثيق الصلة بالكتاب، يهوِّن به على نفسه مصائب العمل، فكان قارئاً وكاتبا وراصداً واعياً لكل التحولات، استطاع أن يوائم بين تبعات المسؤولية وأهمية الثقافة. ولم يحرم الادارة من ثقافته وتجاربه، وكتابه «النبع الذي لا ينضب» الذي طبعه «نادي القصيم الأدبي ببريدة» يعد من أهم مراجع قسم الادارة في بعض المراحل الجامعية، فلقد جمع فيه عشرات المقالات التي كتبها متخصصون ومجربون ومخلصون عن الأداء الوظيفي والكفاءة الادارية والعمل المخلص، ولما يزل من خلال مقالاته الصحفية من أبرز الكتاب الذين يعتصرون الأفكار ويختصرون التجارب، ويجوبون مسارح الفكر ومطارح الفلسفة، ولا يتورعون من حز اللحم الى العظم، وجلد الذات حتى الموت والعويل على الواقع المرير. ولو لم يكتب محذراً من «الجهل» و«التخلف» لكانت سيرته الصارمة الحميدة خير مرشد ومفيد، والمجتمع بأمس الحاجة الى القدوة الصالحة والى الفعل الايجابي، فلقد مللنا التنظير والمثالية الورقية، ولأنه لا يقول إلا ما يعتقد وما يفعل فقد كانت كلماته مؤثرة ومثيرة، لأنها تنكأ الجراح. المسؤولية الرسمية إذ تودعه الى حين فإن المسؤولية الوطنية تأخذه بالأحضان بوصفه من أبرز الكتاب الذين يصدعون بما يعتقدون، وإن لم يتفق معهم أحد، فهو من الذين لا يصانعون في أمور كثيرة، وإذا كنا نودع كفاءة وطنية، فإننا نستقبل كفاءة أخرى، أخذت الراية عن تخصص وخبرة وسمعة طيبة، نستقبل المهندس القدير «أحمد الصالح السلطان» الذي كانت فرحتنا به بحجم فجيعتنا على سلفه، والخيرية قائمة، ومجتمعنا والحمد لله ودود ولود، وعلى الذين من حولهم من أعراب الوظائف ممن لم يكونوا أمثالهم أن يتشبهوا بهم. وفي كل مناسبة أقول، وأتحمل مسؤولية ما أقول: إن المسؤول الأول في المنطقة إذا كان قوياً في أدائه، أمينا في مسؤوليته حفيظاً لمثمنات الأمة، عليما بشؤونها، وكان مع المسؤولية كما وصفه المتنبي: فكأنها نُتِجَت قياماً تحتهم وكأنهم ولدوا على صهواتها نامت الأمة قريرة العين، وذلك ما يبدو لنا، نحسب من نحسن الظن بهم كذلك، ولا نزكي على الله أحداً، فالله حسيبهم. وفيمن قضى مسؤوليته موعظة أو قدوة لمن ينتظر، وما يُلقَّى الاتعاظ بالمقصرين والاقتداء بالمجلّين إلا ذوو الحظوظ العظيمة.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:46 PM | #283 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
ضربة معلم نود أن تتبعها ضربات..!
د.حسن الهويمل الهامش الدعائي لأي مسؤول قضية ليس فيها نظر، والخطأ الأكبر ان يتسع الهامش، أو ان تتسع الإحالة إليه، بحيث تحال كل أفعال الزعماء المتميزة إلى ذلك الهامش الدعائي. ومثلما ان الخبطات الصحفية تحرك الركود، وتشد الانتباه وتؤتي أكلها، متى كانت متقنة ومحسوبة فإن ابتكار الإجراءات وأساليب المعالجة تفعل فعل الخبطات الصحفية المسددة. وبعض القادة النابهين يعولون على المبادرات المفاجئة غير عابئين بما تحدثه من ارتباك في تلقيها واستكناهها، وجل اهتمامهم ان تعطي عائداً أفضل وأسرع. فالمواطن حين لا يخطر على باله أي فعل استثنائي له مقاصده النبيلة وغاياته الحميدة، ثم يفاجأ به، ترتبك آلياته، وقد تأخذه الاتكالية، فلا يكلف نفسه عناء القراءة وفق قوانين الحدث، متخذاً إحالة كل جديد من الأفعال أو الإجراءات إلى الهامش الدعائي ديدنه، وبهذه الإحالة يفرغ من ملاحقة الأحداث وتقويمها. ولأننا لسنا بدعاً في مجمل سياقاتنا فإن تعدد القراءات لأي حدث مثير متوقع ومشروع، ومن واجبنا امتلاك الثقة وتوقع أي قراءة. فالمتميزون هم الذين يشغلون الرأي العام، ويربكون المشاهد، ولكن القارئ الذي يفصل الحدث عن سياقه وأنساقه يقع في الابتسار المخل بالمصداقية. والمبادرة الذكية تتطلب قراءة ذكية، ليحصل التكافؤ ولن تستدرجني قراءات المبادرات والأحداث وقوانين اللعب الكبيرة والصغيرة وضرب الأمثال، فالأمر من الوضوح بحيث لايتطلب مزيداً من التمحك. وما حداني إلى تلك المداخل إلا طغيان القراءات المتسطحة أو المشبوهة، والتهافت عليها. ومما لا شك فيه أن القادة لهم حساباتهم وتطلعاتهم ونواياهم وأهدافهم، فليس هناك عمل لا تكون وراءه أهداف خاصة أو عامة، وليس هناك لعبة إلا ولها قانونها، ومن تصور الأمور بمعزل عن مقاصدها وقوانيها فوَّت على نفسه أشياء كثيرة، والقراءات الخاطئة والإشاعات المغرضة سمة المشهد السياسي. لقد اشتعلت في كافة الأوساط المحلية المبادرة الإنسانية للأمير (عبدالله بن عبدالعزيز)، ولما يزل الناس يدوكون ليلهم في تقويم هذا الحدث، فالأمير عبدالله اخترق وبدون سابقة معاصرة فضاءات المعوزين من فقراء وعجزة ومعوقين وأيتام، على سنن العسس الإسلامي، ولم يتسلل