بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حـصـاد الإنـتـرنـت » من وحي أزمة الخليج الثانية ( صراع من نوعٍ آخر ) العودة والقرني والقصيبي

حـصـاد الإنـتـرنـت حصاد شبكة الإنترنت و المواضيع المنقولة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 30-03-2008, 12:49 AM   #1
معتدل
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
البلد: جزر بريدة العالمية
المشاركات: 523
من وحي أزمة الخليج الثانية ( صراع من نوعٍ آخر ) العودة والقرني والقصيبي

من خلال الترقب والتحفز واختلاط حابل السياسة بنابل الحسم العسكري، طفت على السطح بوادر أزمةٍ من نوعٍ آخر، إنها أزمة الفكر واختلاق المعارك والصراعات مع العدو الوهمي أو الشبح الهائم الذي تم شيّه تحت أضواء النقد والرد وذكر المثالب ! وأقول وهمياً لأنه لم تكن - في تلك الحقبة - أصول ثابتة واضحة المعالم لما يعرف بالتيار العلماني في المملكة، لا أدري من الذي ابتدر الحوار واختلق الأزمة، لكن شريط الشيخ سلمان العودة ( الشريط الإسلامي ما له وما عليه ) كان من أشهرها، حيث تحدث في النصف الأخير منه عن الدكتور غازي القصيبي وذكر شيئاً من أطروحاته وأفكاره وقصائده ونقده لأبناء الحركة الإسلامية، ولم يسكت غازي فظهرت رسائله حتى لا تكون فتنة - جمعت في كتابٍ – كتب على غلافها الداخلي إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز أدرك الفتنة حتى لا يتطور الأمر إلى ما لا تحمد عقباه، أو كلاماً بهذا المعنى .

وكانت ردوده في كتابه منصبة على الشيخ ناصر العمر، والشيخ عائض القرني، والشيخ سلمان العودة، وأشار في كتابه إلى أن تسجيلات ابن الجوزي في الدمام تخصصت بالإصدارات التي تحمل هجوماً شخصياً عليه !

وقد وقع في يدي خطاب وجهه مدير شركة تهامة للنشر في حينه - نسيت اسمه – للدكتور غازي يشنّع فيه على ما يعرف بالإسلاميين، ويرد عليه الدكتور غازي أيضاً بخطابٍ فيه سخرية - باللهجة المحلية - منهم أشبه ما تكون بقولهم حامض على بوزهم ! لكنها كانت طريفة وتثير التساؤول عن كيفية تسرب ذلك الفاكس إلى أيدي الإسلاميين والمتعاطفين معهم ؟!

وكنت ولا زلت من المتعاطفين مع التيار الإسلامي أياً كان اسمه، شريطة أن يكون من أهل السنة والجماعة . ولم يكن ذلك الخطاب هو الوحيد الذي طالته يد النشر وهتك الستر، بل أعقبته خطابات عدة تسربت وصوّرت ووزّعت وتم تداولها ونشرها بين أيدي المهتمين وغير المهتمين، منها ما يحمل الصبغة السرية لتعليماتٍ أمنيةٍ حيال مسائل لا ينبغي نشرها بين العامة، أو تعاميم لبعض الوزارات والمصالح الحكومية، وهذا التسريب يخالف مبدأ الأمانة الوظيفية التي تقتضي الحفاظ على أسرار المهنة الوظيفية .

