بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حـصـاد الإنـتـرنـت » الـــــــمنـــهـــج الــــخــــفــــي وأثــره فــي صــناعـــة الإرهــــــــاب!!؟

حـصـاد الإنـتـرنـت حصاد شبكة الإنترنت و المواضيع المنقولة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 07-05-2009, 11:08 AM   #1
كشاف
Registered User
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 14
الـــــــمنـــهـــج الــــخــــفــــي وأثــره فــي صــناعـــة الإرهــــــــاب!!؟

المنهج الخفي وأثره في صناعة الإرهاب



يقول الله عزّ وجل في محكم التَّنْزيل: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ).

قال العلاَّمة ابن سعدي -رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ) أي: نُوضِّحها ونُبيِّنها، ونميِّز بين طريق الهدى والضلال، والغيِّ والرشاد، ليهتدي بذلك المهتدون، ويتبيَّن الحقُّ الذي ينبغي سلوكه. (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ) الموصلة إلى سخط الله وعذابه، فإنّ سبيل المجرمين إذا استبانت واتضحت أمكن اجتنابها والبعد منها، بخلاف ما لو كانت مشتبهة ملتبسة، فإنه لا يحصل هذا المقصود الجليل.

وقال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في تعليقه على هذه الآية: (فالعالمون بالله وكتابه ودينه عرفوا سبيل المؤمنين معرفة تفصيلية، وسبيل المجرمين معرفة تفصيلية، فاستبانت لهم السبيلان كما يستبين للسالك الطريقُ الموصل إلى مقصوده، والطريقُ الموصل إلى الهلكة، فهؤلاء أعلم الخلق وأنفعهم للناس وأنصحهم لهم، وهم الأدلاء الهداة.

ثمّ قسَّم الإمام ابن القيم الناس في معرفة الحقّ وأهله والباطل وأهله إلى أربعة أقسام فقال - رحمه الله-: والناس في هذا الموضع أربع فرق: الفرقة الأولى: من استبان له سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين على التفصيل علمًا وعملاً، وهؤلاء أعلم الخلق.

الفرقة الثانية: من عميت عنه السبيلان من أشباه الأنعام، وهؤلاء بسبيل المجرمين أحضر ولها أسلك.

الفرقة الثالثة: من صرف عنايته إلى معرفة سبيل المؤمنين دون معرفة ضدّها، فهو يعرف ضدّها من حيث الجملة والمخالفة، وأنّ كلّ ما خالف سبيل المؤمنين فهو باطل، وإن لم يتصوّره على التفصيل، بل إذا سمع شيئًا ممّا خالف سبيل المؤمنين صرف سمعه عنه، ولم يشغل نفسه بفهمه ومعرفة وجه بطلانه وهو بمنزلة من سلمت نفسه من إرادة الشهوات فلم تخطر بقلبه ولم تدعه إليها نفسه، بخلاف الفرقة الأولى فإنهم يعرفونها وتميل إليها نفوسهم ويجاهدونها على تركها لله. وقد كتبوا إلى عمر بن الخطاب يسألونه عن هذه المسألة أيهما أفضل: رجل لم تخطر له الشهوات ولم تمر بباله، أو رجل نازعته إليها نفسه فتركها لله؟ فكتب عمر: أنّ الذي تشتهي نفسه المعاصي ويتركها لله عزّ وجلّ من الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم.

وهكذا من عرف البدع والشرك والباطل وطرقه فأبغضها لله وحذرها، وحذَّر منها، ودفعها عن نفسه، ولم يَدَعْها تخدش وجه إيمانه، ولا تُورثه شبهة ولا شكًّا، بل يزداد بمعرفتها بصيرة في الحقّ، ومحبة له، وكراهة لها، ونفرة عنها، أفضل ممن لا تخطر بباله ولا تمر بقلبه..

الفرقة الرابعة: فرقة عرفت سبيل الشرّ والبدع والكفر مفصّلة، وسبيلَ المؤمنين مجملة، وهذا حال كثير ممن اعتنى بمقالات الأمم ومقالات أهل البدع، فعرفها على التفصيل ولم يعرف ما جاء به الرسول كذلك، بل عرفه معرفة مجملة وإن تفصَّلت له في بعض الأشياء، ومن تأمّل كتبهم رأى ذلك عيانًا. وكذلك من كان عارفًا بطرق الشرّ والظلم والفساد على التفصيل سالكًا لها، إذا تاب ورجع عنها إلى سبيل الأبرار يكون علمه بها مجملاً غير عارف بها على التفصيل معرفة من أفنى عمره في تصرفها وسلوكها.

