[ناصرالكاتب]

بسم الله الرحمن الرحيم

حينما نقف تلك الوقفات الصريحة ، ونناقش - بكل وضوح - أهم قضايا العمل الإسلامي؛ فإنما هو اجتهاد منُّا ووجهة نظر،قصدنا منها المساهمة في ترشيد الصحوة (1) ، وتصحيح المسيرة التي هي أمل الأمة- ولا شك- ومحل رجائها بعد الله ، وإليها يتطلع كثير من المسلمين؛ فيرون فيها إصلاح دينهم وإعزاز أمتهم.

ولهذا فإن معظم شباب الصحوة - إن صح التعبير- يميلون إليها ويتعاطفون معها،ويصعب عليهم أي نقد يوجه إليها،ويرون أنَّ ذلك ينبغي أن يصرف إلى ما هو أولى وأهم؛ كنقد العلمانين والماسونيين،والامبرياليين،والطغاة المتسلطين الذي يرفضون تحكيم شريعة الله ، ومن يدور في فلكهم من المنحرفين أعداء الدين ...


وللرد على سوء الفهم هذا أقول:


+ إنَّ تلك القضايا المذكورة من الأهمية بمكان،وهي - بحمد الله – لا تشكو من الإهمال والتفريط؛بل تشكو من الإغراق والإفراط،فمعظم كتب أولئك المفكرين وخطبهم ومؤتمراتهم،موجهة إلى تلك القضايا ..

وفي المقابل، لا نجد بينها ما ينبئ بأي قدر من الشجاعة في إنكار الشرك والثنية والبدعة التي لا يخلو منها مجتمع مسلم خارج الجزيرة،وهي أولى بالإصلاح وأيسر،وأقرب صلة بالجمهور الموجهة له.

ثم إنه ليس من الشرع ولا من العقل،أن ينشغل المسلمون بأخطاء غيرهم عن أخطائهم.. ولا بالأخطاء التي لا يملكون من أمرها شيئا عن الأخطاء التي يستطيعون؛بل يجب عليهم إصلاحها.

+ إنَّ أخطاء الدعاة إلى الله أعظم ..
فالدعاة إلى الله يُظن بهم ( خطأً أو صوابا ) أنهم علماء بما يدعون إليه،ثقات بما يقولون،قدوات صالحة فيما يعملون ... وعلى هذا تنتشر أخطاؤهم بانتشارهم،وينتشر منهجهم بانتشار كتبهم وأفكارهم،إلى أن ترسخ في القلوب والعقول،وعندها يصعب كل إصلاح يبذل.

ولذا فإنَّ مسألة " تغشية العيون وإغماضها عن العيوب،وجعل الأصابع في الآذان وسدها عن سماع النقد،والإصرار على السير في ذيل الآخرين،دون وعي ولا تبصر،يسهل عملية تسخير الشباب الراغبين في العاملين لرفعة الإسلام للسير في طريق آخر،معاكس " (2) قد تكون نتائجه وخيمه،وآثاره خطيرة.

ولذا فإنَّ أخشى ما نخشاه من السكوت على مثل هذه المناهج – التي تتلاعب بعواطف الشباب،وتدغدغ مشاعرهم،وتلهب حماسهم – أن تجد القبول والتسليم،في ظل انصراف أهل الغيرة عن بيان الصحيح من السقيم،وهذا باب خطير،إذا تُرك مفتوحاً فسيدخل منه شر مستطير،وهو ما بدأنا نلمس آثاره ونرى بعضاً من مظاهره.

ومن رعى غنماً في أرض مَسْبعَةٍ + ونام عنها تولـى رعيها الأسـد (*)



وقال بعض المؤلفين:
" إن عملية النقد هذه قاعدة عادلة لكل الناس ولو كانوا من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من بيت الصديق أومن بيت الفاروق أومن بيوتات المهاجرين والأنصار ما جاملوا أحداً حتى إن الرجل لينقد أخاه وينقد أباه وينقد ابنه كل ذلك نصحاً لله تبارك وتعالى وبياناً للحق وتحذيراً من الأخطاء والانحرافات ، كل ذلك يصب في بحر الحفاظ على دين الله تبارك وتعالى.

وميزة هذه الأمة من بدايتها إلى أن تقوم الساعة : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم ) على الحق ولكنهم يصارعون الباطل ويبينون أخطاء الناس ويبينون ضلال الناس ويحذرون من البدع ويحذرون من أهل الضلال ، هذه الطائفة أعظم جهادها وأعظم ما قامت به في خدمة هذا الدين : نقد أهل البدع وكشف عوارهم وبيان ما عندهم من ضلال ومن بدع من عهد الصحابة إلى يومك هذا ."


ولكن لا بد أن يكون الدافع للنقد هو النصيحة لله ، وليس الهوى ، وتتبع العورات ..

قال أحد المؤلفين: " أنت إذا نقدت شخصاً يجب أن تلتزم الحق والصدق والإخلاص ويكون قصدك بيان الحق والتنبيه على الخطأ الذي ينافي هذا الحق .
إذا كان هذا قصدك فهذا مقصد شريف وأمر عظيم تشكر عليه من الأمة كلها ولا يجوز لأحد أن يتهمك بسوء ، وإذا كان لك مقاصد سيئة وتبين بالسبر والدراسة إنك صاحب هوى فللناس الحق أن يتكلمون فيك ."

ــــــــــــــــــ
(1) انظر إلى كلام الشيخ: بكر أبو زيد حول هذه الكلمة (الصحوة الإسلامية) في كتابه: " معجم المناهي اللفظية " صفحة: (135).
(2) من أين يبدأ الإصلاح ، محمد ماضي صفحة 106 .

(*) بتصرف يسير من كتاب " التوحيد في مسيرة العمل الإسلامي " عبد العزيز الزغيبي الحسيني. تقديم الشيخ الدكتور: ناصر العقل. صفحة: (161-162).

[نور الشمس]

ناصر الكاتب ..

نقل جميل لموضوع رائع ..

بارك الله فيك ..

وجزيت خيرا ..