وأذكر في هذا أن زيداً من الناس حدثني أنه زار دائرةً حكوميةً داخل مدينة الرياض في يومٍ من الأيام، وأثناء انتظار دوره في إحدى المكاتب هناك، قام موظف المكتب بقراءة خطابٍ من الخطابات الواردة إليه على زميله، وكان الخطاب يحمل شكوى من مواطن ضد آخر في مبلغٍ ضئيل أقرضه المدعي للخصم، يقدر ذلك المبلغ بحوالي عشرين ريالاً ! وكان الموظف يقرأ الشكوى ويسخر ويضحك ! كانت خطب الشيخ عائض القرني في الدكتور غازي ناريةً، وكذا الشيخ ناصر، وقد يقول قائل فما بال الأول تحول في عصرنا هذا ؟! أقول : ليس عيباً أن يتراجع الإنسان عن بعض أفكاره إن اعتقد أنها خاطئة أو ليست موضوعيةً، لكن العيب كل العيب أن يبقى متراجعاً طوال حياته ! وليس من العار أن يكتب ذلك الإنسان في صحيفةٍ كان يراها في حقبةٍ من الحقب قلباً للعلمانية، أو يظهر في قناةٍ معروفة التوجه لقول الحق، لكن الجريمة والعيب أن يتحول قلمه من تلك الصحيفة أو القناة إلى خنجرٍ مغروسٍ في روح الحركة الإسلامية وأهل التدين والخير .

سرت في أجواء مدينة الرياض الملبدة بالرباط أنباءً عن خروج مظاهرةٍ نسائيةٍ ابتدأت من الحي الدبلوماسي، قبل أن تصل في مسيرتها إلى شارع صلاح الدين، وهناك تم السيطرة عليها من قبل رجال الأمن والحسبة، كان الحادث جللاً في ظل تلك الأوضاع المحتقنة، وكانت السلطات الأمنية تعاني من حساسيةٍ شديدةٍ للغاية من ردة فعل الناس تجاه وجود قوات التحالف المشتركة، فكيف بهذه الباقعة الجديدة التي فتحت على الدولة ثغرة أخرى ؟! غير أن المتأمل في وقت خروج المظاهرة النسائية والوجود المكثف للقوات الأمريكية، يجد أنه توقيت مدروس ووراءه ما وراءه، لاسيما وأن الراوي الذي باشر الحادثة ذكر بالوصف ما وقع وأن إحداهن - أكاديمية في جامعة الملك سعود – قالت نريد فتاوى متسامحة، نريد فتاوى عصرية، نبي مشايخ متفتحين مثل مشايخ الأزهر، ما نبي مشايخ عميان !

رحم الله الإمام ابن بازٍ وأعمى الله بصر الزائغين .

في الليلة التي أعقبت الحادثة اجتمع بعض الإخوة في منزل الشيخ عبد العزيز بن بازٍ، والذي كان أشبه ما يكون ببيت الأمة، وهو مصطلح أطلقه مصطفى أمين على بيت سعد زغلول، وكان الشيخ يرحمه الله كريماً جواداً سخياً، يفتح أبواب بيته على مصراعيه أمام الناس غداءً وعشاءً وإفطاراً، قبل أن يعتل جسده، فتلغى مائدتي الإفطار والعشاء وتبقى مائدة الغداء، وكان الشيخ لا يمنع ضيفاً من المبيت بداره يرحمه الله، ولا يجرؤ الحارس أو الخادم على سؤال النائم من أنت وما الذي أتى بك ؟!

ومن طريف ما وقع في هذا، أن جدي لأمي يرحمه الله وصل يوماً إلى مطار الملك خالد الدولي في ساعةٍ متقدمةٍ عن الموعد المقرر الذي قيل لنا، ولما لم يجد أحداً في استقباله غامر يرحمه الله وركب سيارة تاكسي لتبتلعه مدينة الرياض في جوفها، نبشّنا كل شبرٍ في المطار بحثاُ وتفتيشاً وسؤالاً عليه ولم نجده، وقمت بأكثر من رحلةٍ مكوكيةٍ للمطار للبحث عنه وكأنني أبحث عن إبرةٍ داخل كومة قشٍ .

بحثت في الجامع، وفي المطاعم، وفي مواقف السيارات بأدوارها المختلفة على قدمي، وفي صالات القدوم والمغادرة الدولية والداخلية، لدى الشرطة والجوازات، وأدركتني صلاة الفجر هناك حتى طلعت الشمس ولم أجده .

