بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الغلاقة بين أهل البيت و النبي

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

إضافة رد
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 26-04-2006, 10:17 PM   #1
الذيب القاتل
عـضـو
 
صورة الذيب القاتل الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2006
المشاركات: 38
الغلاقة بين أهل البيت و النبي

بسـم الله الرحمن الرحـيم




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

اللهمّ أنت المستعان وعليك الاتكال ولا حول ولا قوة الا بك يا رب العالمين.



الفصل الأول

العلاقة بين أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)

وبين أصحابه رضوان الله عليهم


المبحث الأول:لمحة تاريخية عن مكة والتنافس بين أهلها:

قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بعدما أسس دولة الاسلام فى الجزيرة العربية حيث المجتمع مجتمع قبائل وعشائر، فكما كانت بقية أرض الجزيرة العربية كذلك كانت مكة والمدينة وسواهما من الحواضر، قبائل وعشائر وعائلات عموماً متنافسة وأحياناً متحالفة، تبعاً لتقاطع المصالح أو تعارضها.

وفى مكة أم القرى أى القرية الرئيسية التى توازى فى عرفنا اليوم العاصمة، حيث بالاضافة الى البيت الحرام، القرار الأهم والاقتصاد والسياسة وغير ذلك مما تتميز به العواصم عن سواها من البلدان، كانت قريش هى القبيلة المسيطرة التى لا

(4)
تنازع بما تتمتع به من مركز نفوذ وادارة للحرم وما يعنيه من مكانة دينية عند العرب، وأيضاً ما تتمتع به من سيطرة على تجارة الجزيرة العربية والروابط الاقتصادية مع كل من الشام واليمن وفارس والروم.

غير أن قريش القبيلة الواحدة كانت مقسمة الى عائلات وبطون وأفخاذ، فعند ظهور الاسلام واظهار النبى صلى الله عليه وآله وسلم لدعوته كان هناك هاشم وبنو عبد شمس وبنو عدى وبنو تيم وغيرهم، وكان هناك تنافس وسباق بين أهم هذه البطون والأفخاذ بنى هاشم وبنى عبد شمس. حيث كان كل طرف يسعى لأن تكون له الكلمة الأولى والامتياز الأهم فى مكة.

ومما يظهر من خلال سير العائلات فى مكة أن بنى عبد شمس كانوا يصارعون للتقدم على بنى هاشم الذين كما يبدوكانت الزعامة تنقاد اليهم انقياداً، لصفات تميزوا بها عن أقرانهم ولتاريخ آبائهم الموصوف بالجود والكرم والحمية والنجدة.

وظهر النبى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم من بنى هاشم، ودعا الى عبادة الله الواحد الأحد وترك عبادة الأصنام وتوحيد القبائل العربية فى أمة واحدة تحمل الاسلام الى بقية العالم لتتكون بعد ذلك أمة الاسلام التى لا فضل فيها لعربى على أعجمى ولا لأبيض على أسود الا بالتقوى، فكل الناس سواسية، وكل الناس عباد الله، وهذا بحد ذاته شكل نقضاً لما هو متعارف عليه فى مكة آنذاك حيث كان الناس قبائل متفاوتة وأحرار وموالى وسادة وعبيد. مما أدى الى قيام ردة فعل شديدة من قبل الذين رفضوا دعوة النبى صلى الله عليه وآله وسلم لما اعتبروه من أنها تهدف الى اضعافهم والقضاء على مصالحهم وسيادتهم على بقية القبائل فى الجزيرة العربية.

