|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2001
البلد: بريدة
المشاركات: 68
|
سيرة رجل يحبه قلبك (4)
هل كان لدى الأمريكان خيار آخر؟
نعم كان لديهم خيار أحكم بكثير، لكن الله سبحانه لم يحرفهم عنه فحسب بل أراد لهم أن يضخموا قضية بن لادن تغطية لفضائح كلينتون. هذا الخيار الآخر الذي كان من الممكن أن يحاصر به بن لادن و الجماعات الجهادية و لم يهتد إليه الأمريكان هو الصبر و التحمل وتضخيم صورة الأبرياء الذين قتلوا في انفجاري كينيا وتنزانيا وخاصة المسلمون منهم وإظهار بن لادن والجهاديين على شكل متعطشين للدماء نشاز بين المسلمين أنفسهم لا يهمهم حتى قتل أبناء جلدتهم من أبرياء المسلمين. ولربما كان هناك لدى الأمريكان فرصة للاستفادة القصوى من المؤسسات الدينية في مصر والمملكة لتشويه صورة هذه الجماعات من خلال ربطها بقتل العشرات من المسلمين الأبرياء فقط لأجل قتل بضعة أمريكان و إظهار تلك الجماعات كآخر من يلتزم الشرع. و لو صبر الأمريكان وتحملوا وقع الضربة ومضوا في ذلك الاتجاه لأصبح بن لادن والجماعات الجهادية في وضع حرج مع الشعوب ومع الطالبان لأن ذلك العمل الذي يستطيع الأمريكان التشكيك في شرعيته إسلاميا من خلال المؤسسات المذكورة يقضي على جزء كبير من شعبية تلك الجماعات ويظهر أمريكا على أنها مظلومة ومتحامل عليها بغير وجه حق. لكن الذي حصل أن هذا الخيار قد حرم منه الأمريكان إلى درجة لا يمكنهم التراجع واستعادته لأنهم مضوا بعيدا في تضخيم رد الفعل وتضخيم حجم بن لادن وإثبات أنه أوجعهم وآذاهم. أمريكا تشن حملة على "أعوان بن لادن" في الاسابيع التي تلت حادثتي التفجير والرد الأمريكي شرعت أمريكا في حملة اعتقالات لبعض العرب والمسلمين بحجة علاقتهم بابن لادن . وكانت طريقة الإعلان التي صارت تستخدمها امريكا تشبه طريقة بعض الدول العربية التي ما إن تعتقل أو تقتل "أمير جماعة" حتى يظهر "أمير جماعة" آخر وتعتقله أو تقتله ويتبين أن الأمراء في تلك الجماعات أكثر من الأفراد !!. هذا هو الأسلوب الذي استخدمته أمريكا في تحسين صورتها في تتبع شبكة بن لادن المزعومة، فكل يوم يظهر علينا سكرتير خاص، ومدير أعمال، و"شخصية مركزية" في عمليات بن لادن. وقد استثمرت الحكومة الأمريكية جهل الشعب الأمريكي، وضخمت القضية من أجل التعويض عن عجزها في حرب "الإرهاب" ومتابعة بن لادن.أما بن لادن نفسه فقد بقي تلك الفترة تحت حماية الطالبان خوفا من عملية اغتيال أو خطف مفاجئة، وقد نفى الناطق الرسمي باسم الحركة وقتها إشاعة أن يكون بن لادن تحت الإقامة الجبرية وأكد أنه يتمتع بحرية التنقل في كافة أنحاء أفغانستان. السعودية لم تيأس لم تتوقف محاولات الحكومة السعودية في الضغط على طالبان بتسليم بن لادن ومن أجل ذلك لجأت الحكومة السعودية إلى آخر سهم في كنانتها وهو إرسال أكثر الأمراء السعوديين خبرة بأفغانستان تركي الفيصل. توجه تركي الفيصل بصحبة عبدالله التركي وزير الشؤون الإسلامية وسلمان