بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » شـــيـــخ عَـــرَفـــة !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 07-12-2007, 03:27 PM   #1
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
شـــيـــخ عَـــرَفـــة !

وفود الحجيج مقبلة على سحائب الغفران والرحمة المستقرة في جبل الرحمة.. وما حوله، في حجة عام سبع وتسعين ومائة من الهجرة النبوية.

توقف الشيخ براحلته على قمة رابية تطل على ساحة عرفة وجبلها.. متأملا، حيث الموقف العظيم، يوم الحج، اليوم الذي يباهي الله –تعالى– ملائكته بعباده.. دمعة ساخنة تجري على وجه الشيخ الذي أنهكه طول العمر، وخط الزمان عليه خطوطه.. تحكي الشوق، وتعلن دموع الفرح.

سبعون موقف عاشه في هذا المكان العظيم، فكل رابية فيه وجبل، وأحجار وسَهَل؛ احتوت قلبه الذي طالما غمره الخوف من الله -عز وجل -، ورجاء فضله ورحمته.. فينسى في هذا الموقف حين يرفع يديه لربه؛ شقاء السفر، وجهاد الحَج، وآثار الطريق، ويجد الأنس –كل الأنس– في مناجاة مولاه، خاضعًا متذللا باكيا راجيًا..

لطالما أدمى الشوق فؤاده لهذا الموقف، وحز الحنين في قلبه لقدسية هذا المكان، فما إن تطأ قدماه أرض الرحمة، حتى تجده مستغرقًا في الدعاء والتعبد والتذلل للرحمن الرحيم؛ فلا يبالي بالدنيا كلها، فدنياه عرفة.. ولا شيء غير عرفة. وهذه حاله منذ سبعين سنة؛ قد اتصل بماضيه كله عبر دمعة ساخنة، ونحيب محزن، وصلاة خاشعة، وتلاوة ندية.. ولا ريب؛ فهذه الباقيات هي ماضيه وحاضره، أفلا يكون ارتباطه بماضيه يسير؛ فالمكان عرفة، والزمان عرفة، والقلوب اتحدت على الخضوع، والاتجاه قِيدَ بـ: (لبيك)، والألسنة تصدح بذكر الله -تعالى-، واللباس واحد. ما أعظمه من نهارٍ تتلاقى فيه أيام هذا الشيخ.

حثّ الشيخ الخطى؛ فحلم الوصال قد لاح له، كأنه العاشق الحالم..، لكنه المخلص الذي لا يرتوي من طول الوصال، فهو في ظمئ دائم له؛ غير أنه لله -تعالى-، ومحدد بإتباع شريعة سيد الخلق محمد بن عبدالله –صلى الله عليه وسلم-؛ فأنعم به من وصل ربانيٍّ عظيم.

هاهو يقترب إلى جموع المسلمين في عرفة؛ تستحثه دموع عابد، وتوبة غافل، ودعاء عجوز، وأيدٍ تنوعت في لونها، وأصلها، وقوتها، وعمرها.. لكنها رُفعت تضرعًا للكريم الرحيم الذي يستحي من رد عبدٍ رفع يده له طالبا خاضعًا متذللا.

وبين الجموع تتابعت على النزول الدموع، وخفق القلب تعظيمًا للجبار -جلا جلاله-، وأنزل رأسه متذللا له -سبحانه-، ولسان كل خفقة، وحال كل دمعة:


فليتـك تحـلو والحيـاة مـريرة **** وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر **** وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين **** وكل الذي فوق التراب تراب

ليتك ترضى يا رب ولو غضب الأنام ...

رفع بصره فإذا جبل الرحمة يتشح بالبياض؛ لعظم ما عليه من البشر، وكأنهم كانوا عليه مذ كان؛ وكأنهم الشجر قد رسخت جذوره في أعماق الجبل.. هذا الجبل، ما أعظمه وأبهاه، إن كانت الجموع عليه كالشجر الراسخة جذوره؛ فهذا الشيخ قد رسخت جذور روحه في أعماق هذا الجبل منذ سبعين سنة.. وحتى هذه اللحظة العظيمة.

وهاهي ساحة عرفة.. كما رآها في اللقاء الأول منذ سبعين سنة، عظيمة بذكر الله -تعالى-، يراها فيغمره شعورٌ يُعَمِّق عبوديته لله -جل وعلا-، ويزيده تذللا له، وخضوعًا لعظمته، واعترافا بوحدانيته –سبحانه وتعالى-، ولسان الحال:


يا رب عبدك من عذابك مشفق **** بك مستجير من لظى النيران
فارحم تضـرعـه إلـيك وحـزنـه **** وامنـن عـليه اليـوم بالغفران

فلبيك اللهم لبيك..! إن شِبْت يا رب، فما شاخ قلبي عن ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وإن رُدِدت إلى أرذل العمر في جسدي وقوتي، فلن ترى –ربي– بإعانتك إلا عزة الشيخ المؤمن في روحي، وهي التي أجدها –بفضلك ومنتك– مذ أقبلت عليك منذ سبعين سنة.. وحتى اليوم.

لبيك اللهم لبيك..! ارحم –ربي- شيبي، وتجاوز عن شيخ أنهكه دولاب الدهر، وأنصبه سير الأيام، ارحم -يا رحمن- ضعفي، وأغث قلبي بإيمان يعتق رقبتي من النار.. بفضلك وكرمك وجودك يا كريم.

