بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » يقول 0000ابنتحر00لاتحاولون تقنعونن

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 11-10-2007, 04:16 PM   #1
ابوسعودعبدالله
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
البلد: في الامل
المشاركات: 77
يقول 0000ابنتحر00لاتحاولون تقنعونن

لكل المناحيس في العالم العربي


مواطن سوري منحوس يروي قصته ... بقلم : ن. الحموي مساهمات القراء


نعم أنا منحوس.. لا تحاولوا إقناعي بعكس هذا فأنا أنحس منحوس عرفه تاريخ المناحيس على مر العصور..

نعم.. نعم.. أعرف كل ما ستقولون..



أعرف بأنكم ستقولون لي بأن هذا الكلام لا يجوز و بأني أُضخم الأمور و بأني متشائم زيادة عن اللزوم و بأن حادثة واحدة منحوسة أو حادثتين ليست بالخطب الجلل الذي يدفعني لوضع نظارات سوداء على عيوني أنظر للعالم من خلالها و لكن و لكي تحكموا بأنفسكم إليكم قصتي..

ولدت في 29 شباط إي في سنة كبيسة.. فكنت الطفل المنحوس الوحيد من بين كل الأطفال الذين عرفتهم في حياتي الذي يحتفل بعيد مولده مرة كل أربع سنوات.. أما سنة ولادتي فهي عام 1960 أي أني ولدت في نفس اليوم و السنة التي وقع فيها زلزال أغادير الذي دمر المدينة بشكل شبه كامل و دفن 15 ألف شخص تحت الأنقاض خلال 15 ثانية!!





بعد ولادتي لم تتمكن أمي من إرضاعي لأنها أصيبت بحمى النفاس و بسبب مرض والدتي و انشغال العائلة بها لم يجد والدي فرصة ليُطلق عليّ اسماً فبقيت دون اسم إلى أن شُفيت والدتي و قامت بالسلامة لتختلف مع والدي على الاسم الذي سيُطلق عليّ فهي تريد أن تسميني (ماهر) حيث كان هذا الاسم موضة في تلك الفترة و والدي يريد أن يسميني (فريد) على اسم جدي رحمه الله و بعد صد و رد و صولات و جولات سماني والدي على اسم جدي رغماً عن أنف أمي..







بعد شهر واحد من تسميتي على اسم جدي توفي جدي رحمه الله بسبب جلطة أصابته حين علم بأنه قد خسر مبلغاً مالياً كبيراً في تجارته حيث أنه كان تاجراً من كبار تجار القماش في البلد.. و طبعاً كما في كل العائلات التي يتوفى كبيرها تاركاً ثروة بدأت الخلافات بين والدي و إخوته و أخواته.. و هكذا و بوفاة جدي تفككت أسرتنا و لم تعد كما كانت حتى هذه اللحظة..





بعد أن أخذ والدي حصته من التركة دخل في مشروع مع اثنين من أصدقائه و هو عبارة عن معمل نسيج ينتج المنسوجات وفقاً لأحدث الطرق المعروفة في ذلك الوقت.. و لكن يا فرحة ما تمت فما أن خطوت أولى خطواتي على الأرض في 21 تموز 1961 بدأ العمل بالمراسيم 117، 118 و تلاها المرسوم 119 و القاضية بالتأميم!! و لكم أن تتخيلوا ما آلت إليه حالة أسرتي!! فمن ابن تاجر معروف و صناعي بدأ يخطو خطواته الأولى بنجاح تحول والدي بقدرة قادر إلى مريض ضغط و سكر باع كل ما لديه ليسدد ما عليه من التزامات كان من المفترض أن يغطيها المشروع الذي مات قبل أن يولد و الذي حاول أن يقف على قدميه دون جدوى لأن الضربة القاصمة أتته عام 1965 التي عادت و أممت كل ما أسسه القطاع الخاص أي أن كل محاولات والدي للنهوض بمشروعه لم تجد نفعاً..





