بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » مستقبل التعليم الديني.

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

 
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 03-05-2009, 02:14 PM   #1
التنويري
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Aug 2005
المشاركات: 83
مستقبل التعليم الديني.

كتاب اليوم

علي سعد الموسى (جريدة الوطن).
ما هو المستقبل للتعليم الديني؟
للسنة الخامسة على التوالي ما زال الشيخ أحمد، كما يطلق عليه زملاؤه في المدرسة الابتدائية الخاصة، ما زال يبحث عن أي فرصة عمل بالقطاع العام وهو مقتول باليأس، لأن الطابور الطويل أمامه على أبواب الخدمة المدنية يؤكد له بالمنطق الرياضي أنه ما زال أمام عدد مضاعف من السنين من أجل أن يكون في رأس الطابور كي يبدأ قرب الثلاثين من العمر نقطة الصفر من أجل الحياة ومن أجل لقمة عيش كريمة. أدرك مسبقاً حجم الاستفزاز الذي يطرحه عنوان المقال مثلما أدرك ردة الفعل التي ستكون من البعض، ومع هذا سأتحمل تبعات الشجاعة الأدبية وأنا أدخل للسؤال: ما هو المستقبل للتعليم الديني؟ مثلما أيضاً أدرك تحريف البعض للنوايا أنني أطرح بالمجاز ذات السؤال: هل بقي للتعليم الديني من مكان؟ تشير الإحصاءات الرسمية لدي إلى أن 80% (في المعدل) من المقبولين في كلية الشريعة بثلاث جامعات سعودية لم يدخلوا ذات الكلية كرغبة أولى في اختيار التخصص الجامعي وإنما هم هناك لأن مقاعد هذه الكلية كانت آخر الشواغر، وبالبرهان، في نهايات أيام القبول بعد أن اكتملت الأنصبة المقررة لبقية الكليات والتخصصات، وهذه حقائق لا تقبل المجادلة. ذات الإحصاءات تشير بوضوح إلى أن أقل من ربع الطلاب الذين يدخلون كليات الشريعة هم الذين يتخرجون منها في نهاية العام الدراسي الرابع وهي أكبر كمية (هدر) بالمفهوم الأكاديمي في الفارق بين المدخل والمخرج. إحصاءات القبول والتسجيل بهذه الجامعات الثلاث تبرهن بلا جدال أن نسبة الطلب على التحويل من هذه الكليات إلى المنافذ الجامعية الأخرى تأتي على رأس هذه القائمة. وفي وجه قوى الرفض لمناقشة مثل هذه القضايا وطرحها من أجل التداول يكفيني القول إن الإحساس بقيمة الإنسان وتلبس هواجسه وقلقه على مستقبله هو بالنسبة لي رأس المبدأ وقمة الأولويات ولهؤلاء أقول: بدلاً من الدخول إلى نقاش عاطفي تعالوا معي غداً إلى ذلك (الشيخ أحمد) في الكلمة الرابعة من بدء المقال لنعش معه ذات الظرف المأساوي وهو يعود نهاية الشهر لبيت وزوجة وطفلتين بألف وخمسمئة ريال، وبدلاً من نقاشات التهمة العاطفية التي لا تنتج غير المعارك المشخصنة، تعالوا جميعاً لنواجه الحلول لهؤلاء الآلاف. إما أن نوجد المنافذ الكريمة لحياة كريمة يستحقها هؤلاء الآلاف بكل تأكيد وإما أن نتحكم بالصنبور، لأن المصنع الهائل لكل كليات التعليم الديني يعمل بطاقمه الكامل المتكامل بينما توقفت تماماً معادلة العرض والطلب. أعرف مسبقاً أن الكثير من جبهات الرفض لنقاش مثل هذه الأفكار تنطلق من قواعدها الآمنة المستقرة، أماناً ومالاً وجاهاً ومنصباً ووظيفة، فمن أين لمثل لهؤلاء أن يكتشفوا حلولاً وهم الذين يقاتلون من أجل زيادة استيعاب المصنع دون أن يفكروا لحظة إنسانية خالصة في مصير المنتج؟ هؤلاء الآلاف من الشباب هم ضحايا التوجيه الذي لم يضعهم على أي خطوة من بوابة المستقبل وهم ضحايا التفكير العاطفي الذي لم يضع نفسه لحظة في آلامهم وفي قصتهم المحزنة مثلما كان لي مع الشيخ أحمد الذي بلغ به الحزن ألا يأخذ عائلته الصغيرة إلى – مول المدينة – كي يبعدهم عن عيون المقاربة والمقارنة بالغبن وقصور ذات اليد. هو لا يمثل قصته بل قصة الآلاف من أقرانه مثل ما يمثل تماماً قصة دراسته وكليته. لا أحد يريد الاعتراف بالحقيقة الصارخة أن المستقبل الذي كان وما زال كثيفاً متاحاً في عشرات التخصصات العلمية الأخرى وحتى بعض النظرية لم يمنع آلاف خريجي هذه الكليات عن الاستزادة بالعلم الشرعي وأن كلية الشريعة وغيرها من مسارات التعليم الديني لم تميز – أحمد – وأقرانه عن الآلاف من غيرهم من خريجي التخصصات الأخرى فيما يخص الالتزام وفيما يتعلق بالنهل من الخطاب الديني. الفارق بينه وبينهم أنهم نالوا كلا الفضلين: فضل الاستزادة من العلم الشرعي وفضل المستقبل. وسأتحاشى في طرحي اليوم أي رائحة تشتم النوايا بعيداً عن الهدف الإنساني الذي أتحمل مسؤوليته وأنا أطرح هذه الأسئلة بكل موضوعية: إذا كنا عاجزين تماماً عن إيجاد المنافذ في معادلة العرض والطلب لمسارات التعليم الديني، فمن هو الذي سيتحمل غداً كامل المسؤولية أمام آلاف الطلاب الذين يدخلون الصف الأول من متوسطة المعاهد العلمية، وهم المكتوفون بلا بصيرة ولا خيار ولا اختيار، ثم يكتشفون بعد عشر سنوات كاملة أن ذات المسار الذي دفعوا إليه لم يستوعب خريجي هذه الآلة الجبارة منذ عشر سنوات خلت؟، أي بالضبط منذ أن دخلوا بلا خيار ولا اختيار إلى هذا الممر؟ من هو الشجاع الذي سيتحمل أمام الأجيال القادمة من الكم الهائل المدفوع بلا خيار إلى بوابات هذه الكليات ليصرف لهم من جيبه لأنه كان من أشد المتحمسين للفكرة التي لم تربطهم في النهاية بشيء من الأمل في عائلة أو مستقبل؟ من هو المخلص الشجاع الذي سيبرهن لنا أنه على قدر المسؤولية أمام مستقبل وحياة ووظائف هؤلاء الآلاف من أبنائنا بعد سنين بذات الحماس الذي كان عليه وهو يجاهد لتوسيع دائرة مدارس تحفيظ القرآن الكريم دون أن يوازن في مناهجها بين المطلب الأساس لهذا الدين في بناء الإنسان للآخرة، مثلما هو للبناء والحياة والاستخلاف في الأرض والحياة الكريمة؟ من هو الشجاع الذي سيتحمل المسؤولية كاملة أمام الآخرين وأمام نفسه ونحن نحيل كليات الشريعة وأقسام الدراسات الإسلامية بسائر مؤسسات التعليم الجامعي إلى المنفذ الوحيد المتاح أمام الطلاب الأدنى في المعدلات والاختبارات القياسية؟ وهل أصبح العلم الديني رخيصاً لهذه الدرجة؟ وهل هؤلاء الطلاب الذين يدخلونها بما يشبه الإجبار كخيار أخير هم من سيتصدى للعمل الديني ولخطابه في المستقبل؟
التنويري غير متصل  


 

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 11:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)