وكان أشقائي قد سبقوني بالبحث عنه في أرجاء المطار ولم يعثرواً على أثرٍ له، ثم ألهمني الله أن أذهب إلى مكتبةٍ كانت جميع رسائلي البريدية تصلني عليها، أشارت عقارب الساعة إلى الثامنة صباحاً من اليوم التالي لوصوله، وجدّنا يرحمه الله دخل حياض الرياض عقب صلاة المغرب من الليلة السابقة أين اختفى ؟

سلمت على صاحب المكتبة بعد غيابٍ طويلٍ، وسألته هل مر بك شيخ كبير السن ؟ فقال نعم نعم ! في وقتٍ متأخرٍ من الليل كان هناك طرق على باب شقتي من قبل شيخٍ كبير السن مع سائق تاكسي، وكان يسأل عن بيت الشيخ بن بازٍ ؟

قلت له : شكراً وصلنا إلى نتيجةٍ .

انطلقت لبيت الشيخ، سألني رجل الحراسات هناك إلى أين ؟ أدليت بوصف جدي يرحمه الله فقال لي : هو في الداخل !

دخلت لمنزل الشيخ وكنت أعرف خباياه بشكلٍ جيدٍ لعلاقةٍ كانت تربط أمي بزوجة الشيخ يرحمه الله، فوجدت الجد يتناول طعام الإفطار في سكينةٍ وهدوءٍ ! رحم الله الشيخ عبد العزيز، نحن بعدك أيتاماً أيها الشيخ الجليل !

روى لي جدي يرحمه الله أنه وصل لبيت الشيخ في وقت متأخرٍ من الليل، ولأن الأبواب كانت مقفلة فقد جلس الجد مع رجل الأمن الذي تنازل عن صندوقه - جزاه الله خيراً – لجدي، ولأن جدي يرحمه الله كان عسكرياً فقد قص على الشرطي قصة حياته ومغامراته العسكرية في الجيش، وعلى أكواب الشاي والقهوة، كان الحديث ماتعاً بين الرجلين، الحارس الطيب والجد الذي ضاع في قلب مدينة الرياض حتى أذان الفجر، خرج الشيخ من منزله للصلاة، وأثناء خروجه استوقفه جدي يرحمه الله وسلم عليه وعرّف بنفسه، فاحتفى به الشيخ أيّما احتفاءٍ لمكانة والدي يرحمه الله من قلب الشيخ، وأمر من كان معه بإدخال جدي إلى البيت، وتجهيز الفراش والإفطار له، فرحم الله الشيخ والجد وأموات المسلمين أجمعين .

كان الاجتماع في تلك الليلة في بيت الشيخ، وعلى تواضع الاجتماع وضيقه كان من الحاضرين الشيخ متعب الطيار، والشيخ عبد الله السعد، والشيخ محمد العمران يرحمه الله، وبعض المتطفلين مثلي، قص علينا الأخ الذي باشر الحادثة ما وقع من تجاوزاتٍ وقلة أدبٍ وهتكٍ وسخريةٍ بالحجاب من قبل تلك العصابة النسائية التي فقدت صوابها، قبل أن تتبدد الصورة فيما بعد، بأن غالبية المشاركات لم يحملن فكراً صلباً تستقيم به الحجة، أو يقارعن به الخصم، بقدر ما كانت المسألة مجرد تقليدٍ لذوات الصوت العالي من المحرضات اللواتي رفعن عقيرتهن بالصوت : نريد مكرمةً ملكيةً !

وإذا كانت قيادة المرأة للسيارة هي سقف مطالب الشعب الأعلى، فعلى عقول الناس السلام، كثيراً ما يدندن رعاع ومنحرفي وشهوانيي التيار الليبرالي المسعور للحرام بهذه المطالب، القيادة، الاختلاط، سفر المرأة بمفردها، حقها في غشيان مقاهي الرجال والاحتكاك بهم، لكنهم يلوذون بالصمت إذا ما جاء الدور على حق اليتيم، أو الأرملة أو الفقيرة، بل الأعجب من هذا أن يطالب بعض الشواذ على رأسهم مهرج مائق وقح إنشاء الكنائس على أرض المملكة ( واسمه تالف بدوي ) أسوةً بما قامت به دولة قطر، لكنه لا يجرؤ وهو أجبن من أن يجرؤ على المطالبة بتحسين أوضاع المسجونين، وتوفير فرص العمل للعاطلين، أو تحسين دخل الفقراء إلخ …

لقد هتك الله تعالى ستر أولئك المنافقين الجبناء بأيديهم .