إليها على حين غفلة من الرقباء وإن باغت ذويها وفاجأ حاشيته، بل أعلنها على أوسع نطاق، ولم يتردد في طرحها أمام الملأ. ولقد حرصت كغيري على مشاهدة الحدث، وتمنيت لو أن الإعلام عرض الجولة بكل تفاصيلها، ولم يكتف باللمحة الإخبارية. وبعد المتابعة انتصبت أمامي عدة قراءات يحتملها تأويل الحدث، ولكن الحق لايتعدد، واستمعت إلى عدة رؤى. وأبحت لنفسي استعراضها، فمن حق كل مواطن أن يموضع قادته، وأن يقرأهم وفق سياقاتهم وسوابقهم، إذ هم في النهاية بشر، يجتهدون، وقد لايحققون ما يريدون من خير. وتساءلت في تلك الأجواء المشحونة بالتساؤلات: لماذا اختار الأمير عبدالله لجولته الوقت والمكان والشريحة؟ ولماذا أعطى لوسائل الإعلام كامل الحرية في المتابعة والتركيز على المناظر المؤلمة؟ ولماذا ذرع الأزقة جيئة وذهابا، واستمع إلى التأوهات والتذمرات، وأذن لمن حوله ان يتأمل تلك الأوضاع؟ أيريد الحسم أم المحاصرة أم تجديد الآلية أم إدانة الطرف الآخر من مسؤولين واثرياء؟ كل ذلك وارد ومحتمل.ويقيني ان الإعلام لو فعلها وحده لكان موضع تقدير الجميع، ولكن أما وقد فعلها الرجل الثاني في الدولة وبمباركة من الرجل الأول في سياق (الشفافية) و(الباب المفتوح) الذي يدعو إليهما فإن الأمر له ما بعده، وإن قضية الفقر خرجت من إطار الممارسة الروتينية إلى فعل آخر، ومن حق أي متابع ان يتساءل، وأن يلح في التساؤل. ماذا يريد من هذه الخبطة الإعلامية؟ ولماذا أراد لنفسه ان يكون شاهداً عدلاً، يسبق أصحابه في اقتحام المغارات، متلطفاً للفقراء والمقعدين والأطفال، يخرج من بيت إلى بيت، ومن حي إلى حي، إن حدثاً كهذا يمتلك من فضاءات الدلالة مايجعل لكل قارئ رؤيته، ولأنني مواطن، أحس بمسؤوليتي إزاء الإجراءات التي يبادر إليها رجل مثل عبدالله بن عبدالعزيز، فإنني سأترك لنفسي كامل الحرية في قراءة الحدث وفق رؤيتي، وليس شرطاً ان تصيب المحز، وسوف لاأتردد في سماع القراءات الأخرى حسنة النوايا أوسيئتها، إذ كل مجتهد له حظه من الإخفاق، ومتى حسنت النوايا وسمت المقاصد احتملت الأخطاء الاجتهادية، فالقادة والزعماء تجاوزوا ذواتهم وخصوصياتهم، وتحولوا إلى موضوعات قابلة لأكثر من قراءة، وأكثر من إحالة. والرجل الذي ترك القصور الشاهقة وراء ظهره، وكسر طوق الحجَّاب، وأطفأ أبهة الملك، وجاء إلى أكواخ الفقراء، يخوض المستنقعات مع الخائضين، ويركل النفايات بقدميه، ويرفع ثوبه لكيلا يتبلل بالوحل، ويتطامن أمام الأسقف التي لا تتسع لقامته الفارهة، يقبِّل الأطفال بكل ما يعلوهم من غبرة وأسمال، ويصيخ للشاكر والشاكي، ويقف عند رأس امرأة مريضة متدثرة، يعد بالخير ويبشر بالفرج. ومن ورائه كبار المسؤولين عن تلك الشريحة، الرجل الذي يفعل ذلك بمحض إرادته، لا يضيره أن يحال تصرفه إلى أي تفسير، فهو لا يريد جزاء ولا شكوراً، لقد قالها بلسان حاله ومقاله. ومن مصلحة الفقراء أن نمسك طرف الخيط، وأن نمضي معه إلى النهاية، فنجاح الجولة سيكون لها أثرها على كل المستويات، كيف لا والفقر مصدر كل شر، حتى كاد يكون كفراً.ويقيني أن مثل هذا الفعل يُعدُّ (ضربة معلم) لأنه تنقيب في أحياء الفقراء المهمشة، وتقليب لقضاياهم المؤجلة، واستثارة لكل فئات المجتمع من مسؤولين وأثرياء، ومحاولة لكشف المخبأ. فالآخرون يظنون أن كل سعودي في بيته (بئر بترول)، وأن كل سعودي يعيش حالة من الرفاهية، وأن كل سعودي ملزم بأن يكون حمالاً لهموم الأبعدين. (ضربة المعلم).. تريد أن تقول (الأقربون أولى بالمعروف). ( ضربة المعلم).. تريد أن توثق الفقر بوصفه ظاهرة أزلية. (ضربة المعلم).. تريد ان تستدر العطف وتؤنب الجشعين. (ضربة المعلم).. تريد أن تقول: الناس سواسية في خيرات بلادهم. (ضربة المعلم).. تريد أن تدع الحقائق تعبر عن نفسها. ( ضربة معلم) تريد ان تؤكد ان (صنائع المعروف تقي مصارع السوء). لقد كان بإمكان سموه أن يخرج على الناس عبر كلمة أو تصريح، يدعو فيه للمساعدة، ويذكر الناس بالفقراء، يسجل فيها موقفاً عديم الجدوى، ويسقط فيها مسؤولية. غير ان الناس كسبوا مناعة ضد المواعظ. وخطاب الأمير خطاب عملي قاطع مفحم، خطاب وثائقي، لايدع مجالاً للتأويل، أو للتملص. لقد ضبط الواقع بالصوت والصورة، وقال للأثرياء وللمسؤولين وللعالم بأسره: هؤموا أشهدوا معي المأساة، وتحملوا معي كافة المسؤولية، فنحن جميعاً قادرون على تلافيها، ولكننا لم نفعل بكل ما نملك من طاقات، وكأنه يردد في أعماقه مقولة الشاعر: (ولم أر في عيوب الناس عيباً... كنقص القادرين على التمام) ولم تكن هذه الضربة المسددة هي الأولى، ولا أحسبها ستكون الأخيرة، لقد عايشنا ضربات مسددة، أعقبتها مؤسسات تربوية لرعاية