لبيك اللهم لبيك..! أسألك -ربي- الفردوس الأعلى. يا ضيعة حياة انتهى أمر صاحبها إلى نار تلظى، وحرم من جنة عرضها السماوات والأرض، رباه..! شيخ ذليل وقف ببابك طالبًا.. وأنت الكريم. عبدٌ ضعيف مدّ يديه خاضعًا.. وأنت الرحيم. أسألك عملا متقبلا، وعفوًا من لدنك ومغفرة.. وحسن خاتمة يعقبها تجاوز ونجاة من عذاب الآخرة.

انتبه فإذا هو قد أفاق من جميل التفكر ليرى نفسه وقد دخل الموقف، والدمع قد بلل لحيته البيضاء، تأمل لحاله.. والشيب قد اشتعل في رأسه، هزل جسمه، وتراخت مفاصله، وخط على وجهه الدهر؛ فقد دفعه تكرار الأيام، وانطواء السنين، وانصرام الأعوام.. إلى عيش أرذل العمر.

صلى مع جموع المسلمين، ثم اضطجع على فراشه مستغرقًا في التفكير، منغمسا في التأمل، ثم انحدرت دمعة ساخنة على خده، وتتابعت الدموع؛ فالتفت لمن هم حوله وقال : "قد وافيت هذا الموضع سبعين عامًا أقول في كل سنة: اللهم لا تجعله آخر العهد، وإني قد استحييت من الله لكثرة ما أسأله ذلك".

إنه الإحساس بدنو الأجل، وانقضاء العمر، وإلقاء الستار على حياة علم من أعلام الحضارة الإسلامية، وأفول نجم من نجوم السلف الصالح، وشمسٍ غيّبها قدر الله -تعالى- وسنته في هذه الحياة الدنية.

قال ابن أخيه: "رجع الشيخ من حجّه هذا، وتوفي في السنة الداخلة".

رحمة الله –تعالى- على الإمام الحافظ سفيان بن عيينة الكوفي، وجمعنا به في مستقر رحمته.


_________________________



قد يقول قائل: مالك وللحديث عن عرفة، وبيننا وبينها أيامًا ولياليَ..
قلت: إنما الحج عرفة، وما كتبته إلا تشويقا لمن لم يُحْيي عرفة.. في عرفة.
__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل  


قديم(ـة) 08-12-2007, 05:43 PM   #2
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
وخاطرة حول عرفة.. .

عرفة.. يامن لقيتك على صغر.. ولم أعرف قدرك كما أعرفه.. ولن أعرفه حق المعرفة.

لكنني لقيتك، ورأيت من عرف بعض حقك؛ بل سمعته..

بل أحسست به..

أو أنه أعلمني بوجوده رغمًا عني..

ربي !

كل جزء مني ينتظر البشرى؛ فيسّر لي الحج.. ويسّر لي لقيا عرفة.. فو الله أن القلب في شوق عظيم، ويالحلاوة هذا الشوق.. وما أعظمه وأجمله وأبهاه، كن دائمًا في قلبي ولا تغادره.


فضائل يوم عرفة

1-إنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة:
ففي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال أي آيه؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) "المائدة: 3" قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قائم بعرفة يوم الجمعة.

2- قال صلى الله عليه وسلم: (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) "رواه أهل السّنن". وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (نزلت –أي آية (اليوم أكملت)- في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد).

3-إنه يوم أقسم الله به:
والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، فهو اليوم المشهود في قوله تعالى: (وشاهد ومشهود) "البروج: 3"، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليوم الموعود : يوم القيامة، واليوم المشهود : يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة..) "رواه الترمذي وحسنه الألباني".
وهو الوتر الذي أقسم الله به في قوله: (والشفع والوتر) "الفجر: 3" قال ابن عباس: الشفع يوم الأضحى، والوتر يوم عرفة، وهو قول عكرمة والضحاك.

4-أن صيامه يكفر سنتين:
فقد ورد عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والسنة القابلة) "رواه مسلم".
وهذا إنما يستحب لغير الحاج، أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك صومه، وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة.

5- أنه اليوم الذي أخذ الله فيه الميثاق على ذرية آدم:
فعن ابن عباس _رضي الله عنهما_ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بِنَعْمان- يعني عرفة- وأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذّر، ثم كلمهم قِبَلا، قال: (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) "الأعراف: 172، 173" "رواه أحمد وصححه الألباني"
فما أعظمه من يوم! وما أعظمه من ميثاق !

6-أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار والمباهاة بأهل الموقف:
ففي صحيح مسلم عن عائشة _رضي الله عنها_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدأ من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟).
وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي، أتوني شعثا غبراً) رواه أحمد وصححه الألباني".

المرجع:http://www.saaid.net/mktarat/hajj/41.htm
__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل  
قديم(ـة) 14-12-2007, 09:33 PM   #3
الصباخ
هوية صامتة
 
صورة الصباخ الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: Buraydah City
المشاركات: 12,458
للرفع فقط.
__________________

الصباخ | Buraydah City

الصباخ غير متصل  
قديم(ـة) 17-12-2007, 12:38 AM   #4
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
الصباخ’ رفع الله قدرك، وغفر لك.
__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 07:19 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)