بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » بيان ( جديد ) للشيخ عبدالكريم الحميد حول عودة حكم الإسلام لمجاهدي الأفغان ..

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 19-08-2002, 12:32 AM   #1
أم جهاد
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2002
البلد: مستعمره
المشاركات: 482
بيان ( جديد ) للشيخ عبدالكريم الحميد حول عودة حكم الإسلام لمجاهدي الأفغان ..


هذا هو البيان

(( بسم الله الرحمن الرحيم

ليس لنا مثل السوء !! .

توطئة لعودة حكم الإسلام لمجاهدي الأفغان .


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلىآله وصحبه أجمعين .. أما بعد ..

فإن ما حدث في زماننا من ارتباط الشعوب بالحكام ليس له نظير فيما مضى , وذلك بسبب النظامات الدخيلة على المسلمين والعرب التي لا يعرف مثلها في الجاهلية ولا الإسلام .

وكشْفه لا يحتاج إلى كبير جهد لأنه يظهر بالمقارنة البسيطة بينه وبين ما كان عليه الناس قبل طُروئه ودخوله عليهم .

لقد كانت دولة الإسلام في الماضي تقوم على شخص الوالي ويكون له في كل بلد من بلاد المسلمين أمير وقاض .

وهذه هي الدولة الإسلامية ببساطتها وحسنها ، ليس فيها تعقيد ولا تشديد , وهكذا الحنيفية السمحة .

فالقاضي لا مرجع له سوى الكتاب والسنة وليس للوالي عليه سلطان في غير ذلك , فقضاؤه نافذ في كل أمر من أمور المسلمين , ولا يتقيَّد ويُقيَّد بنظام ولا زمان ولا مكان , بل صلاحيته مطلقة بحدود الكتاب والسنة , فتجده يقضي بين الخصوم في بيته وفي السوق والمسجد وفي أي مكان يتفق كما كانت الحال في عهد الخلفاء الراشدين كما أن علمه صافٍ غير مشوب بدخيل مظلم , فهو ميراث الرسول r دون شائبة .

ولما كانت الِولاية الإسلامية على هذه الصورة قبل النظام المظلم الدخيل كان اليُسر في كل الأمور , وكانت القضايا بسيطة التركيب سهلة المتناول , وإنما جاء التشديد والتعقيد من النظامات المستوردة التي عملت على مقتضاها دولُ العرب والمسلمين .

ومن حين أن دخلت هذه الأنظمة طـُبّـِقـت حذو القذة بالقذة وشبراً بشبر وذراعاً بذراع كناية عن فائق العناية وكامل الرعاية بتحقيق التطبيق .

ولذلك اضمحل وتلاشى في دوائر العرب أن يقال : يقول الله كذا , يقول رسول الله كذا , ولوْ قيل ذلك فلا رأس يُرفع والعياذ بالله , أما دائم الذكر نافذ الأمر فهو النظام فإذا قيل : ( النظام يقول كذا ) خشعت الأصوات !! .

وإن داعي ذلك كله وسببه هو التشبه بالكفار واستيراد نظاماتهم الطاغوتية .

وإن هذا لمن أعلام نبوة من لا ينطق عن الهوى rومعجـزاتـه حيث وقـع مـا أخبـر به على الكيفية التي أخبر بها , وهي أخبار جاءت على سبيل الذم والتحذير لمن فعل ذلك .

ولما أرادت دول العرب الإقتداء بالمغضوب عليهم والضالين في سنن حياتهم بربط الشعوب بالحكام وَوَصْل شئونهم كلها بنظامهم قامت بتغيير نظام الحكم فعملت الوزارات والدوائر على النمط المعمول به في الدول الكافرة .