الموهوبين واقتصادية استقطبت الأثرياء والعلماء والتربويين، ولا شك أن استعداده الذاتي لفعل الخير مع جهود البطانة الصالحة ومن يسرون النصيحة، حفزه لمثل هذا العمل الإنساني، لقد ألقوا في روعه أشياء كثيرة، وذكروه بمشروع (العسس الإسلامي) الذي بادر إليه الإمام العادل (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه، ولا شك أن الرجل يحس بثقل المسؤولية، ويحمل هموماً كثيرة، ولا شك أنه أحس بأن هذه الفئة الصابرة المحتسبة خَفَت صوتها وسط ضجيج الفئات. إن كشفه لأحوال المعدمين المتعففين تحويل طوعي للطوق الذي يلتف حول عنقه إلى أعناق الأثرياء، الذين يبذّرون أموالهم في آفاق المعمورة على ملذاتهم الزائلة ولا ينفقون إلا وهم كارهون، وإلى المسؤولين الذين يتباطؤون في محاصرة الفقر والعوز، ويتعثرون بمخلفات (البيروقراطية) أما الذين يؤثرون على أنفسهم والذين يطورون آلياتهم فهم مع قادتهم في خندق واحد. ومن التوفيق والسداد أن بدت بوادر الاستجابة الإيجابية والفورية بشكل لم يتخيله أحد، ولو لم يكن من نتائج هذه المبادرة إلا هذا التبرع السخي من أصحاب السمو الملكي الأمراء مشعل بن عبدالعزيز وسلطان بن عبدالعزيز والوليد بن طلال بن عبدالعزيز لقلنا إن هذه الجولة قد أدت كل ثمارها، فكيف بها وهذه التبرعات السخية خطوة أولى ستعقبها خطوات من ذوي الدثور.المؤكد ان الفقر لن يحسم، لأنه ظاهرة أزلية وقضاء رباني، ولكنه سيحدد وسيحاصر، وسوف لا يهبط إلى درك المجاعة، ومتى سيطرنا عليه، وقللنا من أثره، حققنا الشيء الكثير.إن مبادرة الأمير عبدالله لن تقف عند حد الإنفاق والإعالة السلبية، وإنما ستمتد إلى التأهيل والتشغيل وتحويل الأسر المعولة إلى عائلة، بحيث ترحل آلاف الأسر من حد الفقر إلى حد الكفاف. وتلك مواجهة حضارية، ومصاحبة معالي وزير العمل المتألق الاستاذ الدكتور علي النملة لسموه في هذه الجولة الموفقة مؤشر على أن المقصود منها وضع خطة مؤسساتية حضارية لمواجهة الفقر والروتين معاً، ووضع حد معقول له في بلد أنعم الله عليه بالأمن والرخاء وفجر لأهله كنوز الأرض، لقد كانت لسمو الأمير مبادرات متعددة، جرَّت أقدام الأثرياء، وأرْخت جيوبهم، وبسطت أيديهم بالعطاء السخي، وما أحوجنا إلى ضربات متلاحقة تطال (العمالة) و(البطالة) المقنعة والمكشوفة و(التسيب الوظيفي) و(الفساد الإداري) و(الديون المخيفة) و(حوادث السيارات) و(أزمات التعليم) و(البيروقراطية) المتعفنة و(الأنظمة) المهترئة و(المحسوبيات) وسائر وجوه الحياة، فالزمان غير الزمان، والأمة مقبلة على نوازل تزلزل العقول، وليس لها بعد الله إلا من مكن الله لهم في الأرض.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:47 PM | #284 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
«الإرهاب» بين: الكبيسي.. ومشعل السديري..!
د.حسن بن فهد الهويمل الكاتب المثير الأستاذ«مشعل السديري»، يتعرض في بعض تناولاته إلى كبوات غير موجعة، وغير مفقدة للثقة به، مما يضطره في بعض الأحيان إلى الاعتذار الساخر حتى من نفسه، بحيث يزين صمته على نطقه، وتلك محمدة وشجاعة، لا مذمة ولا مجبنة. وواجب المحبين له - حين لا يتدارك الخطأ- أن يبادروا إلى تسديده، والصديق من صدق لا من صدق. وإذ يكون من الكتاب المقروئين والمؤثرين، وممن يحتلون الصدارة، يكون من حقه على قرائه أن يأخذوا على يده، متى أحسوا بحيدته، ولا يضيره التسديد حين يجتهد، بعد توفر آليات الاجتهاد وشروطه، ثم لا يصيب.. ورده إلى الطريق القاصد مع الاحتفاظ بمكانته والثقة بنواياه وبأمانته من الإرشاد المأمور به. والمستبرئ لدينه وعرضه من يتوقى إحالة الكبوات إلى سوء النوايا والمقاصد، مما هو ديدن بعض الغيورين المتسرعين في معالجة الخطأ بخطأ أسوء الكبوات إلى سوء النوايا والمقاصد، مما هو ديدن بعض الغيورين المتسرعين في معالجة الخطأ بخطأ أسوأ منه، وكأنهم قادرون على شق الصدور. ومما أود تسديده فيه رده على المفكر الإسلامي«أحمد الكبيسي» حول مفهوم «الإرهاب» «جريدة عكاظ 21/9/1423هـ » ولست في ردي مدافعا عن ذات «الكبيسي» ولا عن مجمل رؤاه وآرائه، فكم له من الأخطاء التي يجب تعقبه فيها، وإنما أدافع عن الاختلاف حول مفهوم «الإرهاب» بينهما، وتداركي ذو ثلاث نقاط:- الأولى: حول مفهوم «الإرهاب» ف «الكبيسي» في «عكاظ 19/9/1423ه» عوّل على آية{تٍرًهٌبٍونّ بٌهٌ عّدٍوَّ اللّهٌ وّعّدٍوَّكٍمً}، فيما عوّل«السديري» على المفهوم الشائع عند وسائل الإعلام كافة، المتمثل بالتفجير، والقتل العشوائي، والإخلال بالأمن، ونسف المصالح والاتفاقات، والخروج على السلطة الشرعية، وخفر ذمتها بالغدر بالآمنين والمستأمنين