[مُسعر قلم]

اترك أثراً قبل الرحيل ، قد لا تكون هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها هذه الكلمة ، لكن بكل تأكيد القليل منا هو من سمع هذه الكلمة بعقله وقلبه وعمل بمقتضاها الإيجابي .
قلت الإيجابي ، فهذه المقالة تحمل مدلولات كثيرة وترك الأثر قبل الرحيل ليس مقصوداً لذاته بل ينبغي تقييد هذه الكلمة بقولنا اترك أثراً طيباً قبل الرحيل ، لأن كل ماش على هذه البسيطة هو في الحقيقة يترك أثراً عليها ،
فالعالم يترك أثراً والمربي يترك أثراً والآمر بالمعروف يترك أثراً ومرتكب المحرمات يترك أثراً وهكذا ،
كل هؤلاء قد تركوا أثراً ، فمنهم من كان أثره طيّباً يذكر فيشكر ويسمع فيصنع ، ومنهم من كان دون ذلك .

اترك أثراً قبل الرحيل وكن رجلاً إن أتوا بعده 000يقولون مرّ وهذا الأثر
يقول السباعي " إن لم تزد شيئاً على الدنيا فأنت زائد عليها "
وعندما نتأمل في النصوص الشرعية نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على ذلك ففي الحديث
" إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له "
وهذه الأبواب الثلاثة عند التأمل هي من أعظم أبواب الأثر الطيب الذي يتركه المسلم ،
فالصدقة الجارية أو الوقف هي من أعظم الآثار التي يتركها المسلم بعد وفاته ، مستشعراً في ذلك أن الدرهم
قد يسبق ألف درهم ، والصدقة باب للخير عظيم يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام " داووا مرضاكم بالصدقة " ويقول " الصدقة تطفئ غضب الرب "
ثاني هذه الأبواب العظيمة :- علم ينتفع به
أيها العالم هيا في فضاء العلم حلق :::
واستمع قولاً مهياً ولباب الجهل أغلق
إن في العلم رقيّاً فخذ القولة واسبق
واشفع العلم بنية ومع الرحمن فاصدق
ثم علم دون خشية كفصيح ليس ينطق ..!

وانظر إن شئت للمكتبة الإسلامية لترى عظيم ما خلفه هؤلاء الكبار ، أو اسمع ما يقرأه الأئمة والعلماء من تراثهم
فأي أثر يتركه المسلم أعظم من العلم والتعليم .. ؟ " إنما يخشى الله من عباده العلماء "
" خيركم من تعلـم القرآن وعلمه " " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة "
لقد كان للسلف رحمهم الله ارتباط كبير بالعلم عاشوا فيه وعاش فيهم وبهم ، أثروا فيه وتأثروا به
حتى كان الكتاب لبعض زوجات العلماء أشد عليها من ثلاث ضرائر ،
يقول ابن الجوزي : لو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر ، وأنا بعد في الطلب .
فالقراءة للعلم والقراءة للعمل والقراءة للرقي ، يقول الطنطاوي رحمه الله في ذكرياته :
فأنا اليوم وأنا بالأمس كما كنت في الصغر أمضي يومي أكثره في الدار اقرأ وربما مر علي يوم اقرأ فيه ثلاث مئة صفحة ومعدل قراءتي مئة صفحة من 1340 إلى 1402 -أي السنة التي كتب فيها هذا الفصل من الذكريات انتهى كلامه رحمه الله
وقد حسبت عدد الصفحات فربت على 2232000 صفحة ( مليونين ومئتين واثنين وثلاثين ألف ) علماً بأنه قد عاش فترةً بعدها قريب من عشرين سنة لم نحسبها ، إضافةً إلى الصحف والمجلات التي يقرأها يوميّاً ، وهذه قراءة الإستمتاع التي يجد فيها القارئ اللذة التي تماثل لذة الطعام والشراب وغيرها ولا تكون إلا بعد تعويد وقراءة مستمرة متواصلة
وأنا أتكلم عن القراءة أو التعلم مع أن ترك الأثر يكون عادة في التعليم لأن التعليم لا يكون إلا بعد التعلم ، فلا يكون عالماً من لم يكن متعلماً
وليس معنى ذلك أن المتعلم لا يكون معلماً بل البذل محمود وكتم العلم مذموم والتعليم من محفزات الطلب .
ثالث هذه الأبواب
:: ولد صالح يدعو له ::
فنعم الأثر الطيب الولد الصالح ، والهداية من عند الله جل وعلا ، وعلى المربي فعل الأسباب والدعاء
" ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمنقين إماماً "
ولو نظرنا في سير من ترك أثراً قبل رحيله لرأينا أن هناك أباً أو أماً أو مربياً صالحاً أحسن النية والتربية فكانت البذرة الطيبة في الأرض الصالحة .
هذه ثلاث عناوين رئيسة وإلا فالأبواب كثيرة وكل منا أعرف بنفسه وما تستطيعه منها ،
فتارك الأثر بماله وتارك الأثر بخلقه وتارك الأثر قدوة بعمله وتارك الأثر بقوله وتارك الأثر بشعره ، والتركيز يحفز الأثر ، والناس في دائرة أثرهم يتفاضلون .

الموضوع في الأصل إلقائي ، وجماليات الإلقاء تختلف عن جماليات الكتابة ، لكني طويت عن ذلك كشحاً ، ملتفتاً إلى الفكرة ، راجياً من الله النفع .

[الـصـمـصـام]

..


أحسنت و أفدت يا أبا خليل ، و من اللطائف في هذا الجانب ، قول الله تعالى : {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} ، فمن لم يتقدم ، فهو يتأخر حتماً و لن يقف على حاله .
استفدت حقيقةً أدام الله طرحك المفيد .

[مُسعر قلم]

ما شاء الله تبارك الله ،
ردك يعطي الموضوع بصمة خاصة ،
شكر الله لك أخي الغالي أبو عبد العزيز .

[المجروح]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكور اخوي على الموضوع

والجاي افضل

إن شاء الله.

[مُسعر قلم]

اقتباس المشاركة الأساسية كتبها المجروح السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكور اخوي على الموضوع والجاي افضل والمكافأة مضاعفة إن شاء الله.

حياك الله أخي المجروح ، وجزاك الله خير على مرورك .