والمقصود أنّ الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض، كما يجب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك، وفي هذه المعرفة من الفوائد والأسرار ما لا يعلمه إلاّ الله؛ من معرفة عموم ربوبيته سبحانه وحكمته وكمال أسمائه وصفاته وتعلقها بمتعلقاتها واقتضائها لآثارها وموجباتها، وذلك من أعظم الدلالة على ربوبيته وملكه وإلهيته وحبه وبغضه وثوابه وعقابه والله أعلم.

وبعد يا معاشر المؤمنين.. لقد أخذ أهل الفتنة بمنهج خفي، ظاهره: الجهاد والإصلاح وإنكار المنكر والمطالبة بحقوق الشعوب.. وباطنه: التحزّب والجرأة على سفك دماء أمّة محمّد، وتفريق الجماعة، وشقّ عصا الطاعة، وتسليط الأشرار، وذلّ الأخيار، واضطراب الأمن، وتعطيل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإضعاف الدعوة إلى الله، فبهذا المنهج تقتل الأنفس المعصومة، وتحلّ الفوضى، وتضطرب الأمور في دولة الإسلام.. ولكلّ قوم وارث.

وهذا المنهج الخفي يعمل به الآن دعاة الفتنة، فأفسدوا من أفسدوا من الشباب والعوام، وهذه الأحداث الأخيرة شاهد على ذلك، وهذا المنهج قائم على أصول سبعة، فاحفظوها واحذروها، فإنّ معرفة أوصاف أهل الباطل تُسلِّمك من شرورهم بإذن الله، وبهذا جاءت السنّة.. ففي الصحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لحذيفة رضي الله تعالى عنه دعاة الفتنة، وأنّ من أطاعهم قذفوه في نار جهنّم، فقال حذيفة: صفهم لنا يا رسول الله! فطلب حذيفة معرفة أوصاف دعاة الفتنة ليحذرهم، فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (هُمْ مِنْ بَنِي جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا).

وقال حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشرّ مخافة أن يدركني.. الحديث متفق عليه.

فما أوصاف دعاة الفتنة وما أصول منهجهم الخفي؟! هذا المنهج يقوم على سبعة أصول وهي كالآتي:

أولاً: إخفاء محاسن ولاة الأمر وكتمانها، فلا يُنسب إليهم خير مما يكون في البلد، من إقامة الصلوات، وحماية الثغور، والقيام على خدمة الحرمين وحجاج بيت الله الحرام، والسعي في استتباب الأمن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتحكيم الشريعة، والإنفاق على الدعوة والدعاة إلى غير ذلك من الأمور المحمودة..

فأهل الفتنة لا يحفظون لأحد فضلاً، قد خالفوا في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ لاَ يَشْكُرُ اللهَ).

فهم يكتمون المحاسن لئلاّ يكون في النفوس محبة لولاة الأمر، واجتماع والتفاف حولهم.

ثانيًا: إظهار عيوب ولاة الأمر والتشهير بهم على المنابر وفي المجالس، بل ونسبة كلّ شرّ إليهم، وإيهام عوامّ المسلمين بأنّ سبب مآسي المسلمين ومصائبهم هم الولاة، وأنّ كلّ مصيبة تقع فهم أصلها، وأنّ الفجور قد عمّ، حتى يشعر الشاب بأنّ كلّ ما حوله منكرات ومعاصٍ، وأنه يعيش في جاهلية سببها ولاة الأمر، بل قد يصل الأمر إلى التكفير المبطن، فتوصف بعض قرارات البلاد بأنها قرارات علمانية! والعلمانية ردة وكفر بالله، ويوهمون الناس بأنّ ولاة أمرهم ضدّ الدعوة والإصلاح، ولو كانوا يقيمون الصلاة ويحكِّمون شرع الله، ثمّ يوهمون الشباب والعوامّ بأنهم مظلومون مضطهدون قد سُلبت حقوقهم، وأنّ الظلم قد عمَّ ولا بدّ من إنكار هذا المنكر، وأنه قد آن أن يُضَحِّيَ المسلمُ بنفسه لنصرة الحقّ والصدع به وإبراء الذمّة والمطالبة بالحقوق، فعند ذلك يتهيّأ هؤلاء الجهّال للخروج وحمل السلاح، فيفسدون ولا يصلحون، ويهلكون الحرث والنسل، ويخالفون سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ الآمرة بالصبر ولزوم الجماعة والسمع والطاعة، وإن حصل ضيم وظلم؛ خوفًا من وقوع الفتنة وسفك الدماء، كما قال الإمام مالك رحمه الله: (حاكم غشوم ظلوم ولا فتنة تدوم). وكان عبد الله بن سبأ رأس الفتنة يقول لأتباعه: (انهضوا في هذا الأمر بالطعن في أمرائكم).