وأهل الذمة، ومن هم في حكم رسل الحكومات، وربط ذلك بوقوعات معينة كحادث«الحادي عشر من سبتمبر». وكلاهما مسدد في إحالته وتعويله، والخلاف بين الاثنين ناشىء من تعدد المفاهيم والتصورات، فالأمة الإسلامية مطالبة بإعداد القوة: قوة العلم وقوة الاقتصاد وقوة السلاح، وقوة الأمة المتمثل بتماسك الجبهة الداخلية وشرعية المؤسسات السلطوية، لكي تخيف أعداءها، وترهب المتربصين بها الدوائر، وهذا ما سعى إليه، وقال به«الكبيسي»، يقول: - «وكان على المسلمين أن يرهبوا هؤلاء الأعداء لأن الإرهاب هو أول خطوات الدفاع عن الحق باتجاه الظالم الغاصب، وهذه هي الحالة الوحيدة التي يصبح الإرهاب فيها مقدساً، من حيث كونه جهداً عسكرياً مشروعاً»، وانتبه إلى قوله: - «من حيث كونه جهداً عسكرياً مشروعاً»، ولا أحسبه بهذا القول يحرض على الإرهاب المرفوض، ولا أحسبه يبرر الأحداث المستنكرة عالمياً، وقوله يتساوق مع قوله تعالى: {تٍرًهٌبٍونّ بٌهٌ عّدٍوَّ اللّهٌ وّعّدٍوَّكٍمً}. و«السديري» الحريص على تجاوز الأمة الإسلامية محنة التحدي غير المتكافىء، حين فاته المفهوم الذي عوّل عليه«الكبيسي» انجر وراء مفهوم الإرهاب المرفوض إسلامياً، وأحال إليه مقولة الكبيسي، واختلاف المفاهيم لا يقتضي منا إسقاط المفهوم الذي يقتضيه الإسلام، ذلك أنه مشروع لكل مضطهد مسلوب الحق والحرية. وعلينا بوصفنا أمة ذات حضارة لها مصطلحاتها ومفاهيمها وتصوراتها الربانية: للكون والحياة والإنسان، ألا نرقب الرؤية الغربية للأشياء، فالإرهاب كما يراه الغربيون يعني أي مواجهة ضده، وإن كانت دفاعاً مشروعاً عن النفس والمال والعرض والوطن والدين. والغرب وراء مغريات«العولمة» بوصفها وجهاً جديداً للاستعمار، لايريد للعالم الإسلامي أن يمتلك من القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية ما يبلغ به حد التكافؤ وحماية الحقوق. وحين يريد إحكام السيطرة على العالم، يشرعن لنفسه التدخل العسكري، وينفرد بتحديد المفاهيم، والناتج الطبعي لهذا الاستبداد: أنه لايرى بأساً من امتلاك السلاح النووي لدولة صغيرة، لا يبلغ سكانها سكان حي من أحياء القاهرة . ف «إسرائيل» تمتلك رؤوساً نووية رادعة، وقادرة على تدمير العالم الإسلامي، والغرب حفي بهذه القدرة الرادعة، داعم لها، فيما لايرى من حق أي دولة إسلامية امتلاك الأقل من القوة غير التقليدية. يتجلى ذلك في موقفه المعلن من«العراق»، ومن «باكستان» وفي مواقف سرية ضاغطة، يمارسها لتحجيم القوة التقليدية: آلياً وبشرياً عند دول المواجهة لإسرائيل. ومع ما يقترفه«العراق» من تجاوزات لانقره عليها، إلا أننا نستغرب إلحاح الغرب في نزع القوة بكل أشكالها، وإلحاحه في تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، مع وجود دولة مغتصبة، رفضت عشرات القرارات، ولم يكن منه أدنى موقف، بل أتيحت ل «إسرائيل» فرصة التمتع المطلق بحق«الفيتو» فيما لم يستخدم هذا الحق ولو لمرة واحدة لصالح العرب. أفلا يكون هذا الفعل إرهاباً منظماً؟ تمارسه دول مسؤولة عن العدل والحرية والديمقراطية والاستقرار كما تزعم. وإذ لا نقدر على المواجهة وحمل الغرب على الإذعان للحق والعدل فإن علينا- ونحن نطالب العراق بالامتثال لقرارات الأمم المتحدة- أن نلح على الدول المتحكمة كي تنصاع للحق، وتنظر إلى فظائع الصهيونية وإلى الإرهاب الممارس عالمياً على يد منظمات غربية. و«الكبيسي» الذي يدعو إلى تكوين القوة المرهبة، يعي تماماً كم هو الفرق بين الإرهاب غير المشروع، حتى في المنظور الإسلامي والإرهاب المشروع الذي تمتلكه أصغر دولة في الشرق الأوسط هي«دولة إسرائيل»، إن قوتها النووية مرهبة ومخيفة للعالمين العربي والإسلامي، وهي في ذاتها دولة إرهابية مغتصبة، تمارس تحت سمع العالم وبصره ودعمه أبشع عملية إبادة للإنسان وإفساد في الأرض«والله لا يحب الفساد»، ومع ذلك لا نبرح الحديث عن الإرهاب العالمي كما يراه الغرب منسوباً إلى الإسلام، ونحاول استرضاءه بشكل مذل، إن الدفع بالتي هي أحسن، واتقاء الأعداء مطلب إسلامي، غير أن ما نمارسه عين المذلة والهوان، والضعة لا التواضع، وإذ يكون من مصلحتنا مشاطرة العالم في محاربة الإرهاب، يكون من حقنا بل من واجبنا الإلحاح في طرح الممارسة الصهيونية، لكونها عين الإرهاب، ووضع أمريكا أمام مسؤوليتها، لأنها راعية السلام. إن الإرهاب الذي يدعو إليه«الكبيسي» يعني إخافة الاعداء وحفظ التوازن، فالأمة الإسلامية لايمكن أن تحمي مشروعها الرباني إلا بالقوة، والله أمرها بإعداد القوة، لإرهاب عدوالله وعدوها، والجنوح للسلم والتصالح والتعاذر والتُّقاة لا تقتضي أن نكون أذلة، لانملك ما ندفع به عن أنفسنا، ومن أراد السلام فليستعد للحرب. وسلام الشجعان لا يتحقق إلا بعد أن نصنع السلاح الذي يحمينا، ونزرع الطعام الذي يغذينا، وننسج اللباس الذي يكسونا، ونتقن العلم الذي يغنينا، فذلك سبيل السلام والعزة التي أرادها الله لأوليائه، ولا يتم شيء من ذلك إلا بالعدل والمساواة والحرية، لأنها أركان الحياة الكريمة في الدنيا، مثلما أن الصلاة والزكاة والحج أركان الحياة السعيدة في الآخرة.