[ريبد]

تعرضت في مقالة الأسبوع الماضي إلى مايسمى ب"الفقه القبلي" أو كما وصفه بعض الجاهلين (سامحهم الله) ب"الفقه البدوي". قد فهم بعض القراء أنني أنتقد هذه المدرسة الفقهية الأصيلة في بلدنا الحبيب وهذا عكس تماما ما قصدته. إن هذه المدرسة المحترمة نمت ، وعلى قرون عدة ، في عزلة تامة عن بقية الأمة الإسلامية في كنف قفارنا و صحارينا بعيدة عن بيئة البدع و المعتقدات الدخيلة على شريعتنا السمحاء. هذه العزلة حافظت على نقاء ليس فقط عقيدة أصحابها بل أعراقهم العربية الأصيلة كذلك وحمتها من العلوج الذي أصاب بقية الأمة المحمدية نتيجة مخالطة كل من هب ودب في مكة المكرمة و المدينة المنورة و مصر وبلاد الشام والعراق وغيرها من الدول.

وقد أفرزت علماءا أفذاذا يضاهؤون علماء البلاد الأخرى فعلى سبيل المثال لا الحصر العالم الجليل خنيفس بن جربوع مؤلف "نهاية السائلين حول سرقة النعاج والبعارين" والعلامة أبو كليب الذري المشهور بالأحول النجدي ورسالته الرائعة "الكيس و أبيض القميص" الذي تناول فيه فضيلته مسألة جواز نهب وسلب قوافل الحجاج حيث أنهم من أهل البدع وبالتالي ينبغي أن يعاملوا معاملة الكفار من حيث إستباحة أموالهم و أعراضهم و أرواحهم وقد ساعد ذلك كثيرا في تنمية الإقتصاد المحلي للقبائل التي كانت تقطن طرق الحج.

مع الأسف الشديد أن هذه المدرسة لم تأخذ حظها من الإهتمام من بقية شعوب الأمة اللهم إلا في عصرنا الحديث وذلك في رأيي حسدا من تلك الشعوب على ما من الله علينا من علماء لم يتأتى لشعب آخر من الأمة أن تفرز مثلهم في الورع و الزهد ورفضهم التام لمخالطة السلاطين و الأمراء. أين الإمام أحمد بن حنبل من علمائنا.؟ أين الإمام أبو حنيفة أو مالك و الشافعي.؟

حتى المدرسة الجعفرية قد عجزت أن تأتي بعالم واحد ينافس علمائنا في سعة العلم والخبرة الواسعة بشؤون الناس و أحوالهم والسعي الحثيث لمواكبة إحتياجات العصر. إن أهم صفة لعلمائنا في رأيي هي ثباتهم على الحق دون أن تأخذهم في سبيل ذلك لومة لائم. ففي قضية المرأة التي طلقت من زوجها ، التي أشرت إليها في مقالي السابق ، كان يمكن على القضاة الأفاضل في محكمة التمييز أن يجاروا الرأي العام المحلي و العالمي وينقضون ذلك الحكم الذي يعتقد البعض أنه إجحاف صارخ وإنتهاك واضح لحقوق الإنسان في جميع الشرائع السماوية منها و الوضعية. ولكن الحمد لله فقد أثبتوا أن في سبيل الحق و التطبيق الصحيح للفقه القبلي لا يهمهم رأي أي جنس مخلوق على وجه الأرض.

هناك نقطة أخرى قد فات على كثير من منتقدي ذلك الحكم وهو عمل علمائنا الأفاضل المضني والدؤوب على حماية أعراقنا الأصيلة أو على الأقل من منا له عرق أصيل من العلوج بالإختلاط بأصناف بشرية دونة. فهم جزاهم الله خيرا يعملون في صمت للمحافظة على العرق "السعودي" الأصيل حتى لا يحدث لنا ما حدث لغيرنا من المسلمين بعد مخالطهم الشعوب الأخرى.

أسألكم أيها الإخوة و الأخوات كيف يمكن لنا إلا أن نحترم هؤلاء المجاهدين الذين زهدوا الدنيا و حطامها كما يعلم ذلك القاصي منا قبل الداني وورعهم الذي يجعلهم يتجافون مجالس الأمراء و أصحاب السلطة. فلكل من ينتقد "الفقه القبلي" أقول "موتوا بغيظكم!".
:::::::::::::::::::::::::::::::::::
منقول