ثالثًا: تبني مآسي وجراحات المسلمين، وإظهار المناصرة لهم، فيوهمون الناس بأنهم القائمون على ذلك، ويصدرون البيانات والتوقيعات الجماعية في النقير والقطمير، والصغير والكبير، قد جعلوا أنفسهم أوصياء على أمّة الإسلام، وما علموا أنهم قد افتاتوا على ولاة أمرنا وعلمائنا الكبار، لأنّ هذه القضايا الكبرى لا يقدر على معرفة حقيقتها وعلاجها إلاّ أولو الأمر، قال تعالى في ذمّ المفتاتين على ولاة الأمر: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً).

وهؤلاء إنما يتبنّون جراحات المسلمين ويظهرون مناصرتهم؛ ليجمعوا الناس حولهم وليتشبعوا بما لم يعطوا، ويهمشون في الوقت ذاته نصرة ولاة الأمر لقضايا المسلمين، بل قد يزعمون خلاف ذلك، فيشعرون الجهال بأنّ ولاة الأمر قد خذلوا قضايا الأمّة ولم ينصروا إخواننا المسلمين، ويصل الأمر بهم إلى اتهام حكامنا بمولاة الكفار ومناصرتهم على إخواننا المسلمين، وهذا من الكذب الذي سيسألهم الله عنه يوم القيامة.

ومن جهلهم أنهم يلزمون الولاة بنصرة المستضعفين مطلقًا، ويحتجّون بقوله تعالى: (وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ)، ولو أنهم أتمّوا الآية لعلموا أنّ المناصرة مقيّدة بشرط ذكره الله عزّ وجلّ في تمام الآية بقوله: (إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاق)، ولأجل ذلك لا تجب نصرتهم وفاء بالعهد، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلح الحديبية، حيث إنه لم ينصر أبا جندل وأبا بصير ومن معهما من المستضعفين لما كانوا على سيف البحر يقاتلون قريشًا؛ وفاء بالعهد الذي بينه وبين كفار قريش.

ثم يقال لهؤلاء المفتونين: ما بالكم تتباكون على جراحات المسلمين وتناصرونها، وأما قضايانا ومآسينا فلا بكاء ولا دموع ولا استنكار؟! لماذا تتباكون على قتلى المسلمين في أقصى الدنيا ثمّ لا تتباكون على قتلانا من الأطفال والشباب والعجائز ورجال الأمن الموحِّدين؟! عُنيتم بقضايا الأمة شرقًا وغربًا، وملأتم الدنيا بكاء وتوجُّعًا وتفجّعًا، فلما أصبنا واستهدفنا في أمننا وأعراضنا وعقيدتنا سكتم كأن شيئاً لم يكن؟! بل صرتم تبرّرون وتخذلون الناصحين!! أين الصدع بكلمة الحقّ أيها الفدائيون؟! لماذا لا تبيّنون للناس حال هؤلاء الخوارج وتحذّرون من أفعالهم ومناهجهم؟! ألسنا مسلمين؟! ألسنا إخوانكم؟! ما هذه الانتقائية في التعاطف والتباكي على جراحات المسلمين؟! حتى القنوت صار فيه انتقائية عندكم!! إن تباكيكم على مآسي المسلمين وجراحاتهم إنما هو تحايل منكم من أجل تحقيق كسب سياسي يسوق الجماهير الجاهلة إليكم!! وبعد..

فالحقّ أنكم أنتم من أهمّ أسباب جراحات ومآسي المسلمين، لنشركم هذا المنهج الثوري الخارجي في بلاد الإسلام باسم الجهاد والإصلاح والدعوة إلى الحاكمية! وإعادة الخلافة! فأشعلتم الفتن في أماكن شتى، وأوردتم المسلمين المهالك، وضربتم الرعية بالراعي، فثارت الفتن وسفكت الدماء، الله أكبر.. في بلد مسلم واحد قتل أكثر من مائة ألف مسلم خلال عشر سنوات تقريبًا، قتلوا بهذا المنهج الخفي الذي يطبقه دعاة الفتنة اليوم، وما زالت جراحات المسلمين تَنْزف، وأرواحهم تزهق بأيدي خوارج العصر، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

رابعًا: إسقاط كبار العلماء الناصحين واللجنة الدائمة وهيئة كبار العلماء، بدعوى عدم فقههم للواقع!

وأنهم مغيبون منذ ثلاثين سنة!

