[د. صالح التويجري]

بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة سافر وأنت مقيم 27/6/1428هـ

الخطبة الأولى// ان الحمدلله .....
أما بعد.. الخطبة ليست بهذا الوقت لاستقصاء كل فقرات الموضوع وإنما هي إشاراة سريعة وعبارات مضغوطة ليتولى كل منكم شرحها بنفسه وحسب قدراته
أيها المسلمون إن مرجع كثير من المشكلات الدينية أو الاجتماعية أو الأخلاقية والسلوكية في فترات الإجازات الصيفية ذلك الفراغ الهائل الذي يخيم على أكثر الناس في هذه الفترة فما الاجازة عند أكثر الناس إلا كمٌ كبيرٌ من الوقت الفارغ الذي لا يحسن استعماله ولا تصريفه فهي أوقات سائبة وطاقات معطلة من خير الدنيا أو الآخرة ولقد صدق رسول الله  حين قال: (( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ))
(أيها المؤمنون إن الفراغ نعمة مهدرة مضيعة عند كثير من الناس بل هو سبب كثير من المفاسد والشرور الدينية والدنيوية فمن ذلك:
أن الفراغ المهدر سبب لتسلط الشيطان بالوساوس الفاسدة التي ينشأ عنها كثير من الانحرافات والمعاصي فنفسك إن لم تشغلها بالحق والخير شغلتك بالباطل والشر.
أيها المؤمنون إن الفراغ السائب سبب لكثير من الأمراض الجسمية والنفسية الحسية والمعنوية فحق على كل مؤمن أن يأخذ بما أمر الله تعالى به وبما أوصى به النبي : ((اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك، صحتك، فراغك، غناك، حياتك )
ـ الحياة قصيرة فلنمد رواقها بالآمال والفأل واستنطاق الماضي الجميل.
ـ تذكر وأنت تحزم الأمتعة وتختار الرفقة سفر الآخرة الذي متاعه العمل الصالح ورفقته كفن يبلى. وامتداده ولد صالح يدعو لك
.
ـ في سفر الأسرة فرصة اللقاء بالأهل في مختلف الأحوال.
ـ كتابة تقارير ورؤى عن مشاهداتكم والتعليق عليها.سلبيا او ايجابا فتربية المواقف والاحداث تحفر اخدودا في الذاكرة لا ينسى الحذر من العبث بالمنافع العامة واحترام خصوصيات الآخرين إذ لا خير في حرية تلغي الحقوق أو تجني على القيم .
ـ سافر وأنت مقيم قاعد اعتدنا في العقود القليلة الماضية مشاهدة أفلام تتحدث عن فكرة السفر في الزمن أو قراءة روايات تستعمل في حبكتها الروائية نفس المبدأ. أناس يتنقلون من الحاضر إلى الماضي إلى المستقبل، يغيرون مسارات الأحداث الماضية فتتغير معها أحداث الحاضر وبالتالي المستقبل..استرجع الذكريات من اعماق الزمان اقرأ التاريخ وسير الأمم السابقة .. وسافر إلى الأمام بقراءتها من جديد وان طال عليك مقامها فاقرأ أشراط الساعة وأهوال القيامة تجد احداثا لا تنقضي عجائبها ليس للتسلية بل للعمل(حكمة (نحن نتعلم لنقرأ، والغرب يقرأ ليتعلم)
ـ هل قرأت عن أشراط الساعة وما فيها من عجائب ومعجزات وكرامات، ذاك سفر زاده القراءة والإيمان والعمل الصالح. ففي الفتن والملاحم معارك قادمة فإن ضاق بك الواقع ففي الأمل المشرق الفسيح بوارق نصر فقد بقي من فتوحات الإسلام فتح روما وغطرسة اليهود اليوم سوف تحسم على نهر الأردن وفريق الغمغمة المهزوم المأزوم بتبعية الغرب الجبان عن الافاصاح سوف يتعرى اذا خرج الدجال وتبعه المنافقون من النساء والرجال
سافر إلى الأمام إن السفر إلى المستقبل ممكن نظرياً و لا يمنعنا من الوصول إليه سوى القدرة على إنشاء وسائط سفر متفوقة المستقبل سيحمل الكثير من الإنجازات و النجاحات.فالنصوص القطعية حاسمة * والعلوم الفيزيائية لا تتوقف عن التطور يوماً بعد يوم.
هل تعلم شيئاً عن أحداث المستقبل العظام، من أحوال وأهوال القيامة في كتب التفسير تأملات حول مطلع سورة التكوير والانشقاق والبروج والمرسلات، قيام الساعة والصعق والبعث والنشور والحوض والميزان وتطاير الصحف والعرصات والصراط والأنبياء حوله يقولون اللهم سلم سلّم. والناس يمرون فمخدوش ومسلم