بسبب أوضاع والدي المالية الصعبة تأخرت بالدخول إلى المدرسة التي سبقني إليها كل من هم في مثل عمري و بدأت بتلقي علومي الأولى في البيت على يد والدتي التي أصرت على تعليمي بنفسها مهما كلفها الأمر كي لا أكون أقل من غيري.. و حين دخلت إلى المدرسة أخيراً لألتحق بالصف الثاني كان ذلك في عام 1967 أي العام الذي وقعت فيه نكسة حزيران (حتى تشوفوا قديش وشي خير)... هذه النكسة التي كسرت ظهورنا و التي لم نتخلص من آلامها حتى عام 1973 التي أعادت لنا ماء وجوهنا..





حين كنت طفلاً لم أصب بأي مرض من الأمراض التي يصاب بها الأطفال عادة كالحصبة و جدري الماء و هو ما سيظنه البعض حسن حظ و لكن لكأن هذه الأمراض كانت تنتظر فترة الامتحانات المصيرية بالنسبة لي حتى تصيبني.. فقد أصبت بالحصبة مع أول يوم من أيام فحص "البروفية".. أما في أول يوم من أيام فحص "الباكالوريا" فقد كنت مصاباً بجدري الماء و لكم أن تتخيلوا منظري و أنا (قد اللوح) في قاعة الامتحان، مصاب بجدري الماء و أحاول أن أقدم امتحاناتي مع كل هذه البثور التي علت وجهي..





طبعاً نجحت بالامتحان لكن علاماتي كانت قليلة جداً و لهذا السبب اضطررت لإعادة السنة و لكن حظي في السنة التي تلتها لم يكن أفضل بكثير..





وقعت في الحب لأول مرة في حياتي حين كنت في التاسعة عشرة من عمري.. كنت قد انتهيت لتوي من امتحانات "الباكالوريا" للمرة الثانية و كانت هي أجمل فتاة رأتها عيني..

طرق قلبي بقوة حين رأيتها أول مرة و صرت أتبعها و أسير خلفها طوال الطريق لأعرف عنوانها..

كانت بين الحين و الآخر تنظر نحوي و تبتسم ابتسامة ساحرة تجعل قلبي عصفوراً صغيراً يرفرف في صدري..

كانت مختلفة.. لا أعرف كيف أصفها.. بشرتها، شعرها، قوامها.. حتى أصابعها.. كان كل ما فيها جميلاً جميلاً..

بقيت أتابعها و ألاحقها أياماً طويلة، كانت تعمل في ورشة خياطة..



كانت تخرج من بيتها الواقع في حارة شعبية في الثامنة صباحاً و تتجه إلى الورشة الواقعة في منطقة المهاجرين لتعود إلى بيتها عند الظهيرة و هكذا..

كنت أسير خلفها كظلها خطوة بخطوة في النهار و كانت هي تسكن أحلامي لحظة بلحظة طوال الليل.. صورتها لم تكن تفارق خيالي و لا للحظة واحدة..

التحقت بكلية التجارة لأتابع دراستي و قررت أن أعترف بحبي لها..

(بحبك)..





كنت بأمس الحاجة لقول هذه الكلمة.. تماماً كما كنت بأمس الحاجة لسماعها..

وقفت بالقرب من باب ورشة الخياطة كالعادة بانتظار خروجها و هذه المرة لم أكتفي بالمراقبة بل انتظرت حتى دخلت إلى إحدى الحارات التي تأكدت من خلوها قبل أن أستوقف فتاتي و أبدأ الكلام..





كنت مرتبكاً و قد علت الحمرة وجهي.. و هي لم تكن أقل ارتباكاً، خجلاً أو خوفاً.. لم أكن أجرؤ على النظر في عينيها طويلاً لكثرة ما كانت نظراتها و عيونها تتكلم.. قلت لها أنها جميلة جداً و أني أحببتها منذ النظرة الأولى و أني قد دخلت إلى كلية التجارة لتوي و أني سأتقدم لخطبتها بأسرع وقت ممكن.. كانت خجولة جداً و لم تنطق بكلمة و حين سألتها عن رأيها هزت رأسها بسرور مع ابتسامة لن أنساها ما حييت.. و حين سألتها عن اسمها أشرت لي بيديها و أصابعها لأكتشف أنها بكماء!!