وكان من نتيجة هذا التناقض بين دعوة الاسلام ومصالح المشركين ورفض

(5)
المجتمع القرشى بمعظمه للدعوة الجديدة، حيث لم يؤمن الا نفر قليل من الناس خلال ثلاث عشرة سنة من عمر الدعوة فى مكة، حصول الهجرة الى المدينة (يثرب) التى رغم تناقضات أهلها فيما بينهم ووجود أكثر من دين فيها استطاعت أن تحتضن دعوة الاسلام وأن تقيم أول مجتمع اسلامى تحول الى دولة منظمة بمقاييس ذلك العصر، ثم عاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الى مكة فاتحا بعد سلسلة من المعارك والمواجهات انتهت بقتل معظم من سمّوا بالصناديد وهم كبار الرجال أو القادة المشركون. ودخل المسلمون مكة فاتحين وأظهر النبى صلى الله عليه وآله وسلم تسامحاً كبيراً اذ عفى عن معظم الذين حاربوه وآذوه وأخرجوه من بلده الا نفراً قليلاً أمر بالقضاء عليهم نظراً لما ارتكبوه من جرائم تشبه فى عصرنا الحاضر ما يسمى بجرائم الحرب.

دخل جميع أهل مكة فى الاسلام حيث وجدوا انه لا مناص من قبول الأمر الواقع وانضموا الى صفوف المسلمين. ولكن وكما يبدو فان ما كان من تنافس قبل الاسلام لم ينته بدخول الجميع فى الدين الجديد، اذ اعتبر البعض أن بنى هاشم قد انتصروا فى المواجهة وتمكنوا من اخضاع خصومهم، وهذا يعنى أن هؤلاء الخصوم أو بعضهم لم يفهموا روح الدين الاسلامى وحقيقة الدعوة الجديدة، وراحوا يتحينون الفرصة من أجل استعادة مكانتهم وازاحة منافسيهم.

ان هذه الصورة بالتأكيد تنطبق على البعض ولا تنطبق على الجميع، حيث إن أغلبية الناس من أهل مكة قد أسلموا وحسن اسلامهم. ولكن بعض التقاليد والأعراف ظلت كامنة الى حد ما فى بعض النفوس مما أثر فيما بعد على العلاقة مع أقرباء النبى صلى الله عليه وآله وسلم وذريته من بعده.







(6)
المبحث الثانى: مكانة النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) :

حدد القرآن الكريم المكانة العظيمة للنبى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، فهو القدوة والأسوة والمثل الذى ينبغى اتباعه. وهو صاحب القضاء النافذ والارادة العليا، (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً)(1) ومن يرد قضاء النبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو كافر.

ولعل الميزة الأهم التى جعلها الاسلام للنبى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم هى وجوب المحبة من قبل كل مؤمن ومؤمنة: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من نفسه التى بين جنبيه".

وهذه المحبة من الأمور الميسرة، فالناس مفطورون على محبة ما يحقق لهم ذاتهم ومصالحهم وما يريحهم وعلى محبة من يحبهم ويسعى فى سبيل أمنهم وراحتهم وضمان مستقبلهم.

واذا نظرنا الى شخصية النبى الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم نجده من خلال نفسيته وسيرته وأعماله وأقواله وعلاقاته بالآخرين، لا يحمل أى صفة من الصفات المنفرة التى ينفر الناس منها بالفطرة بل نراه يتمتع بكل الصفات التى تحببه الى الناس وتقربه الى القلوب وتجعل المحيطين به يتعلقون به أشد التعلق بل ويؤثرونه حتى على أنفسهم وأبنائهم وآبائهم; (قل ان كان آباؤكم وأبناؤكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب اليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره).



ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ سورة الأحزاب/ الآية 36.

(7)
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)(2)، (محمّد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)(3).

وهذه الصفات يذكرها القرآن الكريم أمام المؤمن بنبوة محمّد صلى الله عليه وآله وسلم وأمام المنكر لها. ولو كانت غير موجودة فيه لقام من ينكر نبوته، مكذباً لذلك، ولكنهم لم يكذبوا هذه الصفات وانما رموه مرة بالجنون ومرة بالسحر وغير ذلك من الأمور التى لا مقاييس محددة لها.

فحب النبى محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أو حب صفاته من الأمور الفطرية التى فطر عليها الانسان السليم العقل والحواس، والتى لا يمكن لانسان أن يُصرف عنها الا بحقد قديم دفين، أو عقد نفسية أو بمرض فى النفوس أو القلوب أو الصدور.

