بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » المفكر إبراهيم السكران ساخرًا [ يا كتابنا: الإصلاح في السعودية.. ليس مسألة فقهية ! ]

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 14-10-2008, 07:30 PM   #1
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751
المفكر إبراهيم السكران ساخرًا [ يا كتابنا: الإصلاح في السعودية.. ليس مسألة فقهية ! ]



.

أحب المفكر العاقل المجرب وهو يوجه بكلامه الرصين بعض العقول التي تنتج البلاوي المتلتة.. وهي تحسب أنها تحسن صنعها، وربما بنت حياتها على هذا الظن.. ودخلت في مليارات الأرقام البشرية الذين غادروا الدار الفانية وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا !

ويعجبني أيضا إذا اقترب المفكر من مجتمعه، وأخذ بسرد الأمور [ على بلاطة ].. فإنه بذلك يختصر الكثير من الأمور المزعجة التي قد تصدر عنه إذا حلق بعيدًا وأيضا من غيره إذا حلقوا بعيدًا في الرد.

قبل مدة كنت أقرأ لقاء للدكتور المفكر محمد الأحمري وهو من هو في ثقافته العالية وخبرته الواسعة التي نهلها من الثقافة العربية والإسلامية في بداية حياته وخلالها، وأيضا من الثقافة الغربية من خلال المتابعة والمعايشة في أمريكا سنوات طويلة جدا، قرأت له هذه الأسطر وهو يحذر من أمر نحسّ به لكننا لم نستطع جمع ما يتعلق به من أفكار في مصطلحات مختصرة، لكنه -وبتوفيق الله تعالى- قالها ففرج عن أفكارنا وهمومنا.

قال في سياق الحديث عن مجتمعنا: [ الشيء الجدير بالذكر أنه يتحقق بلا وعي نمط تدين وتثقيف جديد يمتد بلا وعي وبنعومة في ثقافة المجتمع القديمة وطريقة تدينه، بسبب الثراء والاستقرار، تدين ناعم رقيق أو خلوق (أو مجامل) وسلبي، مستنكر للطابع القديم، يطمح للتجديد وللإصلاح بخجل، لم يبن أفكاره بعد، ولكنه ناتج من سلوك التمدن لا من فكرة مسبقة ] فعلا.. البعض بوجوده أو بكلام يصدر منه يختصر الكثير من الأفكار التي تدور في رؤوسنا وتجول، ويرتبها ثم يسقيك منها -بتنسيقه وبيانه- على مهل حتى تستوعب وتفهم، بعد قراءتي لهذه الكلمات أدركت سر تصرفات بعض الكتاب الذين كنت أجزم أنه لا يدفعهم فكر منحرف كالليبرالية ونحوها، إنما يدفعهم شيء آخر.. أتصور اللون الوردي حين أفكر به، فإذا كلمات المفكر الأحمري تخترق ضبابية هذه الأفكار.. وتختصرها في جمل واضحة، قلت عنها بعد أن قرأت كلامه:

[ نعم يا دكتورنا الفاضل: تدين ناعم رقيق إلا على العلماء وأهل العلم وطلبته،
يستسذجون [ التدين ]،
ويجمع بين بعضهم كره النهي عن المنكر وغيابه عندهم !

عندهم أن [ التدين ] الذي يأخذ الكتاب بقوة عبارة عن (حماس) كان يغمرهم في الطفولة والمراهقة.. ثم خفت، وفي نظرهم أنهم أصبحوا أكثر اتزانا،
أو أن ذلك التدين هو في حقيقته تشدد وحشي يغمر السذج من الناس.. لا تحتمله مشاعرهم الرقيقة،
ماكو مشكلة يطالعون المسلسلات،
هَم ماكو مشكلة ينفتحون على الإعلام الذي لا يراعي حرمات الله،
ترحم على غض البصر،
ترحم على ترك الغيبة،
ترحم على الاعتزاز بالمظهر !

تكلم عن بعض المعاني المفقودة في حديثٍ عن (التقوى) و(الصبر) و(الثبات) و(غض البصر) سيستثقلونها،
ثم اربط كلامك بمرابط الواقع المثير سياسيا واقتصاديا وثقافيا.. سيتراقصون على مفرداتك !
]


*********************

ماعلينا.. مو هذا الموضوع، نحن اليوم مع المفكر إبراهيم السكران الذي مال -يوما من الأيام- إلى بعض الأقوام الذين نكصوا على أعقابهم أو كانوا ناكصين منذ البداية، وأخذوا يحاولون هدم المجتمع المسلم بآراء معجبة حد الثمالة بالغرب أوله وآخره وظاهره وباطنه، يسبحون بحمده وكفره وألوانه وحسناته وسيئاته.. لا يفترون، لكنه عاد إلى عزة المسلم بدينه وراجع كتاب ربه وكلام علمائنا وسلفنا ثم أعمل عقله وجلد عقول الفاسقين بكتابه الإلكتروني الرائع الماتع المهم المؤثر جدا:

مآلا الخطاب الديني
http://www.saaid.net/book/9/2444.zip

هذا الكتاب الإلكتروني الذي لم أقرأ نقدا مباشرا لواقع الحراك الفكري والثقافي الآخر (الشاذ) وحتى الحراك (الشهواني) المضاد للفضيلة في مجتمعنا.. أكثر جودة منه، فقد كفى ووفى.. جزاه الله خيرا وبارك في وقته وفكره.

ما أدري ليش تذكرت مقال الرائع محمد الرطيان من شرفاء كتابنا في مقاليه الساخرين:
ورقة مُهربة من: "مذكرات داشر سابق"!! - الجزء الأول
http://www.alwatan.com.sa/news/write...no=2640&id=864

ورقة مُهربة من: "مذكرات داشر سابق"!! - الجزء الثاني
http://www.alwatan.com.sa/news/write...no=2640&id=984

واليوم قرأت مقالا طريفا جدا، ولاذعا أيضًا للمفكر إبراهيم السكران بعنوان [ الإصلاح في السعودية.. ليس مسألة فقهية ] يسخر فيها بانتقاد صارم تلك الجمل المعلبة التي يقول عنها في مقاله: (أنني تشبعت تماماً بمثل هذا الكلام .. وأصبحت أحفظ بعض مقطوعاته عن ظهر قلب)، وله الحق في ذلك فإنني أقرأ لبعض الكتاب من أولئك المساكين جملا معلبة بذاتها لم تتغير أبدا عن التي كان يقول بها أسيادهم الهلكى قبل 30 إلى 80 سنة.. نفس الاتهامات.. نفس الألفاظ الشتائمية.. وعلى بالهم أنهم منفتحون ولعلهم يطمعون بمكان بين صحف وطننا.. إلخ تلك السيرة الذاتية التي لا تختلف أبدًا بين أولئك الأشخاص.. تشابهت قلوبهم وعقولهم وأفكارهم بسيء الأمور، وواحدهم يحسب أنه عبقري زمانه.

طبعا المقال يدور حول تعليق مصائب التنمية وغيرها على [ المشايخ وأهل العلم ] وإلهاء الشعب بالمصطلحات الشتائمية كـ [ المتطرفين ] و[ المتشددين ] وأنهم سبب مصائبنا، كما يقول الأستاذ حسن مفتي ساخرًا في رد على الأحمق الذي قال أن الصحوة سبب في تفشي المخدرات: (مثل هذه النظرات التي تحاول النفاذ إلى ما وراء أعماق الظواهر الاجتماعية, وتحاول الكشف عن المساحات الجرداء من التفكير العلمي, تستحق التنويه والدعم, وإبرازها كنماذج مهمة للتفكير العلمي التحليلي العميق.. ويمكن أن نعرض -على سبيل التمثيل فقط لا على سبيل الاستقراء- لموضوعات مشابهة, تنتظر آركيولوجيا التحليل, وإزميل التفسير العلمي, والحرث المعرفي في هذه المناطق الخصبة والغنية بترابطات وعلاقات مضمرة لا يستوعبها كثير من الناس, فمن العناوين المقترحة في هذا الصدد:
-علاقة الصحوة بانهيار سوق المال.
-أثر المطوية الصحوية في ظاهرة نفوق الإبل.
-تأثير المسواك الصحوي في تغير الشكل الجغرافي للجزيرة العربية.
-دور الضغوط الصحوية في نزول “آيات الحجاب”.
-الخلفيات الصحوية لخروج آدم من الجنة.
-الترسبات الصحوية في عقلية ابن كثير وتفسيره.
-المضمون السياسي في العبارة الصحوية “جزاك الله خير”.
)

ويتجاهلون الأسباب الفعلية التي خلفت هذه المصائب.