العمري القائم بالأعمال السعودي في كابل. في قندهار قابل الوفد الملا عمر وطلب تسليم بن لادن لأمريكا ودارت بين الوفد السعودي وبين طالبان ملاسنة حادة قال فيها الملا عمر أنهم إذا كانوا يتحدثون باسم أمريكا فلا يلومونه إذا قال إنه يتحدث باسم بن لادن. وكانت عبارة ملا عمر هذه من باب الاحراج للوفد الذي طلب تسليم بن لادن لأمريكا وإلا فإنه لم يكن موافقا مع بن لادن في توجهانه الأخيرة. وفي اللقاء ادعى تركي الفيصل أنه قَدِمَ بناء على طلب من الملا عمر من أجل استلام بن لادن، فأنكر ملا عمر وجود هذا الوعد، بل انتقد شرعية مثل هذا الطلب أصلا، فاشتد النقاش بين الطرفين إلى درجة أن الملا عمر وجه كلاما خشنا للوفد السعودي تردد المترجم في ترجمته فنهره الملا عمر وأصر على ترجمته حرفيا. وقبل أن ينصرف تركي الفيصل طلب منه الملا عمر أن يصطحب معه القائم بالأعمال السعودي لأنه كذا وكذا ! وبعد عودة تركي الفيصل إلى الرياض أرسل بطلب اعتذار من الملا عمر فرفض الملا عمر ورفض إعادة القائم بالأعمال السعودي فقرر السعوديون إبعاد القائم بالأعمال الأفغاني في الرياض. السعودية تطرد ممثل طالبان في نهاية سبتمبر من نفس العام قررت الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان دون تبرير رسمي ولكن هذه الأسباب تبينت فيما بعد من خلال الطالبان أنفسهم و هو باختصار ما ذكر أعلاه من رفض الحركة كل المطالب السعودية بتسليم أسامة بن لادن أو تحجيم نشاطه أو تسليم غيره من"الأفغان العرب" الموجودين عند طالبان.من الناحية الرسمية لم يصدر شيء إلا تصريح يتيم خجول من مصدر مسؤول رفض ذكر اسمه حسب رواية وكالة الأنباء الفرنسية في حينها. فلتة لسان سعودية : انفجار الخبر من عمل بن لادن كان تصريح المسؤول سعودي المذكور لوكالة فرانس برس قد كان بمثابة زلة لسان بلعها المسؤول السعودي وعلم بعد ذلك أن ذلك المسؤول تعرض لتأديب على التسريب. كان التصريح يقول أن سبب طرد ممثل طالبان هو عدم تعاونهم مع الحكومة السعودية في تسليم مطلوبين من بعض أتباع بن لادن من المقيمين عند طالبان رغم وجود أدلة على تورطهم في حادث انفجار الخبر. وكانت هذه الزلة أول مرة تشير فيها جهة سعودية إلى أن المسؤولين عن انفجار الخبر من أتباع بن لادن بينما كانت واستمرت تدعي أن المسؤولين عن الحادث شيعة. طرد سفير طالبان هو الوضع الطبيعي ولم يكن قرار الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان غريبا بقدر ما كان اعترافهم السريع بطالبان مثيرا. ولربما كان الاعتراف الأول بالطالبان قائما على تقديرات خاطئة مفادها أن هذا الكيان الجديد يجب أن يُحتضن في النظام العالمي الجديد ويدخل كنف أمريكا، وليس هناك أفضل من المملكة لإدخاله بسبب ثقلها الروحي في العالم الإسلامي، وبسبب خبرتها ونفوذها في الجهاد الأفغاني في السابق. ولقد قررت الحكومة السعودية التعامل مع الطالبان بطريقة هي نسخة عن التعامل مع زعماء الأحزاب السابقين