ولما كانت هذه الدوائر والوزارات لا يسير عملها إلا بالكـَـتَـبَـة والحسّابين الذين يُسَيِّرون النظام بحيث يؤمرون فيأتمرون ويُنهون فينتهون كان أعظم ضحايا هذا التحوّل العلم , حيث حُوِّل بمناهجه ونظامه إلى وسيلة لنيْـل الدنيا والرئاسة إنتاج هذا الصنف بالاضافة إلى خلط علم الرسول r مع علوم الكفار ولغاتهم حتى عُـلـِّـق المدح على معرفة هذا وذاك والذم على عدم معرفة هذا وذاك مع أن المدح والذم أحكام شرعية تـُـتَـلقى من قِبَـل الرسول r فهو المبيِّن لمتـعـلـّـقـاتـهـا كيف إذا انضاف إلى ذلك الاكتفاء بمعرفة ما جاء به الرسول r نظرياً دون اشتراط العمل كما هو حاصل في أنظمة التعليم المستوردة , فالتزكية تحصل بمجرد إجابة نظرية.

ولذلك يُزكي هذا النظام التعليمي الدخيل كلُّ من أجاب نظرياً مهما كان اعتقاده وعمله , وهذا خلاف ما جاء به الرسول r, ولذلك أصبحت علوم الكفار معادلة للوحي المطهّر مزاحمة له.

ولأجل ذلك كله صُـرفت الإرادة في طلب العلم إلى هذه الصورة الحاليّة في الدراسات النظامية لإنتاج الموظفين حتى صار العلم حِرفة لكسب المعاش ونيل الرئاسة بعد أن كان عبادة يُراد بها رضوان الله وجنته حينما كان الاقتصار على ميراث الرسول r بلا مزاحم , وتلك هي الطريقة السلفية .

هذا مفترق الطرق بين النهج السلفي والنهج التشبّهي الحادث الذي سبّب للأمة الإعراض عن الآخرة والإقبال الشديد على الدنيا , كما سبّب شدة الحياة وكدرها ونكدها والذل والهوان وتسلط الكفار .

ولقد كان من ثمار ذلك موادة الكفار وتعظيمهم وتلاشي الفرقان بين المسلم والكافر لأن التشبه في الظاهر يدعو إلى المودة في الباطن كما ذكر العلماء .

والتشبه بالكفار منهي عنه في أمور الدين والدنيا ، قال ابن تيمية رحمه الله : (( وأما السنة فجاءت بالإخبار بمشابهتهم في الدنيا وذم ذلك والنهي عن ذلك , وكذلك في الدين ))1.

وقال : (( ثم هذا الذي دَلّ عليه الكتاب مشابهة بعض هذه الأمة للقرون الماضية في الدنيا وفي الدين وذم من يفعل ذلك دلت عليه أيضا سنة رسول الله r )) .

ومن جَرّاء النظامات التشبّهية تعلقت قلوبُ الشعوب بحكامها في طلب المعيشة كما انشغلت أبدانهم بأعمالهم النظامية الدخيلة مما أثر تأثيراً بليغاً في عبودية التوكل على الله مع حيْـلولتـه بين العباد وبين الأسباب التي يتحصل معها الرزق الطيب بسلامة الدين .

كما هوّن ذلك أمر القوانين الكفرية والنظامات المتولدة منها مما طبّـق بلاد العرب كلها , وهو مناقض لكلمة التوحيد .

ولقد كان لهذا التحول آثار سوء يصعب حصرها ، فمن ذلك : نقص عقول المسلمين فقد ذكر ابن تيمية رحمه الله أن مشابهة الصحابة والتابعين تزيد الدين والعقل والخُلق . والمسلمون يعرفون بمن تشبهوا به اليوم ولذلك نقصت العقول , كذلك فقد صارت أفكار المسلمين مشلولة من جرّاء الآلية في العلم والعمل وما يحيط بهم مما انصبغوا به صِبْغة ، ومن هنا ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس وعَسُر الإصلاح بل تعذر لأجل فساد الأصل , وغير ذلك كثير من الشرور العظيمة حدثت بسبب التفريط في المشروع وركوب السَّـنـن .

لقد كان الناس في معايشهم على البساطة واليُسر وما تسْتدعيه الفطرة وتنسجم معه في كل الأحوال . وإنما قَلَبَ أحوال الناس كلها هذا الدخيل الأجنبي فجرّهم إلى ما أفسد دينهم وأرْهقهم في دنياهم . ولا ريب أن الشر لا يأتي بالخير .