في هذا المقال يتناول المفكر السكران كل ماذكرت بأسلوب ساخر، صادر عن رجل ملم بما يذكره من اتهامات مع الرد عليها.

كما ذكرت.. المقال ساخر ويستحق القراءة، وتجدونه على هذا الرابط من صحيفة سبق الإلكترونية/
http://www.sabq.org/inf/articles.php?action=show&id=746


__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل  


قديم(ـة) 14-10-2008, 07:32 PM   #2
الثائر الأحمر
عـضـو
 
صورة الثائر الأحمر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2006
البلد: بعيدًا عن "خبيب"!
المشاركات: 751




الاصلاح في السعودية .. ليس مسألة فقهية

أطالع بين الحين والآخر مقالات يكتبها بعض الشباب السعودي المثقف.. سواء في الصحف أو في المنتديات السعودية.. يتحدثون فيها عن ضرورة 'الاصلاح الديني' ..

وأن التنمية تمر أولاً من بوابة (التغيير الديني) ..

وأن جوهر المشكلة في مجتمعنا تتركز في (التصور الديني) ؛ ولذلك فلابد من البداية بتطوير هذا التصور الديني ذاته ..

ويتم في هذا السياق استجلاب حقب تاريخية (كعصر الأنوار مثلاً) للتدليل على أولية هذا المدخل ..

وبعضهم يردد العبارة الطرابيشية (لن يوجد فولتير عربي قبل لوثر مسلم) وهو تكثيف بلاغي يركز هذا الايمان المطلق بهذا المسار التاريخي في التراث الغربي..

وأننا لايمكن أن ننهض إلا وفق (منظور ديني) جديد ..

وسيل من المشاركات الشبابية الإلكترونية واحدة تلو أخرى حول دور المشائخ التقليديين في عرقلة التنمية، ودور المتدينين في توريط المجتمع في حالة المعاناة والبؤس الاجتماعي الخ..

والحقيقة أنني تشبعت تماماً بمثل هذا الكلام .. وأصبحت أحفظ بعض مقطوعاته عن ظهر قلب ولله الحمد.. وتأثرت به كثيراً لدرجة أن فكرت مرة أن لا أترحم على البخاري ومسلم وابن قدامة وابن تيمية حين يرد ذكرهم.. بسبب ماتسببوا فيه من هذه المعاناة الاجتماعية..

فمن غير المعقول أن يتواطأ كل هؤلاء الكتاب على تأكيد هذه الحقيقة .. وتصبح في النهاية مجرد وهم ..

وفعلاً .. بدأت أبحث عن دور ابن كثير وجماعته في مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية..

وأخذت أتأمل 'ملفات التنمية':

هل كان المشائخ هم اللاعب الرئيسي فيها فعلاً؟

هل البعد الديني هو المؤثر الجوهري في الموضوع؟

من المؤكد أن هؤلاء الكتاب رأو شيئاً لم أره .. فيجب البحث عنه..

والحقيقة أنني وجدت قضايا الاصلاح والتنمية المطروحة على مستويين:

إذا كانت قضايا الاصلاح والتنمية هي (قيادة المرأة، وبطاقة المرأة، وتوسيع الاختلاط، والحفلات الموسيقية، والسينما، وحرية التجديف السردي، الخ)

فأعترف بكل وضوح أن المشكلة هاهنا 'مشكلة دينية' فعلاً ..

وأعترف تبعاً لذلك أن الصحيحين والمغني وفتاوى ابن تيمية هي المسؤول الأول عن حالة الممانعة الاجتماعية ضد هذه الملفات .. حيث قدمت هذه المصادر مفاهيم وتصورات دينية تتحسس تجاه هذه القضايا ..