اعتقادا منهم أن الطالبان أفغان مثل الأحزاب السابقة والأسلوب الذي نجح مع الأحزاب سينجح معهم. ولذلك حاول حكام المملكة تجاهل قضية بن لادن في البداية وتبرعوا بلا مقابل بالاعتراف كتفضل على الأفغان الذين سيحرصون على رد هذا الفضل "الكبير". ولقد تجاوزت الحكومة السعودية تلك الخطوة إلى دعوة زعماء الطالبان للحج والعمرة كضيوف رسميين على الدولة السعودية، وعرض على عدد من قيادييهم بعض المغريات التي تستهوي البشر، كما حاولت الحكومة السعودية استخدام النفوذ الديني بإرسال بعض العلماء أو رسائل من المشايخ للتأثير على مواقف طالبان. وكان كل أمل الحكومة السعودية أن يقبل الطالبان التعامل مع بقية العالم على أساس "باكستاني ـ سعودي"، أو على الأقل يقبلون بالمطالب الدنيا للحكومة السعودية بتسليم أو تحجيم بن لادن. أيا من ذلك لم يتحقق رغم تكرار المحاولات السعودية، لم ينقطع الأمل عند الحكونة السعودية وحاولوا التأثير من خلال بعض الشخصيات التي اعتبروها أجنحة مرنة في الطالبان لكن كانت النتيحة سلبية. ولذلك فقد تورط السعوديون فلا هم الذين احتووا طالبان ولا هم الذين سلموا من تهمة التعاون أو التعامل معهم بعد مواجهتهم لأمريكا، وكان لا بد من التخلص من هذه التهمة بعد أن أصبحت العلاقة مع الطالبان عديمة الجدوى فكان قرار الطرد، وعلى الأرجح فإن التوقيت كان له علاقة بزيارة الامير عبدالله لواشنطن حيث صدر القرار قبل وصول الامير عبدالله لواشنطن بيوم واحد، وكان القرار بمثابة تبرئة لساحة الحكومة السعودية من العلاقة مع طالبان الذين يؤوون العدو الأول لأمريكا: بن لادن، ولم يكن من اللائق أن يحل الامير عبدالله ضيفا على الأمريكان بينما تبقى بلاده راضية عن طالبان مصدر "الارهاب". بن لادن ينقذ كابل مرة أخرى على مستوى بن لادن و"الافغان العرب" حصل تطور ظريف تزامن مع تلك الأحداث أدى إلى تقوية موقفهم عند الطالبان حيث تمكنوا من حماية إحدى جبهات كابل أمام أحمد شاه مسعود عند انشغال الطالبان بجبهات باميان حيث الشيعة والشمال حيث دوستم. وكان أحمد شاه مسعود الذي يعتبر قائدا ميدانيا محنكا قد لعب لعبة عسكرية ناجحة في استثمار خلو الجبهة من جنود طالبان. المجاهدون العرب كانوا خفيفي الحركة وكان لهم تجمع قريب من شمال كابل حيث الجبهة المواجهة لأحمد شاه مسعود. ولقد كان بلاء العرب في تلك المعركة لا يكاد يصدق حيث صمد في وجه مسعود ومنعه من دخول كابل حوالي خمسين من العرب فقط ، ولعل المتابعين للشأن الافغاني لاحظوا ان مسعود منذ ذلك الحين بدأ يطلق التصريحات ضد بن لادن بينما كان يتجاهله في الماضي. وحصل تطور آخر على مستوى المجاهدين العرب هو انضمام جنسيات أخرى غير عربية من الباكستانيين وبنجلاديش وطاجيكستان وأوزبكستان ودول أخرى ومعظمهم أو كلهم تقريبا يشعر بتبعية لابن لادن. الصحافة السعودية تقلب مع الحكومة ما إن صدر القرار السعودي بقطع العلاقة الدبلوماسية مع طالبان حتى انقلبت الصحافة السعودية