ذكرتموني بأقسى أنظمة العنصرية في جنوب افريقيا (الأباثريد)
احسنت... نحن نختلف مع النقيدان في كثير مما يقول ،، خاصة عندما يقل ادبه مع الرعيل الاول ،، من التابعين والسلف الصالح من امثال شيخ الاسلام وتلميذه ..... لكن هذا لا يمنعنا من مناقشة أي فكرة تستحق ... خاصة أن كل القنوات ،،الاعلامية الرسمية والشعبية تناقش هذه القضية المقلقة مع الصحافة وكبار المسؤولين وهي قضية الفصل العنصري.. فالمجتمع يناقض نفسه بنفسه فبرغم من أنه يصدر مبادىء العدل والمساواة كون المملكة - والحمد لله - منطلق الدين الإسلامي إلا ان هذه الطبقية والعنصرية ذكرتني بما تطرقت إليه سابقا من ان المجتمع السعودي يكرر خطأ النظام العنصري البائد في جنوب افريقيا كمجتمع لأن الدولة وهذا مشاهد رسميا لا تعير الطبقية والعنصرية أي اهتمام لكن على المستوى الشعبي وعلى المستوى الديني والسبب كما تفاقمت المشكلة بعد تهرب العلماء بعد الشيخ محمد بن عثيمين الذي صدع بالحق مرااات ومرات مفندا أقاويل وادلة القبليين جملة وتفصيلا مع انه تميمي القبيلة لكن قول الحق واتباع المصطفى كان هاجس الشيخ رحمه الله ,,,, وهذا ماكتبته ردا على احد اأخوة في هذا المنتدى الحر والمفتوح لكل قلم ...... قلت له :
((المعذرة نسيت أن أوأكد بأن الفصل العنصري شأن ثقافي بحت .. يأتي بعده الحل الاجتماعي والشعبي والإعلامي والرسمي وأحب أن أذكرك بحالة واحدة فقط إن ( أثول فو جار )...عاش في جنوب افريقيا وموزامبيق في النصف الثاني من القرن العشرين وفي فترة حالكة من تاريخها استمرت لعقود طويلة و شهد صراعاً دامياً بين السكان البيض والسود في ظل انظمة سياسية مختلفة انتهجت مناهج عنصريه واتبعت سياسات متحيزة وممارسات غير انسانية ، وهي أنظمة ميزت كثيراً بين الأبيض والأسود وكان من أسوأ هذه الأنظمة على الاطلاق نظام( الأبارثيد )الذي باعد وبالغ في ظلمه لسود في الحقوق والواجبات فجعل الكلمة والحق والغلبة للأبيض دائماً حيث كان هو النظام الحاكم بأمره، يسن القوانين ويشرع الأحكام تمييزاً واضطهاداً وعسفاً وجوراً لمجرد أن لون بشرة المواطن إما سوداء أو بيضاء!.....ولد الكاتب المسرحي أثول فوجارد في جنوب أفريفيا لأبوين انجليزيين وعاش طفولة انعكست ايجاباً على بقية حياته. في طفولته التقي بشباب من السود وصادقهم ومن تلك العغلاقة تأكد لديه أن لا فرق بين الأبيض والأسود وأن لكل منهما حق في الحياة تحت مظله واحدة فيها حقوق وواجبات على الجميع تضمنها سيادة القانون. لقد كافح أثول فوغارد في مقتبل العمر من أجل تحقيق أهدافه وفي سبيل مبادئه وأفكاره ومعتقداته التي تمتعت بانسانية عالية للغاية وبومضوعية كبيرة. ومع نضوجه الفكري وتعمق تجربته الذاتية والوطنية تراه ينتقل بأفكاره من موضوعة المحلي ذو الخصوصية جنوب الأفريقية إلى موضوعات أوسع فضائاً لها صفة العالمية، ومن هناك نراه ينطلق إلى آفاق أرحب فيصل إلى العالمية في كفاحه ضد العنصرية المؤسساتية في جنوب أفريقيا.
أثول فوجارد هو كاتب ومخرج مسرحي أبيض البشرة ، ولد في جنوب أفريقيا لأبوين أبيضين فأمه تنحدر من أصل هولندي وأبوة انجليزي، لكن أثول عاش حياته يحلم بقهر التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا وقد كرس حياته وكتاباته من أجل الوصول الى هذا الغرض الا وهو العيش في جنوب أفريقيا يحكمها النظام والقانون الذي يطبق على الجميع دون تمييز وبالتالي يعطي للجنس الأسود حرية الفكر والتعبير والحياة الحرة الكريمة مثلهم مثل الجنس الأبيض........