لكن إن كانت قضايا الاصلاح والتنمية هي قضايا (الاسكان، والتعليم، والصحة، والمواصلات، والتضخم، والدين العام، والفساد الاداري، الخ)

فلست أدري أين الاشكالية الفقهية هاهنا ياترى؟

ولنكن واقعيين أكثر .. ودعونا نطالع (الأسرة السعودية) ومعاناتها الحقيقية:

يشارف الفرد السعودي اليوم على التقاعد وهو لم يتمتع بمسكن خاص..

وحين يصل الابن لمرحلة الثالث ثانوي تعلن حالة الطوارئ بحثاً عن قبول جامعي..

وحين يتخرج شقيقي تبدأ العائلة كلها في استجداء كل العلاقات حتى الجد العاشر بحثاً عن واسطة توفر له أية وظيفة .. أية وظيفة ..

وحين تمرض والدتي لا ألجأ إلى الواسطة فقط .. بل ألجأ إلى (الواسطة بالأسانيد) يعني واحد يعرف واحد، وهالواحد يعرف آخر، لين نصل إلى شخص مقرب من مدير المستشفى ليوفر لها سريراً ..

وتنخفض القوة الشرائية لراتبي مقابل ازدياد قيمة السلع .. وراتبي هو هو لم يتغير ..
وتزداد الطرق كل صباح اختناقاً مرورياً ..

ويتناقص الأمن بصورة مرعبة تبدأ بالأحياء الفقيرة والمكتظة حتى تصل إلى أحياء الطبقات الوسطى .. ليصبح كسر السيارة والتهام كل محتوياتها بما فيها حاسوبك الشخصي الذي يحوي كل ملفاتك وأعمالك = أمراً عادياً لايستدعي من الضابط الذي يتلقى البلاغ إلا أن يشعرك ببروده أن قضيتك عادية جداً، وتصير كل يوم كم مرة، ولاتكبر الموضوع يعني..

وأكثر ساعات قراءتي هذه الأيام تكون في اليوم الذي أراجع فيه وزارة من الوزارات.. لأن ساعات الانتظار الطويلة تتسع لجرد أغلب الكتاب ومشاهدة المارة بالقدر الكافي جداً..

وحين أصل المطار قبل نصف ساعة .. يشيح الموظف بوجهه عني ويقول 'الرحلة قفلت'.. وفي الرحلة التي بعدها يؤخروننا ساعة كاملة لأن أحد أبناء الذوات اتصل بهم من جواله الشخصي وقال إنه في الطريق ..
الخ .. الخ .. الخ ..

بالله ياسادة .. إشرحوا كيف استطاع الصحيحان وابن قدامة وابن تيمية خلق كل هذه الأزمات ؟

أين الاشكالية الفقهية التي تسببت في تراكم هذه المشاكل المعقدة ؟

حسناً .. لنمارس شيئاً من الخيال .. افترض أننا استطعنا فعلاً منع 'الصحيحين والمغني وفتاوى ابن تيمية' من إعادة طباعتهما ومنعنا تداولهما قطعياً.. ووزعنا بدلاً منهما 'فتاوى شحرور وجمال البنا' .. وتجاوز الناس كل محرمات الاسلام.. ولم يعد هناك أي حواجز شرعية ضد أية ممارسة:

فهل سيتوقف نفوذ علية القوم في القضاء تلقائياً؟

وهل سيتوقف الاقطاع العقاري لأبناء الذوات؟

وهل ستتوقف حالات اجتياح شركات رجال الأعمال الناجحين وفرض المشاركة عليهم جبراً؟

وهل سيتوقف صراع اقتسام الكعكة بين الأجنحة المتنافسة على السلطة؟

وهل ستتوقف حمى ارتفاع الأسعار؟

لنكن عقلانيين .. ثمة دول ومجتمعات 'لادينية' بكل ماتحمله الكلمة من معنى.. أي لاتعير الدين أصلاً أي اهتمام.. كبعض مجتمعات شرق أوروبا وأفريقيا.. ومع كل هذه النزعة المحايدة تجاه الدين= نجدها تعاني من فساد ضخم ينخر أجهزة الدولة.. وخدمات في غاية السوء.. وحالة أمنية مزرية..

افتراض أن (التساهل الفقهي) هو الذي يجلب (التنمية) اختراع سعودي مضحك ..