دخل الشيخ مجلسه وكان متعباً، فقال : إنه اجتمع مع الأمير سلمان وناقش معه هذه المعضلة، وإن هناك اجتماعاً آخر سيعقد بين الأمير وبين بعض الدعاة في اللجنة العلمية للإفتاء والدعوة والإرشاد، ثم ودع الشيخ الحاضرين وغادر مجلسه، ارتفعت همهماتٍ هنا وهناك، فقال الشيخ متعب الطيار : يا إخوان ألا تغادرون مجلس الشيخ حفاظاً على خصوصية المنزل وحرمته ؟ فارتفعت الأصوات المحتجة والمعترضة على اقتراحه، وقال الشيخ محمد العمران يرحمه الله للشيخ متعب الصراحة يا متعب كلامك ركيك ! ثم انسل أحد الحاضرين إلى الداخل لاستئذان الشيخ، فعاد بقوله : إن الشيخ قد أذن لكم بالبقاء في مجلسه ما شاء الله لكم أن تبقوا !

في تلك الليلة سولت لي نفسي أن أسافر إلى المنطقة الشرقية مدينة بقيق تحديداً لنشر ما جرى ! من زود اللقافة يعني، ولم تكن هناك وسائل اتصالاتٍ محمولةٍ أو ثورة تقنيةٍ تنشر الأخبار من خلالها، فإذا وقع أمر ما على غرار المظاهرة النسائية، فإنه بحاجةٍ إلى أسبوعٍ أو أكثر ليعم أرجاء المملكة والعالم الخارجي المحيط حسب رغبة وسيطرة ما يعرف في النظريات الإعلامية بحارس البوابة، الذي قد يسمح أو لا يسمح بنشر الخبر، وإذا سمح بالنشر هل سيصغر أو سيضخم أو يمسخ الخبر ؟

ولأنني كنت شاهد عيانٍ في مجلس الشيخ، وأنقل بالسند المتصل عمن باشر حادثة المظاهرة الشهيرة، فقد استأثرت باللقافة وسافرت مع زمرةٍ من الفضوليين إلى مدينة بقيق لنشر الخبر ! لا تعذلوني كنت شاباً مفتوناً بالحماسة والنشاط .

سلكنا وصلةً قديمةً متهالكةٍ من الخط السريع الذي يربط الرياض بالمنطقة الشرقية، وقبل وصولنا إلى مدينة بقيق ينقطع بك الطريق فجأة، ولا يبقى أمام السائق سوى مسار أيمن أو أشأم، أما تلقاء وجهه فلا يرى إلا هوةً ليست بالسحيقة لكنها عميقة بدرجةٍ كافيةٍ لقتله أو إعاقته مدى الحياة .

قبل نهاية الطريق كانت هنالك لوحة متهالكة بفعل أشعة الشمس المحرقة تطلب من السائقين أن يتمهلوا، ولأن أشعة الشمس أحرقتها تماماً ما خلا بضعة أحرفٍ فإنها بحاجةٍ إلى عالم الآثار المصري الشهير الدكتور زاهي حواس ليفك طلاسمها الهيلوغرافية ( لغة الفراعنة ) لم يضعف بصري بعد، فتلمست من خلال الظلام فكاً متوحشاً يكاد يبتلعني بمركبتي، اضطررت بسببه إلى ضغط مكابح السيارة إلى آخر درجةٍ لتزحف سيارتي التي استعرتها من شقيقي الأكبر كالأفعى المترنحة وتتوقف برحمة الله أمام فم الهوة ! استيقظ زميلي النائم قائلاً ها وش فيه وش اللي صار وقد أكل قلبه الرعب كما أكل قلوبنا ؟

قلت له : نجانا الله من موتٍ محققٍ وحسبي الله على وزارة المواصلات . نجاني الله من تلك الهوة، لكني شقيقي الأستاذ يعقوب طار يوماً بسيارته العنابية من هوةٍ أخرى تكمن للداخل إلى مدينة حوطة سدير، فتهشمت السيارة وأصيب هو وكسرت ذارع مرافقه ! ابتلعت تلك الهوة أكثر من مركبةٍ أيضاً !

