بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » مقالات مهمة لمجدد دعوة التوحيد الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان(تحديث مستمر):

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 07-12-2004, 01:14 PM   #43
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]ا


حذروا مجالس السوء


صالح بن فوزان الفوزان(*)


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. وبعد: فقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: (مثل الجليس الصالح وجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير، فبائع المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه رائحة طيبة) وهذا مثل الجليس الصالح و(نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة) وهذا مثل جليس السوء، والله تعالى يقول: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}، وإننا أيها الإخوان في هذا الزمان في وقت فتن وشرور، وغالب المجالس تشتغل بالغيبة والنميمة والوقيعة في أعراض العلماء وأعراض ولاة الأمور لأجل إثارة الفتنة وتفريق الكلمة وسوء الظن بالعلماء وإسقاط مكانتهم عند الناس، كما أن هناك أفكارا خبيثة تروج في هذه المجالس لإفساد عقيدة المسلمين وترويج الأفكار الهدامة والعقائد الباطلة والآراء المضللة بحجة الحوار وقبول الرأي الآخر بدلا من قبول الحق ورفض الباطل، وهناك دعوة لتسميم أفكار الشباب ضد آبائهم ومجتمعهم وولاة أمورهم ودعوة إلى الإفساد الذي يسمونه الجهاد يتمثل باستباحة دماء المسلمين والمعاهدين والمستأمنين وتخريب المباني والمساكن والممتلكات بالتفجيرات المدمرة والإرهاب المروع - فعليكم أيها المسلمون الحذر من هذه المجالس المستخفية والتجمعات المشبوهة والرحلات المجهولة، وحافظوا على أولادكم من دعاة الفتنة الذين يندسون فيما بينهم، ويجتمعون بهم ويلقنونهم تلك الأفكار، ثم ينعزل عنكم أبناؤكم وتفقدونهم إلى أن يعلن عنهم بعد القبض عليهم أو قتلهم بعد قيامهم بالتخريب والعدوان والارهاب أو بعد إيداعهم في السجون، فاحذروا دعاة الفتنة الذين أخبر عنهم النبي- صلى الله عليه وسلم- ووصفهم بأنهم دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها، وقال: هم قوم من جلدتنا ويتكلمون بألستنا - نعم إنهم يتكلمون باسم العلم ويتسترون بلباس التدين - خداعاً ومكرا - أو غلواً وإفراطا ويجهلون غيرهم أو يصفونهم بالمداهنة والجري وراء المناصب والمكاسب الدنيوية، أو يصفونهم بالجبن والتخلف عن الجهاد، إلى غير ذلك من الاتهامات الباطلة، فكيف تغفلون أيها المسلمون عن هؤلاء وتتهاونون بشأنهم وتتركون أولادكم بأيديهم يقودونهم إلى هلاكهم وهلاككم وهلاك المجتمع يقول الشاعر:


أرى خلل الرماد وميض نار

ويوشك أن يكون لها ضرام

فإن لم يسع لإطفائها عقلاء قوم

فسوف يكون وقودها جثث وهام

فإن النار بالعودين تذكى

وإن الحرب أولها كلام

فتنبهوا أيها المسلمون لأنفسكم ولدينكم ولمجتمعكم ولا تتركوا المفسدين يعبثون ببيوتكم وبلادكم {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} اللهم أصلح قلوبنا وأصلح ولاة أمورنا، وأصلح بطانتهم وأبعد عنهم بطانة السوء والمفسدين، وأصلح شباب المسلمين ورد ضالهم إلى الحق ومخطئهم إلى الصواب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

(*)عضو هيئة كبار العلماء

الجزيرة عدد 11758 الثلاثاء 25 شوال 1425
[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 13-12-2004, 07:44 PM   #44
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]
زيارة النبي فيها خلط بين زيارة المسجد والقبر..ومغالطاتك بها تدليس وعدم اتباع الدليل

كتب محمد خضر
رد فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء على مقولة الشيخ الحبيب علي الجفري التي تقول نحن أمة أكبر من أن تختلف على زيارة نبيها في مسجده). ونشرت الجمعة الماضية في( المدينة) وأورد فضيلته بعض المغالطات قال عنها لابد من كشفها والرد عليها .. ومن هذه المغالطات قوله: نحن أمة أكبر من أن تختلف على زيارة قبر نبيها وهذه نرد عليها فيها بأنه لم يخالف أحد- ولله الحمد- في مشروعية زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لمن زار المسجد النبوي للصلاة فيه، لأن الصلاة فيه تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وزيارة القبر تدخل تبعا لزيارة المسجد وقوله زيارة نبيها في مسجده فيه خلط بين زيارة المسجد وزيارة القبر، يوهم أن السفر لأجل زيارة القبر لا لأجل المسجد، وهذا قد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، فالسفر إنما هو للصلاة في المسجد النبوي، وتدخل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم تبعا كما نص على ذلك أهل العلم فلا يسافر لأجل زيارة القبر لأنها لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد. تلبيس وتضليل وأضاف الشيخ الفوزان معلقا:أيضا يقول الجفري: ( إن المساجد كثيرة ومتعددة في العالم لكن لم يكن لمسجد هذه الميزة والفضيلة مثل ما لهذا المسجد الذي ضم النبي صلى الله عليه وسلم)..وهذا معناه أنه يرى أن النبي صلى الله عليه وسلم مدفون في المسجد، وهذا تلبيس وتضليل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دفن في حجرة عائشة رضي الله عنها، ولم يدفن في المسجد، وكيف يدفن في المسجد وهو صلى الله عليه وسلم في سياق الموت يحذر من بناء المساجد على القبور، ويلعن من فعل ذلك؛ سدا لوسيلة الشرك ومخالفة لليهود والنصارى وبنائهم المساجد على قبور أنبيائهم وصالحيهم، وكانت الحجرة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم خارجة عن المسجد في عهد الخلفاء الراشدين وعهد معاوية وعهد عبد الملك بن مروان، حتى جاء الوليد بن عبد الملك وأراد توسعة المسجد فأدخل فيه الحجرة التي فيها القبر من غير مشورة أهل العلم، وإنما هو رأي رآه ونفذه بقوة السلطة، ولم يوافقه عليه أهل العلم. الشيخ الشعراوي وفي نقطة أخرى يعلق الشيخ الفوزان على الجفري بقوله: حيث استدل الأخير بمقولة الشيخ الشعراوي والشيخ زايد في أنهما لايزوران المسجد النبوي إلا من أجل القبر يقولان إن المساجد في الأرض كثيرة فلانقصدها وإنما نقصد القبر، وسبحان الله هل يلغى حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) يعني لايجوز السفر لزيارة مكان للعبادة فيه إلا في هذه المساجد الثلاثة: (المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى) هل تلغى فضيلة المسجد النبوي وتجعل الفضيلة لزيارة القبر، هل هذا إلا محادة للرسول صلى الله عليه وسلم. وقولهم في تعليل رأيهم: إن المساجد في الأرض كثيرة هل معنى ذلك أنه لا ميزة للمسجد النبوي على غيره من مساجد الأرض نعوذ بالله من الجهل والهوى ومخالفة الحق والهدى. اتباع الدليل وفي نقطة أخيرة يعلق الشيخ الفوزان على قول الجفري: (الفرق بيننا وبين من يخالفنا أنه لما تمكن استعلى وليس هذا ديدننا ولا هدفنا في الحياة ) بقوله: الفرق بيننا وبين من خالفكم اتباع الدليل الصحيح في النهي عن الغلو في القبور، أما أنتم فتجاهلتم ذلك أو لم تعلموه، والواجب اتباع الحق من غير مكابرة.