لم أكن قد استوعبت ما حدث بعد أو استفقت من صدمتي الأولى بأن حبي الأول الذي انتظرت أن أسمع منه كلمة حب كان فتاة بكماء لم أعرف صوتها حتى صاح بنا ابن عمها الذي لمحنا واقفين سوية و راح يركض نحونا و يصيح مهدداً و متوعداً ثم (دقني قتلة حشك و لبك) جعلتني أسقط طريح الفراش لثلاثة أشهر ضيعت عليّ فرصة تقديم امتحانات الفصل الأول في الجامعة و حين عدت لأبحث عن حبي الأول الأبكم اكتشفت أنه اختفى فلا أنا وجدتها في المشغل و لا في الحارة الشعبية لأن الحارة الشعبية ببساطة قد تم إخلائها ليتم هدمها و إعادة بنائها على الطريقة الحديثة.. و هكذا ضاع حبي الأول دون أن أعرف له اسماً أو عنواناً و دون أن أسمع منه كلمة حب!!





في 23 شباط عام 1982 انقطعت عن متابعة دراستي الجامعية و اتجهت لألتحق بالقوات السورية التي اتجهت إلى لبنان لمحاربة شارون الذي راح يتقدم نحو بيروت..

عام 1982 كان من أصعب الأعوام التي مرت عليّ في حياتي و أظن أن ظروف هذا العام الصعبة كانت أقوى بكثير من نحسي الذي لم يتمكن من القيام بشيء يُذكر خلال هذا العام..





لم تعرف حالتي النفسية مرحلة أصعب من المرحلة التي تلت الاجتياح الإسرائيلي للبنان و الحرب التي شهدتها بنفسي هناك و التي راح ضحيتها العديد من أخوتي في السلاح فقد عدت إلى دمشق مصاباً و لم يتحقق حلمي بالشهادة التي كنت أسعى إليها..

لا أعرف إن كنتم ترون في عدم حصولي على الشهادة نحساً أم حظاً وفيراً و لكن بالنسبة لي فأنا أرجح الخيار الأول...

كنا في تموز عام 1982 و كان رمضان في ذلك العام من أصعب الرمضانات التي مرت علينا ليس بسبب الطقس الحار و اليوم الطويل حيث نصل إلى موعد الإفطار و قد أنهكنا التعب و جفت عروقنا من العطش و حسب بل أيضاً بسبب عدم توفر المواد الغذائية كما كان ينبغي..

كنت أذهب إلى المؤسسة الاستهلاكية لشراء بعض الأغراض و أخرج منها كأنني قد حررت القدس رغم أن كل ما قمت به هو شراء كيلو بندورة و معه علبة (بزاليا كونسروة) ""يتوجب"" عليّ شرائها رغماً عن أنفي..

ليس لدي شيء ضد الشراء الإجباري المفروض علينا لبعض البضائع و لكن حظي المنحوس كان يتجلى بأنه كان يجب عليّ شراء (البازاليا) حصراً من بين كل المنتجات الوطنية الأخرى.. (يعني أنا بحب كل أنواع الأكل يلي بالدنيا إلا البزاليا بس شو بدنا نحكي حظ بيفلق الصخر)...



تخرجت من الجامعة و حاولت جاهداً الحصول على عمل دون جدوى و ما بين تخرجي عام 1986 و يأسي من الحصول على عمل في القطاع العام الذي تحكمه المحسوبيات و الواسطات تنقلت من عمل إلى آخر برواتب هزيلة في القطاع الخاص (كوني لست من أصحاب السوابق... أقصد الخبرات السابقة) و يوم قبضت أول راتب لي بعد أن طلعت عيوني بالطول و العرض تمت (نشترتي) أثناء ركوبي الباص في طريق عودتي إلى البيت و الله وكليكم يومها لم أكن قد اشتريت بعد (حلوان) أول راتب لي لأُفَّرح قلب أهلي بي و إلى الآن أدعو على ذلك النشال من (صماصيم)قلبي المحروق على الخمسة آلاف ليرة التي حلمت بها طويلاً..