لقد أحبّ المسلمون رسولهم ورضخوا لأمره واستجابوا له، ومع ذلك لم يكن عليه وعلى آله الصلاة والسلام ليستغل ذلك فى جلب منفعة لنفسه أو لأحد أقربائه مهما كانت درجة قرابتهم منه، بل لم يكن يميز نفسه عن أحد منهم بأى متاع أو مكسب أو دنيا، بل كان يجافى الدنيا ويأمر أهله بمجافاتها.

حتى أن ابنته الحبيبة الى قلبه فاطمة الزهراء رضى الله عنها تطلب منه أن يأتيها بمن يخدمها ليخفف عنها بعضاً من تعبها، فاذا به يأمرها بالصبر والذكر

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ سورة ال عمران/ الآية 159.

2 ـ سورة التوبة/ الآية 128.

3 ـ سورة الفتح/ الآية 29.

(8)
والتحمل.

وفى بعض المرات حينما كان يتصرف عليه الصلاة والسلام تصرفاً تخفى أبعاده على المحيطين به، فيبدون اعتراضاً أو استفهاماً أو استغراباً. كان جوابه لهم صلى الله عليه وآله وسلم ينزل على قلوبهم برداً وسلاماً ويزدادون له حباً وبه تعلقاً. كما حصل مع الأنصار بعد غزوة حنين حينما أعطى الغنائم للمكيين حديثى الاسلام ولم يعط الأنصار أصحاب الفضل والسبق فوجدوا فى أنفسهم عليه، فلما بين لهم الأمر، قالوا رضينا برسول الله قَسَماً.

ولقد بيّن لنا رب العزة جلّ وعزّ أن حبّ الله للناس مرتبط بحبهم لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأتباعهم له فقال: (قل ان كنتم تحبون الله فاتبعون يحببكم الله)(1).

وهكذا تكون العلاقة جدلية بين حب الناس لله وحبهم لرسوله وحب الله لهم، فبدون ذلك الحب ليس هناك ايمان واذا نقض من أى طرف من أطرافه سقطت المعادلة كلها.



المبحث الثالث: حب آل محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) :

وردت عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة تفيد وجوب حب آل بيته وتقديرهم واحترامهم. ولقد ذكرالقرآن الكريم ان مودة قرابة النبى هى البدل الذى يطلبه عليه الصلاة والسلام; قال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة فى القربى)(2).

أما الأحاديث فمنها ما أورده الطبرى (محب الدين) فى كتابه ذخائر العقبى

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ سورة آل عمران/ الآية 31.

2 ـ سورة الشورى/ الآية 23.

(9)
فى مناقب ذوى القربى:

1 ـ عن عبد العزيز باسناده أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من حفظنى فى أهل بيتى فقد اتخذ عند الله عهداً". أخرجه أبو سعيد والملا.

2 ـ وعنه أيضاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "استوصوا بأهل بيتى خيراً فانى أخاصمكم عنهم غداً، ومن أكن خصمه أخصمه ومن أخصمه دخل النار"(1). أخرجه أبو سعيد والملا فى سيرته.

3 ـ عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو أن رجلاً صف بين الركن والمقام، فصلى وصام لقى الله مبغضا لأهل بيت محمّد دخل النار"(2). أخرجه ابن السري.

4 ـ عن أبى سعيد رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أبغض أهل البيت فهو منافق". أخرجه أحمد فى المناقب.

5 ـ عن جابر بن عبدالله رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يحبنا أهل البيت الا مؤمن تقى ولا يبغضنا الا منافق شقى"(3). أخرجه الملا.

6 ـ عن على كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يرد الحوض أهل بيتى ومن أحبهم من أمتى كهاتين السبابتين"(4). أخرجه الملا. أ. هـ .

هذه النصوص التى أوردها محب الدين الطبرى فى كتابه الآنف الذكر ذخائر

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى، محب الدين أحمد بن عبدالله الطبرى، ص18.

2 ـ المصدر السابق، ص 18.

3 ـ المصدر السابق، ص 18.