المدينة : الجمعة 28 شوال 1425 - الموافق - 10 ديسمبر 2004 - ( العدد 15206 [/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 13-12-2004, 07:47 PM   #45
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]


وجوب الانضباط في الفتوى


د. صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان/عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تمسك بسنته إلى يوم الدين..
وبعد.. فإن الله جعل للأمة علماء وولاة أمور يرجع إليهم في الأمور المهمة العامة في أمور الدين والدنيا؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}، وقال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً}؛ فالله جعل المردّ في الأمور العامة المهمة إلى ولاة الأمور من الأمراء والعلماء في أمور السياسة وأمور الدين. ولم يجعل الأمر فوضى كل يتناوله برأيه؛ لأن هذا مدعاة للاختلاف والفرقة وضياع الأمور والبلبلة؛ ولهذا قال العلماء: حكم الحاكم يرفع الخلاف ولو أن الناس ساروا على ما رسمه الله لهم في هذه الآيات وفي غيرها لارتفع الخلاف وحصل الوفاق واجتمعت الكلمة. وهذا ملاحظ بحمد الله في هذه البلاد ولكن في الفترة القريبة نرى بعض الناس يريدون تغيير هذا المسار ويبدون آراءهم في أمور ليس من شأنهم إبداء الرأي فيها ويشوشون على الناس في أمور عبادتهم ومعاملاتهم وعقيدتهم.
من ذلك تدخلهم في مواقيت الصلاة صاروا يشككون الناس فيها ويشيعون أن الناس يصلون قبل دخول أوقات الصلاة ويقولون إن في تقويم أم القرى خللاً حسابياً، مع أنه تقويم معتمد من قبل ولاة الأمور ومقر من قبل العلماء من زمن طويل ولم يحصل فيه خطأ تطبيقي من عشرات السنين. وقد وقت الله الصلوات بتوقيت واضح ليعرفه العامي والمتعلم والحضري والبدوي؛ فصلاة الفجر عند طلوع الفجر الثاني وهو البياض المعترض في الأفق، وصلاة الظهر عند زوال الشمس عن محاذاة الرؤوس إلى جهة الغرب، وصلاة العصر عندما يتساوى الشاخص وظله، وصلاة المغرب عند غروب الشمس، وصلاة العشاء عند مغيب الشفق الأحمر. ومن ذلك أن هؤلاء عندما يقبل شهر الصوم يتخبطون في أمر الهلال ويشغلون الصحف في نشر المقالات عن وقت ظهور الهلال والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (صوموا لرؤيته. وأفطروا لرؤيته فإن غمّ عليكم فاقدروا له) وفي رواية: (فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما) فعلق - صلى الله عليه وسلم - الصوم والإفطار بالرؤية أو بإكمال الشهر ثلاثين يوماً، ولم يعلق ذلك بالحساب الفلكي؛ لأن الهلال واضح يراه العامي والمتعلم والحساب الفلكي لا يعرفه كل أحد ثم هو عمل بشري يخطئ ويصيب والفلكيون يختلفون فيما بينهم وإثبات الأهلة موكول إلى جهة شرعية متخصصة، ومن ذلك صلاة التراويح في شهر رمضان والتهجد في العشر الأواخر منه، حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حث على قيام شهر رمضان ولا سيما العشر الأواخر منه ولم يحدد عددا من الركعات. وكان - صلى الله عليه وسلم - في نفسه يصلى في رمضان وفي غيره إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة يطيلها جدا ويقرأ فيها قراءة طويلة تقدر بالأجزاء الكثيرة، وكان الصحابة في عهد عمر يصلون ثلاثا وعشرين ويخففون الصلاة مراعاة للمأمومين عملا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (أيكم أمّ الناس فليخفف فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة. فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء)؛ فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان في الغالب يصلي التهجد وحده يطيل الصلاة ويقلل عدد الركعات. وكان الصحابة عندما يصلونها جماعة يخففون الصلاة ويزيدون في العدد، لكن جاء في هذا الزمان جماعة من المتعالمين غير الفقهاء أخذوا بالعدد وتركوا الصفة فقالوا: لا يزاد في قيام رمضان على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة اقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم -. ونقول لهم: لماذا اقتديتم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في العدد ولم تقتدوا به في الصفة وقد قرأ في ركعتين بالبقرة والنساء وآل عمران خمسة أجزاء وزيادة وكان ركوعه نحوا من قيامه وسجوده نحوا من ركوعه؟ ثم أليس ما فعله الصحابة سنة لأنه من فعل الخلفاء الراشدين؟ ولماذا زادوا في العدد وخففوا الصفة؟ أليس رفقا بالناس ولكون النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد، ولأنهم أفهم لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأحرص على تطبيقها منا؟ فاتركوا الناس يقومون رمضان ويتهجدون فيه ولا تشوشوا عليهم - بارك الله فيكم - ومن كان له رأي خاص منكم فليعمل به في نفسه ولا يلزم الناس به أو يشوش عليهم برأيه وليصل قيام رمضان وحده ويقِ الناس شره. والواجب اجتماع الكلمة وإذا كانوا على رأي من الآراء الاجتهادية التي لا تخالف الدليل فليكن معهم جميعاً للكلمة. وكما قال بعض العلماء: الرأي المرجوح يكون راجحا في بعض الأحوال؛ يعني إذا كان فيه جمع للكلمة ولا يخالف نصاً واضحاً. هذا ما أردت بيانه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.


الجزيرة 11764 الأثنين 01 ذو القعدة 1425



__________________[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 26-12-2004, 10:08 AM   #46
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]
أهمية الإصلاح..وبماذا يتحقق؟

صالح الفوزان/عضو هيئة كبار العلماء *


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد: فإن الإصلاح مطلب عظيم كل يتمناه وكل يطلبه لكن بماذا يتحقق الإصلاح؟ هنا تختلف الوسائل وتتنوع النتائج فكثير من الناس يظن أن اسباب الإصلاح هي إعطاء الناس ما يشتهون في هذه الحياة وهو ما يسمونه الديمقراطية؛ أي أن الشعب يحكم نفسه بنفسه ولا يُحكم فيه بشرع الله الذي خلقه ويعلم مصالحه، بل كل وميوله وما يهواه. وهذا في الواقع لا يحقق إصلاحاً لأن أهواء الناس تختلف ورغباتهم تتنوع، بل إن النتيجة من وراء ذلك هي الفساد؛ قال تعالى: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ} (71 سورة المؤمنون)؛ ولذلك لم يكل الله الناس إلى أهوائهم ورغباتهم بل رسم لهم طريقاً يسيرون عليه في حياتهم وهو ما أرسل به رسله وأنزل به كتبه؛ فكل شريعة سماوية اتباعها والعمل بها في وقتها إصلاح ما لم تنسخ إلى أن جاءت شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - فنسخت ما سبقها من الشرائع وتضمنت صالح البشرية إلى أن تقوم الساعة؛ فلا صلاح ولا إصلاح إلا باتباع هذه الشريعة والتحاكم إليها. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} (59 سورة النساء). وسمّى الله اتباع شرعه إصلاحا ومخالفة شرعه إفساداً قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا} (85 سورة الأعراف)؛ فإصلاحها باتباع شرعه وإفسادها بمخالفة شرعه؛ فالله أصلح الأرض بإرسال الرسل وإنزال الكتب فإذا قام الناس باتباع الرسل وعملوا بكتب الله صلحت أرضهم وإذا كانوا بخلاف ذلك أفسدوا في الأرض وإن كانوا يزعمون أنهم يصلحون فيها كما قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ. أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (11 و12 سورة البقرة). والإصلاح المتمثل باتباع شرع الله ضمان من الهلاك كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (117 سورة هود). والإصلاح في الأرض إنما يتحقق بتحكيم شرع الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإقامة الحدود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال تعالى: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ. الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (40 و41 سورة الحج). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (.. ولحدّ يقام في الأرض خير لها من أن تمطر أربعين صباحاً) وهذا هو إصلاح الأرض وإصلاح أهل الأرض وما خالفه فهو تدمير للأرض ومن عليها وإن ادعى أصحابه أنه تعمير وإصلاح؛ فهذا من تسمية الأشياء بأضدادها ومن غش الخلق. وما أشبه الليلة بالبارحة؛ فمنافقو اليوم مثل إخوانهم من منافقي الأمس ينادون بالإصلاح ويدعون أن الإصلاح باتباع أنظمة الكفر وتعطيل الشرع ولكن {وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (32 سورة التوبة). وكما قال إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رحمه الله -: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها). وكان الناس قبل هذه الشريعة في ضلال مبين. قال الله تعالى: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (26 سورة الأنفال). ربما يقول قائل: هل نترك كل ما عند الكفار؟ فنقول له: ما عند الكفار من المنافع الدنيوية من المصنوعات والمنتوجات والخبرات النافعة قد أباح الله لنا أخذه منهم والانتفاع به بعد أن نشتريه بأموالنا، وهذا في الأصل خلقه الله لنا؛ قال تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (32 سورة الأعراف)، إنما الممنوع أن تستورد منهم الأنظمة المخالفة لديننا وعقيدتنا ونتخلى عما أعطانا الله من شرعه المطهر ودينه القيم فنخسر الخسران المبين. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