بعد فترة قررت أن أسافر إلى الخليج العربي كما فعل معظم من أعرفهم من أبناء جيلي و ذلك للحصول على دخل محترم يُمَكِّنُنِي من بناء مستقبلي.. و بالفعل حصلت على الفيزا و سافرت إلى الكويت حيث تقيم أختي مع زوجها و بدأت أموري تنتعش و سجلت على بيت في جمعية سكنية ككل من هم مثلي و في عام 1989خطبت فتاة طيبة من عائلة بسيطة أحبتني و تعلقت بي.. كانت هادئة الطباع، قنوعة و ناعمة و كنت سعيداً بها و اعتبرت أن عروسي و عملي في الكويت بداية لحظ سعيد و نهاية لحقبة طويلة من النحس..

عام 1991 عاد نحسي من جديد حين اجتاحت القوات العراقية الكويت فخسرت عملي و أموالي و بالكاد نجوت بنفسي أنا و بيت أختي من كارثة محتملة و هكذا عدت إلى دمشق متل صبي الحمام إيد من ورا و إيد من قدام..

فترة الخطوبة طالت و بيت حماي (ضاجوا) و لم يعد أمامي حل آخر سوى أن أتزوج في بيت أهلي كون بيت الجمعية الذي سجلت عليه لأسكن فيه سيكون من نصيب حفيدي بعد عمر طويل بإذن الله..

يوم عرسي كان بالفعل يوم من العمر...

استأجرت قاعة بسيطة حسب إمكانياتي و طلبت البوظة بالقشطة و الفستق من محل بكداش و اتفقت مع صديقي كي يقلني بسيارته إلى القاعة و منها إلى عش الزوجية الذي هو عش بكل ما للكلمة من معنى (عش الزوجية = غرفة في بيت أهلي ليس لها حمام مستقل أو شرفة مجرد غرفة من أربع جدران و باب و شباك)...

المهم.. يوم عرسي كان في 27 تموز يلي بتغلي فيه المي بالكوز من عام 1992.. و يا حزركم شو؟؟

طلع هالنهار يلي هو يوم عرسي يوم اثنين يعني لا في حلاق روح عليه أنا و لا Coiffure تروح عليه عروسة الهنا..

مو مشكلة.. خرجت من "التلبيسة" التي أقامها لي رفاقي في حمام من حمامات السوق و ركبت في سيارة صديقي التي زينها و رتبها خصيصاً للمناسبة و اتجهنا وسط "عراضة" من الأهل و الأصحاب إلى بيت العروس لنأخذها و نذهب إلى القاعة و في الطريق تعطلت السيارة و وقفنا ساعة "بالحراقي" و نحن نحاول أن نصلح السيارة و طبعاً تأخرت على العروس التي "حردت" (طبعاً ما كان في موبايلات بوقتها لخبرها شو صاير معي) كما تأخرت على المعازيم في القاعة الذين ملوا الانتظار و بعد أن شرحت لعروسي الموقف و زرع الشباب القصة في ذقونهم حنت عليّ عروسي و ركبت معي في السيارة التي "بنشر" دولابها (دولاب السيارة لا دولاب عروسي) على الطريق لنصل إلى القاعة (عرقنا مرقنا) و قد (تبهدلنا و تعفشكنا) من عملية تبديل الدولاب "المبنشر" و طبعاً تأخرنا على المداعي الذين كادوا أن يغادروا القاعة..