وافتراض أن إعادة تفسير النصوص لتتناسب مع المفاهيم الغربية هو الذي سيصلح لنا من أزمات الاسكان والصحة والفساد .. هذا كله مجرد إضاعة وقت، واستفزاز لمشاعر المتدينين فقط..

بل هو تضليل للوعي الاجتماعي عن مصدر الكارثة الحقيقية .. وهذا التضليل يصب في مصلحة المتنفذين طبعاً .. ولذلك يدعمون هذا النوع من الكتاب ..

ثمة مجتمعات 'كافرة' أصلاً لاتدين بأية شريعة سماوية .. ومع ذلك تعيش الأكثرية فيها بأحط مستويات دخل الفرد .. فهل صنع لها هذا الانفلات الديني 'تنمية' ؟!

أكبر خديعة معاصرة ابتلعها الشاب السعودي المثقف هي إيهامه أن 'مصادر التراث هي التي صنعت أزمة التنمية' !

وهذه الخديعة بالذات هي أكبر خدمة تلقاها المتنفذون على مر تاريخنا المحلي ..

حين يستطيع المتنفذون تصريف طاقة النضال في الشاب من الشجاعة في الصدع بالحق في وجوه الظلمة إلى الشجاعة في التجرأ على عقيدة المجتمع ذاته.. فهذا مكسب سياسي لامحدود..

فأفضل وسيلة للاحتفاظ بالنفوذ (تغذية النزاعات الخفيفة المحدودة والمحكومة استراتيجياً) كما كان يقول العم كيسنجر (Low intensity conflicts) .

لكن من أين جاء هذا الوهم ياترى؟

أقصد كيف تصور هؤلاء الشباب المخدوعون أن المشكلة التنموية هي مشكلة دينية في الأساس؟

ربما من مصادر هذا الوهم النقل الحرفي لتجربة عصر الأنوار في التراث الغربي باعتبارها مسار حتمي ..

ومع ذلك ففي تقديري أن أهم عوامل هذا الوهم الشائع هو (التصور المبالغ فيه لنفوذ المشائخ) في مجتمعنا ..

البعض يتصور أن المشائخ عندنا قادرين على تحريك خيوط اللعبة كلها .. وأنهم لو ضغطوا باتجاه ما .. لسارت الدولة في هذا الاتجاه .. وتفريعاً على تغولهم السياسي هذا فالمسؤولية مسؤوليتهم ..

وأن المشائخ لو أججوا الشارع للمصالح الشعبية لتحققت ثورة نهضوية، ونحو هذه التصورات البسيطة جداً ..

والحقيقة أن هذا –مع كل احترامي- تصور طفولي مبالغ فيه جداً ..

لايمكن لأي دارس للحالة السعودية إلا أن يوقن أن 'الدولة' هي اللاعب الرئيسي والحقيقي في بيئتنا المحلية .. وأن كل القوى الأخرى قوى ثانوية جداً ..

بل وفي خاطري أن أقول هي اللاعب الوحيد أصلاً، لكني خجلت من تهمة المبالغة فقط..

لنحاول أن نقرأ هذا النفوذ الموهوم للمشائخ .. تعالوا لنقرأ أهم القضايا التي تحمس لها المشائخ وماذا استطاعوا أن يحققوا منها :

أكثر قضية حساسة في وعي كل مسلم هي 'الربا' .. ومع كل التعبئة الاجتماعية ضده فرضه النظام حيث كان يعنيه الأمر .. ووفر له أقوى الأجهزة الإشرافية..

بذل المشائخ من أيام حظوتهم كل الفتاوى الغليظة ضد 'التنباك' و 'الشيشة' .. ومع ذلك تصادفك لياتها المتدلية في كل زاوية على الشارع.. وتعرض عليك بكل نكهاتها .. وتوفر البكتات لطلاب المرحلة المتوسطة والثانوية !

وتحرك المشائخ بكل مافي وسعهم لمقاومة 'الحفلات الغنائية' .. ومع ذلك بقيت جزءاً من الفعاليات الصيفية كل سنة..

وظل المشائخ يقاومون عقود التأمين التجاري.. وصار اليوم 'إجبارياً' ..

وصنع المشائخ كل مافي وسعهم لمقاومة 'توسعة المسعى' .. ومع ذلك فرضه النظام حين أراده..

