[الواقعي 9]

بسم الله الرحمن الرحيم
العرب أمة اشتهرت بالفصاحة والبلاغة وقد كان من حكمة الله تعالى أن يرسل لكل أمة نبيا تكون معجزاته من جنس مابرع فيه قومه
فلما اشتهر قوم موسى بالسحر اجرى الله على يد نبيه كرامات ومعجزات تناسب تفكير قومه فجعله يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى , وأعطاه معجزة العصا ...
ومثله محمد عليه السلام فلما كان قومه أفصح العرب وكانوا يعجبون بجودة الكلام والشعر
حيث كانت القبيلة تفخر عندما ينبغ فيها شاعر وتنصبه في واجهة القبيلة لذا جاء محمد عليه السلام بالقران الكريم كلام رب العالمين الذي أبهر فصحاء العرب ولاغرو فهو تنزيل من حكيم عليم
فقد كان كبراؤهم يتسمعون وهم فرادى متخفين عن قومهم للقران وهو يتلى ويقولون والله ما هو بالشعر لشدة تأثيره في نفوسهم واعجابهم به وعدم مقدرتهم على الاتيان بمثله ...

والرسول عليه السلام لم يكن بشاعر ؟؟
لا لنقص فيه ولا لعجز ولكن لحكمة من الله تعالى ( لكي لا تنسب العرب القران لمحمد )
قال تعالى ( وما علمناه الشعر وما ينبغي له )
فهم قالوا ان القران سحر وانه شعر محمد ولكن كيف يكون ذلك ؟؟
ومحمد أمي لا يقرأ ولا يكتب ولا يعرف كذلك قول الشعر
بل كان عليه السلام اذا اراد أن ينشد بيتا مما حفظه من العرب يخطئ فيه غالبا فيقدم ويؤخر فيه !!

@ لكن لا يعني ذلك أن الرسول عليه السلام لم يكن ناقدا أو متذوقا للشعر كلا !!
فقد كان الرسول حاذقا في ذلك ومن نماذج نقده مايلي :
ان الرسول عليه السلام سمع كعب بن مالك رضي الله عنه يقول :
مُقَاتَلُنا عن جِذْمنا كل فخمة $$$$ مذربة فيها القوانس تلمعٌ
فقال له الرسول : ( لاتقل عن جذمنا , ولكن قل : مقاتلنا عن ديننا ) لأن الجذم هو الأصل وأراده الرسول أن يقاتل للدين لا للأصل
ويقع أغلب نقد الرسول عليه السلام على المعاني ونستطيع أن نقول أن مقياس الشعر عند الرسول (أحسن الشعر أصدقه )
روى أبو هريرة رضي الله عنه أن الرسول عليه السلام قال : ( أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد :
ألا كل شيء ما لا الله باطل $$$ وكل نعيم لامحالة زائل )
وفي الأخبار أنه أنشد قول سحيم :
الحمد لله حمدا لا انقطاع له $$$ فليس إحسانه عنا بمقطوع فقال : أحسن وصدق ...
وتذكر الأخبار كذلك أنه سمع عائشة رضي الله عنها تنشد شعر زهير بن جناب :
ارفع ضعيفك لا يحُر بك ضعفه $$$ يوما فتدركه عواقب ما جنى
يجزيك أو يثني عليك فإن من $$$ أثنى عليك بما فعلت كمن جزى
فقال الرسول : صدق يا عائشة لايشكر الله من لا يشكر الناس

وفي الأخبار أن النابغة الجعدي قال أنشدت النبي :
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا $$$ وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهرا
فغضب الرسول وقال : أين المظهر يا أبا ليلى ؟ ـ قلت : الجنة يا رسول الله ـ قال : أجل , إن شاء الله تعالى وتبسم , فقلت :
ولا خير في حلم اذا لم تكن له $$$ بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل اذا لم يكن له$$$ حليم اذا ما أورد القوم أصدرا
فقال النبي : أجدت , لا يفضفض الله تعالى فاك مرتين , فعاش أكثر من مئة سنة وكان من أحسن الناس ثغرا .

* بدأت بنقد الرسول كونه أفضل العرب وأشرفهم
واسأل الله تعالى أن ييسر لي الاستمرار في تناول النقد في صدر الاسلام والعصر الأموي ...