على طالبان وفتحت قاموسها على طريقة الإعلام العربي الثوري في الستينات. وبقدرة قادر تحول من كانوا يوصفون من قبل نفس الصحافة في فترة الرضا بأنهم طلبة علم يطبقون الشريعة ، تحولوا إلى مرتزقة وقطاع طرق وتجار مخدرات ومراكز للإرهاب الدولي والتخلف الحضاري. صحف أخرى لم تهتم بهذا الجانب بقدر ما اهتمت بقضية بن لادن وأبرزت طالبان كجماعة نفعية تحمي بن لادن اليوم لمصالح مؤقتة وتبيعه غدا، وزعمت جريدة " الشرق الأوسط "حينها أن ملا عمر قد حنث بيمينه وسوف يسلم بن لادن والقضية قضية وقت. طالبان يعدمون جاسوسا من قبل السعودية توقعات جريدة " الشرق الاوسط " كانت خائبة إلى درجة أن طالبان فاجأوا العالم بإعدام شخص محسوب على السعودية جاء مكلفا من أحد الأمراء كما تقول مصادر طالبان لقتل بن لادن. قبضت طالبان بالتعاون مع مجموعة بن لادن على عدد من المرتزقة بينهم أشخاص من بلد بن لادن يخططون لعمليات تخريب في أفغانستان ويخططون كذلك لاغتيال بن لادن حسب رواية طالبان. ومن بين المعتقلين أفغان وباكستانيين وعرب إضافة إلى أشخاص من بلد بن لادن. وتبين من خلال التحقيق معهم أنهم أرسلوا من قبل الامير الذي يحمل ملف أفغانستان وباكستان. والدة بن لادن تُحشر في اللعبة رغم فشل زيارة تركي الفيصل لم ييأس السعوديون و قرروا استخدام وسيلة أخرى ليس لها علاقة بالطالبان وهي الضغط مباشرة على بن لادن. كانت والدة بن لادن ممنوعة من السفر وحرمت من زيارته عندما كان في السودان وكانت الحكومة السعودية تعلم انه في أشد الشوق إليها فعمدت إلى ترتيب زيارة خاصة لوالدته بطيارة خاصة تقلها إلى قندهار من أجل الضغط عليه وابتزازه بها. وفعلا نقلت والدة أسامة مع زوجها الذي كان من عائلة العطاس وهي عائلة حضرمية معروفة. وصلت الأم وقابل أسامة والدته فعلا بعد أن لم يرها سنين ولا غرابة أن كان اللقاء عاطفيا رقيقا لكن بن لادن كان واضحا تماما أن قضاياه ليست مطروحة للنقاش رغم الابتزاز. وعادت الوالدة المكلومة بعد أن كحلت عينها برؤية ابنها أسامة لكن لم تحقق لمن أرسلها مع وجها أي مطلب. الغيبة!! ظهر بن لادن مرة أخرى فجأة في بداية عام 1999 في بعض الجرائد الامريكية ومحطتي تلفاز مما تسبب في إعادة الحرج على الطالبان. وكانت أجوبة وتعليقات بن لادن تدل على ان لا تغيير في الموقف. بعد ذلك وبعد أن أيس الامريكان والسعوديون من استجابة الطالبان للضغوط الدبلوماسية تقرر استخدام كل الوسائل الممكنة مما حدا الطالبان إلى اتخاذ قرار بعزل بن لادن عن العالم وذلك لتحقيق هدفين الاول حمايته و الثاني منعه من إدخالهم في حرج جديد هم في غنى عنه خاصة أنهم غير متفقين مع بن لادن بخصوص الفتوى الأخيرة. وبقي بن لادن معزولا للحماية إلى هذه اللحظة. وخلال هذه الفترة ترددت أنباء عن مغادرته أفغانستان لم تثبت. أما برنامج قناة الجزيرة الوثائقي عن بن لادن الذي عرض في بدايات صيف 1999 فقد تم تصوير المقابلة مع بن لادن التي كانت جزءا من البرنامج