واجتمع العلماء والدعاة كلهم، ووقعوا على مايشبه الميثاق الاصلاحي حينها 'مذكرة النصيحة' ، والتي شملت جميع مرافق الوطن ..

ومع ذلك تعرض كل مهندسي المذكرة إلى تطورات سلبية في حياتهم الشخصية.. وانفض السامر!

بالله .. هل لازال هناك من يصدق حكاية نفوذ المشائخ!

وبالتالي فإن أول قواعد الاصلاح السياسي هي أن (المسؤولية على قدر السلطة) وطالما أن الفقهاء في مجتمعنا لايملكون النفوذ الموهوم .. فهذا يعني أن التفكير من خلال هذا المدخل إمعان في الوهم..

وهذا يعني أن أولئك الشباب المساكين الذين أضاعوا أوقاتهم، وأوقاتنا معهم، في قضايا إعادة قراءة النص، وإعادة تأويل الاسلام، والارتياب في معطيات المصادر الشرعية، أنهم كلهم يخدمون مصالح المتنفذين بصورة غير مباشرة ..

لماذا؟ الجواب وببساطة .. لأن تحريف 'النصوص الشرعية' لن يجعل الأمة مكتوفة الأيدي تقرأ بتبسم وبرود .. بل سيتحرك الغيورون ليدافعوا عن دينهم أولاً .. قبل أن يدافعوا عن مصالحهم المدنية ..

أرأيتم كيف أن ترهات التأويل الديني تضر الاصلاح أكثر مما تنفعه ..

ولذلك لطالما كنت مؤمنا أن المسؤول عن تراجع الاصلاح السياسي ليس هو النظم العربية الفاسدة فهي أضعف من كبت اندفاع الشباب.

والاصلاحيون السياسيون أيضا ليسوا ممنوعين عن الاعلام فهم يستضافون في الحوارات الفضائية، وتنتشر مقالاتهم في شبكة الانترنت.

فلماذا انسحب كثير من الشباب المسلم عن دعاة الاصلاح السياسي؟

ولماذا تراجع وهجه هذه الأيام؟

المسؤول عن تراجع الاصلاح السياسي ليس هو النظم العربية الفاسدة, وليس هو الشخصيات الحكومية, وإنما المسؤول الرئيسي عن ذلك هم الاصلاحيون السياسيون أنفسهم!

نعم .. هذه حقيقة يجب أن نعترف بها لكي نتمكن من معالجتها بشكل صحيح.. إذا كان فينا شعرة حمية وغيرة على الاصلاح السياسي فيجب أن نعترف بهذه الحقيقة لكي نعالجها.

فكثير من المنتسبين للاصلاح السياسي جعلوا الاصلاح السياسي نقيض الاصلاح العقدي.

وكثير من المنتسبين للاصلاح السياسي -تحت وطأة رغبتهم في حشد الاهتمام للاصلاح السياسي- تورطوا في تسفيه بقية الاهتمامات الشرعية الأخرى من عقدية وفقهية .. مما سبب ارتياب كثير من الشباب المتدين في هذا الاتجاه ..

والبعض يقول إن مسؤولية الفقهاء تكمن في 'كونهم أشغلوا الأمة بفتاوى العبادات والمعاملات عن قضايا الاصلاح السياسي' ..

وهذا طرح في غاية التبسيط .. لأنه هذا كمن يقول للمربين: أشغلتم الناس بقضايا الأسرة والطفل عن قضايا الإصلاح !

أو من يقول للاعلاميين: أشغلتم الناس بأخبار العالم عن قضايا الاصلاح!

أو من يقول للأدباء: أشغلتم الناس بالشعر والقصة عن قضايا الاصلاح!

أو من يقول للرياضيين: أشغلتم الناس بالرياضة عن قضايا الإصلاح!

وهكذا .. دواليك ..

فهل يقول هذا عاقل!

الفقيه له دور واضح يجب أن يقوم به وهو 'بيان الموقف الشرعي في عبادات ومعاملات الناس'..

وبقية الخبراء والمتخصصين والقياديين والسياسيين في الأمة لهم أدوارهم الخاصة ..