ولذلك يقول ابن تيمية رحمه الله في مصلحة مخالفة الكفار والتضرّر بموافقتهم : (( فإذاً المخالفة لهم فيها منفعة وصلاح لنا في كل أمورنا حتى ما هم عليه من إتقان أمور دنياهم فالمخالفة فيه صلاح لنا )) .

فإذا كان هذا في التشبه بهم بإتقان أمور دنياهم فكيف بغيره . مع أن موافقتهم في إتقان أمور دنياهم بلغ غايته ومنتهاه , وهو من أسمى المطالب عند أكثر أهل الأرض وفيه يتنافس المتنافسون مع أن دنياهم غير صالحة للمسلمين ، وسأبين ذلك إن شاء الله في كتاب : ( حضارة أشباه الأنعام في ميزان الإسلام ) ..

ومن هنا جاء فصل الدين عن السياسة وعن مراجع للناس كثيرة لعدم الملائمة بين هذا الدخيل والدين إذ أن ذلك مسْـتورد من الكـفار ويسير عليه نظام حياتهم وهذه المراجع النظامية فرضت عليهم .

وأعمال الكفار متأثرة بعقائدهم وطبائعهم , وحتما فهي مؤثرة بمن يسْتن بسننهم ويسلك مسالكهم , فدينهم باطل ودنياهم قائمة على مقتضاه , ولذلك فقد ذكر ابن تيمية أن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله وفيما يكرهه .

ومن هنا اغترب الدين الحق المتمثـل في جميع أحوال المسلم الدينية والدنيويّة فيما مضى , حيث إن الإسلام ألبس غير لباسه فأظلم بغشيان ظلمة التشبه بالكفار, ولذلك اختلت الموازين وصار الحليم حيراناً !.

والنبي r قد نهى عن ا لتشبه بالكفار حيث يقول : (( من تشبه بقوم فهو منهم)) ، ولقد أصبح في زماننا مثل السوء في هذا الأمر بالذات مجال المنافسة .

وليس النهي عن مشابهة الكفار وقتاً دون وقت أو قوماً دون آخرين .

ولذلك قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( فإذا نهت الشريعة عن مشابهة الأعاجم دخل في ذلك ما عليه الأعاجم الكفار قديما وحديثا , ودخل في ذلك ما عليه الأعاجم المسلمون مما لم يكن عليه السابقون الأولون )) فهل كان السابقون الأولون على هذه الأنظمة الدخيلة أم نحن أهدى منهم ؟! .

فالعلم والحكم أصل أصول الدولة الإسلامية وإن لم يكن ذلك اقتداء بالرسول r وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم فلا شك أنه ضلالة وهو يؤول إلى العَنَت المنفي عن منهاج رسول الله r لأن الله سبحانه وتعالى اختار لنبيه rأكمــل الأحــوالِ وأحسنهـــا في الديــن والدنيـا . وقــد أمرنا بلزوم هدْيه وهَدْي خلفائه الراشدين وقرَن ذلك بالنهي عن الإحداث والتغيير .

والأمر كما قال الإمام مالك رحمه الله : (( لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها )) فهل يكون صلاح آخر هذه الأمة بالخضوع والذلّ لنظامات الكفار المستوردة منهم وقد كان خضوع وذل أولها خالصا لله عز وجل ؟! .

قال ابن القيم رحمه الله :

وعبــــــادة الـرحمـــــــــن غايـــــة حـبـــــه *** مــــعَ ذل عـابـــــــــده هـمـا قـطـبــــــــان

وعـلـيهـمـــــــا فـلك العـبـــــــادة دائـــــــــر *** مــــا دار حتـــــى قـامـــــــت الـقـطبــــان

ومــــــداره بالأمــــــــر أمـــــر رسـولـــــه *** لا بالهـــــوى والنفــــــس والشـيطـــــــان

إن كَوْن نُظم الحكم ومسالك حياة الناس تستورد من الكفار ولا يكون لذلك تأثيراً فاسداً في الدين والدنيـا فهذا لا يقولــه من يعرف ما جاء به الـرســول r من مخالفـة الكفــار مما أوْجــب أن تقول اليهــود لما رأت مخالفتـه r (( ما يـريد هـــذا الرجــل أن يــدع مــن أمــرنا شيئــاً إلا خالفنـا فيه !! )) .