في نفس الفترة السابقة و هي نهاية 1998. إعلان الحصار علىالطالبان كما اشتهر وأعلن قررت أمريكا استثمار نفوذها على مجلس الأمن لفرض حصار على طالبان إلى أن تسلم بن لادن. كانت إجازة مجلس الأمن للقرار دليلا على إن كيان المجلس مستعد لتنفيذ أوامر أمريكية بطريقة مخجلة ولا نريد أن نعلق كثيرا لأن مجرد انصياع العالم لأمريكا في قضية مثل هذه هو تجسيد لوضع العالم في الوقت الحاضر. المهم أن أمريكا وغيرها لم تفهم أن طالبان لا ينفع معهم هذا الاسلوب وأنهم ليس من الوارد أن يسلموا بن لادن. الوضع الحالي لا يزال أسامة بن لادن في مكان خاص لحمايته مع عدد لا بأس به من الاخوة العرب ولم يحصل تطور ذو بال يغير وضعه ولا تزال علاقته مع طالبان على حالها من جهة الاحترام والتقدير والحماية ومن جهة أخرى تحفظ على أعماله الأخيرة. كذلك لم يطرأ أي تغير علىعلاقاته مع الجهات الأخرى. أسئلة و أجوبة: المحور الأول: لماذا تبنت أمريكا مواجهة بن لادن رسميا ومن قبل أكبر رأس فيها و هو كلينتون؟ المحور الثاني: لماذا حظي بن لادن بكل تلك الشعبية العارمة بين عامة المسلمين ؟ المحور الثالث: لماذا يعلق آل سعود على بن لادن بهذا الأسلوب؟ قضية ما أسميته بالإجماع العالمي على وصف بن لادن بالإرهاب -ولعلك تقصد الحكومات و الأطراف السياسية- هذه فرع عن الموقف الأمريكي ولا تحتاج إلى تحليل خاص بها. بالنسبة للمحور الأول هناك ملاحظة هامة جدا وهي أن الأمريكان رغم اهتمامهم القديم بابن لادن من جهة المخابرات ألا أن الاهتمام السياسي والإعلامي لم يظهر إلا بعد إعلان الجبهة الإسلامية العالمية. فابن لادن لم يطرأ عليه جديد بخصوص التضحية والجهاد خلال السنتين الماضيتين فالرجل كان ذا تضحية وبذل منذ أن عرف أفغانستان. لاحظ كذلك أنه لم يبدأ بمعاداة أمريكا علنا بعد إعلان الجبهة الإسلامية العالمية سنة 1998 حين أبدت الإدارة الأمريكية ومن ثم الإعلام الأمريكي اهتماما غير عادي به، بل انه سبق أن أصدر بيان الجهاد لإخراج القوات الأمريكية وغيرها من القوات غير المسلمة من جزيرة العرب سنة 1996 ولم يحظ ذلك إلا باهتمام محدود جدا بل يؤكد بعض المتابعين لقضية بن لادن إن الأمريكان ربما حاولوا تفادي الرد على ذلك الإعلان تجنبا لإعطائه الضجة الإعلامية التي كانت ستشهره. لاحظ كذلك انه رغم ربط اسمه بانفجار الرياض والخبر فانه لم تبد السلطات الأمريكية أي حرص يذكر لإثبات ذلك مقارنة بمحاولتها ربطه بانفجاري كينيا وتنزانيا، و نفس الملاحظة السابقة تنطبق هنا حيث حرص الأمريكان في تلك المرحلة التقليل من شأن أي دور لابن لادن في انفجاري الرياض والخبر مقابل التأكيد والقطع والتضخيم لدور بن لادن في انفجاري كينيا وتنزانيا. يبدو لي أن سبب التحول في الموقف الأمريكي من التجاهل التام لبيان سنة 1996 إلى الاهتمام الانفجاري سنة 1998 يعود إلى إدراك الأمريكان للفرق بين الدعوة إلى إخراج قوات محتلة كافرة من جزيرة العرب المحرمة على الكفار