وأنهم لم يفتحوا صدورهم للشباب!

وأنهم لم يَنْزلوا للساحة والميدان -كما يقولون- وأنهم في أبراج عاجية!

وأنهم علماء سلطان فلا ينطقون بالحقّ! وأنهم لجنة رسمية حكومية!

وأنه لا يوجد عندنا مرجعية علمية موثوقة!

إلى آخر ما جاء في قاموس الجماعات الحركية الحزبية السياسية في باب سبِّ علماء السنّة والتوحيد.

يفعلون هذا ليفصلوا العامة عن العلماء فيخلو الجو لهم! وانظروا كيف أنّ أولئك المفتونين أطاعوا رؤؤس الفتنة وعصوا العلماء الربانيين حتى حصلت المجازر في البلاد الإسلامية.

وما من فتوى في قضايا الأمّة الكبرى تصدر من علمائنا الكبار مبنية على الكتاب والسنّة بفهم السلف الصالح إلاّ ويأتيك سيل من التشكيك فيها والهمز واللمز، والطعن المغلف بغلاف الغيرة على قضايا الأمة! ثمّ يفاجأ الناس بعد هذا التشكيك ومحاولة التهميش لفتاوى علمائنا الأكابر؛ يُفَاجَؤُونَ ببيانات أخرى يصدرها أصحاب التوقيعات الجماعية ورموز الثورة الحركية، بيانات فيها افتيات على العلماء الذين أوْكَل إليهم وليُّ الأمر النظر في أمور الدولة العظمى، وإصدار الفتاوى ليعمل بها فتكون البلاد على رأي واحد ويحسم النِّزاع والخلاف، فلهؤلاء العلماء -كما ترى- سلطان لا يتُعدى عليه، كما أنّ القاضي له سلطان لا يتعدّى ولا يفتات عليه، وإلاّ فسيكون الناس في حيرة لا يدرون بأي رأي يأخذون فتعم الفوضى والتنازع والخلاف.

خامسًا: التلميع، نعم.. من منهجهم تلميع من يجيد الطرق الأربعة المتقدّمة، وهي:

* كتمان المحاسن

* وإظهار المعائب

* وتبني جراحات المسلمين

* والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم.

فإذا كان كذلك فإنه يصبح عندهم شيخ الإسلام! وقائد الجيل! وربان الصحوة! والمفكر الإسلامي! وابن تيمية الصغير! وبقدرة قادر يصبح هذا الرجل قد حفظ الصحيحين، بل الكتب الستة في ليلة!! فهو عندهم الناصح، الناطق بالحقّ، المنكر للمنكر، الذي لا يخاف في الله لومة لائم، وهو عندهم رجل ميدان قد نزل إلى الساحة، ويلقبونه بالمربي، ومفتي الشباب -أي: شبابهم الذين تربوا على المنهج الخفي- ويقولون: هذا أقرب إليك أيها الشاب من العالم، فتراهم ينفرون من مجالس العلماء الكبار إلى هؤلاء الملمَّعين، فيستفتونهم في الأحداث الكبار دون العلماء، ويربطون الشاب بهم. وإذا نظرت في حال هؤلاء الملمَّعين فإنك تراهم لا يخرجون عن طريقتين: إما التهييج، أو التهريج.

ولو أنّ هذا الملمَّع خالفهم فأثنى على ولاة الأمر وبيّن حقوقهم الشرعية من السمع والطاعة وعدم الافتيات عليهم في قضايا الجهاد، والحرص على جمع القلوب عليهم، وذكر ما في العلماء من خير أجراه الله على أيديهم، وقدمهم في نصرة قضايا المسلمين، ورجع إليهم في ذلك، وأعاد أمر الفتيا في قضايا الواقع للعلماء الكبار.. لو فعل ذلك لنبذوه نبذ النواة! ولا كرامة له عندهم! ويبعدون الشباب والعوام عنه قائلين: الله المستعان.. الشيخ فلان تغير!! فيظنّ العوام أنه تغير إلى الأسوأ، وهو والله إنما تغير وانتقل من الباطل إلى الحقّ والسنّة، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

سادسًا: لَيُّ أعناق النصوص؛ لتوافق أهواءهم، فهم يعتقدون أولاً ثمّ يستدلون!