وافينا صلاة الفجر في مدينة بقيق، وتضرر إطارا السيارة الأماميين بفعل المكابح، حللنا ضيوفاً على زميلٍ لنا هناك، ثم صلينا الظهر وألقى صاحبي كلمةً في جامع مصعب بن عمير، أعتقد أنه كان الأكبر في تلك الحقبة في مدينة بقيق مطعم بلونٍ أخضر، هل تغير أم لا ؟ الله أعلم .

كانت كلمته فاترة ويظهر لي أن العباءة التي التحف بها لتحقيق مزيدٍ من الوقار والهيبة والعلم لم تؤت أكلها ! أشار فيها إلى تلك المظاهرة، وصب جام غضبه على النسوة اللاتي دمرّن أخلاقيات الأمة إلخ … وعندما حل وقت صلاة العشاء قدر لي أن أصلي في جامعٍ من جوامع المدينة احتضنت أرجاءه محاضرةً لأحد طلاب العلم، جاءت الضربة من حيث لا أحتسب، وكانت محاضرته عن القرآن الكريم والتأثر به، قلت لنفسي : يا ولد هذا يومك، عندما انتهت المحاضرة وصلى الناس قفزت إلى اللاقطة وقد ارتديت تلك العباءة التي ارتداها صاحبي، بشت سبيل يعني ! كل من أراد التحدث أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدثر به ! ولقد علا هامات أكثر الفضوليين ولدي في هذا جمع من القصص والطرائف، كانت كلمةً ناريةًُ ملتهبةٍ مطلعها : في الوقت الذي تحيط بنا الصورايخ والدبابات والأسلحة الكيميائية من كل حدبٍ وصوبٍ، تخرم إجماع صلاحنا جوقة من النساء …. أغرقت في الوصف وأسهبت، وتفاعل الناس معي بالحوقلة والاستعاذة والتلهف لمزيد أخبارٍ، حتى إنني لو دعوتهم في ختام كلمتي إلى مظاهرةٍ لفروا إلى أوكارهم لا يألون جهداً في السلامة من تبعات خطاب هذا الثائر !

وأثناء توجيهي لتلك الحمم الملتهبة تحمست قليلاً فقفزت إلى ما وراء الحدود لأتطاول على وزير إعلام مصر الذي قال : إن بث القنوات المصرية سيصل إلى مدينة جدة ! وليتها اقتصرت على بث القنوات المصرية فقط، الآن يسب الله والرسول عليه الصلاة والسلام في القنوات والكتب والمنتديات ولا يحرك هذا في قلوبنا ساكناً أو تتمعر لهذه الجريمة أرواحنا، هل تغيّرنا أم تطاول دعاة الباطل في البنيان ؟!

بعد الكلمة صافحني من صافحني وعانقني من عانقني، وكتب لي بعضهم عنوانه وصندوق بريده ( وسيلة لإيصال المعلومات ) أرسلت كتاباً على بريدٍ داخل مدينة الرياض قبل أشهرٍ، ووصل بحفظ الله تعالى بعد أربعين ليلةً ! فماذا لو أرسلت لصاحبي في بقيق في تلك الحقبة رسالةً بريديةً فيها آخر التفاصيل ؟

عندما عدت لمدينة الرياض تناهى إلى سمعي عبر اتصالٍ هاتفي أن الإخوة الدبابيس في بقيق يبحثون عني لأنني تسببت في إحداث بلبلةٍ ونقل أخبارٍ سكتت عنها الدولة، غير أن سكوتها لم يدم طويلاً إذ سمحت بنشر ما جرى بعد بعضة أيامٍ .

