بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » قصة ثبات

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 22-05-2007, 01:51 PM   #1
yosef7000
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
المشاركات: 99
قصة ثبات

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على خير المرسلين السراج المنير الذي تركنا على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك أما بعد: فإن المغريات في هذا الزمان كثيرة والمشغلات عن الهدى والخير أصبحت تخترق بيوتنا، بل أصبحت تلاحقنا حتى فيما نستعمله من أجهزة اتصالات وغيرها، وإنه من الأولى على المسلم - لا سيّما الشاب المستقيم - الذي يرجو ما عند الله والدار الآخرة أن يفطن لنفسه حتى لا يقع في مدارج الهاوية وينتكس ويرجع بعدما أقدم في طريق الهداية، وإن مما يعين النفس ويسلي الفؤاد ذكر أحوال الثابتين الذين صبروا على الحق لا عن الملهيات بل على المهلكات من ويلات التعذيب والتنكيل والتجويع – يا ترى هل كنا سنصبر لو كنا مكانهم-.
من هؤلاء وهم كثر خباب بن الأرَتّ قد مر عليك هذا الاسم في حديث "ألا تستنصر لنا، ألا تدعوا اللّه لنا.." أو في مطالعة أو.. غير ذلك لكن هل عرفت قصة ثباته لقد كان صغيرًا في قومه قبل البعثة في نجد، أغارت عليهم قبيلة فاستاقت النعم والصبيان وسبت النساء وكان صاحبنا خباب من الصبيان كانت العادة أن يباع الغلمان ليكونوا خدمًا، ولقد كان كذلك خباب، فأصبح يُتداول كالعبد بين الناس حتى وصل به الحال إلى أن صار في سوق النخاسين بمكة – يباع فيه العبيد-. فجاءت امرأة يقال لها أم أنمار فتفرست في الغلمان فرأت خباب ابن بضعة عشر عامًا أحسنهم و أفطنهم فشرته بدراهم معدودة، ثم أخذته، وفي الطريق سألته من أين أنت فقال لها من قبيلة من قبائل العرب فاستغربت عربي من نجد تباع وتشترى، فذكر لها قصته. حتى إذا وصلت لدارها أخذت تعلمه صنعة الحدادة وتصليح السيوف، فأجاد الصنعة وبرز في ذلك فعرفه الناس وكسبت من وراءه أم أنمار مالاً. وقد سمع بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به وصدقه فعلمت به أم أنمار فأخبرت أخًا لها شديد البأس فجاءه في محله وقال قد سمعنا عنك أنك صبئت يا خباب فقال: ما صبئت ولكن آمنت بالله وبرسوله فأخذ يضربه ومن معه حتى استوى على الأرض ودمه قد سال فعلم الناس بما حدث له، وكان يأتيه النبي صلى الله عليه وسلم يثبته ويذكره بأحوال من سبق يقتلون وينشرون ما يصدهم ذلك عن دينهم وفي أحد المرات رأت أم أنمار النبي صلى الله عليه وسلم وهو عنده يكلمه فاشتطت غضبًا وجاءته بعد ذلك في المحل وأخذت قطعة من حديد فأحمتها في النار ثم وضعتها على رأسه حتى بدأ يدخن وما أطفأه إلا ما سال من دم رأسه وأغمي عليه. وهكذا يستمر مسلسل التعذيب يسحب في البطحاء في الشمس وتوضع على ظهره الصخرة المحماة وما زال ذلك الجبل صامدا لا يتدهده من مكانه وهو ينظر إلى السماء لعلمه بوحدانية الله ونصره لعباده وينطق الشهادة وهم منشغلون بتعذيبه – يا له من ثبات عظيم بينما نحن في زمن أصبح اللعب والترف والنعمة سببًا للنكوص وأصبح المرء بمجرد مفارقته للصالحين حتى يبدأ في الرجوع القهقرى-.
حتى أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى المدينة ونترك الحديث له حيث قال كما ذكر ذلك البخاري: هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير، ومنا من أينعت له ثمرته، قتل يوم أحد، فلم نجد ما نكفنه إلا بردة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه، وأن نجعل على رجليه من الإذخر.
وتمر الأيام ويعيش خباب بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وعاصر أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وكانوا يجلونه ويقدرونه لأنه كان سادس رجل في الإسلام وكان يقال عنه بأنه سدس الإسلام، وقد كان عمر إذا قدم خباب قام وقال أقوم لمن هو خير منا أوذي في الله وصبر، ولمن يكن يحب أن يحمد وقد سأله عمر عن أشد ما وجد في حياته من عذاب فقال أعفني، فأصر عمر يريد أن يعلم الصحابة الصبر والثبات، فقال خباب: أوقدوا ذات يوم نارًا حتى إذا استوت وجمرت أخذوني وسحبوني على ظهري حتى سال ما في ظهري من ماء وودك حتى انطفأ!! وقام ورفع عن ظهره فبكى عمر بكاء شديدًا. ثم إن الله وسع عليه في آخر حياته فكان له مال كثير وكان يخشى دائمًا أن تكون قد تعجلت طيباته في الدنيا لأنه رأى عمارًا ومصعب ين عمير وغيرهم من الصحابة قد ذهبوا ولم يجدوا نعيمًا. ولكنه لم يفتنه المال بل ضرب أروع مثال في النفقة والبر فقد كان ينفق على الفقراء كثيًرا ولم يربط وكاء فيه مال قط، وكان لا يحب أن يحرجهم، فوضع ماله في ناحية الدار يعرفها الفقراء فمن احتاج منه شيء مر وأخذ منه قدر حاجته هل بعد ذلك من ثبات في السراء والضراء رضي الله عن خباب وألحقنا بركبهم فهم السابقون الأولون من المهاجرين ففي ذلك عبرة لمن اعتبر.
تلك ذكرى لمن له اليوم قلب *** ولمن ألقى السمع وهو شهيد
yosef7000 غير متصل   الرد باقتباس


إضافة رد

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)