ما إن وطأت قدمي و قدم عروسي القاعة حتى اختفى حس الموسيقا و أظلمت القاعة لنكتشف أن مؤسسة الكهرباء (أدام الله عزها) قد قطعت الكهرباء حيث أن نوري و نور عروسي قد أفقد مؤسستنا المبجلة صوابها و أعمى بصرها فقررت أن تعمي بصائرنا و أبصارنا فدخلنا إلى القاعة على العتمة و دون زفة أو موسيقا و جلسنا على "الأسكي" دون أن يرانا أحد (يعني متل يلي عم يرقص بالعتمة) و لسان حال عروسي يقول: (يا حوينة الروحات لعند الخياطة و أجرتها و حق القماشة يعني لو بعرف هيك كنت إجيت بروب البيت و ما في داعي للفستان الأبيض) طبعاً هذا فيما عدا البوظة "المفستقة" التي قدمناها للمداعي حليب بالفستق بعد أن ساحت و ذابت و لم يبق أي أثر منها على أنها بوظة سوى أنها موضوعة في زبادي إلى جانبها ملعقة لتؤكل بها و لو أن "الشيليمونة" في تلك الحالة كانت أفيد..

أما عن يوم "صبحية" عرسي فيكفي أن أقول أن المياه كانت مقطوعة و ظلت كذلك حتى آخر اليوم...

في تلك الفترة التي تلت زواجي كنت أعمل في شركة تابعة للقطاع الخاص و كانت أموري تسير بشكل جيد و الحمد الله و استقبلت نبأ حمل زوجتي بفرح غامر لتنجب لي سعيد بعد تسعة أشهر و الذي بعد مولده بأسبوع توفي زوج أختي نتيجة الضغوط النفسية التي كان يعاني منها و التي رافقته فترة طويلة نتيجة خسارته كل ما لديه إبان الاجتياح العراقي للكويت لتصبح أختي أرملة و تأتي لتسكن معنا هي و أولادها الأربعة..

زادت أعبائي المادية خصوصاً عام 1997 حين أنجبت زوجتي توأماً هما ابنتي رندة و رغدة.. طبعاً الأولاد نعمة من عند الله (و الله يحميهم و يخليهم حاكم ظفر واحد منهم عندي ياه بالدنيا كلها) و لكن أعبائي المادية زادت في تلك الفترة لأن مديري قرر و دون سابق إنذار أنه لم يعد بحاجة لخدماتي... و هكذا باتت مسؤولية البيت الذي يحوي 12 شخصاً بما فيهم أنا كلها على كاهلي أنا:

أنا الذي طردني المدير من عملي و أسمع صفير جيوبي من به صمم..

مع بداية عام 1998 استلمت عملاً جديداً كنت سعيداً و متفائلاً به رغم شح الراتب إلى أن أصيب والدي رحمه الله بالسرطان و بدأنا بمشوار العلاج و مصاريفه التي لا تنتهي بدءاً من حبة الدواء و انتهاءً بالجراحة و في عام 1999 توفي والدي رحمه الله و بعد أن بات كل شيء جاهزاً لمراسم الدفن اكتشفنا بأن أحدهم قد "تصلبط" على قبر جدي الذي من المفترض أن يصبح قبراً لوالدي و هكذا و بفضل الفساد الذي وصل إلى المقابر و القبور دُفن والدي رحمه الله في مقبرة بعيدة وحيداً بعيداً عن من سبقوه من أهله و ذويه.. رحم الله والدي و أمواتكم و أمواتنا أجمعين..

مع وصول الألفية الجديدة قررت و زوجتي و لأول مرة في حياتنا منذ تزوجنا أن نحتفل بمناسبة ما و قد اخترنا الاحتفال بليلة عيد رأس السنة لهذا العام لأن هذا العام هو عام الـ 2000 يعني شي غير شكل..

كانت تلك ليلة لا تنس..

كل شيء كان يبدو كاملاً..

الأولاد في البيت مع أمي و أختي..

زوجتي ترتدي فستاناً جميلاً من أيام عرسنا.. حتى أنا كنت أرتدي بدلة رسمية أنيقة..

يومها كنا نبدو كعاشقين في بداية قصة حب جميلة..