ومشاطرة العالم في محاربة الإرهاب الحقيقي الإرهاب الذي تتفق كل الحضارات على مفهومه لا يعني الكف عن إعداد القوة المرهبة: حسياً ومعنوياً وإجرائياً، وحين تغل أيدينا عن صناعة السلاح وإنتاج المطعم والملبس وإشاعة العدل والحرية، وحين يحل الظلم محل العدل والعبودية محل الحرية، والفقر محل الغنى بفعل الآخر ومباركته فإن من حقنا ألا نذعن، فكل خطوة في سبيل إهانتنا ستتبعها خطوات أدهى وأمر، و«من يهن يسهل الهوان عليه»، وإذا سايرنا الغرب على مفهومه للإرهاب، عشنا أذلة، والله لايريد لعباده الذلة والمهانة. ومن حق المجتمع الإنساني المتمدين أن نشاطره في المفاهيم المشتركة، وأن نسهم معه في صناعة المدنية والحضارة ومطاردة الإرهاب الحقيقي، الذي يسيء العلاقات، وينسف الاتفاقات، ويؤثر على المصالح المشتركة،. ويشرعن للقوى الكبرى حق التدخل، ومتى أريد منا أن نكون: أذلة لا نملك السلاح، فقراء لا نملك الإنتاج، مستعبدين لا نملك حق تقرير المصير كان حقاً علينا ممارسة ما يعيد لنا إنسانيتنا بالأسلوب الذي نريد وبالطريقة التي نمتلك. ومن أبسط حقوقنا تعريف الإرهاب، وتحديد مفهومه، وتحديد النوع الذي نحاربه ونشاطر الغرب في محاربته. أما التوفر على القوة المرهبة لعدونا، وأما الدفاع المشروع عن حقوقنا، فليس من حق أحد أن يسلبنا إياه، باسم محاربة الإرهاب، وإذا تسلط الغرب على مصالحنا وعلى إخواننا العزل وعلى قضايانا المصيرية، فليس من الحكمة أن نسترضيه بالتنازلات، ولا أن نسايره باسم الوفاق العالمي، وفي سبيل الحصول على حقوقنا المشروعة يجب علينا فقه الواقع والتقدير والتوقيت، فالله قد خفف عنا، وعلم أن فينا ضعفاً، ولهذا فليس علينا تكليف أنفسنا فوق وسعها، ولنا- والحالة تلك- أن نجادل بالتي هي أحسن، وأن نتعمد أهون الضررين:- وإذا لم يكن من الموت بد فمن العار أن تموت جباناً وكيف تليق بنا المسايرة والغرب يصف الفدائيين الذين يختارون الموت الشريف على الحياة المهينة بالإرهابيين، وما هم إرهابيون، إنهم يدافعون عن أرضهم وعن حرياتهم وعن أعراضهم. والغرب الديمقراطي الحامي للحرية ولحقوق الإنسان، كما يدعي، لا يتردد في وصفهم بالإرهابيين، فهل خرجوا من ديارهم لممارسة المقاومة، أم انهم أخرجوا منها، إنهم يقاومون على أرضهم المغتصبة، ويدافعون عن أعراضهم المنتهكة، ومع ذلك فالعدو بعدده وعتاده يمارس مع الأطفال والشيوخ والعجائز أبشع صور الإذلال، والغرب يشايعه، ويبارك خطواته، فيما يوظف البعض منا طاقاته البلاغية لاسترضائه وترسيخ مفاهيمه. أما الثانية: فقد وقع في خطأ آخر، ما كان له أن يفوت عليه، وهو العنوان«العنز التي تناطح الجبل» فالأمة الإسلامية وإن كانت في وضع موجع، ليست عنزاً إلى جانب جبل، ولو أن العالم الإسلامي لملم أطرافه، وسحب يداً واحدة من الغرب، وصفّى خلافاته الوهمية، وارتد إلى الداخل: يصنع إنسانه، ويحرث أرضه، ويكف شره عن جاره، ولم يكن مسرحاً للعب السياسة، ولم يختلف حكامه مع شعوبه، ولم يبذر مقدراته، ولم ينازع الغرب مصالحه المشروعة، ولم يستعن به على الأقربين، لكان مع وضعه مهيب الجانب، ولا تجوز الاستهانة بالأمة، مهما بلغت من الضعف، ذلك أنه ضعف من صنع أيدينا، وضعف عارض، وليس سمة ملازمة، وكيف يكون الضعف طبيعة، والإسلام سبق الحضارات في البحث والعلم والصناعة والفكر الاقتصادي والسياسي والعدل والمساواة والحرية وسائر القيم، وما من عمل أو نظام أسعد به الغرب إنسانه إلا أبانه الإسلام وسبق إليه، والإحباط واليأس والمرارة تزيد في الارتكاس، وتعطي للآخر فرصة الإيغال في الإذلال والإهانة، إن الغرب يزرع فينا اليأس والإحباط، ويمارس حرباً نفسية منظمة، أدت ثمارها. أما الثالثة: فأسلوب المعالجة الهزلي الموغل في الهزلية، فالقضية التي ندب الأستاذ«مشعل السديري» نفسه لمواجهتها مسألة فكرية عقدية مصيرية، وليس من الحصافة أن تعالج بهذا الأسلوب الهزلي، وبخاصة أن الكاتب يواجه مفكراً إسلامياً جاداً، ومع احتفائنا بسخرية الكاتب إلا أن لكل مقام مقالاً.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:48 PM | #285 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
منخنقات: المعية.. والضدية وتفخيخ الأسئلة..!