باكورة أعمال فوغارد كانت مسرحية من فصل واحد بعنوان (الزنزانة) كتبها في بداية مشواره مع المسرح في العام (1957) وهي مسرحية تحكي قصة حقيقة لإمرأة سوداء من جنوب أفريقيا اعتقلتها السرطة لأنها لم تمتلك بطاقة مرور وهي بطاقة كانت تصدرها الشرطة في جنوب أفريقيا بموجب قانون خاص بها والبطاقة تعطى للسود الذين ينتقلون من مكان لآخر في البلاد بحثاً عن عمل وتححتوي البطاقة على معلومات أساسية مثل الاسم وعنوان السكن ومكان العمل وتصريح العمل والبطاقة تحدد وتمنع اماكن تواجد حاملها. لم تكن تلك المرأة تمتلك تلك البطاقة فاعتقلتها الشرطة وأهانتها كثيراً ... كانت المرأة حبلى فاجهضت من شدة التعذيب ومات الجنين وهي تنظر له وتلطخت ساحة السجن بالدم ... غسل الدم في اليوم التالي وكأن شيئاً لم يحدث ... مسرحية (الزنزانة) صورت مدى معاناة الإنسان الأسود في ظل النظام السياسي الذي أسس للتفرقة العنصرية.
ثم كتب فوغارد مسرحية (رباط الدم) سنه 1963 وكانت باكورة اعماله. لابد من القول بأن المثقفين عموماً وكتاب المسرح خصوصاً يمرون بمراحل صعبة وتحديات جسام اثناء عملهم اذا ما تبنوا قضية انسانية مستعصية أو اختلفوا مع نظام الحم السائد في أي بلد. هذا هو الحال مع أثول فوجارد الذي عانى الأمرين نتيجة لمواقفه الصلبة في مقارعة انياب الظلم الحاكم في جنوب أفريقيا لكنه فعل مثلما الكاتب المسرحي الفرنسي موليير، فظل يحرض الناس، ويجدد التحدي ضد العنصرية وظل في كل كتاباته يدعوا الشعب إلى عدم الاستسلام للواقع بل وأن يستمرفي المطالبة باصلاح كل سبل الحياة في جنوب أفريقيا وذلك بتطبيق مبدأ المساواة للجميع.
كانت المسرحية الأولى التي قدمها أثول فوجارد بعنوان (رباط الدم) وقد اعتبرت بمثابة ضربة معلم ضمنت لصاحبها سمعة عالمية. لقد كان انتاج المسرحية (عام 1963) تحدياً حقيقاً لكاتبها فقد بدأت معها رحلته مع المتاعب، وقد نجم عن عرض المسرحية أن صادرت الحكومة جواز سفرة. الا أن فوجارد ظل في حالة الهجوم على حقيقة التمييز العنصري، فقامت الحكومة بمنعه من التمثيل ومنع مسرحياته من العرض في أي مكان في جنوب أفريقيا. كل هذا لم يمنع أن تصبح مسرحية (رباط الدم) عملاً مفضلاَ يحبه السود في البلاد فقط أعطت تلك المسرحية بصيصاً متراقصاً من الأمل أن كفاح السود جنوب الأفريقيين والبلدان المجاورة ضد التمييز العنصري سوف يأتي بنتيجة ايجابية يوماً ما....(الأستاذالدكتور سعيد عبد الواحد ... بتصرف )
ثم تمعن ياأستاذ أحمد اليوم في حال جنوب أفريقيا .... وقد تحقق هذا الحلم بإلغاء نظام التمييز العنصري في حنوب أفريقيا عام 1992 وباجراء انتخابات ديمقراطية حرة نزيهة انتهت باخيتار المناضل الأسود نيلسون مانديلا كأول رئيس منتخب لجمهورية جنوب أفريقيا عام 1994م ، ومنذ ذلك اليوم صار المواطنين جميعهم اسودهم وأبيضهم يلقون معاملة متساوية أمام نظم الدولة وقوانينها، ويتساوون في الحقوق والواجبات. لقد صحت رؤية أثول فوجارد في أن الكتابة المسرحية والعمل المسرحي هم أسلحة فكرية مهمة في معركة الفكر والسياسة والمجتمع فهي مقومات إنسانية يصعب فصلها عن بعضها البعض. وأثبت أيضاً أن باستطاعة المسرح أن يفكك مشاكل المجتمع وأن يجسر الهوة بين أفراده اذا ما تفاعل المسرح مع باقي أشكال وإتجاهات الحراك الاجتماعي في سبيل قضية عادلة ما. وفي الختام ومع نهاية عهد الأبارثايد لم تتوقف مسيرة أثول فوجارد الفكرية والكفاحية ولم يجف مداد قلمه فاهو قد انتقل فوجارد إلى كفاح آخر حيث بدأ يعمل في مجال مقاومة مرض الايدز، وهو موضوع له أبعاده الانسانية والوطنية أيضاً.
////////////////////////////////////
مع ملاحظة : الفارق الكبير بين الحالة الأفريقية والسعودية فنحن والله الحمد نعيش في كنف حكم إسلامي فريد ونادر الحدوث عبر التاريخ الإسلامي الطويل خاصة بعد الدول الإسلامية الكبرى ... ولكن تعبير المثقفين لدينا عن بعض مشاكلنا سوف يقودنا إلى الأفضل ... والسلام وآسف للإطالة ...
آخر من قام بالتعديل ريبد; بتاريخ 17-04-2007 الساعة 01:25 AM.
|