وصلنا إلى المطعم لنكتشف بأنه كان من المفترض بنا أن نحجز مسبقاً و هذا يعني أن نخرج من المطعم لأنه (لم يبق محلات)..

بحثنا عن مطعم يستقبلنا إلى أن عثرنا على طاولة صغيرة في زاوية ميتة في أحد مطاعم دمشق القديمة بعد أن دقت الساعة الثانية عشرة و مشي الحال!!

طبعاً زوجتي بدأت تلومني لأنني لم أحجز و أنا بدأت ألومها لأنها السبب بتأخرنا لأنها وقفت ساعة أمام المرآة (يعني بالعربي خناق و نق و نكد و كأننا ما طلعنا من البيت يعني كأنك يا بو زيد ما غزيت)..

تناولنا طعامنا بصمت ثم طلبنا الشاي الذي انسكب بسبب خطأ النادل على الطاولة و أحرق ساقي و بقّع فستان زوجتي..

(انتزع مراقنا) فوق ما هو منزوع و طلبنا الفاتورة التي حملت رقماً فلكياً غير متوقع جعلني أرغب بقتل زوجتي و قتل نفسي و اغتيال الساعة التي فكرت فيها بالخروج من البيت للسهر بهذه المناسبة كأي بني آدم يرغب بمناسبة سعيدة ليحتفل بها..



في أواخر عام 2000 و بداية عام 2001 بدأت أفكر جدياً بالهجرة و ترك البلد و فعلاً بدأت بتقديم أوراقي و طرق أبواب السفارات الأمريكية و الكندية و دفع الرسوم اللازمة التي كنت (أقطع عن تمي) كي أؤمنها..

كنت متفائلاً فكثيرون ممن أعرفهم تمكنوا من الحصول على فرصة السفر و لكن و قبل أن يحين موعد مقابلتي في السفارة الأمريكية بيوم واحد و في 11 أيلول 2001 وقعت أحداث الحادي عشر من أيلول التي غيرت وجه العالم و غيرت وجهي من متفائل إلى متشائم..

في عام 2003 و بالتزامن مع سقوط بغداد بدأت عملي عند أحد أبناء المسؤولين براتب جيد..

لم يكن عملي سهلاً فقد كان مديري متطلباً إلى أبعد الحدود بالإضافة إلى المافيات من النصابين و اللصوص الذين يؤمنون بأن (السارق من السارق كالوارث عن أبيه) و الذين حاربوني بكل ما لديهم من قوة لأني كنت آدمي و الغريب في الأمر أن حتى مديري كان يحب هؤلاء اللصوص و يقربهم إليه أكثر مني أنا الشريف النظيف.. (قولكم القط ما بحب غير خناقه و لا الطيور على أشكالها تقع؟؟) و لكن طبعاً الراتب المغري الذي بدأت أقبضه جعلني أنسى كل الصعوبات و أنسى نفسي التي أنهكتها بالعمل لأتمكن من توفير ما يلزم لبيت له طلبات لا تنتهي عن طريق المال الحلال..

بدأت أموري تتحسن و بدأت بسد ديوني و لكن قرار المحافظة باستملاك بيتنا حولني من صاحب بيت ملك (الملك لله) بالرغم من كونه عبارة عن (مجموعة حصص للورثة) إلى مستأجر يعيش تحت رحمة صاحب البيت الجديد و مزاجيته فيما يتعلق بالإيجار الذي ارتفع خلال سنتين أكثر من ست مرات..

مع نهاية عام 2005 و بداية عام 2006 لم يعد لدي عمل!!

ببساطة لقد اكتشفوا أن (المسؤول) والد مديري هو شخص فاسد و فهمكم كفاية!!

بيتي = زوجة و ثلاثة أولاد + أخت أرملة و أربع أولاد + أم عجوز و أنا من جديد:

أنا الذي ضاع مني عملي و اسمع صفير جيوبي من به صمم!!