د. حسن بن فهد الهويمل عندما تتأزم الأمور، وتزلق المشاهد، يرتبك خطاب النخب والمتنخوبين والعلماء والمتعالمين، وتدخل الأمة في نفق الشك وجنون الارتياب، وتستفحل ظاهرة الأسئلة المريبة، أسئلة الاستكشاف والتصنيف، لا أسئلة الاستعلام والتعلم، ومثل ذلك عرض لمرض، ومؤشر على خلل في البنية الفكرية واستفحال للمراء العقيم باسم الجدل والمنطق. والخلي من هذه الريب تنتابه غفلة المؤمن، فلا يقيم وزنا للتحفظات ولا للمراجعات، قبل التفوه بأي اجابة، ومن ثم يبادر السائل بالجواب. والجواب الآمن يتعرض لأكثر من علامة استفهام، ويؤخذ بأكثر من مدخل، ويخضع لأكثر من تفسير. ومثلما يختل الأمن النفسي، يختل الأمن الفكري، مما يدفع بالمفكر الى كتم تفكيره ومسايرة الآخرين حبا للسلامة وايثارا للعافية، اذ هناك فتن يجسدها «الهرج» وأخرى تتبدى في «التهريج» واللسان آلية الحرب الباردة المحفزة والمنشطة لخلايا الحرب الساخنة. والمشاهد العربية تتصدع عن أسئلة مفخخة، تستدرج الشجي والخلي. وحين يعيش العالم والأديب والمفكر في حالة من الخوف والترقب، يتصوح نبت المعارف، ثم لا يكون عالم بصير، ولا ناصح خبير، ولا قدوة حسنة. ووابل الأسئلة التربصية تعمق الخيفة والتردد، وتحبس القول السديد في الحناجر. والرقابة غير المشروعة، وغير المؤسساتية، وغير المنظورة رقابة غوغائية، وهي أخطر على الفكر من أي رقابة، يتحرك ذووها وفق أصول وضوابط وصلاحيات مستمدة من شرعية السلطة، ومتطلبات الحرية المنضبطة. وحماية الأجواء الفكرية من التلوث أهم من حماية البيئة. وكم يتعرض المثقفون وأنصافهم والفارغون لأسئلة لا تخطر على بال، يبده احدهم بها متوتر او متربص او متعصب، لا يطلب علما، وانما يسبر حالا، ويكشف عن انتماء، وقد لا تتاح للمكره على الاجابة فرصة التأمل، ولا مندوحة التعويل على مقولة العالم المتضلع: «فيها قولان»، ولا الركون الى نصف العلم «لا أدري»، فالسائل يريد صريح العبارة، ومحدودية الموقف، ليشكل رؤيته عن المسؤول، ويصوغ اسلوب التعامل معه وسمة الموقف منه. فعندما يقول لك قائل: هل أنت مع امريكا او ضدها؟. أو يقول لك آخر: هل أنت مع الارهاب أو ضده؟ وهل أنت مع ضرب القاعدة او ضرب العراق؟ وحين يستوضح ثالث عن موقفك من الحزب القائم في الاذهان، او الحرب المتدخلة في الأوطان، أو المذهب الشائع على كل لسان، أو التيار السياسي الثائر على كل سائد، أو المعتقد الديني الخارج عن الاجماع والاجتماع، او المنحى الفكري العابث بكل مسلمة، او العالم الناقم البرم، او المعارض المتشنج، او التصريح السياسي، أو الفتوى القنواتية، او التغيير في المناهج، او حتى عن الكتاب الذي لم يقرأه، أو المقولة التي لم يفهمها، أو الفتيا المتداولة في الأوراق، او الموقع المعلوماتي الزاخر بالبهتان، أو ما شئت من فيوض القلم واللسان. ويتقاطر آخرون بطرح ثنائي يدور حول «المعية أؤ الضدية» تحس أمام كل ذلك بأنك مستهدف، وانك تقترب من مأسدة مخيفة، تتحول معها سمعتك الى حديث مجالس ومادة مواقع، واستنطاقك يلوي على مشروع تصنيفي تصفوي، يدخل بك الى الفئوية لتكون مع السائل أو ضده، محرما عليك الوسطية، او الحيادية، او التوقف، حتى الاستبانة والتثبت، وهما منهج اسلامي {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا إن جّاءّكٍمً فّاسٌقِ بٌنّبّأُ فّّتّبّيَّنٍوا}. وهناك تكون عدوا لدودا لمن يكره الحزبي المعين أو المعارض المعروف او يحبه، أو يكره «أمريكا» أو يعذّر لها، أؤ يأخذ بتلك المقولة، أو بتلك الفتيا، أو يتبع ذلك العالم أو ذاك الحركي، او يخالفهما. واشكاليتك تتضاعف حينما لا تكون مهتما بهذه المواقف المتشنجة، أو حينما تكون ممن خاف الفتنة فاعتزل المشاهد وما فيها من أشياء وأناسي، واهتم بخويصة نفسه. والتصنيف واستمراء الأعراض لا يصدران الا من مبتدىء او عاطفي لا يؤمن بالتعددية المعتبرة، أو من متسطح لا يعرف دواخل الامور وقوانين اللعب، او ممن تحقر صلاتك الى صلاته وصيامك الى صيامه، ولكنه يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ودم المسلم المعصوم عنده أهون من اراقة الماء العكر. ومن شاء ان يطمئن قلبه فليدخل على «المواقع الانترنتية» ليرى ماهو أسوأ من مذبحة «قانا» أو «حلبجة» مما يبعث على الاستياء والخوف، فمثل هذا الصنيع ناتج أخلاقيات خطيرة نُشىء عليها خليون، كانوا من قبل شبابا على فطرة الله التي فطر الناس عليها يكتظ بهم الشارع العربي من المحيط الى الخليج. واشكالية المشاهد في فترات التوتر والاهتياج انها تعيش صرعة التصنيف، فكل متكلم أو كاتب لابد أن يكون منتميا لطائفة فكرية أو دينية أو سياسية، سبقت تسميتها، وفرغ الفضوليون من تصنيفها، وليس لأحد بعد هذا حق الاجتهاد أو الاختيار. والمسألة اما ان تكون: معي او تكون ضدي على الطريقة «البوشية». ولكن ان تستعرض المسميات الفكرية والسياسية والدينية في سائر المشاهد العربية، من مثل «القومية» و«العلمانية» و«القطبية» و«الاخوانية» و«السرورية» و«العقلانية» و«الحداثية» و«الليبرالية» و«الحبشية» و«الجامية» و«الراديكالية» وما لا نهاية له من تلك المسميات التي فرقت كلمة الأمة، وجعلت أهلها شيعا يضرب بعضهم سمعة بعض، وقد يتطور الخلاف ليكون الضرب في الرقاب. وما عرفنا ذلك في طفولتنا، ولا في شبابنا، ولا في كهولتنا، ولما فوجئنا وفجعنا به، لم يكن في مقدورنا، وقد وهن العظم واشتعل الرأس شيبا ان نأخذ بحجز المتدافعين، ونردهم الى جادة الصواب. ولو نظرنا في صراعات تلك الطوائف، وتصفياتها للسمعة، وتراشقها ببذيء الكلام، وساقط