وبين الدعوة إلى قتل الأمريكان في كل مكان وزمان. فالأمريكان يدركون أن الدعوة الأولى دعوة مليئة بالحجة والإقناع وهي فضلا عن كونها مرتكزة على تعاليم شرعية وتلاقي قبولا عظيما عند المسلمين لمن يدعوا إلى إخراج الكفار الغزاة من أقدس بلاد المسلمين، فضلا عن ذلك فهي دعوة مقبولة تماما من قبل غير المسلمين بما فيهم الرأي العام الأمريكي، ذلك لأن مطلب إخراج قوات محتلة من بلد محتل مطلب مشروع ومبرر ويلقى صدى عند قوى التحرر والمطالبة بإعطاء الشعوب حقوقها وهي قضية محرجة جدا للحكومة الأمريكية التي تزعم أنها تدعم حق الشعوب في تقرير مصيرها. ويوازي ذلك عمليتي الرياض والخبر ففي تلك العمليتين -اللتان لدى الأمريكان معلومات عن دور لابن لادن فيها- كان الهدف هو القوات الأمريكية داخل جزيرة العرب، فالمستهدف هو قوات عسكرية والمبرر هو وجودها على شكل قوات محتلة في أراض مقدسة. أما الدعوة الثانية أو الإعلان الثاني المتمثل في إعلان الجبهة الإسلامية العالمية فقد كان مختلفا، لأنه دعوة إلى قتل الأمريكان مدنيين كانوا أو عسكريين، ليس في جزيرة العرب فحسب بل في كل مكان. والأمريكان يدركون أن هذا الكلام من الصعب أن يحظى بأي تعاطف في الرأي العام الأمريكي فضلا عن أنه لن يحظى بنفس القبول الذي لقيه البيان الأول لدى المسلمين وذلك لأنه لا يستند إلى حجة شرعية مقنعة توازي الحجة الشرعية في البيان الأول. ثم جاء انفجاري كينيا وتنزانيا ليثبتا محتوى بيان الجبهة -أو هكذا وضعه الأمريكان- فالمستهدف هنا ليس قوات أمريكية بل بضعة أمريكان وليمت معهم من يمت من الضحايا حتى لو كانوا أبرياء بل حتى لو كانوا مسلمين ولا مانع أن يقتل المئات مادام هناك ضحايا أمريكان. والميدان هنا ليس الأراضي المقدسة ولا حتى أمريكا نفسها وبذلك يمكن تجريد بن لادن من التعاطف الإسلامي والعالمي من خلال إظهاره كشخص متعطش للدماء بلا مبرر ديني ولا منطق سياسي مقبول. من هنا جاء الحماس الأمريكي لمواجهة بن لادن بعد قضية إعلان الجبهة والانفجارين لكن هذا الحماس الأمريكي تزامن بقدر الله مع قضية فضيحة كلينتون مع لوينسكي مما أدى إلى تخبط مضحك في السياسة الأمريكية تبعه رد الفعل الإسلامي وهو ما نناقشه في المحور الثاني. المحور الثاني: وهو لماذا حظي بن لادن بكل تلك الشعبية العارمة بين عامة المسلمين ؟ هذه القضية فرع عن الأولى. في نظري فإن أهم عامل في ذلك لم يكن بيانات بن لادن ولا تفجيري كينيا وتنزانيا ولا تفجيرات الرياض والخبر. العامل الرئيسي –والله أعلم- هو ردة الفعل الأمريكية المتمثلة في ضرب أفغانستان والسودان وتصريح كلينتون بأنه أتخذ قرار الضرب ردا على بن لادن. من أجل تصور هذه النتيجة ينبغي فهم العقلية الإسلامية الحالية التي تشعر بعداء أمريكا بسبب مواقفها ضد المسلمين وفي المقابل ترى انبطاح حكام المسلمين لأمريكا واستعدادهم لتنفيذ خططها وبرامجها، ولهذا فهم متعطشون ومتلهفون وبقوة لمن يقف بوجه أمريكا ويثبت