*عضو هيئة كبار العلماء

الجزيرة عدد 11777 الأحد 14 ذو القعدة 1425
[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 04-01-2005, 07:15 PM   #47
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353

لايجوزُ لأحدٍ أن يخالفَ قولهُ صلى اللهُ عليه وسلم منطوقاً ولا مفهوماً

لا تزالُ قضيةُ زيارةِ قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم التي أثارها الحبيبُ علي الجفري وردّ عليه فيها الشيخُ صالحٌ الفوزان تتفاعلُ ، وقد عقّب الأسبوعَ الماضي في ( الرسالة ) أربعةٌ من المتابعين في بعضِ ملاحظاتهم على تعقيبِ الشيخِ الفوزان ، واليوم يعقبُ الشيخُ الفوزانُ بردٍ تفصيلي على المعقبين الأربعة : ( نجيب يماني ، وأسامة الحازمي ، وسمير برقة ، محمد مصطفى آل عبد الله ) ..

يوضحُ الشيخُ الفوازنُ في تعقيبهِ عليهم أنهُ لا يجوزُ لأحدٍ أن يخالفَ قولهُ صلى اللهُ عليه وسلم منطوقاً ولا مفهوماً . ويؤكدُ أن إصلاحَ العقيدةِ مقدّمٌ على الكتابةِ في الإرهابِ والإيدزِ والمخدراتِ والطلاقِ والبطالةِ . ويشيرُ إلى عمومِ حديث السفرِ لا يمنعُ عمومَ الأسفارِ ، والممنوعُ تخصيصُ بقعةٍ بالعبادةِ لا دليل على تخصيصها ويشرحُ آيةَ " وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ " [ النِّسَاءُ : 64 ] ويؤكدُ أنها في حياتهِ صلى اللهُ عليه وسلم فقط وليس بعد مماتهِ . ويوضحُ أنهُ لا حجّة في كثرةِ الأقوالِ التي تقولُ بجوازِ زيارةِ القبرِ وإن كثُرت لمخالفتها للسنةِ النبويةِ ولنقرأ التعقيبَ المفصّل لفضيلةِ الشيخِ الفوزان في هذه السطور :

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالِمِيْنَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ على نبينا محمدٍ خاتم النبيين وعلى آلهِ وصحبهِ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ وبعدُ :

كنتُ قد كتبتُ تعقيباً على ما نشر في ملحقِ جريدةِ '' المدينةِ '' منسوباً إلى الجفري حول المسجدِ النبوي وزيارةِ قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم مستنداً في ذلك إلى الأدلةِ الصحيحة والوقائعِ الثابتةِ .

وما كنتُ أظنُ أنّ بيانَ الحقِ والرد على من خالفهُ يسوءُ من يريدُ الخيرِ ويهدفُ إلى الصوابِ .

ولكن رأيتُ أنهُ قد انبرت طائفةٌ ممن يُؤثرون الرجالَ على الحقِ . ولا يُؤثرون الحقَ على الرجالِ ، وهم كل من : نجيب يماني ، وأسامة الحازمي ، ومحمد مصطفى آل عبدالله ، وسمير أحمد حسن برقة وجعل هؤلاءِ يمتعضون مما كتبتُ . ويلومونني كأنني أذنبتُ . وأنا - إن شاءَ اللهُ - سأقولُ الحقَ ولو غضب من غضب .

فأنا أطلبُ بذلك بيانَ الحقِ ورد الخطأِ لإرضاءِ اللهِ لا لإرضاءِ الناسِ .

1 - فأما نجيب يماني فيقولُ بأنَّ الكتابةَ في التحذيرِ من الإرهابِ والمخدراتِ والإيدزِ والطلاقِ والبطالةِ والمسكراتِ التحذير من هذه الآفاتِ أهمُ من التحذيرِ مما يضرُ العقيدة والتحذيرِ ممن يروّجُ البدعةَ .

وأقولُ : هذا من تغيّر الأذواقِ واتباعِ الاهواءِ والبقاءِ على المألوفِ ولو كان يضرُ العقيدة أن البداءةَ بتغييرِ ما يضرُ العقيدة والعنايةُ بازالتهِ من أهمِ المهماتِ .

ألم يكن الأنبياءُ عليهم الصلاةُ والسلامُ أولَ ما يبدأون بالدعوةِ إلى إصلاحِ العقيدةِ والنهي عما يخالفها من الشركِ ووسائلهِ والنهي عن البدعِ والمحدثاتِ .

إنَّ هذه الأمورَ التي ذكرها يماني وإن كانت خطيرةً فهي أقلُ ضرراً من خللِ العقيدةِ - لكن اليماني يقولُ : مثلُ هذه المناقشات لا تفيدُ المسلمين في شيءٍ .

وأقولُ : إذا كانت لا تفيدهُ هو فلا يحكمُ على عمومِ المسلمين الذين يعتبرون العقيدةَ أهمَ شيءٍ عندهم .

ثم يقولُ اليماني حول قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم : مرّ على قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم حوالى ألف سنة ( يعني هو في مكانٍ ) والناسُ يزورونهُ - الخ.. ما قال

وأنا أقولُ : أنا لم أنكر مكانَ قبرِ النبي صلى اللهُ عليه وسلم وأنهُ دفن في بيتهِ في حجرةِ عائشةَ رضي اللهُ عنها دفنه فيها أصحابُهُ حمايةً له من الغلو الذي حصل للأممِ السابقةِ مع قبور أنبيائها مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة رضي الله عنها : " وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْره صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْر أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذ مَسْجِدًا " .

وكانت حجرةُ عائشةَ رضي اللهُ عنها خارجَ المسجدِ من الجهةِ الشرقيةِ وبقيت كذلك إلى أن أدخلها الوليدُ بنُ عبدِ الملك بقوةِ السلطةِ لا بقوةِ الحجّةِ ولا بمشورةِ أهلِ العلمِ كما هو مذكورٌ في كتبِ أهلِ العلمِ .

ثم يقولُ اليماني : إن الأمةَ في المشرقِ والمغربِ ما زالوا يزورون قبرَ النبي صلى اللهُ عليه وسلم .