4 ـ المصدر السابق، ص 18.

(10)
العقبى فى مناقب ذوى القربى. تدل على المكانة التى يجب أن تفرد لآل البيت عليهم السلام فى قلب كل مؤمن من الحب والتقدير والاحترام.



المبحث الرابع: كيف كان التعاطى مع أهل البيت (عليهم السلام) ؟

كان أهل بيت النبى صلى الله عليه وآله وسلم محط احترام ومحبة وتقدير عند أصحاب النبى صلى الله عليه وآله وسلم.

وأما الخلاف الذى نشب حول الخلافة وأحقية أمير المؤمنين بخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهو محض اختلاف فى الفهم والتأويل. فرغم كل النصوص التى تتحدث عن ولاية أمير المؤمنين على بن أبى طالب كحديث غدير خم الذى لم ينكر أحد وجوده وغيره من الأحاديث التى تبين مكانته عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الا أنهم لم يفهموا منها وجوب توليته الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وبغض النظر عن هذا الحدث التاريخى وأيهم كان أحق فى الفهم وأصوب فاننى أحب أن أتطرق الى مكانة أمير المؤمنين عند أقرانه من معاصريه لا سيما عند أبى بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما.

فمن خلال الاطلاع على سيرة هؤلاء الرجال أنهم كانوا يكنون لبعضهم البعض كل الحب والتقدير والاحترام، وهذا لا يعنى عدم الاختلاف حول العديد من المسائل. ووجدت أن مكانة على بن أبى طالب عليه السلام هى مكانة الأعلم فيما بينهم وأنه من دون الناس كان يرجع اليه فى كل أمر مشكل وكل قضية ملتبسة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل انه الوحيد الذى نقل انه كان يملك صلاحية نقض أحكام الخلفاء الذين سبقوه، بما يملكه من علم وما يقدم من حجة وما يزيل من التباس.



(11)
وبالمقارنة مع ما هو كائن اليوم فقد كان على بن أبى طالب رضى الله عنه قبل توليه الخلافة يمثل ما تمثله اليوم محاكم التمييز التى تملك الحق فى ابرام الأحكام ونقضها.



المبحث الخامس: مكانته من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) :

دلت الأحاديث على مكانة أمير المؤمنين العظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقد خرج الترمذى فى صحيحه فى أبواب المناقب فى مناقب على بن أبى طالب كرم الله وجهه جملة من الأحاديث يستفاد منها مكانته من النبى صلى الله عليه وآله وسلم.

فعن سعد بن أبى وقاص باسناده أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلى: "أنت منى بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبى بعدى"(1). قال هذا حديث حسن صحيح.

وفى حديث طويل خرجه الترمذى فى صحيحه أيضا عن عمران بن حصين قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جيشا واستعمل عليهم على بن أبى طالب، فمضى فى السرية فأصاب جارية، فانكروا عليه، وتعاقد أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا اذا لقينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبرناه بما صنع على وكان المسلمون اذا رجعوا من السفر بدؤوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فسلموا عليه ثم انصرفوا الى رحالهم، فلما قدمت السرية سلموا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر لى على بن أبى طالب صنع كذا وكذا. فأعرض عنه رسول الله صلى الله

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ عارضة الأحوذى، شرح صحيح الترمذى، باب مناقب على، ج 13، ص 175. وفى صحيح مسلم، ج 15، ص 169.

(12)
عليه وآله وسلم، ثم قام الثانى فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الثالث فقال مثل مقالته فأعرض عنه، ثم قام الرابع فقال مثلما قالوا، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والغضب يعرف فى وجهه فقال: ما تريدون من على، ما تريدون من على، ما تريدون من على، ان عليا منى وأنا منه وهو ولى كل مؤمن بعدى"(1).

وله أيضا من حديث أبى الطفيل عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: "من كنت مولاه فعلى مولاه".