والكفار يفرحون بتشبه المسلمين بهم لتحصل المشاركة في الضلالة , ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( ولهذا يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويُسرون به ويودون أن لوْ بذلوا مالاً عظيماً ليحصل ذلك )) .

فليتأمل الناظر كيف ضاعت المعالم والرسوم وصارت ديار العرب صورة تَشَبِّه شوْهاء .

فالمناشدة اليوم للطالبان والمجاهدين من العرب وغيرهم من الذين معهم فإن المطمع فيهم وكلام الحق يَـرِدُ مَوَارده إذا وُجِّــه إليهم .

ونحن وإن وعظنا بالأقوال فهم ــ أيّدهم الله بنصره ــ وعَظوا بالأفعال .

إنني لم أشُكّ أن الله ناصركم ولوْ اجتمع عليكم من بأقطارها لإقامتكم دينه وجهادكم أعداءه , وهذا فضله عليكم فشكركم له متوجب عليكم أعظم من غيركم لاختياره إياكم واختصاصكم ومنّته عليكم .

وبما أن الشكر عملٌ أعظم منه قول فإن شكركم لمن أنعم عليكم أن تقيموا دينه على الوجه الذي يُرضيه وذلك بالتشبه بالسابقين الأولين , قال ابن تيمية ــ رحمه الله ــ : (( فإن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله وفيما يكرهه , فلهذا أيضا جاءت الشريعة بلزوم عادات السابقين الأولين في أقوالهم وأعمالهم )) ، ولأن ظهور الدين وإشراق نوره إنما هو برفض كل نظام دخيل على أهل الإسلام ليعود الدين إلى حسنه وبهائه وسماحته ويُسْره .

إن هذه النظامات ظلمات وهي من شُعب الطاغوت تـذلل المخلوق للمخلوق ، فعليكم بالمشرب الأول الطيب وذلك بحسن الإقتداء .

قال ابن تيمية رحمه الله : (( بل قد بالغ r في أمر أمته بمخالفتهم في كثير من المباحات وصفات الطاعات لئلا يكون ذلك ذريعة إلى موافقتهم في غير ذلك من أمورهم , ولتكون المخالفة في ذلك حاجزاً ومانعا من سائر أمورهم , فإنه كلما كثرت المخالفة بينك وبين أهل الجحيم كان أبعد لك عن أعمال أهل الجحيم .

فليس بعد حِرصه على أمته ونصحه لهم ــ بأبي هو وأمي ــ غاية , وكل ذلك من فضل الله عليه وعلى الناس , ولكن أكثر الناس لا يشكرون )) ولقد صار التشبه بهم ذريعة إلى موافقتهم في المحرمات والكفريات لأن تطبيق نظمهم يقود إلى ذلك ، وقد حصل والعياذ بالله .

ومما له صلة بالموضوع استعمال الشاشات المصوّرة بأنواعها فإنه وإن كان في ذلك مصلحة للمجاهدين للتبليغ فإن مضرة ذلك رابية على مصلحته ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح كما لايخفى , وذلك أنه قد كثر استعمال الناس للشاشات بحجة رؤية الجهاد والمجاهدين مع أن في ذلك الدواهي والعظائم مما يفسد الدين . ولقد كثر استعمال هذه الشاشات المصورة بدعوى الدعوة حتى حصلت بسبب ذلك مفاسد عظيمة مع أنه لايخفى على أحد ما تأتي به هذه الشاشات من الكفر والإباحيات ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( إذا أشكل على الناظر أو السالك حكم شيء هل هو الإباحة أو التحريم فلينظر إلى مفسدته وثمرته وغايته فإن كان مشتملاً على مفسدة ظاهرة راجحة فإنه يستحيل على الشارع الأمر به أو إباحته , بل يقطع أن الشرع يحرمه لاسيما إذا كان طريقا مفضيا إلى ما يبغضه الله ورسوله )) ولا شيء أخطر على الانسان من مقاربة الفتنة [ كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه ] ! .