أنه أوجعها، وأي إثبات بأن بن لادن أوجع أمريكا وشفى صدور المسلمين أكثر من أن يقف كلينتون بنفسه ويردد اسم بن لادن ثلاث مرات وهو يعلن عن ضرب السودان وأفغانستان كرد على بن لادن وينفجر بعدها الإعلام الأمريكي وتبعا له الإعلام العالمي والعربي بوصف الحرب الدائرة بين بن لادن وأمريكا. و أنني أعتقد -وأرجو أن لا يساء فهمي- أنه لو لم تعمد أمريكا إلى الرد بهذه الصورة لربما لم يتحول بن لادن إلى ذلك البطل الأسطوري، بل انه لو تمهلت أمريكا وحاولت استغلال الثغرات الشرعية في بيان الجبهة العالمية مستعينة بمن ترشحهم الحكومة السعودية والمصرية من علماء السلطة وركزت على الدماء والأشلاء في كينيا وتنزانيا حيث قتل عدد كبير من المسلمين، لو عملت ذلك لم يحصل ما حصل من الشعبية لابن لادن والله أعلم، ولعل الله أراد أن يربك الأمريكان حين قدر أن يتورط رئيسهم بتلك الفضيحة فانقلبت المعادلة بالكامل. المحور الثالث: وهو لماذا يعلق آل سعود على بن لادن بهذا الأسلوب؟ وكما قلنا فهو فرع عن المحور الأول كذلك، آل سعود لم يتبرأوا من بن لادن لأنه "إرهابي"، بل تبرأوا منه لأنه اشتهر وأصبح أعظم منهم شأنا، فالإرهابيين "السعوديين" كثير ومع ذلك لم يتبرأ آل سعود إلا من بن لادن. والسبب له علاقة بتركيبة آل سعود النفسية أكثر من علاقته بابن لادن فآل سعود لا يريدون لأحد ينتمي للبلد المسمى باسمهم أن يكون أعظم شأنا منهم. وعادة ما يتعامل آل سعود مع هذه المشكلة بتحجيم الشخص الذي كبر حجمه مثل ما عملوا مع القصيبي وعايض القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي، أما بن لادن فليس لهم سبيل لتحجيمه لأنه بعيد عن نفوذهم وكان الحل الوحيد هو نزع صفة الانتماء للمملكة، ولذلك كانت رائحة الانزعاج من شهرة بن لادن و التأذي من علو شأنه تفوح من التعبير والأسلوب الذي استخدمه الأمير نايف والأمير سلطان في التعليق على قضية بن لادن. وقياسا على هذه القاعدة لن نستغرب إذا صدر أمر بسحب جنسية الخطاب الذي يجاهد في الشيشان إذا استمرت شهرته في التنامي وانتظروا تصريحات لنايف عن الخطاب تشبه بصريحاته عن بن لادن. التكمله في الحلقة الخامسة والسلام عليكم
__________________
ALSHAADI33@HOTMIL.COM ALSHAADI33@HOTMIL.COM ALSHAADI33@HOTMIL.COM ALSHAADI33@HOTMIL.COM |
![]() |
![]() |
#2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Nov 2001
البلد: الدمــــ AL-DAMMAM ـــام
المشاركات: 3,293
|
ابو ياسر
<P><FONT color=#0000cc size=7>مشكور على الموضوع وعلى المعلومات وتسلم وماقصرت وننتظر المزيد منك يا رائع يا مبدع يا متالق</FONT></P>
__________________
![]() من الدنيـا أنـا مابـي سوى عـفـو العلي التـواب ويحسـن خـاتمـة فعـلي ويغـفـر لـي ضـلالاتـي أبمـلا العمر "بالتوبة" و "نوح" و "هود" و"الأحـزاب متى كـانت سنيـني عمـر انـا عمري في ركعاتـي |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|