|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
|
![]() |
#1 |
Guest
تاريخ التسجيل: Feb 2007
البلد: في قلب التاريخ
المشاركات: 6
|
سـيا سة الـتـجـو يـع . . .
كنت أراهن دائمًا على أننا في بلد خيره لغير أهله , كما البخيل حين يتبخل على نفسه ليذهب ماله إلى غيره بعد موته , سواء كان ذهابه إلى الورثة أو إلى بيت المال في البلد الذي ينتمي إليه , وكم من كنـز وجد مدفونًا في حجرات تلك البيوت العتيقة التي هدمتها الدولة , لتقيم في أمكنتها توسعة لمرفقات عديدة , كشارع أو أسواق أو مبانٍ حكومية وأخرى أهلية , وكم من كبير سنٍّ قد جحد ما عنده من أرصدة في البنوك على أبنائه خوفًا من أن تعود السنون العجاف التي مرت عليه في شبابه , وما علم أن جيله في فقر مدقع , ولكنه فقر يختلف عن الفقر الذي عاصره في شبابه ؛ ذلك أنه فقر مخفي في قلوب أصحاب القروض وكارثة سوق الأسهم ( البورصة المالية ) , وغلاء الأثمان في كل شيء .
تحرص الدول الغنية على إفقار شعبها بحالة واحدة , إذا كانت قائمة على خطى القهر والغلبة في سياساتها , فهي لابد أنها تحدث نفسها بعمليات تخريبية إن لم تصل إلى عمليات انقلابية على دفة الحكم وسدته , أو الرئاسة وبرلمانها , هذه العمليات لا تفد عليها من الخارج , وإنما تحدث من أبطال الداخل , ولعمر الله إنها لشوكة في حلوق الدول التي تعيش على ممالأت شعوبها بعنجهية وقلة خبرة , فلا تلبث إلا أن تنعتهم بالإرهابيين , وفئام من الفئات الضالة !! حين نسمع من أحد الموظفين التابعين للبنك الدولي في بلادنا وهو يتحدث عن التبرعات التي تصرف لبعض الدول ؛ نكاد نصاب بالغثيان , بل قد يصاب أحدنا بنوبة قلبية تأتي على حياته سريعًا , ولعلنا نقف عند تلك التبرعات التي تصرف للبنان فحسب , فإنه يصرف لها شهريًّا مبلغ مقداره خمسمئة مليون دولار أمريكي وليس كندي , وهذا تبرع ثابت , بخلاف تلك التبرعات التي ترسل إليها كلما هجم عليها عدوها الصهيوني الدائم , و الذي يقاسمها الكعكة كما ثبت عن طريق استخبارات سرية شديدة السرية . ولعلنا لا نبتعد كثيرًا عما حصل على مستوى القضية الفلسطينية , فقد انبثق عن اتفاق مكة المكرمة الأخير عن تبرع من بلدنا المبالغ التالية : - خمسة مليار دولار لحركة حماس . - ثلاثة مليار دولار لحركة فتح . - ملياران لباقي الأحزاب المتناثرة هناك . ( تلك عشرة كاملة ) . ليس من غرض سياسي من تلك التبرعات التي تعطى لهم وتبذل , وإلا فإن الحق يقال ؛ فإن هذه الأموال لا تقدم للشعب الفلسطيني , وإنما تذهب إلى جيوب هؤلاء الزعماء ليزدادوا غنى , فإن الرئيس الراحل ياسر عرفات كان يملك عمارات شاهقة في بعض الدول الأوربية , كانت رؤوس أموالها مأخوذة من تلك التبرعات لمنظمة التحرير . وإني لأعجب من سرعة نجاح هذا الاتفاق الذي كانت الدماء _ قبل يومين فقط _ تعلو الركب بينهما , وأعجب أخرى إلى أن بلدنا تجود بالمال لغير أهلها دائمًا , وأن الإصلاح للأمور المتأزمة لا يأخذ أكثر من يوم وليلة , فمتى كانت النية موجودة , كانت الغاية المرجوة متحققة لا ريب , فليت كان هذا الإصلاح لبلدنا المجوَّع , مما حدا إلى كثرة العائلات المقيدة في سجلات الجمعيات الخيرية , وهي كثرة مطردة بشكل عجيب ومهول جدًّا . لقد سمع الجميع قبل أيام بتلك الأم التي انتحرت من أجل ظروفها المادية لها ولأسرتها , فما كان من حكومة بلدنا إلا أن وظفت ابنها العاطل , واللاهث عن وظيفة مثله مثل غيره من آلاف الشبان ولم يجد , وكأن هذا تشجيع على انتحار أمهات العاطلين عن العمل , فهي رسالة صارخة لما يحدث في مجتمعنا , ولكن سياسة البلد تريد هذا , إن هذه السياسة معروفة ومجربة منذ الأزل , حتى ينادى أولائك