و أمام المصاريف المتزايدة و فرص العمل الجيدة برواتب محترمة الآخذة بالتناقص في البلد و الأسعار التي لم تتوقف يوماً عن التصاعد و التصاعد و التصاعد وجدت نفسي في دوامة لا طريقة للخروج منها إلا بالموت...

منذ شهرين قررت أن أنتحر..

ابتلعت كمية كبيرة من أقراص الأدوية المختلفة و حين مرت ساعة و لم أمت جددت الكمية دون جدوى لأصل إلى قناعة أن الأدوية الوطنية التي ابتلعتها و التي تساعدنا عادة على الشفاء بالإيحاء لن تكفي لقتلي فإن كان الإيحاء يضحك على عقولنا و يساعد على شفاءنا فإنه لن يتمكن من الضحك على عقل عزرائيل ليقبض روحي.. أي أن الغش الوطني سيحرمنا حتى من متعة الموت!!

بعد شهر من محاولتي الأولى الفاشلة قررت أن أكرر المحاولة و لكن هذه المرة سأتبع طريقة أخرى..

كان البيت خالياً تماماً..

دخلت إلى الحمام و ملأت حوض الاستحمام بالماء ثم وصلت مجفف الشعر بالقابس و مسكته بيدي و أنا واقف في الحوض و مستعد للاستلقاء في الماء لأموت مكهرباً و ما إن أخذت وضع الاستعداد و قررت إلقاء مجفف الشعر في الماء حتى انقطعت الكهرباء!!!

غضبت و جننت و خرجت من الحمام بملابسي المبللة أقطر ماءً و أنا أرغي و أزبد و أصيح و ألعن و أشتم..

لك العمى!! لا بترحموا و لا بتخلوا رحمة الله تنزل؟؟ لك حتى موت ما عم تخلونا نعرف نموت!! فظاعة لك بدي إرتاح.. لك شو هاد.. لك شو هاااااااااااد..

في تلك اللحظة خطرت ببالي فكرة..

و لأول مرة شعرت بأني ذكي!!

كتبت مساهمة لموقع سيريانيوز ما تركت فيها ستر مغطى على البلد..

مساهمة تحكي عن الفساد و الرشوة و أسماء صريحة لبعض الأشخاص و كل هذا كي يتم شحطي شحط على بيت خالتي حيث أعرف تماماً ما سيؤول إليه مصيري..

و بالفعل و بعد عشرين محاولة فاشلة لإرسال المساهمة بسبب انقطاع الكهرباء، أعطال الحاسب، مشاكل شبكة الإنترنت و غيرها تمكنت بعون الله أخيراً من إرسال المساهمة بنجاح على أن يتم دراستها و نشرها خلال عشرة أيام.. و مرت العشرة أيام و لم تظهر المساهمة على سطح الموقع و بقيت حبيسةً في أعماق كواليسه أكثر من عشرين يوماً عندها لم أترك هاتفاً من هواتف الموقع إلا و اتصلت به و لا عنوان بريد إلكتروني إلا و كتبت له طالباً من الموقع نشر مساهمتي ليخبروني أن لموقع السيريانيوز سياسة نشر و خطوط حمراء و خضراء و برتقالية و بأني تجاوزت في مساهمتي الخطوط الحمراء إلى ما فوق البنفسجية عندها قررت أن أنسى أمر تلك المساهمة و أن أكتب لمجرد فشة الخلق.. أن أكتب لكم عني.. و احكي لكم عن حالي و اشكي لكم همي.. علّكم تشعرون بي أو يقرأها أحدهم:

أحدهم من الذين بيدهم أمري علّ كلماتي تؤثر بالذي فيه حس





كانت هذه قصتي و حكايتي فهل من مجيب؟؟؟





http://www.syria-news.com/readnews.php?sy_seq=63039





مع عدم اقتناعي بما يقول هذا المنحوس ولكن اقتنع بانه خفيف دم وضحكت على مواقفه كثيرا .



هل تعتقدون انه منحوس فعلا ؟؟

منقول
ابوسعودعبدالله غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:59 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)