تداعت أزمة تلك المظاهرة النسائية، واجتمع الأمير سلمان بن عبد العزيز بهيئة كبار العلماء وبعض المشائخ والدعاة في مقر اللجنة، وتحول شارع عسيرٍ مساء يوم الاجتماع إلى حشدٍ جماهيريٍ هائلٍ من الرافضين لما جرى، المستنكرين لتلك الحادثة، ولا يخافكم أن غالبية من حضر إن لم يكن الجميع كانوا من أرباب اللحى والثياب القصيرة وإعفاء اللحية واجب، وكذلك تقصير الثوب، وتسببت جمهرتهم في إغلاق شارع عسيرٍ أمام حركة السيارات ! لقد علا الصوت الإسلامي وأثبت حضوره وبجدارةٍ، وكانت الكرّة له وكذا الحظوة .

حرّض على ذلك التجمع فيما قيل لي صاحبنا الشهير العز بن عبد السلام ! مايسترو الشغب في تلك الحقبة، وهو صاحب رسائل تحريضيةٍ أخرى للتجمع أمام الإمارة في حادثةٍ لا أود ذكرها بالتفصيل لأسبابٍ شخصيةٍ .

لكنني أذكر منها أنني خرجت من مدرستي الثانوية قبيل صلاة الظهر بعد أن سمح لنا مدير المدرسة جزاه الله خيراً بالذهاب إلى الإمارة احتجاجاً على ما وقع، وكان من رؤوس الوفد صاحبنا العز بن عبد السلام حفظه الله ذخراً للعرضة والطبلة، هكذا لقبه أحبابه، والشيخ عبد الله بن حمود التويجري، والشيخ عبد الله بن محبوب الله يرحمه، صاحب خطبة مارادونا المثيرة، والتي قال فيها من فوق المنبر : نعم تنحنح ولا ما تنحنح لمن أنكر عليه جرأته بالنحنحة ! وهي قصة مشهورة لمن وقف عليها، عطفاً على وصول مدمن المخدرات ونجم المنتخب الأرجنتيني بطائرةٍ خاصةٍ إلى مدينة جدة، وكرّم فيها واحتفي به بشكلٍ مبالغٍ فيه، حتى إن المعلق أبو داوود ( المعلق المؤدب للغاية، يعمل في Art ) قال في غمرة حماسته لهدفٍ سدده السكير المدمن : ماردونا معبود الجماهير ! وقيل له : ترى اللي قلته يا لحبيب كفر بالله، حكي بعدها أنه جاء إلى الشيخ بن باز متعذراً باكياً مستغفراً ربه .

الشاهد كانت الصلاة في جامع الشيخ محمد بن إبراهيم يرحمه الله خلف المحكمة الكبرى المبنى الرصاصي القديم قبل أن يهدم ويستبدل بالمبنى الجديد ذي اللون الأصفر في الجهة المقابلة، توجهت الوفود عقب الصلاة إلى الإمارة لمقابلة الأمير سلمان، وانبرى للحديث في الجلسة صاحبنا العز بن عبد السلام، وتعالت الهمهمات المحتجة في مجلس الأمير فقال الشيخ متعب الطيار تأدبوا مع ولاة الأمر والحديث موجه لمن همهم وارتفع صوته، وكنت مجرد متفرجٍ ومكثّرٍ للسواد، ولأول مرةٍ أرى الأمير سلمان بن عبد العزيز على الطبيعة !

أثناء النقاش لا أدري ما الذي قاله الشيخ عبد الله بن محبوب للأمير سلمان الذي أغضبه ما قيل، فقال له : غادر مجلسي يا بن محبوب ؟ فقال الشيخ سمعاً وطاعةً لولي أمري، ثم قام بخيزرانته متلمساً بها بنيات الطريق يريد المغادرة، فقال له الأمير : اجلس الله يصلحك !

لا أستطيع تقييم ما جرى في تلك الحقبة أكان في مجمله صواباً أم خطئاً ؟ وهل حقق التيار الديني مطالبه بتلك التجمعات والتحركات أم لا ؟ هل كانت استجابة السلطات لرموز التيار عن قناعةٍ بأطروحاته أم دفعاً للفتنة أم مغازلةً ؟ وأخيراً ألا توجد وسائل ناجعةٍ لتغيير واقعنا نحو الأفضل ؟
معتدل غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:50 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)