[عبد الله الحميدة]

نهاية دويلة إسرائيل حُلُم يراود كل مسلم غيور ما في ذلك شك ولقد جعل البعض من نهايتها أمر قريب وجِدُ قريب بل وفَرّع على ذلك ظهور المهدي عاجلاً وأن يوم القيامة لا يفصلنا عنه إلا سُنيات قليلة .
خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم قال : بُعِثت أنا والساعة كهاتين .فهل وقف الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين عن طلب العلم ونشره والدعوة إلى الإسلام والجهاد في سبيل الله ؟ لا . لأن الأزمنة لا تقاس بأعمار الآدميين كما أشار إلى ذلك جمع من أهل العلم كابن حجر رحمه الله ولأن الواقع يتغير ولا نستطيع تنزيل أحاديث آخر الزمان على أحداث بعينها بل التقييد بالوقت غير ممكن أصلاً ما لم تظهر ظهوراً لا يختلف فيه اثنان ويكون فاشياً بين الأمة .
أما الركون إلى الأحلام فإن الشعوب إذا أفلست تتكئ على الأحلام كما يذكر علماء الاجتماع والبشرية ، وكما قيل : المنامات وقت الأزمات .
نحن على سبيل المثال لا نشك أن تجمع يهود في فلسطين إنما هو من منطلق عَقدي لكن لا يعني هذا أننا سنقاتل اليهود الآن وهذا هو القتال الذي ورد في الحديث أنه في آخر الزمان وننتصر فيه . وهذا مغالطة حيث أن من الممكن أن تتغير الأحداث لصالحنا أو تستمر ضدنا ولأنه وبكل بساطة خوض في التفاصيل التي لا يمكن الجزم بها أو التخمين أيضاً فمما هو مستفيض أن القتال يكون بالسلاح الأبيض وهذا غير حاصل الآن ولم يأت بعد .، وليس المراد أن المسلم لا يعمل بل على العكس يعمل ولا يقعد انتظاراً للبشائر .
والعجيب والغريب أن البعض يعتمد على ما يسمى الإعجاز العددي في القرآن الكريم ويبالغ في ذلك فقصارى أمر هذا الإعجاز وغايته أن يكون في أمور هي دون الأمور الغيبية المستقبلية وكل من أوتي حظاً من العلم يدرك هذا ، وآخرون ممن قل نصيبهم من العلم والتقوى يُعوِل على الحسابات الفلكية وأن ظهور نجم أو مذنب هو علامة على معركة كبرى أو القيامة وهذا فيه ما فيه من التكهن والتنجيم الذي وردت فيه الأحاديث والآثار الصحاح والحسان في النهي عنه وهي تفوق الحصر .
كذلك التكثر من الإسرائيليات والنبوءات والأحاديث الضعيفة كل هذه لا تعطي علماً يقينياً وربما لم تخلوا من بعض المحاذير الشرعية ، أو تكون صحيحة من حيث الثبوت لكنها غير قطعية الدلالة على ما يقوله هؤلاء النفر .
لا بأس يُذكر بتحليل الأحداث الماضية مع استشراف المستقبل على ضوء السنن الكونية والشرعية ما لم يفض ذلك إلى أحداث جِسام لا تحمد عقباها سيما حينما يوضع حد زمني معين ، ولقد اكتوى المسلمون بمصائب نتجت عن هذا كما هو معلوم للجميع .
ومن الممكن أن يقع بعض ما قيل في الإسرائيليات وها ما ورد في شِرعتنا الترخص في التحديث به وهو ضمن دائرة الجائز كوناً قدراً وشرعاً .
كما أننا لا نشك أن المهدي سيظهر آخر الزمان فقد ورد فيه أكثر من خمسين حديث ما بين صحيح وحسن وضعيف لكن تعيينه الآن أو تعيين نهاية إسرائيل بناءً على أدلة ضعيفة شرعاً وعقلاً، هذا لا يقوله من عنده أثرة من علم .
وكذلك نوقن بقرب القيامة لكن لا يجليها لوقتها إلا الله سبحانه ولسنا نحن أكرم على الله جل في علاه من نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وجبريل عليه السلام ومع ما هما فيه من المكانة وأن الله أطلعهما وأذن لهما بمعرفة جزء من الغيب فهما لا يعرفان متى تقوم الساعة .

[بسمة تحدي]

جزاك الله خير ..!!