وأقولُ : وأنا والحمد لله أزورُ قبرهُ صلى اللهُ عليه وسلم إذا قدمتُ المدينةَ أزورهُ للسلام عليه وعلى صحابتهِ الزيارةَ الشرعيةَ . فلم أنكر الزيارةَ لمن كان في المدينةِ وإنما أنكرُ السفرَ بقصدِ زيارةِ القبورِ سواء قبر النبي صلى اللهُ عليه وسلم أو قبر غيرهِ لأن ذلك من الغلو الذي يفضي بأصحابهِ إلى الشركِ . كما ينكرها الأئمةُ محتجين بحديث : " ‏لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ " وهو خبرٌ بمعنى النهي وورد بلفظ النهي ( ‏لَا تَشُدُّوا ) بصيغةِ النهي فحصر صلى اللهُ عليه وسلم الإذنَ بالسفرِ لأجلِ العبادةِ في مكانٍ مخصصٍ في المساجدِ الثلاثةِ فقط .

وإذا كان السفرُ للعبادةِ في مسجدٍ غير الثلاثةِ ممنوعاً وهي بيوتُ اللهِ لأنهُ لا ميزةَ لبعضها على بعضٍ خوفاً من الغلو ولأنه قال صلى اللهُ عليه وسلم : " جُعلت لي الارض مسجداً وطهوراً " فكيف يجوزُ السفرُ لأجلِ التعبدِ بالسفرِ لزيارةِ القبورِ الذي هو وسيلةٌ من وسائلِ الشركِ .

فاذا فُتح هذا البابِ صارتِ القبورُ تضاهي المساجدَ الثلاثةَ التي شرع النبي صلى اللهُ عليه وسلم السفرَ لزيارتها . والواجب على اليماني قبل أن يكتبَ في هذهِ المسألةِ وفي غيرها من أمورِ الشرعِ أن يراجعَ كلامَ أهلِ العلمِ المبني على الدليلِ لأجلِ التثبتِ فكم حصلت منه زلاّتٌ في كتاباتهِ بسببِ التسرعِ والسببُ الاعتمادُ على فكرهِ أو فكرِ غيرهِ فيما يخالفُ الحقَ .

2 - وأما أسامة الحازمي فأراد إبطالَ الاستدلالِ بمفهومِ الحديثِ المذكور بأن الناسَ يسافرون للتجارةِ وغيرها من الأغراضِ ولم يُمنع من ذلك أحدٌ فلا مفهوم لهذا الحديثِ عنده .

ونقولُ لهُ : مفهومُ هذا الحديثِ لا يمنعُ عمومَ الاسفارِ فقد سافر النبي صلى اللهُ عليه وسلم وأصحابُهُ ولا يزالُ المسلمون يسافرون للأغراضِ المباحةِ وقد وضع اللهُ للسفرِ رخصاً شرعيةً تسهيلاً على الناسِ فيه وإنما الممنوعُ السفرُ لأجلِ تخصيصِ بقعة بالعبادةِ لا دليل على تخصيصها لأن هذا يعتبرُ من البدعِ وقد قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد " . وفي رواية : " من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد " . ولأن هذا وسيلة إلى الشرك. ولو كان الأمر كما ذكر الحازمي لم يكن لهذا الحديث فائدة وحاشا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يكون عديم الفائدة.

ومما يدل على أن المقصود بالحديث سفر العبادة أن المساجد لا تقصد إلا للعبادة لا للسياحة ولا للتجارة وكون الناس يسافرون لبنائها كما ذكر لا علاقة لذلك بتخصيصها بالعبادة والسفر من أجل ذلك لأن بناء المساجد حثّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم ورغّب فيه. فالبناء شيء وتخصيص مكان بالعبادة شيء آخر.

3 - وأما إبراهيم مصطفى عبدالله - فقد قال مبرراً السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم : ذكر الله في كتابه العزيز : '' وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا '' فإتيان الرسول صلى الله عليه وسلم حياً أو ميتاً ، أخذوه من هذه الآية -

وأقول : إتيان الرسول صلى الله عليه وسلم للتعلّم منه وسؤاله وطلب الدعاء منه في حياته أمر لا شكّ فيه أنه مطلوب وهو الذي تدلّ عليه الآية أما إتيانه صلى الله عليه وسلم بعد موته لهذا الأمور فغير مشروع وللفرق بين الحياة والموت فالحياة لها أحكام والموت له أحكام كلٌ يعرفها .

والآية الكريمة لا تدل على ما قلتَ لا من قريب ولا من بعيد وذلك لأمرين :


الاول : أن الله سبحانه قال : " إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ " ، ولم يقلْ إذا ظلموا أنفسهم لأن ( إذ ) لِمَا مَضَى من الزمان . و ( إذا ) لِمَا يُستقبل من الزمان فدلّ على أن هذا الإتيان الذي تركوه ولامهم الله على تركه إنما هو في حياته صلى الله عليه وسلم فلو أنهم حينما حصل منهم ما حصل من طلب تحكيم غير النبي صلى الله عليه وسلم أتوه معتذرين مستغفرين لغفر الله لهم والله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : " وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ " .
فالآية لا عموم لها كما ادعيته .. بل هي خاصة في قضية معيّنة انتهت وانقضت .


الأمر الثاني : أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفهموا هذا الذي فهمته أنت ومن ذَكرتَ معك فما كانوا يأتون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويطلبون منه الاستغفار والدعاء لهم بل كانوا إذا اشكل عليهم أمر عام أو خاص لا يذهبون إلى قبره ويسألونه كما كان ذلك منهم معه في حياته صلى الله عليه وسلم بل كانوا يسألون العلماء من الصحابة .
ولما أجدبوا واستغاثوا ربهم في عهد عمر رضي الله عنه لم يذهبوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه ان يدعو الله لهم بنزول الغيث وانما طلب عمر من العباس بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعوالله فدعا لهم .

فلماذا عدلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمه العباس ؟

لماذا يعدلون عن الفاضل إلى المفضول إلاّ لأن الميت لا يُطلب منه شيء والصحابة هم القدوة في فهم القرآن والسنة وعملهم حجة لقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " وأما عمل غيرهم فليس حجة إلا إذا قام عليه دليل صحيح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . قال صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد " .

وأما قول إبراهيم مصطفى عبدالله : من هم المعترضون على إدخال الحجرة النبوية التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فنقول له : راجع كتب التاريخ المعتمدة في هذه المسألة وستجدها مذكورة فيها فأنا لم أقل شيئاً من عندي وراجع مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية ( جـ1 ص/236 - 237 ) ثم إني أطالبك ان تذكر لي من هم المفسرون الذين قُلتَ عنهم : أنهم فسّروا قوله تعالى : " وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ " بأن المراد بذلك المجيء الى قبره صلى الله عليه وسلم .

وأما قولك جاءت الأحاديث الشريفة في الحثّ على زيارة القبور وقبره صلى الله عليه وسلم أفضل من كل القبور فأنا لا أقول بمنع زيارة القبور مطلقاً وإنما أقول كغيري من العلماء : إنما الممنوع هو السفر لزيارة القبور اخذا من فهمهم من الحديث الصحيح : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد " .

وأما الحديث الذي استدللت به على خصوص زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو " من زار قبري وجبت له شفاعتي " فهذا الحديث وكل الأحاديث التي جاءت بخصوص زيارة قبره صلى الله عليه وسلم كلها أحاديث ضعيفة شديدة الضعف أو موضوعة كما نبّه أئمة الحفاظ على ذلك وراجع كتاب الصارم المنكى في الرد على السبكي.

4 - وأما سمير أحمد حسن برقة : فقد حشد في مقاله أقوال الذين يروْن جواز السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم .

وأقول له : لا حجّة في الأقوال ولو كثُرت إذا خالفتْ سنة النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول : " فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا " [النِّسَاءُ : 59 ] .

والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تشد الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد " فلا يجوز لأحد أن يخالف قوله صلى الله عليه وسلم منطوقاً ولا مفهوماً.

وهؤلاء يقولون : تشد الرحال من باب التعبد إلى غير المساجد الثلاثة بناء على اجتهادهم ولا اجتهاد مع مخالفة الحديث الصحيح .

ختاماً أسأل الله أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه وأن يعيذنا من شر الفتن واتباع الأهواء.

