|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
مآلات الخطاب المدني
مدخل كثير من تلك الطاقات الشبابية المفعمة التي بدأت مشوارها بلغة دعوية دافئة أصبحت اليوم —ويالشديد الأسف- تتبنى مواقف علمانية صريحة, وتمارس التحييد العملي لدور النص في الحياة العامة, وانهمكت في مناهضة الفتاوى الدينية والتشغيب عليها, وانجرت إلى لعب دور كتاب البلاط فأراقت كرامتها ودبجت المديح, وأصبحت تتبرم باللغة الإيمانية وتستسذجها وتتحاشى البعد الغيبي في تفسير الأحداث, بل وصل بعضهم الى التصريح باعتراضات تعكس قلقاً عميقاً حول أسئلة وجودية كبرى, واستبدلت هذه الشريحة بمرجعية "الدليل" مرجعية "الرخصة" أينما وجدت بغض النظر هل تحقق المراد الإلهي أم لا؟ بقلم ابراهيم السكران عشية وداع التسعينات حفل الداخل الإسلامي من خلال مطبوعاته وندواته الخاصة بنقاش غزير ومعالجات متنوعة حول "الحاجة إلى التجديد" و "مشروعية المراجعة" وكان ثمة ترحيب متلهف بأية أطروحات أو استضافات في هذا السياق, وكانت تلك الأطروحات في مجملها أطروحات منتمية تتحاكم للمعايير الشرعية وتطرح "التجديد" مستهدفة تعزيز الحضور الإسلامي وامتداده إلى مناطق جديدة, لا التجديد بهدف إزاحة المحتوى الديني أو تقليص وجوده. إلا أنه وبعد أحداث سبتمبر 2001م بدأت نغمة الخطاب التجديدي تتغير حميميتها وإن بقيت تدور ضمن شروط الداخل الإسلامي, ولم يعلن سقوط بغداد مطلع العام 2003م إلا وقد سقطت كثير من رايات الانتماء وانسحبت كثير من تلك الأصوات التجديدية من الداخل الإسلامي إلى معسكر مختلف تماماً. صحيح أنه لاتزال هناك شخصيات تجديدية تحتفظ برزانتها الشرعية واستقلالها السياسي وينتصب أمامها المرء بإجلال صادق -وهم كثير ولله الحمد- إلا أننا يجب أن نعترف وبكل وضوح أنه قد تطور الأمر بكثير من أقلام الخطاب المدني إلى مآلات مؤلمة تكاد عيون المراقب تبيض من الحزن وهو يشاهد جموحها المتنامي. كثير من تلك الطاقات الشبابية المفعمة التي بدأت مشوارها بلغة دعوية دافئة أصبحت اليوم –ويالشديد الأسف- تتبنى مواقف علمانية صريحة, وتمارس التحييد العملي لدور النص في الحياة العامة, وانهمكت في مناهضة الفتاوى الدينية والتشغيب عليها, وانجرت إلى لعب دور كتاب البلاط فأراقت كرامتها ودبجت المديح, وأصبحت تتبرم باللغة الإيمانية وتستسذجها وتتحاشى البعد الغيبي في تفسير الأحداث, بل وصل بعضهم الى التصريح باعتراضات تعكس قلقاً عميقاً حول أسئلة وجودية كبرى, واستبدلت هذه الشريحة بمرجعية "الدليل" مرجعية "الرخصة" أينما وجدت بغض النظر هل تحقق المراد الإلهي أم لا؟ وتحولت من كونها مهمومة بتنمية الخطاب الإسلامي إلى الوشاية السياسية ضده, والتعليق خلف كل حدث أمني بلغة تحريضية ضد كل ماهو "إسلامي", وغدت مولعة بالربط الجائر بين أحداث العنف والمؤسسات الدعوية, وبالغت في الاستخفاف بكل منجز تراثي, وتحتفي بالأدبيات الفرانكفونية في إعادة التفسير السياسي للتراث وأنه حصيلة صراعات المصالح وتوازنات القوى وليس مدفوعاً بأية دوافع أخلاقية أو دينية, بل ووصل بعضهم إلى اعتياد اللمز في مرويات السنة النبوية وخصوصاً مصادرها ذات الوزن التاريخي واعتبارها مصدر التشوش الاجتماعي المعاصر. وفي مقابل كل هذا الإجحاف في طرف النص والتراث والمؤسسات الإسلامية تجد اللغةَ الناعمةَ البشوشة في التعامل مع خصوم الحل الإسلامي، وحقهم في الحرية والتعبير, والتفهمَ الودودَ للدراسات التجديفية والروايات العبثية, والتصفيقَ المستمرَّ لكل ماهو "غربي" بطريقة لايفعلها الغربي ذاته, وعَرْضَ الأعلام الغربية بلغة تفخيمية وقورة, وإسقاطَ التجارب العلمانية في التاريخ الأوروبي على مجتمعنا بشكل لايليق بشاب مسلم -كصراع الكنيسة مع العلم والثورة الفرنسية وعصر الأنوار ونحوها- والتركيز على أخطاء المقاومة أكثر من أخطاء المحتل, والمطالبة المستمرة بمواجهة المشروع العسكري الغربي بورود السلام الغاندية.. إلى آخر سلسلة التطورات الموجعة والتي سنشير لها في المناقشات القادمة. ويستطيع المراقب بكل بساطة أن يقرأ في الخط البياني لهذه المضاعفات المتنامية دور التابلويد الإلكتروني في تصعيد هذا الانحراف, بمعنى أن أكثر هذه التورمات تضخمت داخل هذا الخطاب في سياق التفاعلات الحادة والاستفزاز المتبادل مع المنتديات الإنترنتية المتخصصة في الإسفاف والتجني والمتقنعة بلبوس الاحتساب الفكري, بحيث صار الخطاب المدني الجديد تدفعه مشاعر النكاية والعناد ضد البغي الإلكتروني إلى الامعان في مناقضة الرؤية الإسلامية, ولاأظن عاقلاً ينتقم من رب خصمه لكن هذا ماجرى للأسف! على أية حال.. أظن أن أبسط مقتضيات الوفاء والحب لهؤلاء الشباب هو المبادرة بالمصارحة بمخاطر هذه التطورات, علنا نستعيد وعينا في زحام السجال, ونستيقظ من أن تتجارى بنا مغاضبة الخصوم ومشاحنة الفرقاء إلى خدش علاقتنا بالله ورسوله وخسارة رأسمالنا الحقيقي. ولا سيما أن هذا الخطاب الجديد خطاب نشط ومتنامٍ في أوساط الشباب المولعين بالثقافة وذوي المنزع الفكري, ويحظى بحفاوة المؤسسات الاعلامية من صحف وفضائيات وغيرها, حيث ستظل فرص الشاشة والعمود الصحفي مشهداً خلاباً لاتقاومه غريزة تحقيق الذات المتوقدة بداية العمر فيرضخ المثقف/الشاب لشروطها ليحتفظ بها. هذه المشهد الأليم يفرض قراءته وتأمله, ومن ثم تحليل الفروض الداخلية لهذا الخطاب التي قادته إلى هذه المآلات الموحشة, بهدف إرضاء الله سبحانه وتعالى, وتواصياً بالحق مع كثير من متابعي هذا الاتجاه, وتعزيزاً للثقة الدعوية في الأوساط التربوية والعلمية للاتجاه الإسلامي أمام سلاطة هذا الخطاب وتجريحه المستمر ودعايته المضادة, ونشاطه في التعبئة الإعلامية وتأليب المؤسسات الأمنية ضد العمل الدعوي والتربوي الإسلامي. والواقع أن هذا الخطاب المدني الجديد يصفه بعض مراقبيه بتصنيفات لايرضاها منتجوا هذا الخطاب ويعدونها "شتيمة خصوم" أكثر من كونها "تصنيفاً إجرائياً" لذلك آثرنا أن نقفز هذه التصنيفات, ونتعرف إلى هذا الخطاب من خلال معجم مفاهيمه المحورية التي تشكل نسيجه الخاص, كمفهوم الحضارة والانفتاح والآخر والتسامح والنسبية والاستنارة والنهضة والمواطنة والأنسنة ونبذ الأدلجة والإقصاء والوصاية والتسييس والدوغمائية والراديكالية... الخ حيث تحولت هذه المفاهيم من أدوات دلالية محضة إلى "لافتات فكرية" تدفع باتجاهٍ مشترَك ذي قسمات خاصة, حيث تم شحنها بدلالات جديدة ضمن سياق سجالنا المحلي بحيث صارت تحمل مضموناً مذهبياً مترابطاً أكثر من كونها مجرد تقنيات تفسيرية حرة. ولم نتجاوز تلك التصنيفات إلا بهدف تحاشي اللبس وسوء الفهم, إذ غرضنا هاهنا الاجتهاد في تقديم مناقشة علمية مختصرة للشبكة المفاهيمية التي تغذي هذا الخطاب وتمده بمنظوره الخاص, وليس هدف هذه الورقة النقدية -يعلم الله ذلك- التجريح والإيذاء, أو إسقاط شخصيات بعينها, او الانحياز