[ناصرالكاتب]

بسم الله الرحمن الرحيم

[align=right]وضعُ الأنشطة التربوية والترويحية للنشء مطلب ملح، خصوصًا في عصرنا الذي كثرُت فيه الملهيات المختلفة وعظم خطرها، ولذا اهتمَّ محبو الخير بوضع المشاريع الترويحية لتكون جزءا من رعايةٍ تربويَّةٍ تعنى بالناشئة.

ومن الطبيعي أن يسبق المشروعَ أفكارٌ تُطرَح وتنسيقات تُجْرَى، ويتبع العملَ حُكْمٌ بنجاحه أو إخفاقه.

وللنجاح أسس ومقاييس؛ منها ما يتعلَّق بحسن التنظيم، وما يتعلق بطيب الاستقبال، وما يتعلَّق بجودة الهدَف، وبتحقق الهدف المنشود من هذا المشروع، وما يتعلق بسلامة الوسيلة إلى هذا الهدف.. وما إلى ذلك.

وأنا لن أتحدَّث عن كل هذا بل أريد التأكيد على أمر الوسيلة وسلامتها؛ فطالب الإصلاح للنشء المسلم حريٌّ به ألا يغفَل عن أمرِ الوسيلة التربوية أهي صالحة بذاتها أم فيها فسَاد؟

فالوسيلة إن لم تكن مشروعة فأحرى بها ألا تكون وسيلة إصلاح.

وإني أعتب على من يحكم بنجاح مشروع تربوي، وينسبه إلى سلك الإصلاح لأنه لقي الترحيب من الجمهور والإقبال من الفئة المستهدفَة (الشباب)، دون أن ينظر هذا الحاكمُ في مشروعيَّة مشروعه أو بعض مواد مشروعه!

ففي الوسائل المشروعة غنيَة عن غيرها، ومقياس النجاح لا بد له من أن يشمل جانبَ السلامة من الإثم.
وليس بلائق بالمسلم الطالب للإصلاح أن يجعل «موافقةَ الكتاب والسنَّة بفهم السلف الصالح» مقياسًا مهملا في تخطيطه وحكمه.

وإنَّ الناظرَ في كثير من الأنشطة الصيفية –مثلا- ليجد مظاهرَ عديدة تفتقر إلى اهتمام القائمين على تلك الأنشطة: أهي إصلاح أم غير ذلك؟ وهل هي لهو بريء أم وقوع في الإثم؟

وأحبُّ أن ألفت إلى بعضها كي أسهم مع إخواني في رعايتهم لأبنائنا، والنصح عون لا بد من وجوده لإصلاح المسيرة...

فمن ذلك التوسُّع في التصوير، والتصويرُ (الفوتوغرافي) قد وقع فيه خلاف بين المعاصرين؛ إلا أنَّ لأدلة المحرِّمين قوتها، فالورع مطلوب وتربية النشء على الورع مطلوبة.

وبعض الناس يأخذ برخصة من أجاز، ثم يستخف بقول من حرَّم؛ بلا علم ولا حجة!

ولقد وصل التصوير إلى أنواع لا بد من الوقوف عندها والسؤال عن مشروعيتها، ومن ذلك التماثيل التي يلبسها البعض للتهريج، وأحيانًا تكون محاكية لشخصيّات (كرتونية) فتجتمع بلوى التصوير مع الدعاية لتلك الشخصيات الهزيلة.

والوعيد الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التصوير وعيد شديد، لا ينبغي لنا أن نتهاون فيه ونعوِّد أولادنا على ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: «كلُّ مصوِّرٍ في النار، يُجعَل له بكلِّ صورةٍ صوّرَها نفْسٌ يُعذَّب بها في جهنَّم» [رواه البخاري ومسلم].
ومن الأمور أيضًا التشبه بالكفار في الملبس وغيره، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: «لو أنَّ إنسانًا لبس لبسًا يختص بالكفار ثم قال: أنا لا أقصد التشبه بهم؛ نقول: التشبه منك بهم حاصل أردته أم لم تردْه»اهـ. [القول المفيد على كتاب التوحيد: 2/ 439، دار ابن الجوزي، الطبعة الرابعة].

ومن الأمور كذلك: المبالغة الحاصلة مؤخرا في الأناشيد حتى أصبحت بعض تلك الأناشيد كالغناء. وأهل الفتوى الذين أباحوا الأناشيد ذكروا لها ضوابط ينبغي مراعاتها.

ومن ذلك دخول بعض الألاعيب والحيل التي أُخِذ بعضها من برامج السرك، وقد صدرت في ذلك فتوى من اللجنة الدائمة للإفتاء تحرِّم مثل هذه الألاعيب وتجعلها ضربًا من الشعوذة.

ومن تلك الأمور أيضا: الهزلية الزائدة في بعض المناشط، وفي تربية الناشئة على الهزلية إضعاف للهمة والذوق.

وما المراد مما ذكرت إلا تذكير الإخوة القائمين على الأنشطة التربوية بأن يتثبتوا من كل فكرة يطرحونها أو يطبقونها أهي سليمة من الناحية الشرعيَّة أم لا؟ وأن يكون ميزانهم شرعي لا «جمهوري»: ما أقبل عليه الجمهور فهو ناجح وما رفضه فهو دون ذلك.
فرضا الله مقدَّمٌ على رضا خلقِه، ورضا الله لا يكون بخلاف ما شرع وأباح.

وفقنا الله لرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.[/CENTER]

ناصر الكاتب
21 / 6 / 1428هـ.