صحيفة المدينة :http://www.almadinapress.com/index.a...rticleid=88939
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 08-01-2005, 10:49 AM   #48
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
النهي عن التشاؤم

[align=justify]
النهي عن التشاؤم
صالح بن فوزان الفوزان/ عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله والصلاة والسلام على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فالتشاؤم هو توقع الشر من الأشخاص أو البقاع أو الأوقات من غير سبب ظاهر وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وسماه الطيرة. وقال: (الطيرة شرك الطيرة شرك) وذلك لأنها اعتقاد حصول الضرر من غير الله سبحانه وتعالى: وهذا شرك لأن الله هو النافع الضار فيجب التوكل عليه سبحانه دون غيره وسؤاله جلب الخير ودفع الشر.. ولكن كثيراً من الناس لا يزال عندهم شيء من التطير والتشاؤم وهذا من أمور الجاهلية. ومن ذلك ما نسمعه الآن من بعض الناس من التشاؤم في عام 2005الميلادي ويقولون إن هذا العام عام مشؤوم حصل فيه كذا وكذا من موت القادة أو الزلازل أو غير ذلك من المكاره. والواجب ترك هذا الاعتقاد والتوكل على الله سبحانه وتعالى واعتقاد أن ما أصابنا إنما هو بسبب ذنوبنا جزاء منه سبحانه عليها قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ(30)} سورة الشورى فالواجب التوبة إلى الله وترك الذنوب والمعاصي لا إلقاء اللوم على زمان أو مكان أو غير ذلك. فالسبب من عندنا والعقوبة من الله وبقضائه وقدره لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه. وإنما يصدر مثل هذا القول، وهو نسبة الشر إلى العام أو غيره، بسبب الجهل بعقيدة التوحيد ومعرفة ما يضادها أو ينقصها من أنواع الشرك.. وهذا مما يؤكد وجوب تعليم العقيدة الصحيحة ومعرفة ما يضادها أو ينقصها وقد صار كثير من الكتاب والمثقفين يزهدون في تعلم التوحيد والتحذير من الشرك لجهلهم بأهمية ذلك ونسأل الله لنا ولهم الهداية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه

الجزيرة 11790 السبت 27 ذو القعدة 1425
[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 17-01-2005, 12:13 PM   #49
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]
تصرفات أهل الجاهلية في الحج


الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزان ( * )


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد فرض الله الحج في آخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم فحج صلى الله عليه وسلم حجة واحدة في السنة العاشرة من الهجرة وعلم الناس مناسك الحج بفعله وبقوله: (خذوا عني مناسككم) ونقى الحج مما أحدثه فيه أهل الجاهلية وأعاده إلى ملة ابراهيم عليه الصلاة والسلام وذلك في مسائل:
المسألة الأولى:
كان الجاهليون يمزجون الحج بالشرك وكان لهم فوق الكعبة وحولها ثلاثمائة وستون صنما يتقربون إليها بالعبادة والدعاء فأزالها النبي صلى الله عليه وسلم وطهر البيت وما حوله منها وهو يقول:
(جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) وكانوا يقولون في تلبيتهم: (لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لبيك لا شريك لك.. إن الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك). ومنع النبي صلى الله عليه وسلم المشركين من الحج امتثالاً لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}.
المسألة الثانية:
كان كثير منهم يطوفون بالبيت عراة ويقولون: وجدنا على هذا أباءنا والله أمرنا به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:
{قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء}وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(لا يطوف بالبيت عراة).
المسألة الثالثة:
كانوا يوم عرفة يقفون بالمزدلفة ولا يذهبون إلى عرفة فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف بعرفة عملا بقوله تعالى:
{ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.
المسألة الرابعة:
كانوا يتأخرون في المزدلفة ولا يدفعون منها إلا بعد أن تطلع الشمس فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس.
المسألة الخامسة:
كان أهل الجاهلية يستقلون الاجتماع في أيام منى لذكر مفاخر آبائهم ويمتدحون بأفعالهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل) عملا بقول الله تعالى:{وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ}وقوله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا.}.
المسألة السادسة:
كان أهل الجاهلية يدعون الله في موسم الحج بأن يعطيهم من ملذات الدنيا وشهواتها فشرع الله لعباده أن يطلبوا منه خير الدنيا والآخرة قال تعالى:
{فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.}
أيها المسلمون نقوا حجكم وجميع أعمالكم من عوائد الجاهلية ومحدثاتها وأدوه على ملة الخليلين ابراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام وذلك بالتفقه في دين الله واخلاص العمل لله.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.


( * ) عضو هيئة كبار العلماء

الجمعة 3 ,ذو الحجة 1425 العدد 11796[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 17-01-2005, 12:15 PM   #50
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]

الشيخ الفوزان:


التكفير يُخرج عن مقاصد الدعوة ..وعلينا الرجوع إلى علماء الأمة لمعرفة أحكام الدين


* منى - واس:
حذر عضو هيئة كبار العلماء فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان من خطورة تكفير المسلم للمسلم.. موضحاً أن موضوع التكفير الذي أثارته فئات من الشباب التي تحمل أفكاراً شاذة منحرفة في بعض بلدان المسلمين يؤدي إلى الخروج عن مقاصد الدعوة الاسلامية.وأكد فضيلته في محاضرة ألقاها أمس ضمن نشاطات الموسم الثقافي الذي تنظمه رابطة العالم الاسلامي بمكة المكرمة أن الاصل في الانسان الايمان لان الانسان يولد على الفطرة بينما الكفر امر طارئ يحصل لاسباب في مقدمتها التربية السيئة من الأبوين.واستعرض فضيلته أركان الايمان التي يكتمل بها إيمان المسلم وحرمة تكفير من يؤمن بها ويعمل بها وهو مؤمن كما استعرض أركان الاسلام.. مؤكدا صلتها بالايمان عند المسلمين مما لا يجيز تكفير مؤديها.
وتطرق فضيلته للفكر المنحرف الذي تسلل إلى بعض البلدان الاسلامية.. مبينا خطورته وأن الفكر المنحرف له أنواع وأطوار وأعمال تثبت انحراف أصحابه عن الفطرة وعن القواعد الصحيحة للدين.وحذر فضيلته من أن أنواعاً غالية من الفكر المنحرف تؤدي بأصحابها إلى الفساد في الارض وقتل المسلمين بل تؤدي ايضا إلى الكفر.. مستعرضا العديد من الادلة عبر التاريخ.وأوضح فضيلة الشيخ الفوزان أن أصحاب الفكر المنحرف أثبتوا من خلال أقوالهم وتصوراتهم وآرائهم أنهم لا يفقهون الدين وهم يمرقون من الدين مروق السهم.. مؤكداً القاعدة الاساسية في أن إسلام المرء ينبغى ان يؤسس على قواعد فقهية سليمة ومعرفة صحيحة لاحكام الدين.وتحدث فضيلته عن أنواع التكفير وضوابطه..لافتا النظر إلى انه لا يجوز للافراد ان يطلقوا أحكام التكفير فهذا شأن شياطين الانس الذين سلكوا سبيل الشيطان مبينا ان الذين يحكمون في هذا الموضوع هم الراسخون في العلم وان الشريعة الاسلامية لا تجيز للعامة او الدعاة او القراء اوغيرهم من الناس الحكم على ناس او طائفة بالكفر.كما بين فضيلته ان الراسخين في العلم ينظرون في امر المحكوم عليه بهذا الشأن من حيث ثبوت ما يكفره ثبوتا قطيعا وانه يرتكب ما ارتكب بسبب الجهل وانه غير متأول وغير مقلد وغير مكره.. مشددا على ضرورة عدم التسرع في اطلاق اي حكم يمس عقيدة المسلم.
وشدد فضيلته على حرمة التكفير وبين خطره على المكفر نفسه مستشهدا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (من قال لاخيه يا كافر.. يا فاسق.. يا عدو الله .. حار عليه) أي رجع عليه قوله.وأكد فضيلته ان المكفرين من الفئة الضالة جعلت من انحرافها الفكري منطلقا للتكفير متجاوزين في ذلك كل ضوابط الاسلام التي تمنعهم من تكفير اخوانهم المسلمين.
ودعا فضيلته أبناء المسلمين بالرجوع إلى علماء الامة الثقات في معرفة أحكام الدين وتفاصيل التفقه في الاسلام.. داعيا العلماء والدعاة لتبصير المسلمين والاجيال الجديدة من خطورة آفة الفكر المنحرف.
وأثنى فضيلته على الجهد الذي تبذله مؤسسات الدعوة الاسلامية في هذا المجال.