لجبهة ما, وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا للتجرد ويعيننا على تجنب الهوى والتحامل. ومما يعنينا الإشارة إليه هنا بشكل خاص أننا تجاوزنا التمثيل أو ذكر شخصيات بعينها من هذا الخطاب؛ تفادياً للتعميم، ذلك أننا سنناقش تصورات عامة يتفاوت كتّاب هذا التيار تفاوتاً كبيراً في تبنيها والاقتراب أو الابتعاد عنها, فمستقل من هذه الظواهر ومستكثر, فحشر الأسماء وإقحامها في سياق واحد يوهم اشتراكها في التفاصيل, الأمر الذي يتناقض مع فريضة القسط ومقتضيات الإنصاف. وقد قسمت هذه الورقة إلى جزئين, أولهما: في قياس علاقة هذا الخطاب المدني بأصول الوحي, والجزء الثاني: في قياس علاقة هذا الخطاب المدني بالفكر الحديث, فهذا هو الجزء الأول منهما وسيتبعه باذن الله الجزء الثاني, ونبتدئ الجزء الأول بعرض موجز حول السياق التاريخي لهذه الظاهرة, وهذا هو أوان الشروع في المقصود. المصدر لمن أراد الدراسة كاملة في ملف وورد فهي هنا U11P_PiUAoHOr0C.zip دمتم بخير
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
#2 |
مجرد عضو ..
تاريخ التسجيل: Nov 2002
البلد: في بريدة دار العز ,,
المشاركات: 5,389
|
مقال جميل ,,
وبلغة هادئة رصينة يعالج قضية كبرى - في نظري -أولع بها الكثير من الشباب وإنغمس في عصر الإنفتاح الفضائي والمعلوماتي وتداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر 0 -------- كان قد أرسل لي أحد الأحبة رسالة جوالٍ وكانت حينها خارج بريدة مستفسراً مني عن هذا المقال , وقد أشار إلى أنه منشــور في مجلة العصر من خلال موقعها الإلكتروني فقلت له إنني لم أطلع على المقال , فجزاك الله خيراً أخي يوم أن كفيتنا مئونة البحث عنه 0
__________________
.
. كلن يحب اللي يود ويريدة // والقلب مايآخذ من الناس واجـد وانا الحبيبة عندي اسمه بريدة // أحبها والله على الحب شاهد . . |
![]() |
![]() |
#3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
العزيز حفيد يبدو أن الحال من بعضها ![]() كنت مع أحد الاخوة ، وكان الحديث حول الليبرالية فدلني على هذه الدراسة المستنيرة للمبدع ابراهيم السكران كلمات تستحق التوقف حولها كثيرا دمت بخير
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
#4 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
^^^
للاهميه
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
#5 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
^^^^^^
للفائدة
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
#6 |
هوية صامتة
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: Buraydah City
المشاركات: 12,458
|
موضوع طويل جداً ويحتاج إلى جلسة ..
لكني قرأت مقتطفات منه .. شكراً لك أيها الناقد ..
__________________
|
![]() |
![]() |
#7 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
ولكنها دراسة تستحق الجلسة ايها الصباخ العزيز دمت بخير
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
#8 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Apr 2007
المشاركات: 410
|
أبامحمد
اضافتك رائعة بروعة مرورك دمت بخير
__________________
فـاطر السـماوات والأرض أنت وليي في الـدنيا والآخـرة تـوفـني مـسـلـماً وألـحـقـنـي بـالـصـالـحـيـن |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|