إن مفسدة هذه الشاشات لا تقدّر وأضرارها متعدِّية وإفضائها إلى ما يبغضه الله ورسوله أكبر من أن يحدّ ويُحصر فعلى تقدير حصول بعض المصالح في ذلك فإنها تتلاشى وتضمحل بجانب المفاسد .

إن دولة تقوم على التوحيد عملاً لا تسمية مجردة وتريد إظهار الإسلام بنوره وجماله وكماله عليها أن تبذل كل الجهد بخلع التشبه بالكفار وقصْد مخالفتهم ، ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله : (( وإذا كانت مخالفتهم سبباً لظهور الدين كله فتكون مخالفتهم من أكبر مقاصد البعْثة )) ، فإذاً مخالفة الكفار من أكبر مقاصد البعثة وأصل ذلك الولاية لأنه يتفرع منها الصلاح والفساد .

وإنه ليسر المؤمن أن يسمع عن الطالبان والمجاهدين في بلاد الأفغان أنهم في أمور كثيرة لا يتشبهون بالكفار حتى التدريب على السلاح حيث إنه عندهم عملياً ليس بتعاليم تذلهم لغير خالقهم ، وأنهم لا يتعلمون غير العلم الشرعي , نسأل الله أن يؤيدهم بنصره ويخذل أعداءهم .

وبما أن مخالفة الكفار أمر مقصود للشرع فإن التشبه بهم بنظامات هي نتاج أفكارهم المظلمة وطباعهم المنحرفة لـه آثار سوء على المسلمين وقد حصل ذلك فالمخالفة عليها مدار ظهور الإسلام إذا أُقيمت أصوله .

قال شيخ الإسلام رحمه الله : (( إن نفس المخالفة لهم في الهَدْي الظاهر مصلحة ومنفعة لعباد الله المؤمنين لما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم , وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنوّر قلبه حتى رأى ما اتصف به المغضوب عليهم والضالون من مرض القلب الذي ضرره أشد من ضرر أمراض الأبدان )) .

والعجب ممن شُغفوا بالتشبه بالكفار مع أن أعمالهم لا مصلحة فيها خالصة ولا راجحة , وكما قال شيخ الإسلام رحمه الله : (( ولا يُتصور أن يكون شيء من أمورهم كاملاً قط )) . وقال : (( وحقيقة الأمر أن جميع أعمال الكافر وأموره لا بد فيها من خلل يمنعها أن تتم له منفعة بها)) .

إن الكلام في هذا الموضع يطول جداً ولا تحتمله هذه الرسالة وإنما أُحيل في ذلك إلى كتاب ابن تيمية النفيس (( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم )) وقد قال محمد حامد الفقي في بعض تعليقاته عليه : (( بل المتدبر لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية المتقدم منه في هذا الكتاب والمتأخر وفي غيره يعرف منه ما يدفعه أشد الدفع أن يفرّ سراعاً مبعداً عن هؤلاء وعن مشابهتهم ومشاركتهم في أقل الأمور وأتفهها , حتى ولوْ كانت من أمور الدنيا , بل ينبغي له أن يقصد إلى مخالفتهم وتحري العمل بعكس ونقيض ما هم عليه ليكون بمنجى من غضب الله ولعنته)) .

ومما يتصل بهذا الموضوع أيضاً : النداء للصلاة بمكبر الصوت الذي صار في بلاد العرب معروفاً ، وهو منكر شنيع إذ أنه أعظم نكارة من قـنع اليهود وناقوس النصارى ، وقد قال عنهما النبي r لما أشير بهما لإيذان الناس بالصلاة : [ إنهما من أمر اليهود والنصارى ]. وكان r قد اهتم لذلك فأري عبدالله بن زيد رضي الله عنه الأذان في منامه ، وكذلك رآه عمر رضي الله عنه فأمر به النبي r ، وقد روى الحديث أبو داود في سننه بسند صحيح .