الأثنين 07 ذو الحجة 1425 العدد 11799
[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 30-01-2005, 12:56 PM   #51
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]
أركان الإسلام من حيث ترتيب الفرضية ومن حيث التكرار
صالح بن فوزان الفوزان /عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله الذي شرع لنا خير الشرائع ورضي لنا الإسلام دينا، وقال: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}وقال: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}. وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وأفضل الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه وتمسك بسنته إلى يوم الدين..وبعد : فإن الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد. والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك والبراءة منه ومن أهله. وهو بهذا التعريف شامل لدين جميع الأنبياء والمرسلين. فالإسلام هو عبادة الله بما شرعه في كل وقت بحسبه ولما بعث محمد صلى الله عليه وسلم صار الإسلام هو ما جاء به، ونسخ ما عداه من الأديان فمن لم يتبع هذا الرسول فليس بمسلم. قال الله تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ َ}فمن لم يتبع هذا الرسول زاعماً أنه يتبع نبياً غيره فهو يتبع لهواه، وليس متبعاً لذلك الرسول الذي يزعم أنه يتبعه لأنه بعد بعثة هذا الرسول أمر الناس كلهم باتباعه كما قال له ربه: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يسمع بي يهودي ولا نصراني، ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا دخل النار) فلا يسع أحد من أهل الأرض إلا أن يتبع هذا الرسول ومن زعم أن أحداً يسعه الخروج عن دين هذا الرسول؛ فهو كافر إن لم يتبعه أصلاً، وزعم أنه يسعه البقاء على دين نبي سابق له، وإن كان مؤمناً بهذا الرسول لكن رأى هذا الرأي فهو مرتد عن دين الإسلام، يستتاب فإن تاب وإلا قتل فما نسمعه الآن من أن اليهود والنصارى مسلمون، وأنهم إخوان لنا في الدين هو كفر بالله وخروج عن شريعة الإسلام؛ لأن الشرائع السابقة قد نسخت بهذه الشريعة المحمدية والبقاء على الدين المنسوخ كفر، وهذا الدين المحمدي يتكون من خمسة أركان: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيلاً.. وهذه أركانه التي ينبني عليها، وبقية الواجبات وتجنب المحرمات مكملة لهذه الأركان كما جاء في الحديث : (بني الإسلام على خمسة أركان..) وذكر هذه الأركان وهذه الأركان شُرعت مرتبة على التدريج، فأولها : الأمر بالشهادتين وهو الذي بدأ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته إليه، وبقي ثلاث عشرة سنة بمكة يدعو الناس إليه، فلما تقرر هذا الركن الأساس فرضت الصلاة قبل الهجرة بمدة يسيرة، ثم في السنة الثانية بعد الهجرة فرضت الزكاة والصيام، ثم في السنة التاسعة من الهجرة فرض الحج.. ومن حيث تكرار هذه الأركان فالركن الأول وهو الشهادتان يتكرر في كل لحظة من حياة المسلم قولاً واعتقاداً، وعملاً لا يتخلى عنه المسلم في لحظة من لحظات حياته، والصلاة تتكرر في اليوم والليلة خمس مرات وصلاة الجمعة من كل أسبوع والزكاة والصيام يتكرران كل سنة، والحج مرة واحدة في العمر مع الاستطاعة ثم المجال واسع بعد تحقيق هذه الأركان للمسلم في العبادات، فرضها ونفلها فكل فريضة شرع للمسلم مثلها من التعبد والتزود، ثم هذا الإسلام يتعامل أهله مع غيرهم من أهل الأديان بالعدل في التعامل والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ثم بالجهاد لمن عاند وأراد طمس هذا الدين ونشر الكفر، ثم بالوفاء بالعهود مع المعاهدين من أهل الأديان الأخرى من ذميين ومعاهدين ومستأمنين يكفل لهم الأمن على دمائهم وأموالهم وأعراضهم ولا يقاتل الا الحربيين منهم، ولا يقتل شيوخهم وصبيانهم ونساءهم ورهبانهم ويكافىء بالإحسان من أحسن منهم إلى المسلمين قال تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } ويبيح الإسلام التعامل مع الكفار بالبيع والشراء وتبادل المصالح والخبرات والتمثيل الدبلوماسي، ويوجب البر بالوالدين الكافرين قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}هذا هو دين الإسلام. دين الرحمة للبشرية كلها : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }ولا نجاة في الدنيا والآخرة إلا باتباعه والتمسك به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } الله وفقنا للتمسك بهذا الدين إلى يوم نلقاك غير مبدِّلين ولا مغيِّرين وصلَّى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.


الجزيرة : لأحد 20 ,ذو الحجة 1425 العدد 11812[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 13-02-2005, 01:20 PM   #52
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]