وعلى سبيل المثال: يربون الشاب على أنّ ولاة الأمر موالون للكفار! طواغيت! قد غيّروا دين الله! وبعد أن يتشرّب بهذا الفكر التكفيري الخارجي، تراه يبحث عن أي دليل يسعفه ويلبِّس به، فإذا أتيتهم بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجوب السمع والطاعة للأمراء، وأنّ الجهاد يكون خلفهم وبإذنهم، وأنه يحرم التحريض عليهم والسعي في شقّ العصا، عند ذلك ترى التفلّت والتملّص المخزي من هذه النصوص، وتأويلها، أو يقرّون بها ويقولون: هي للخلفاء الراشدين الأربعة، أو للقرشي، أو لمن لا معصية عنده، بل قد يتجرّؤون ويقولون: هي للحاكم المسلم، وليست لولاة أمرنا!! نعوذ بالله من هؤلاء المفتونين.

سابعًا: التقية، فقد كان مثيرو الفتنة في زمن عثمان إذا أحضروا عند الأمير أظهروا التوبة والندم والإقلاع، وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا إنّا معكم إنما نحن مستهزئون! وقد قال سعيد بن العاص لعثمان رضي الله عنه: (إنّ هذا أمر مصنوع يلقى في السرّ فيتحدّث به الناس).

فتنظيمهم حِزْبِيٌّ سِرِّيٌّ سياسيٌّ لا يرتقي فيه إلاّ ذو الوجهين، فيظهرون الولاء للأمراء والمحبة للعلماء تقية، لكن كلامهم في المجالس الخاصة يخالف ما يظهرون، ومن تاب منهم يشهد عليهم بذلك.

والله عزّ وجلّ فاضحهم ومخزيهم، كما أخزى من أثاروا الفتنة قبلهم، قال بعض السلف: ما أسرّ أحد سريرة إلاّ وأظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه.

وبعد فإنّ أصحاب هذا المنهج الخفي ورموزهم التي يلمعونها؛ أقلّ الناس نفعًا للمسلمين، مع ما لهم من تسلط وكثرة وأموال وأتباع؛ لأنهم قدموا آراءَهم ومناهجهم المحدثة على النصوص، والله لا يصلح عمل المفسدين.

وأمّا أهل السنّة المتمسِّكون بهدي السلف الصالح؛ فإنّ الله تعالى يبارك في علمهم ودعوتهم، ويفتح لها القلوب، وينفع بها من شاء من عباده، مع قلتهم وقلة ما بأيديهم من الدنيا، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: (أهل النصوص -يعني: أهل السنة والحديث- دائمًا أقدر على الإفتاء، وأنفع للمسلمين من أهل الرأي المحدث) لأنّ أهل الرأي المحدث (من أقلّ الناس علمًا بالفتيا، وأقلّهم منفعة للمسلمين، مع كثرة عددهم، وما لهم من سلطان وكثرة بما يتناولونه من الأموال الوقفية والسلطانية وغير ذلك، ثمّ إنهم في الفتوى من أقلّ الناس منفعة، قلّ أن يجيبوا فيها، وإن أجابوا فقلَّ أن يجيبوا بجواب شافٍ، وأما كونهم يجيبون بحجة فهم من أبعد الناس عن ذلك).

فإذا عرفت أيها الموفق منهجهم الخفي القائم على الأمور السبعة:

* كتمان المحاسن.

* وإظهار عيوب ولاة الأمر.

* وتبني جراحات المسلمين.

* والافتيات على العلماء الكبار ومنازعتهم.

* والتلميع لرموزهم.

* ولَيّ أعناق النصوص.

* والتقية في دينهم.

فإنك ستعرف إن شاء الله أهله وتحذرهم، وليس الواجب ذلك فحسب، بل عليك أن تُحذِّر منهم وتبيّن للناس شرّهم، لئلاّ يغترّ بهم الجهال الأغرار، لقوله صلى الله عليه وسلم: (الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمّة المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ).

وبعد أن تبيّن لك المنهج الخفي الذي يسلكه هؤلاء لإثارة الفتن والتحريض على الخروج على ولاة الأمر؛ فإنّك ستدرك أنّ هذه الأحداث الأخيرة وما صاحبها من تكفير وتفجير وإرهاب وتدمير وعداء لأهل السنّة حُكَّامًا ومحكومين..

هي إحدى ثمرات هذا المنهج الخفي، وما يدفع الله أعظم! فاللهم سلِّم سلِّم.

قال الله عزّ وجلّ: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ).

وقال تعالى: (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ).

وأُذكِّر بأنّ بعض إخواننا الفضلاء قد نبّهوا قبلنا إلى أصول هذا المنهج فلهم الشكر الجزيل.

هذا وأسأل الله أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كلّ شرّ ومكر، وأن يديم علينا نعمة التوحيد والسنّة والأمن والأمان.

بقلم فضيلة الشيخ: سلطان بن عبد الرحمن العيد
كشاف غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 04:01 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)