الأمراء بالتبرع لعلاج أبناء المواطنين في تلك المستشفيات الكبيرة , كالعسكري , والحرس الوطني , وغيرهما , بينما نجد بناء المدن الاقتصادية , والتبجح ببناء المستشفيات الأهلية . إن ما يحدث من سرقات جنائية , وجرائم جنسية , واتجار بالمخدرات وخصوصًا نوع الحشيش على هيئة بلاطة ؛ لهو أمر مؤسف حقًا , فقد سلك العاطلون طرق المحذور حين لم يجدوا طرق الكسب الشرعي الحلال , وتكفلت الصحف _ تبجحًا _ بنشر هذا المنعطف الخطر بشكل يومي على أولى صفحاتها , بل إن أطفالنا أصبحوا يتناقلون نكت الحشاشين , وهي نكت أجزم أنها قد جاءت إليهم عن طريق حشاشين بالفعل , يدل على كثرة تعاطي الحشيش عندنا , فالشعب المغلوب على أمره , قد يجد مثل هذا متنفَّسًا عما يعتلج في صدره , فكأن شخصية الحشاش أصبحت شخصية كوميدية مستمرأة عند الأطفال , وعاقبتها وخيمة حين يكبرون . سوق الأسهم عندنا انهار انهيارًا لم يسبق أن حصل من قبل , وراح المواطن يندب حظه , فقد رفع السوق بالاكتتابات الأولية كشركة الصحراء , وموبايلي , وبنك البلاد , فرأى المواطن أن مكسبه خمسمئة بالمئة , ثم انهار فجأة , لكي تعوض تلك البنوك التي هي مفلسة في الحقيقة , فقد كانت الودائع في الحسابات الجارية للمواطنين ثابتة , فيجيء المواطن المخدوع برفع سوق الأسهم فيحول ودائعه إلى أسهم , بينما البنك لم يشترِ له , وإنما على ورق , فتكون سرقة نظامية إذا انهار السوق , حيث لا يقدر أن يطالب بماله , فقد تحول إلى شركات قد انخفض سعرها إلى الحضيض , والدولة – أي دولة _ مدعومة من بنوكها المصرفية , فإني لأذكر أن رواتب الصحة كانت من بنك الراجحي في عهدي الملك فيصل وفهد , وكذا فعلوا بتلك المساهمات العقارية من أمثال الدريبي , والعيد , والجمعة , وغيرها كثير ؛ ذلك أن البنوك أشتكت إلى وزارتي النقد و الصناعة والتجارة عن سحب المواطنين أموالهم منها لكي يساهموا بتلك المساهمات , فكان أن دبرت الدولة لها المكيدة بأن تتهم بتهمة غسيل الأموال لتجمدها , والضحية المواطن الذي تريد الدولة أن تفقره ليكون محتاجًا إليها طالبًا الكفاف , وهي مؤشر خراب , وبداية زوال أمن واستقرار , مما يطعن في زيادة الأسعار في كثير من الخدمات والمواد الاستهلاكية , كالكهرباء مؤخرًا , وارتفاع الخضار وغيرها ؛ إذ إن الأموال سحبت من المواطنين , ثم ترفع عليهم الأسعار !! إنه تناقض مطرد بلا جدال ! وهي ظاهرة اجتماعية واقتصادية قد سطرها ابن خلدون في مقدمته حين قال : ( اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها , وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها انقبضت أيديهم عن السعي في ذلك , فإذا قعد الناس عن المعاش كسدت أسواق العمران , وخفَّ ساكن القطر وخربت الأمصار ) . ( 2 / 741 ) . ويقول كأنه يتحدث عن واقعنا : ( وأعظم من ذلك في الظلم وإفساد العمران والدولة ؛ التسلط على أموال الناس بشراء ما بين أيديهم بأبخس الأثمان , ثم فرض البضائع عليهم بأرفع الأثمان على وجه الغصب والإكراه ) . ( 2 / 743 ) . وأكثر ما يشق علينا أن تكون تلك الظاهرة الاقتصادية المتردية من أجل نهب أموال الناس ليزداد المتنفذون غنًى , يقول ابن خلدون : ( واعلم أن الداعي لذلك كله ؛ إنما هو حاجة الدولة والسلطان إلى الإكثار من المال بما يعرض لهم من الترف , فتكثر نفقاتهم , ولا يكفي الدخل على القوانين المعتادة ؛ فيوسعون الجباية ( الفواتير والرسوم ) , ثم لا يزال الترف يزيد والخرج بسببه يكثر , والحاجة إلى أموال الناس تشتد ؛ إلى أن تنمحي دائرتها ويذهب رسمها ) . ( 2 / 746 ) . فيا عين جودي بالدموع السواجم . |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|