التكفير وضوابطه


صالح بن فوزان الفوزان /عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:
فالتكفير معناه الحكم على مسلم بالكفر لسبب من الأسباب المقتضية لذلك والناس في هذا الباب طرفان ووسط فالطرف الأول الخوارج قديماً وحديثاً الذين يغلون في التكفير فيكفرون المسلمين بكبائر الذنوب التي هي دون الشرك والكفر وهذا مذهب باطل لأن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء.}ويقول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل أنه قال: (يا ابن آدم لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة) وقراب الأرض ملؤها أو ما يقارب ملأها. والطرف الثاني مَنْ يرى أن المسلم لا يكفر ولو عمل ما عمل من فعل المحرمات وترك الواجبات ما دام أنه مصدق في قلبه بالله ودينه لأن الإيمان عندهم هو التصديق بالقلب ولا يدخل في تعريفه وحقيقته العمل وهذا مذهب المرجئة قديماً وحديثاً ويتبناه اليوم كثير من الكتاب الذين لم يدرسوا عقيدة السلف فيرون أنه لا يجوز التكفير مطلقاً لأنه عندهم تشدد وغلو وتطرف ولو ارتكب الإنسان كل النواقض حتى إنهم لا يكفرون اليهود والنصارى الذين يكفرون برسالة محمد ژ ويقولون المسيح ابن الله وعزير ابن الله ويقولون: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} ويقولون: {إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء}}. ويقولون: {إنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ} ومع ذلك لا يكفرونهم وهذا غلو في الإرجاء وإمعان في الضلال لأن الله كَفَّرَ مَنْ لم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم سواء من أهل الكتاب أو غيرهم. قال تعالى: {فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ} وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَة}{لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَم }لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ}{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّة}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}وهذا مذهب باطل يتيح لكل مفسد وكل ضال ومنحرف أن يفعل ما يشاء من أنواع الردة والإفساد، ويمنح هؤلاء اسم الإسلام. والمذهب الأول باطل أيضاً لأنه يحكم على كثير من المسلمين بالكفر لمجرد ارتكاب الذنوب التي هي دون الشرك والكفر ويسبب سفك الدماء المعصومة وإزهاق الأنفس البريئة وتفريق كلمة المسلمين بالخروج على أئمتهم وحل دولتهم ويسبب القيام بالتفجيرات والترويع ويخل بالأمن مما هو واقع اليوم ممن تبنوا هذا الرأي الباطل والمذهب الفاسد ويحقق رغبات الكفار ويتيح لهم التدخل في شؤون المسلمين بحجة حمايتهم من الإرهاب مع أن الكفار في الحقيقة هم الذين يغذون الإرهاب ويحمون الإرهابيين ليقضوا بهم أغراضهم في ضرب المسلمين وإضعافهم كما هو الواقع الآن وكل من فريقي الخوارج والمرجئة أخذ بالمتشابه من الأدلة فالخوارج أخذوا بنصوص الوعيد والمرجئة أخذوا بنصوص الوعد والمذهب الوسط والقول الحق في هذه المسألة ما عليه أهل السنة والجماعة وهو الجمع بين نصوص الوعد ونصوص الوعيد عملاًَ بقول الله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ، رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ، رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ.}
فأهل السنة يقولون بأن مرتكب الكبيرة التي هي دون الشرك والكفر معرض للوعيد لكنه تحت مشيئة الله إن شاء عذبه بقدر ذنوبه وإن شاء الله عفا عنه ولم يعذبه لقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء}، وإذا عذبه بذنوبه فإنه لا يخلد في النار بل يخرج منها ويدخل الجنة بما معه من التوحيد والإيمان فليس هو بمؤمن كامل الإيمان كما تقوله المرجئة وليس بكافر خارج من الإيمان كما تقوله الخوارج، ولا يحكمون على مسلم بالكفر إلا إذ ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المتفق عليها والمعروفة عند العلماء ولابد أن تتوفر شروط للحكم بالردة أو الكفر على مَنْ ظاهره الإسلام وهي:
1 - ألا يكون جاهلاً معذوراً بالجهل كالذي يُسلم حديثاً ولم يتمكن من معرفة الأحكام الشرعية أو يعيش في بلاد منقطعة عن الإسلام ولم يبلغه القرآن على وجه يفهمه أو يكون الحكم خفياً يحتاج إلى بيان.
2 - ألا يكون مكرهاً يريد التخلص من الإكراه فقط كما قال تعالى: {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }دلت الآية على أن من تلفظ بالكفر مكرهاً وقلبه مطمئن بالإيمان يريد التخلص لا يكفر.
3 - ألا يكون متأولاً تأولاً يظنه صحيحاً فلابد أن يبين له خطأ تاويله .
4 - ألا يكون مقلداً لمن ظنه على حق إذا كان هذا المقلد يجهل الحكم حتى يبين له ضلال من يقلده.
5 - أن يكون الذي يتولى الحكم عليه بالردة من العلماء الراسخين في العلم الذين ينزلون الأحكام على مواقعها الصحيحة فلا يكون الذي يحكم بالكفر جاهلاً أو متعالماً.
وأخيراً فإن إخراج مسلم من الإسلام بدون دليل صحيح واضح يعد أمراً خطيراً كما قال النبي ژ: (من قال لأخيه يا كافر يا فاسق أو عدو الله وهو ليس كذلك رجع عليه أو حار عليه) نسأل الله العافية وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الجزيرة 11823 الخميس 1 ,محرم 1426[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 17-03-2005, 02:21 PM   #53
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]

لا تنه عن خلق وتأتي مثله

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان/ عضو هيئة كبار العلماء


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعد:

فقد كثر في الآونة الأخيرة استنكار الغلو والتحذير منه، وهذا أمر قد حذر منه الشرع المطهر، ولكن الشأن في تحديد مفهوم الغلو - فإن بعض هؤلاء المنكرين له يقعون فيه عن قصد أو عن غير قصد ومن ذلك: أولاً : أنهم وقعوا فيه في شأن المرأة حيث يزعمون أنهم يطالبون بحقوقها، مع أنهم يدفعون بها إلى قيامها بما لا يليق بها من أعمال لا تتناسب مع خلقتها أو مع حشمتها وعفافها حيث ينادون بأن تسند إليها أعمال الرجال التي لا تناسب مع خلقتها وطبيعتها، أو تسند إليها أعمال تقتضي تخليها عن الآداب الشرعية التي تحفظ لها كرامتها كالمناداة بسفرها بدون محرم، والمناداة بخلعها للحجاب، والمناداة باختلاطها بالرجال، وحرمانها من حقها وبالمناداة بإلغاء قوامة الرجل عليها - ما هذه النداءات.

وزج بها فيما يعود عليها بالوبال عاجلاً أو آجلاً، فهل يفكر هؤلاء فيما يقولون ويربأون بأنفسهم من هذا التناقض، أو هم يحسبون أن الناس لا يعقلون، ولا يدركون تناقضهم ويحاسبونهم على غلوهم وإفراطهم، إن الله رفع المرأة من ظلم الجاهلية لها ومن تسيبات الغرب العصرية.

ثانياً : غلوهم في التسامح - فهم دائماً ينادون بالتسامح والتيسير، ونقول لهم نعم: إن ديننا هو الشريعة السمحة، وقد رفع الله به الاصار والأغلال التي كانت على من قبلنا، لكن هؤلاء يريدون بالتسامح ترك الأوامر وارتكاب المناهي وعدم التمييز بين مسلم وكافر، وعدو لله وولي لله، وهذا غلو في التسامح وجنوح به إلى غير مفهومه الصحيح - ولأن التسامح معناه الأخذ بالرخص الشرعية عند الاحتياج إليها والاقتصار على حدود الرخصة، والأخذ بها وقت الحاجة بشروطها الشرعية مع عدم التوسع في مفهومها، وقد عرف الأصوليون الرخصة بأنها استباحة المحظور مع قيام سبب الحظر لمعارض راجح، بحيث إذا زال هذا العارض فإننا نرجع إلى العزيمة فمثلا قصر الصلاة خاص بالسفر وأكل الميتة خاص بحالة الضرورة، وإذا انتهى السفر انتهى القصر ولزم إتمام الصلاة، وإذا زالت الضرورة عاد تحريم الميتة، وهكذا في جميع الرخص، فلا يجوز انتهاك أحكام الشريعة بذريعة التسامح وعدم التشدد كما يقولون.

ثالثاً : غلوهم فيما يسمونه التشدد والتطرف ولا شك أن الله نهى عن الغلو في الدين، وكذلك النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذلك، ولكن المراد بالغلو في كلام الله وكلام رسوله هو الزيادة عن الحد المشروع - وهؤلاء عندهم أن من تمسك بالدين واقتصر على الحد المشروع فإنه متشدد، وهذا غلو في ضابط التشدد، والتشدد المنهي عنه لا يرجع في تفسيره إلى أذواق الناس واعتباراتهم وإنما يرجع فيه إلى الكتاب والسنة، وفهم ذلك منها على الوجه الصحيح الذي فهمه سلف هذه الأمة وديننا دين الوسط الذي لا غلو فيه ولا جفاء، ولا إفراط ولا تفريط. قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، وقال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} وتحديد الغلو والتساهل حكم شرعي لا يعرفه إلا أهل العلم والبصيرة، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وإذا تولىهذا الأمر من لا يحسنه خرج عن حده،

(وكل شيء خرج عن حده فإنه ينقلب إلى ضده) فشأن المرأة لما تولى القول به غير ذوي الاختصاص خرجوا به عن حده، وضروا المرأة من حيث يظنون أنهم ينفعونها وخرجوا بها عن طورها الذي حددها الله لها، والاعتدال يعتبره الغلاة تساهلاً، ويعتبره المتساهلون غلواً نتيجة لجهل هؤلاء وهؤلاء، أو لاتباع أهوائهم، وصار كل منهما يرمي الآخر بالسوء.