وجاء فى صحيح مسلم فى باب "من فضائل على بن أبى طالب رضى الله عنه" ما يلى:...عن سهل بن سعد قال: ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فبات الناس يدركون ليلتهم أيهم يعطاها، قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلهم يرجون أن يعطاها، فقال: "اين على بن أبى طالب فقالوا: هو يا رسول الله يشتكى عينيه، قال: فأرسلوا اليه، فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى عينيه ودعا له فبرأ، حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال على: يا رسول الله، أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال: أنفذ على رسلك حتى تنزل ساحتهم، ثم ادعهم الى الاسلام، واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لئن يهدى الله بك رجلا واحدا خير لك من أن تكون لك حمر النعم"(2).

وفى ذخائر العقبى ذكر الطبرى حديثا عن عائشة رضى الله عنها أنها سئلت أى الناس كان أحب الى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟، قالت: فاطمة، فقبل

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ المصدر السابق نفسه، ج 13، ص 164.

2 ـ صحيح مسلم، ج 15، ص 173.

(13)
من الرجال قالت زوجها ان كان ما علمت صواما قواما(1). خرجه الترمذى.

ونختم فى هذا العنوان بمؤاخاة النبى بين المهاجرين والأنصار ومؤاخاته مع على رضى الله عنه. ففى ذخائر العقبى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه، فجاء على تدمع عيناه فقال: يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بينى وبين أحد. قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنت أخى فى الدنيا والآخرة"(2).

وهكذا نجد مكانة على عند رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم هى المكانة الأولى بين الرجال، حبا واختصاصا بالفضل والتقريب.



المبحث السادس: مكانته العلمية:

ذكر صاحب ذخائر العقبى أنه لم يكن أحد من الصحابة يقول سلونى غيره. وروى عن سعيد بن المسيب قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله يقول سلونى الا عليا. أخرجه أحمد فى المناقب والبغوى فى المعجم وأبو عمر ولفظه ما كان أحد من الناس يقول سلونى غير على بن أبى طالب رضى الله عنه.

وعن أبى الطفيل قال: شهدت عليا يقول سلونى، فوالله لا تسالونى عن شىء الا أخبرتكم وسلونى عن كتاب الله فوالله ما من آية الا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم فى سهل أم فى جبل. أخرجه أبو عمر(3). أ. هـ .

ان تصرف أمير المؤمنين هذا هو تصرف العالم الواثق من علمه، المستشعر لعظم المسؤولية فى تبليغ هذا العلم الذى استودعه، لذلك تراه الناس على السؤال

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ ذخائر العقبى، ص 62.

2 ـ المصدر السابق، ص 66.

3 ـ ذخائر العقبى فى مناقب ذوى القربى، مجد الدين أحمد بن عبدالله الطبرى، ص83.

(14)
لأن العلم بين أمرين بين السؤال والجواب.

لكن ما هو مستند هذه الثقة العظيمة التى تمتع بها أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه ؟

ان مصدر هذه الثقة هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذى قال فيما رواه الترمذى بسنده عن على رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أنا دار الحكمة وعلى بابها"(1).

والذى قال لابنته فاطمة رضى الله عنها عندما دخل عليها وهى شاكية فقال كيف تجدينك؟ قالت لقد اشتدت فاقتى وطال سقمى. قال عبدالله بن أحمد بن حنبل وجدت بخط أبى فى هذا الحديث قال: أو ما ترضين انى زوجتك أكرمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما(2).

وهذه المكانة العلمية لم يكن أحد ينازعه اياها أو يدعى انه أكثر منه علما ولا مساويا له، فقد سلم له الجميع، حتى أن أحدهم كان اذا سئل عن مسألة أشكلت عليه طلب من السائل أن يسأل عنها على بن أبى طالب رضى الله عنه.

فعندما سئلت عائشة عن المسح على الخفين قالت للسائل ائت عليا فاسأله. (أخرجه مسلم)(3).

وهذا ابن عباس حبر الأمة رضى الله عنهما يقول: والله لقد أعطى عليّ تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم فى العشر العاشر(أخرجه أبو عمر).