قال ابن تيمية بعد ذكر أحاديث الأذان : ( وإنما الغرض هنا أن النبي r لما كره بوق اليهود المنفوخ بالفم وناقوس النصارى المضروب باليد علل هذا بأنه من أمر اليهود وعلل هذا بأنه من أمر النصارى لأن ذكر الوصف عـقيب الحكم يدل على أنه علة له ، وهذا يقتضي نهيه عن كل ماهو من أمر اليهود والنصارى ) ، ثم ذكر كلاماً ، ثم قال : ( وهذه المشابهة لليهود والنصارى وللأعاجم من الروم والفرس لما غلبت على ملوك الشرق هي وأمثالها مما خالفوا به هدي المسلمين ودخلوا فيما كرهه الله ورسوله سلط الله عليهم الترك الكافرين الموعود بقتالهم حتى فعلوا في العباد والبلاد مالم يجر في دولة الاسلام مثله ، وذلك تصديق قوله r : [ لتركبن سنن من كان قبلكم .. ] ) . 16

وقال ــ رحمه الله ــ في مؤذنين يؤذنون بصوت واحد : (( وأما المؤذنون الذين يؤذنون مع المؤذن الراتب يوم الجمعة في مثل صحن المسجد فليس أذانهم مشروعاً باتفاق الأئمة ، بل ذلك بدعة منكرة )) . 17 . وليُـعلم أن هذا الميكرفون الحادث أعظم مما أنكره النبي r وأعظم من صفة الأذان التي قال عنها شيخ الاسلام : بدعة منكرة . لأنه مراراً وتكراراً يسمع منه الغناء والموسيقى فوق المنائر ، وهذا عظيم ، كما أن المراد منه هو المبالغة بالطريقة الشرعية ، وهذا هو وصف البدعة . ولقد تولد منه أن صارت الاقامة تقام فيه فصارت أذاناً ثانياً مبتدعاً لأن الإقامة لأهل المسجد كما أن صوت الأذان فيها يصبح أكثر من واحد لتعدد الأبواق كفعل المؤذنين الذين ذكر الشيخ ، ولقد عم ذلك جميع الديار .

والمسلمون في هذه الأوقات باستقبال دولة المجاهدين في الأفغان التي قرب بحول الله وقوته قيامها بعد ابتلاء التمييز والتمحيص ، والأمل بعد الله فيهم أن يقروا عين نبيهم r في قبره بلزوم هديه ورفض كل ماخالفه من مشابهة المغضوب عليهم والضالين . وبما أن الأذان كما قال ــ شيخ الاسلام ــ : (( شعار الدين الحنيف ، وهو متضمن للاعلان بذكر الله سبحانه الذي به تفتح أبواب السماء وتهرب الشياطين وتنزل الرحمة )) فنفي ما أحدث فيه إبطال للبدع وإقامة للسنن .

ثم لـيُـعـلـم أن إجمال ماتـقـدم في هذه الرسالة وغيره مما لم أذكره إنما حصل بسبب التشبه بالكفار ، وهو الظلمة التي غطت نور الحنيفية ، وجلاء ذلك يكون برفض التشبه بالكافرين ، ولذلك يقول شيخ الاسلام : (( إن من أصل دروس دين الله وشرائعه وظهور الكفر والمعاصي التشبه بالكافرين ، كما أن من أصل كل خير المحافظة على سنن الأنبياء وشرائعهم )) 18 .

وقد اقتصرت على النقل عن شيخ الاسلام في هذا الموضوع لأنه رحمه الله قد أتى بالعجب العجاب بما لم يأتِ به مثله في كتابه النفيس ( اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ) فرحمه الله وجزاه خير الجزاء .

والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

كتبها / عبد الكريم بن صالح الحميد

القصيم ــ بريدة ــ جمادى الآخرة ــ 1423 )) ..

http://www.alsalafyoon.com/alsalaf/s...threadid=16617
__________________
لقد قاطعت المنتجات الأمريكية الإسرائيلية
إذا كنت لا تستطيع أن تشتري رصاصة لفلسطيني .. فلا تدف ثمن رصاصة ليهودي ..


[FL=http://membres.lycos.fr/progdz/Movie1.swf] width = 150 height = 200 [/FL]
جزا الله خيراً صاحب الفلاش



أم جهاد غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 02:56 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)