رابعاً : غلوهم في منع التكفير حتى في حق من حكم الله ورسوله بكفره ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام المجمع عليها كدعاء الأموات والاستغاثة بالقبوريين ومن سب الله أو رسوله أو دين الاسلام، وهذا العمل منهم محادة لله ولرسوله وتأييد للخروج من الدين، فالواجب على هؤلاء كف ألسنتهم وأقلامهم عن الكلام فيما لا يعرفون ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه وفق الله. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

الجزيرة / الخميس 07 ,صفر 1426 العدد 11858 [/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 17-03-2005, 02:31 PM   #54
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 31-03-2005, 01:10 PM   #55
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]رُبَّ ضارة نافعة


صالح بن فوزان الفوزان/عضو هيئة كبار العلماء


كثر كلام الكفار عما يسمونه بالديمقراطية وفرضها على الناس، وظن بعض المغفلين أنهم يريدون إشاعة العدل ومنع الظلم، فربما أيدوا هذه الفكرة لكنها لم تلبث أن تكشفت حقيقتها بأنها الظلم نفسه!! بل هي أشد الظلم حينما غزوا الناس في بلادهم لنهب ثرواتهم، والتلاعب بمقدراتهم، ودك بيوتهم على رؤوسهم وتدمير مملتكاتهم وإزالة حكوماتهم ونشر الفوضى بينهم والإخلال بأمنهم واستقرارهم. وحينئذ تبين للمخدوعين ما تنم عنه هذه الديمقراطية وتمنوا التخلص منها، ولكن هيهات، ولعلها تكون موعظة للمستقبل بأن لا نتقبل الأفكار الوافدة على علاتها ونعلم أن عدونا لا يريد لنا الخير أبداً، كما قال تعالى: {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ} فهم يريدون منع فضل الله عنا لو استطاعوا.. ولهذا قال سبحانه {وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}وهذا حق لا مرية فيه ولكن علينا أن لا ننخدع بوعود الكفار ولا نخاف من وعيدهم، بل نعلق أملنا ورجاءنا بالله ونعمل بطاعته وتجنب معصيته، ونتمسك بدينه ونتوكل عليه فهو حسبنا ونعم الوكيل {إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ}وفي هذه الأيام أفرزت هذه الديمقراطية ظاهرة عجيبة غريبة مضحكة مبكية، تخالف الدين والفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي إحلال المرأة المسلمة محلاً لا يليق بها، وأنت إذا أحللت الشخص محلاً لا يليق به فقد سخرت منه وتنقَّصته وأهنته حيث ظننتَ أنك تكرِّمه، وهذه الظاهرة هي تكليف امرأة أن تؤم الرجال في خطبة الجمعة وفي الصلاة، ومنحها هذا الموقف الذي يتأخر عنه كثير من الرجال لما يتطلبه من استعداد علمي وخلقي وقوة شخصية وأعصاب قوية لا تتوافر في المرأة، هذا من حيث النظر العقلي، وأما من حيث الحكم الشرعي فما عهد في تاريخ الإسلام أن المرأة تولت هذا المنصب، ففي عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الذي هو عهد التشريع لم يرد في حديث صحيح ولا ضعيف ولا موضوع أن المرأة تولت إلقاء خطبة الجمعة، ولم يحدث هذا من بعد عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى يومنا هذا في بلاد المسلمين مع ما وجد في عصور الإسلام من نساء عالمات فقيهات محدثات بل إن سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم- تقضي بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد مع الرجال، وإذا صلت مع الرجال فإنها تكون خلفهم ولو كانت وحدها. فكيف تتقدمهم في الصلاة وتصعد فوقهم على المنبر في الخطبة؟! هذا هو الذي يستحق أن يُقال فيه: {... إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ * مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} وليس دين الإسلام. ونحن لا نستغرب صدور مثل هذه الفكرة من الكفار فهي من أسهل مكرهم بنا وتخطيطهم لتدميرنا، ولكننا نستغرب أن ينفذ هذه الفكرة من ينتمون إلى الإسلام دون رجوع إلى مصادر الإسلام وعلمائه، رجعوا إلى قول شاذ يقول بصحة إمامتها للرجال وعمل الأمة على خلافه، فإن الحديث إذا كان عمل الأمة على خلافه لا يعمل به.. فكيف بقول شاذ لبعض أهل العلم مخالف لعمل الأمة يقول بصحة ذلك، وليس فيه أنها تخطب خطبة الجمعة ولعل هذه الحادثة تكون منبهة للمسلمين لما يحاك ضدهم عن طريق نسائهم؛ فقد مرَّدوا المرأة على الحجاب والحشمة، ومرَّدوها على الاختلاط بالرجال ومزاولة أعمالهم، ومرَّدوها على أشياء كثيرة حتى وصلت إلى الصلاة والتلاعب بالعبادات. ولكن رب ضارة نافعة فتكون هذه الحادثة موقظة للمسلمين لما يحاك ضدهم.. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

الجزيرة عدد / 11872 الخميس 21 صفر 1426

[/CENTER]
مهتم غير متصل  
قديم(ـة) 21-04-2005, 02:49 PM   #56
مهتم
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 353
[align=justify]

حجاب المرأة حماية لها ولا يسبب مشكلة

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان


الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين. وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:
فقد كثر الضجيج والعويل من قبل أناس لا ندري ما قصدهم حول حجاب المرأة المسلمة وكأنه مشكلة العصر، وكأنه العائق للمجتمع من الرقي والتقدم في حين أن الحجاب سبب لحماية المرأة وحماية الرجال من الفتنة فهو دعامة من دعامات بناء المجتمع المسلم على النزاهة والعفة.
ولذا فإن الذين تركت نساؤهم الحجاب تأثراً بالدعايات المضللة أصبحوا الآن يعودون إليه.
وليس في الحجاب - كما يقولون - كبح لحرية المرأة بل هو صيانة لحريتها من عبث العابثين. وإذا كان الذين ينادون بخلع الحجاب يرون أنه عائق لعمل المرأة فإننا نجيبهم من عدة وجوه:
أولاً : أن غالب عمل المرأة في بيتها وهذا لا يحتاج إلى حجاب قال الشاعر:


في دورهن شئونهن كثيرة

كشئون رب السيف والمزراق

ثانياً: لم يكن الحجاب في جميع العصور عائقاً لعمل المرأة فما زالت المرأة منذ فُرِضَ عليها الحجاب تؤدي عملها اللائق بها على خير وجه ولم يكن الحجاب عائقاً لها عن العمل.
ثالثاً: عملها يكون في محيط النساء وهذا لا يحتاج إلى حجاب. وأما عملها إلى جانب الرجال فتختلط بهم فهذا لا يجوز شرعاً وليس المجتمع بحاجة إليه لأن الكفاءات الرجالية أكثر من الكفاءات النسائية وهم بحاجة إلى العمل الوظيفي أكثر من حاجة المرأة.
رابعاً: تكليف المرأة بعمل الرجل تكليف لها بما لا تستطيعه ولا تنتج فيه كما ينتج الرجل.
خامساً: مجالات عمل المرأة اللائقة بها في المجتمع مجالات كثيرة لا تتعارض مع الحجاب.
سادساً: المرأة لها عمل داخل بيتها لا يقوم به غيرها وكذا عملها خارج بيتها في محيط النساء أو محيط بعيد عن الاختلاط بالرجال فإذا أضفنا إليها عملاً آخر فقد حملناها ما لا تطيق.
وختاماً: ليت هؤلاء الذين ينادون بعمل المرأة دون قيود ويدعون إلى خلع الحجاب يتصورون عواقب ما يدعون إليه وآثاره السيئة على المرأة وعلى الأسرة وعلى المجتمع ولا يكونون كالببغاوات التي تردد كلام غيرها دون معرفة لمعانيه وما يترتب عليه.. فأفيقوا يا دعاة السفور.. هداكم الله.
وفق الله الجميع لما فيه صالح الإسلام والمسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

عضو هيئة كبار العلماء


الجزيرة 11892 الاربعاء 11 ربيع الأول 1426 [/CENTER]
مهتم غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 02:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)