وأما خير شهادة فى أعلمية على بن أبى طالب فهى شهادة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مارواه على رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى، ج 13، ص 171.

2 ـ ذخائر العقبى، ص 78.

3 ـ نفس المصدر، ص 79.

(15)
وسلم: "ليهنك العلم أبا الحسن، لقد شربت العلم شربا ونهلته نهلا". أخرجه الرازى(1).

ان هذه المكانة قد أهلت عليا رضى الله عنه ليتبوأ دور العالم والفقيه الذى يرجع اليه فى كل أمر، بل والذى يملك حق المبادرة لتصويب الأحكام وبيان الحقائق، وتفنيد الحجج.

ولكننا مع ذلك نلاحظ أنه رغم تمتعه بكل تلك المميزات فانه لم يكن الشخص المرغوب فيه عند البعض، وكان يستبعد وينتقد من قبل أناس لا يساوونه قدرا ولا علما ولا نسبا. وقد شعر أن أصحابه قلة قليلة فأوثر عنه قوله الشهير: "ما ترك لى الحق صاحبا".

ولئن انطلقت الأقوال والاشاعات والمؤامرات ضد على رضى الله عنه فانه كان له فى رسول الله صلى الله عليه وآل وسلم السند والمحامى والمدافع الذى لا شك لحظة واحدة فى أن عليا هو أعلم الناس وأصدق الناس وأتقى الناس.

لذلك كان قوله لمن اشتكوا اليه عمل على: "ماذا تريدون من على، ماذا تريدون من على ماذا تريدون من على ان عليا منى وأنا منه، وهو ولى كل مؤمن بعدى"(2).

وكان يؤكد على حكمته: "أنا دار الحكمة وعلى بابها"(3)، بل انه قال فيه ما لم يقله فى سواه.

فعن زر بن حبيش عن على قال: لقد عهد الى النبى الأمى صلى الله عليه وآله

ــــــــــــــــــــــــــــ


1 ـ ذخائر العقبى، ص 78.

2 ـ عارضة الأحوذى بشرح صحيح الترمذى، ج 13، ص 165 (أبواب المناقب) للامام الحافظ ابن العربى المالكى.

3 ـ المصدر السابق، ج 13، ص 171 (أبواب المناقب).

(16)
وسلم أنه لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق..."(1).

ان الصراع الذى كان سائدا فى مكة قبل الاسلام لم ينته تماما مع مجىء الاسلام ودخول الناس فيه، فقد لعبت القبلية والعشائرية دورها فى عدم انزال على بن أبى طالب المنزلة التى يستحقها عند البعض. فقد صار على رضى الله عنه رمزا لبنى هاشم وهو المقدم فيهم والمبرز علما وورعا والمؤهل للقيادة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان هناك من يطمح ليستولى على هذه القيادة وينتزعها من بنى هاشم. فعمد الى معاداة على والكيد له.

ولعل السبب الأهم فى الجفاء وحتى البغض الذى لاقاه على رضى الله عنه هو بلاؤه فى الحروب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وشدته على القوم.

فكل هذه العوامل ساهمت فى ذلك الجو من الاعراض الذى قوبل به على رضى الله عنه. وهو فى كل ذلك مظلوم فقد وضع الاسلام عليا فى مكانة عظيمة وكان همه الاسلام وكان أعدائه الدنيا ومتاعها.

ولعل القول الذى قاله أبو سفيان فى مجلس عثمان بن عفان رضى الله عنه عندما آلت اليه الخلافة عندما سألهم أفيكم أحد من غيركم؟ (أى من غير بني أمية) فقالوا لا. فقال تمسكوا بها وتلقفوها كالكرة...!

ان مثل هذا الكلام يدل دلالة واضحة على ما أشرنا اليه.

ولكن رغم كل ذلك فقد كان الناس محتاجين الى علم على وفقهه وحكمته وقضائه، ولم يكن هو يحتاج لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
__________________
[SIGPIC][/SIGPIC]
الذيب القاتل غير متصل   الرد باقتباس


إضافة رد

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 09:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)