بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » عندما تبكي الأمة رجالها !

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 24-03-2009, 03:33 AM   #1
يرموك
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 206
عندما تبكي الأمة رجالها !


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليس جديدًا أن يفيق الناس بعد أن تأتيهم الصدمة برموزهم سواء بالنكوص أو الموت أو غير ذلك ، فهذا قد غدا سنة ربانية ثابتة على مدى الزمان ، وتناقلتها الأجيال .

يعيش البارزون والقادة - بنظري - في أممهم على هامش حياة الناس مبتدأ العمر ، وليس ذلك ضربًا من الخيال ، ونحن نعلم أن التاريخ قد حفظ لنا مشردين وأيتامًا وضعوا بصمتهم في تاريخ أمتنا ، بل ويتعرض رجالها ، - وأعني بكلمة رجالها ؛ أي المخلصون لها ، المحترقون لأجل نهضتها - يتعرضون لصنوف وألوان متعددة من الظلم والتسفيه ، ويعود ذلك - كما يبدو - إلى العقليات التي تفوق - في أحيانها - عقول السواد الأعظم من الأمة ؛ فيؤدي ذلك بضرب آرائهم وأفعالهم عرض الحائط .

لا تلبث الأمور أن تعود إلى نصابها الصحيح ، حينما يدرك المسلمون مآلات الأمور في الحياة حولهم ، وفي علاقتهم مع غيرهم ، فحين تتعالى صيحات النذير والبشير من رجال الأمة موجهة ومحذرة لا تلبث هذه النداءات أن تخفت تحت موجات متلاطمة من التسفيه والسخرية !

أعتقد أن القادة في الأمة لابد أن تحمل قلوبهم الحرقة والألم ، حتى أنك إذا تصفحت شيئًا من سير الماضين ؛ تعجب !
ولم لا ؟ وقد تقرأ عن الواحد منهم أنه أمضى العقود يناضل عن الإسلام ويذب شبهات المشككين ، وآخر أمضى عقودًا في ميادين الردى ، وآخر لم يكل عزمه في طريق التربية والدعوة .. وهكذا ؛ حتى يلحق بالرفيق الأعلى .

وليس علينا أن نبتعد كثيرًا ؛ بل لنا أن نتأمل في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - الذي أمضى دهرًا من عمره في سبيل هداية الخلق ، وإخراجهم من ظلمة الكفر إلى نور الإسلام ، وإخوته - عليهم السلام - من قبله ، واقرأ معي : "ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث ألف سنة إلا خمسن عامًا ..." ألف سنة إلا خمسين عاما في الدعوة !

وقد لقي الحبيب - صلى الله عليه وسلم - صنوف الأذى من قومه وأقربائه ، فبعد أن كان عندهم الصادق الأمين ؛ صار الساحر المجنون ، ذا الخبال والعقل الخفيف ، الكاهن الشاعر !

لم يكن يحمل عليهم حقدًا ؛ ولعل حادثة فتح مكة "اذهبوا فأنتم الطلقاء" نقش على حائط التاريخ ، الذي تعجز صفحاته أن تسطر قيمة إنسانية أنبل من هذه .

ليس القائد بمنأى عن قومه وبني جلدته ، فكما يلاقي منهم الهوان والأذى ، يحمل الكثير لهم في قلبه ، وهذا هو معيار مهم - بنظري - لمن تبوأ هذا المنزل أيًا كان مقداره، فلا يكون الراعي راعيًا ، مادام يطلق غنمه للذئاب.

لعل من لطائف ما يجمع القادة والعظماء أنهم لا يموتون - غالبًا - في المواجهات والمعارك ، إنما يموتون غيلة وغدرًا، والتاريخ حافل بتسجيل هذه الوقائع ؛ فكما توفي النبي صلى الله عليه وسلم من أثر السم الذي وضعته اليهودية ، ومات على إثر ذلك ؛ كان لعمر قسمة من هذه النصيب حين قتل غيلة في صلاة الفجر ، وكذا عثمان ، وكذا علي ...
وقلب طرفك في تاريخنا الحديث ؛ تجد الصورة تلحق بأختها ، وتتغير الأسماء !
فلست ترى الأعادي يواجهون في ساحات الوغى ، بل هم أجبن "لا يقاتلونكم جميعًا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر" ، ولك أن ترى كيف مات القادة هكذا ..
وتذكر : كيف مات خطاب بقطرات سم ، وقتل عبد الله عزام بقنبلة ، وقتل يحيى عياش بواسطة جهاز جوال ... وهكذا ؛ يعيد التاريخ نفسه ، فلا نامت أعين الجبناء !

الأمة ؛ التي عليها أن تأخذ من ذلك دروسًا ؛ لا تلبث أن تنسى هذا ، ولا تعي إلا عندما تقع صدمة أخرة تهز كيانها .. قال تعالى : "فاقصص القصص لعلهم يتفكرون" ، وليس التاريخ مجرد أقصوصة يتسلى بها المرء ، ولكنه منهج حياة "لقد كان في قصصهم عبرة ماكان حديثا يفترى" .

هل تعود الأمة لوعيها ، وتتدارك نفسها ، وتعض بنواجذها على عظمائها ، قبل أن يطويهم المنون ، ثم تبكي .. ولا يفيد البكاء ، وقد تكفل الله بحفظ الأمة أن لا تهلك ، ولكن لن يتغير أمرها وواقعها حتى يتغير أناسها "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".

وعلى حد قول أبي فراس الحمداني :
سيذكرني قومي إذا جد جدهم ** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ .



آخر من قام بالتعديل يرموك; بتاريخ 24-03-2009 الساعة 03:39 AM.
يرموك غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 04:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)