القول، لهالنا الامر. وما من احد من هؤلاء واولئك الا هو هارب من النار، ولكنه ركب رأسه، واعجب برأيه، وجعل اصابعه في أذنيه، واستغشى ثيابه، وأصر، واستكبر استكبارا، فوقع في الهلكة. والذين يرسخون مفهوم «الحدية» و«الثنائية» يقترفون خطيئة كبرى، لانهم يضيقون واسعا، ويوسعون رقعة الخلاف والتنازع والشحناء. والرسول - صلى الله عليه وسلم - يتفادى دائما الحدية، وفي «حجة الوداع» ما سئل عن شيء الا قال: افعل ولا حرج. أو كما قال. والصحابة يختلفون، ولا يعادي بعضهم بعضا، واذا احتدم الخلاف بينهم، انتهوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصوب آراءهم، او سكت عن الاجابة، فعل ذلك عند امره بصلاة العصر في بني قريظة، وعند اختلاف عمر مع قارىء القرآن. وقد يحسم الموقف، كما في قوله: «أفتَّان أنت يا معاذ؟»، وقد يتولى الله فض المنازعات، كما في اقتتال «الطائفتين». وما من مخطىء بحق رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بحق الاسلام أو بحق نفسه الا ويسمع من يقول بحضرة الرسول: دعني يا رسول الله أضرب عنقه، والرسول الحريص على جمع الكلمة والرؤوف الرحيم بأمته، يؤلف القلوب، ويؤاخي بين المؤمنين، ولا يرضى ان يتحدث الناس بأنه يقتل أصحابه، وتلك نظرة ثاقبة لآثار حرب الشائعات. وحين لحق بالرفيق الأعلى، وتوقف وحي السماء، واندس «السبئيون» لتمزيق وحدة الأمة، وقعت الواقعة، ونال الأمة ما حذرها منه، وأخبر به بقوله: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» وقوله : «اقرؤوا القرآن ما ائتلفت قلوبكم فاذا اختلفتم فقوموا عنه». وحين اختلفوا عنده في مرض وفاته، صاح بهم: «قوموا عني»، فهو يكره الاختلاف والتنازع، ويعرف أثرهما على قوة الأمة وهيبتها، ولهذا أمر بالسمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر والأثرة، ونهى عن منازعة الأمر أهله، الا ان يرى المؤمن كفرا بواحا عنده من الله فيه برهان، وصدق الله: {وّالًفٌتًنّةٍ أّّشّدٍَ مٌنّ القّتًلٌ} وما نشاهده اليوم تدافع مستميت للفتنة، وعشق متيم للصراع، وكل من أراد استقطاب الغوغاء اقترب من المسكوت عنه، وكل من عشق الأضواء لغم كلماته، ثم أرسلها لتصنع له العجائب.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:48 PM | #286 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
منخنقات: المعية.. والضدية.. وتفخيخ الأسئلة..! 2 - 2
د. حسن بن فهد الهويمل وتفخيخ الأسئلة، والاستدراج عبر تلاحقها الملح، يشيع في الأمة الريبة والخوف، ويوطئ الأكناف للفتن العمياء، ويجمد على الشفاه تطلعات المفكرين والعلماء. وغياب مبدأ التعاذر، وافتقاد حسن النية والرأفة والرحمة مؤذن بفساد كبير. وأي سؤال تربصي وغير بريء يتخلل لحمته وسداه مشروعُ جواب استدراجي توريطي، وعند كل نحلة أو طائفة أسئلتها المزيفة، وقد تعرض كبار العلماء لمثل ذلك، ولعلنا نضرب المثل «بأبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري» صاحب الصحيح وبموقفه من قضية «خلق القرآن» فكلما دخل مدينة لطلب الحديث وروايته، دبرت له أسئلة تربصية مفخخة، فكان أن لقي الأذى والمضايقة والطرد. والأسئلة التربصية ينشئها غير مستعلم، ويتلقاها غير حصيف، ومن ثم لا تحيل إلى أزمة قائمة، وإنما تخلق أزمتها، أو تصعد أزمتها القائمة. وأحسب أن من المسلمات كمون الأزمات في زمن التحولات السياسية والفكرية، وتساؤلات الخيفة أو التخويف تحققية لا استعلامية. وتثوير ما لم ير صانع المشروع الوصول إليه يتيح فرصة التخلق للأمة، وفي زمن التخطيط لأي مشروع تتلاحق الأسئلة الاستشكافية أو الاسترشادية أو التعجيزية أو التوريطية. وعندما تمارس مثل هذه الرغبات مع الرسل يتولى المرسل حسم الموقف {لا تّسًأّّلٍوا عّنً أّّشًيّاءّ إن تٍبًدّ لّكٍمً تّسٍؤًكٍمً} وفي الصحيح عن أنس: أن ر جلاً قال: يا رسول الله أين أبي؟ قال: «في النار» وفي الصحيحين «إن أعظم المسلمين في المسلمين جرماً من سأل عن شيء لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته» وفيهما «فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم». وحين صعَّد السائلون أزمة الأسئلة، وأحفوا الرسول بالمسألة صعد المنبر قائلاً: «لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم». الأمر الذي حمل كبار الصحابة على الندم والبكاء، وتجديد الإيمان، والرضا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، مستعيذين من سوء الفتن، وكأن الأسئلة غير السوية طلائع للفتن. والإمام مالك رحمه الله فيما أعلم سئل عن مسألة، فقال للسائل، هل وقعت؟ قال: لا. قال: إذا وقعت فاسأل عنها من قِبَلك. أو كما قال. ولهذا فإن كثرة الأسئلة مؤشر حالة غير سوية، والمشاهد السياسية والدينية تعج بأسئلة افتراضية يتراشق بها المرتابون، ويفخخها المتربصون، ويغذيها الحزبيون والفئويون والمذهبيون المتعصبون والفضوليون، أسئلة لا تُستمد من الواقع، ولكنها تنسل من أفكار مرتابة متخوفة أو متربصة، تفترض أسوء الاحتمالات، وتشك حتى في اليقينيات، مقتربة من الشك الديكارتي، غير أنها لا تبحث عن الحقيقة. والتسيس الثوري لكل شيء أخطر من عسكرة الأمة، وفي كل منهما سلبياته القاتلة، وتلاحق الأسئلة عن الموقف من الأشياء والأناسي لقصد الاكتشاف والتصنيف مردهُ إلى ما تعيشه كافة المشاهد من ضغوط وتوتر، وما ترقبه من مخاضات، وما تتوقعه من تصرفات غير مأمونة العواقب، إضافة إلى صرعة التسييس والعصبية المقيتة. ولو أن السؤال منتج موقف ضاغط لتجاوز زيفه وتأزيمه، وأصبح