أحداث غزة والامل /خطبة صوتية للجمعة الماضية / الشيخ ابراهيم الدويش
دعا إلى الجهاد بالنفس لكن في إطاره السليم
إبراهيم الدويش : الجهاد بالمال واجب ولنحذر اليأس
دعا الشيخ الدكتور إبراهيم بن عبد الله الدويش أن يعين الله ولاة أمور المسلمين ، وأن يوفقهم لإعلان قيام الجهاد بالنفس ، وقال الداعية الإسلامي الشهير في خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الملك عبد العزيز بمدينة الرس بمنطقة القصيم بالسعودية : " الدفاع عن النفس حق دولي مشروع ، وفلسطين أُخذت بالقوة ، ولن يردها إلا القوة المسئولة ، ولمثل هذا شُرع الجهاد في سبيل الله ، لكنه الجهاد الصادق الخالص لله ، القائم حقاً لدفع المعتدين وإعلاء كلمة الله ". لكن استدرك الدويش محذراً من ردود الفعل غير المدروسة : "إننا نخشى من تحرك بعض الغيورين من شباب الأمة للنصرة في الطريق الخطأ ، باجتهادات شخصية ، كردود أفعال غاضبة متشنجة ، خاصة وأن هناك متربصين يفرحون بمثل هذه الأزمات لاستغلالها لمصالحهم وأفكارهم ، ونحن أحوج ما نكون اليوم للحذر من مثل هذا، ولتربية أنفسنا ومجاهدتها وضبطها خاصة في مثل هذه الظروف ؟ فلا يشك عاقل أن سياساتِ الاعتداء والقتل ، والقهر والاستذلال التي يتبعها الأعداء هي التي تُغذي التطرف وحب الانتقام وسلوك مسلك الإرهاب ، لكن هذا لا يُبرر لأحد التشنج والتهور، والذي هو مقصد للأعداء في إثارة وافتعال مثل هذه الأحداث ، فلنحرص على ضبط أنفسنا وعواطفنا ، وعلى التخطيط للفعل السليم في الوقت السليم ، وليس رد فعل غاضب متشنج ومؤقت يُفسد أكثر مما يُصلح؟. فإن كنا مؤمنين بحق فإن الله تعالى قال: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ فلنبذل المستطاع ولنحذر اليأس فالله تعالى يقول: ﴿حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا﴾ فتجمعُ اليهودِ في هذه البقعة هو ابتلاء للمسلمين، وهو بشارة أيضاً لهم ليعدوا العدة ويتجهزوا للحرب الفاصلة معهم،كما قال : ((لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود))
وأكد الدويش " أن مثل هذه الأحداث تؤكد حقيقة طالما كررها القرآن ، وهي: عدم الثقة في الصهاينة ، وحلولهم السلمية ، وأن الاستمرار في المفاوضات معهم عبث لن يستفيد منه إلا اليهود أنفسهم ، فهاهم يرقصون على نزف جُرح اختلاف إخواننا هناك ، وهم الذين كادوه وصنعوه ، وقد كانت أمنيةً غاليةً لليهود ، بل هو والله النصر الذي فاز به الصهاينة ، وهو مصيبتنا الحقيقية ، فإن ما أصاب إخواننا في فلسطين من ابتلاء وقتل إنما هو شرف وفخر وشهادة ، وقد شرفهم الله بالدفاع عن الأقصى ، واصطفى منهم شهداء وهي أمنية يتلهف لها الكثير، ويا ليتنا كنا معهم فنفوز بها ، فهنيئاً لهم فقد رفع الله ذكرهم وبطولتهم في العالمين ، ولا شك أن مما يُشهد به لهم طوال تلك السنين: تماسكَهم ووحدةَ صفِّهم في وجهِ عدوهم رغم تعدد الأحزاب والآراء ، وهذا وربي مصدرُ قوتِهم وسلاحِهم ، وتلك والله هي البطولة الحقيقية ، وهو النصر وأي نصر، ونحن على يقين وفأل بمشيئة الله بعودة تماسكهم ، وأنها سحابةُ تنازعٍ واختلافٍ سينقشعُ رغمَ المعتدي.. فاتحدوا إخواننا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب قوتكم {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ}.
ودعا الدويش أهل فلسطين إلى سياسة ضبط النفس والتماسك قائلاً : " دهاء عدوكم ومكره تزول منه الجبال ، وهاهم المسلمون في كل مكان معكم بقلوبهم وأموالهم ودمائهم ، وهاهي ألسنتهم تلهج لكم بالدعاء الصادق ، وينتظرون منكم إخلاصاً للقضية ، وتجرداً من حظوظ النفوس وأطماعها ، فاشفوا صدور مليارٍ ونصفِ المليارِ من المسلمين بقرار شجاع بوضع الكف بالكف ، وصفاء النفس ورص الصف ، ودحض تلك المحاولات والمؤامرات الماكرة التي تريد الالتفاف على وحدتكم وأرضكم المباركة ، فتماسكوا واصبروا وصابروا ورابطوا، وعندها لا يضركم من خذلكم ، فحسبكم أن الله معكم ، وأن الله يعلم المفسد من المصلح . وأبشروا "فإن مع العسر يسراً*إن مع العسر يسراً".
وأكد الدويش أن " الجهاد بالمال واجبٌ وجاء الحث عليه والترغيب فيه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"ومن عجز عن الجهاد ببدنه وقدر على الجهاد بماله وجب عليه الجهاد بماله..". ننقل هذا الكلام ، ليتنبه من يمن على إخوانه حتى بمجرد المال من أجل طعام أو غطاء ، أو شراب أو كساء. فالمال مال الله الذي أعطاك ، وهو أمانة عندك ستسأل عنه ، أليس الله تعالى يقول: "وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"، وهاهي المؤسسات الخيرية الرسمية قد فتحت أبوابها مشرعة لتقبل جهادكم بأموالكم فلا تبخلوا، "مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ" ، "وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى".
ونبّه الدويش إلى عدم نسيان سلاحًٍ عظيم ، وهو " الدعاء ، والتضرع والإلحاح على الله ، فإنه تعالى يحب الملحين ، وإن للدعاء آثارًا عجيبة ، يكفي منها أن نشعر أن الله معنا ، وأن يرى الله دمعتنا ، من أجل ديننا وإخواننا ، فالله الله بالدعاء ، والتضرع والشكوى ، فالله تعالى يقول: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ*فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ مَاكَانُوا يَعْمَلُونَ". فإياكم وقسوة القلب ، وشدة الغفلة عن أحوال المسلمين ، وما يدريك لعلَّ دمعةً من عينيك، وزفرةً من صدرك ، ودعوةً من قلبك تشق عنان السماء ، يُغير الله بها من حال إلى حال . وإن لم يكن فحسبك أن الله يسمعك ويراك ، فلا تنسوا آخر ساعة من الجمعة ، والثلث الأخير من الليل ، والقنوت في الصلوات المفروضة ، أحيوا يا أئمة المساجد النفوس والشعور في المصلين ، ليكن دعائكم مشروعا مختصراً في النازلة نفسها كما هي السنة عن المصطفى
وللإستماع إلى خطبة الجمعة الماضية للشيخ إبراهيم الدويش في جامع الملك عبد العزيز بالرس يمكنكم زيارة موقع بينة للشيخ قسم المحاضرات بعنوان أحداث غزة والأمل [/color]
|