هل هذا يعني أن الناس إذا سألوا عن كيفية طهارتهم، وصلاتهم، وطوافهم، ونسكهم، وذبحهم، وبيعهم، ورهنهم، الخ فيجب أن يقول لهم الفقيه:

أولاً عيب عليكم تسألون عن الصلاة والربا والغرر بينما المجتمع يعاني من مشكلات الإسكان!

اذهبوا أولاً وقبل كل شئ واضغطوا شعبياً لأجل مصالحكم ثم تعالوا اسألوا عن الصلاة والربا والغرر!

هذا إزراء بأهمية أحكام القرآن ذاتها !

المهم ..كل الذي أردت أن أصل إليه في هذه الخاطرة أن:

(الاصلاح في السعودية .. ليس مسألة فقهية بل إرادة سياسية .. وكل طرح بخلاف ذلك تضليل للوعي).

إبراهيم السكران
باحث شرعي
__________________
يا صبر أيوب !
الثائر الأحمر غير متصل  
قديم(ـة) 16-10-2008, 06:15 AM   #3
Moonlight
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Feb 2008
المشاركات: 296
أما الذين يرون أن طريق التنمية هو بوقف النفوذ الديني فلقد رد عليهم الشيخ سعد آل بريك

وأوضح أن مرجع اعتقادهم هذا هو اسقاطهم لتاريخ أوربا علينا عندما ثار المجتمع الأوربي على كهنتهم ورموزهم

الدينية الواقفة ضد العلم

وهذا إجحاف وظلم لأن ديننا هو دين العلم وطلب العلم

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه
Moonlight غير متصل  
قديم(ـة) 16-10-2008, 09:28 AM   #4
رنـد
عـضـو
 
صورة رنـد الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
البلد: في غـزة قلبي و هاجسي
المشاركات: 221
زيف دعوات الإصلاح الديني ، عرفها الجاهل قبل المتعلم – ولله الحمد - .
وأولياؤها هم أول من يجزم ببطلانها !
ولكن الإنسان الفاشل ، مولع بتعليق أسباب فشله على إحدى الجهات ، ليقنع الآخرين بأن في الإمكان أفضل مما كان لولا وجود هذه الجهة !

وينطبق ما ذكرتُه على أرباب دعوات الإصلاح الديني ، فهم يعون الفساد الحاصل في البلاد [ بجميع أنواعه ] ، ولا يستطيعون تجاهله ، وما بيدهم إلا تحميل سبب هذا الفساد لأحدٍ ، أياً كان !!

وبالطبع ليس لهم التكلم بحق الجهات العليا و السلطات و المسئولين الكبار و البشوات و من على نمطهم ، ممن لهم حماية خاصة وذنبهم مغفور ولو كان بحق شعب !
لذا لم يتبقَ إلا الدين ورموزه وإن كانت أعلى سلطة دينية في البلد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !
لقد أصبح ديننا و محافظتنا ، هو مشكلة المشاكل و قضية من لا قضية له !!
فأحد الكتاب الصحفيين شغوف بالحديث عن الإصلاح الديني في السعودية ، ودائماً ما يكتب لأجله المقالات المطولة ، وبلده يزخر بقضايا الفساد اللا منتهى لها !!
لقد تجرأ الغريب قبل ابن البلد على انتقاص هذا الدين ، فلهف نفسي لو كان بيد الجهات الدينية سلطة ما أو قرار يستدعي أن يكونوا الشغل الشاغل ، لأنصفوا أنفسهم و أخذوا بحقهم أولاً ، ثم بادروا بتنمية المجتمع .

أشكرك على ما كتبت ، وعلى النقل الموفق .


__________________
قال الأعمش : حدثني عمرو ، عن خيثمة ، عن عدي بن حاتم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : [ اتقوا النار . ثم أعرض وأشاح ، ثم قال : اتقوا النار . ثم أعرض وأشاح ثلاثا ، حتى ظننا أنه ينظر إليها ، ثم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة ، [mark="0099FF"]فمن لم يجد فبكلمة طيبة[/mark] ] رواه البخاري .
رنـد غير متصل  
قديم(ـة) 16-10-2008, 07:47 PM   #5
همام بن حارث
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 131
من أروع المقالات التي قرأتها ..


للرفع .. رفع الله قدرك .
همام بن حارث غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 06:46 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)