سافر إلى الجنة وما فيها من النعيم المقيم مهما عشت لن تمله: (لا يبغون عنها حولا).حور وقصور أهل وحبور غلمان وشراب قطوف دانية جزاء بما اسلفتم في الايام الخالية
سافر إلى أهوال النار وما فيها من شراب المهل والصديد وطعام الزقوم صراخ وعويل وسؤآل جوابه ثبور لانكم اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها.
هل سافرت إلى الوراء؟ .
حين تقلب صفحات التاريخ وما فيه من أمجاد يسرِّي عنك استحضارها، وأحداث يُجمك استنطاقها.
ماذا عن نزول الوحي الذي هو الحياة الحقيقية لهذه الأمة وما فيه من البشائر المستقبلية وأخبار الأمم الغابرة؟المسلي والمخيف( لقد كان في قصصهم عبرة لاولي ماكان حديثا يفترى ). هل قرأت الفتوحات الإسلامية وامتداد رقعة الإسلام إلى أرجاء المعمورة. وهل قرات في اسفارك آثار الامم الهالكة ومصارع الطغاة والجبابرة ( ذلك من انباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد ) وحين زرت بلادنا في الاندلس وخوارزم وماوراء النهر هل تحرك قلبك لمآثر الفاتحين الذين لهم بصمات في جبين الزمن فآسيا الوسطى وبقاع من اوربا وتركيا مآذن ومنابر وبقايا من مسميات حولت الى ثراث او مواخير
كتب التاريخ والتراث مليء بالدروس والعبر ومشاهد الاجتماع والافتراق فا القراءة زاد يقوي فيك الانتماء ويصلك بالماضي العريق وإن زهد به واشمأز من ذكره المولعون بالحداثة والتجديد والتغريب حتى غدا الماضي عقدة عندهم يرونه قفصاً ونحن نراه فضاءً.
ـ الزمن هو البعد الرابع للكون. فأملأه بما تحب ان تلقاه غدا سوف تجد خيراً وأنت مقيم. فهل تسافر وانت حاضر
سافر في أعماق الزمان الحاضر والمستقبل.
أجر مقابلة مع عظماء التاريخ ورؤية أحداثه الكبرى التي شكلت الحاضر.
تلك ليست خيالاً علمياً أو طرحا سطحيا، هي حقائق حفرت في الزمن أخاديد لا تنسى ولكن دون أن نحبس أنفسنا في الماضي ونجتر المآسي والأحزان التي تقعد بنا عن الانطلاق إلى آفاق المستقبل.
ـ اقرأ عن البلد الذي سوف تسافر إليه، ومعالمه وآدابه ونظامه. فكثيرا من نتجاوز حدودنا او يبتزنا غيرنا لاننا جهلة بالنظام
ـ السفر واستنـزاف الرصيد العاطفي. نبذل اموالا طائلة وندخل السرور طوال الرحلة وفي العودة يبدأ السحب من الرصيد ويكون سوء الختام افلاس مادي وروحي وعودا عنيفا تتساقط فيه اوراق الشوق لماذا لان الرحلة طالت فضاع الهدف اوتجاوزنا فيها المشروع الى الممنوع
ـ ـ السفر لا يعني التحلل من القيم * أنت حين تسافر تحمل قيمك ومن تنتسب إليه.فهل انت مستعد لتمثل امة وليست دولة او اسرة فحسب ان سفراء الاسلام شرفاء ينأون بانفسهم عن مواطن الريب ويختارون معالم البلدان وسواهم يتسللون لواذا وكما قيل (نزلنا الكوفة بليل فنزل الابرارعلى الابرار والفجار على الفجار)
لابد من هم وغم فحذار أن تتداوى بالتي كانت هي الداء إن من يهرب من الأزمة إلى أوهام الأنس سوف يتردى من شاهق على جبل اطم فلا مفر من الله إلا إليه ومن يتق الله يجعل له مخرجا
إن ضل قلبك لحظة في سراديب الألم ..
أو جاءك خبر اليقين بأن حلمك انهدم ..
أو تهت في صحراء موبقة..
ورجعت تبكي من ندم ..
وعجزت عن تفسير ما يأتيك من الوهم ..
أقمـــ الصلاة فـنـورها سيضئ دربكـ في الظلم
السفر مضنة الوحدة والخلوة والشيطان ينصب شراكه في لحظات الضعف البشري وانت لحم ودم لا طاقة لك بمواجهة المغريات(اذامالخلوت الدهر يوما ** فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب **ولا تحسبن الله يغفل ساعة **ولا ان متخفي عليه يغيب

[السديم]

بارك الله فيك شيخنا الفاضل وجعل ماقدمت في موازينك

[Aغــلـــوز A]

لاإله الا الله محمد رسول الله,, اتمناء لك التقدم