قابلاً لجواب مفعم بالإيجابية. وحتى الفتيا التي تجيء في أعقاب سؤال ماكر ترفع نبض المشهد، وتعمق الخلاف، وتحشر الناس إلى ولاءات إقليمية أو فئوية. ومما أدركنا من تجارب سلفت استدراج المفكر إلى مصيدة المتماكر، ووضعه في موقف حرج أمام فخ السؤال المريب. والذين تتهاداهم قاعات التدريس أو منصات المحاضرات والندوات يحسون بالملاحقة المريبة، والاستدراج من حيث لا يحتسبون. والأسوء من كل ذلك أن تستدرج من حيث تعلم أو لا تعلم إلى وسيلة إعلامية ليتمتع بك الخليون، وتشفى بك صدور الحاقدين، ويملأ بك فراغ الفضوليين، ثم تنبذ بعد ذلك كسقط المتاع، لقد اشتركت القنوات والمستجيبون لها في إحراق السمعة، وليس من شك أن ملء الفراغات مهم ولكن بمقدار. والسؤال حين يتضلع من الافتعال والانفعال، ويفتقر إلى الضرورة والفعل، يتحول بذاته إلى إشكالية تتصدع عن نوابت سوء، تستفحل معها الإشكالية، ويستعصي تفادي أثرها السلبي. وكلما أتحنا فرصة لهذه النوعيات التي قد تحقر فعلنا إلى جانب فعلها أعطينا الدنية في ثوابتنا، وماذا علينا لو ملكنا الشجاعة، ووثقنا بأنفسنا وبمواقفنا، ولم نتح فرصة للمتخللين بأسئلتهم في نسجينا المتلاحم، وأعدنا السؤال إلى نحور أصحابه، بحيث لا ينالوا شيئاً، معتمدين على مشروعية «لا أدري» وقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم أسئلة استعلام وأسئلة تحدٍ، سئل عن: «الروح والساعة والأنفال والإنفاق والقتال والخمر والميسر واليتامى والمحيض وذي القرنين والجبال» فلم يجب على الفور، بل انتظر وحي السماء، ومن حقنا انتظار ناتج التأمل والمراجعة وتقويم المواقف، ومن حقنا التفصيل في الإجابة والتعددية والاحتمالية. والمشاهد الفكرية والدينية والسياسية حين تقع تحت طائلة هوس الأسئلة المفتعلة تصاب بدخن الفتنة، وتتحول متونها وهوامشها البشرية إلى متربصين تصفويين. وحين يبدهك إنسان من هذه النوعية بسؤال مصيري تكون حسب المفاهيم السائدة ملزماً بالإجابة الفورية، وكأنك في مسابقة تحسب زمن التأمل، وحين تتردد أو تتلعثم أو تتخلص كما «أسلوب الحكيم» تقع تحت طائلة الاتهام. ولأن السؤال يحمل ثنائية صارمة فإنك محصور بين «لا» أو «نعم»، وليس من حقك «قد يكون». وهذه الظواهر غير السوية ناتج تربية سيئة، من واجبنا أن نعيد النظر فيها، وأن نواجهها بقوة وثقة، لا نخشى فيها لومة لائم. والمسألة الدينية التعبدية وغير التعبدية والرؤى السياسية وسط أعاصير التحولات هي المجال الأرحب لصناعة السؤال المزيف من العامة والدهماء التي يتحاماها الجميع، لأنها تعيش تحت وطأة التجييش العاطفي الأهوج، ومتى تشكل وعيها من أسئلة الزيف تحولت إلى تيار جارف، يفرض الفوضوية وسيادة الجهل، وكيف لا يكون والرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر بنزول الجهل ورفع العلم وكثرة القتل. وتشكيل الوعي الجمعي من السؤال والجواب والشريط والمنشور والمواقع المتسربة من محدودي الفهم والعلم والتجربة يحول الرؤى والتعددية والفسح والاحتمالات إلى مواقف حدية صارمة كحد السيف. واحتدام العامة، وتدخلهم في اختصاص المؤسسات لا يكون ملفتاً للنظر إلا في الظروف المتوترة، وقد مر التاريخ الإسلامي بمثل هذه الحالات، والدراسات المثيرة عن أحوال العامة في بغداد في القرن الرابع والخامس انطوت على تصرفات غريبة. و«الحدية» تفوت على الأمة فرص التفكير، إذ المسألة عندها إما أبيض فاقع اللون، أو أسود قاتم اللون. وعندما لا يكون طرفان ووسط، ومواقع رمادية، تتعطل لغة العقل، وتنعدم فرصة الخيارات، وتلك قاصمة الظهر. ولست أشك أن الخطورة المترتبة على استمرار الأسئلة لا تقل عن الجرأة على الفتيا، ذلك أنها ناتج سؤال متوتر، وفي الأثر «أجرؤ الناس على الفتيا أجرؤهم على النار». إن افتراض إشكالية دينية لم تقم، تعني تعطيل الفعالية أمام إشكاليات قائمة. وهلوسة الأسئلة تستدعي كثرة المجيبين، ومن ثم يكثر المتعالمون والجهلة، ذلك أن مثل هذه الحالة غير السوية تدخل بالأمة نفق العرض والطلب، فإذا كان السؤال طلباً فإنه يفوق العرض، ومن ثم يختل التوازن، ويكثر الطلب على المهيئين للإجابة على الأسئلة، وإذا استشرت ظاهرة التعالم لسد الثغرات هلكت الأمة. وصرعة الأسئلة الاستدراجية حملت الكفاءات العلمية والفكرية على التراجع، وعرضت آخرين للمساءلة، ومتى أصاخ العالم و المفكر، وأوجس خيفة من القول والصمت تشكلت الذهنيات المرتابة، وأصبحت المشاهد مساحة ملغومة، ومما ضاعف الإشكالية هوس المواقع على «الانترنت» فكل من ضاقت به الحيل، وأرهقه الفراغ، تمطى على موقعه، واستقبل فيوض القول في الجرح والتعديل والتزكية والتخوين والوعد والوعيد، وكل داخل على الموقع للاستخبار يقول: اللهم سلم سلم. وسؤال الأسئلة: من المسؤول عن اندلاق أقتاب الأسئلة المريبة، ومن المسؤول عن إيقاف النزيف؟ التربية أم السلطة أم النخبة؟.
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
21-12-2006, 02:50 PM | #287 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Mar 2006
المشاركات: 355
|
الحمدلله
وصلنا إلى نهاية تراث الدكتور حسن في 2002م بقي 2001م و2000م و1999م و1989م إن شاء الله
__________________
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم × ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم × ومن شاء تعويجي فإني معوج وما كنت أرضى الجهل خدناً وصاحباً × ولكنني أرضى به حين أحرج |
22-12-2006, 01:58 PM | #288 |
Guest
المشاركات: n/a
|
موفق أخي ..
|
الإشارات المرجعية |
|
|