[الـصـمـصـام]

بسم الله الرحمن الرحيم

كنت في الجمعة الماضية راكبًا مع أحد الأعزاء في طريقنا إلى الرياض قادمين من طريق ( الثمامة ) كان هذا الأخ حفظه الله يسير بسرعة 160 ، و أنا لا أجد له مبرراً يجعله يجتاز إلى هذه السرعة ، فتحت معه موضوع السرعة و سألته عن الداعي لهذا الأمر ، و الذي أعتقد أنه لا داعي لها إلا أن هذا الأخ اعتاد على السرعة بهذا الشكل .

دار بيننا أخذ و رد في الحديث وذكرت له أني أخشى على نفسه و على أهله ، فالحوادث لا ترحم ولا تستأذن و إنما تباغت الإنسان على حين غرة ، و قد يبتليه الله بسائق متهور يفقده السيطرة على مقود السيارة و بالتالي لا يقدر على التحكم ، كل هذا يحدث في لحظة واحدة .. بعد هذا صمتنا قليلاً بعد أن خفف السرعة قليلاً استجابة لرغبتي ..

و ماهي إلا لحظات حتى اعترضتنا شاحنة لا يوجد بها أنوار ، كان هذا الاعتراض مفاجئاً ، و أنا أجزم أنه لولا لطف الله بنا حينما كانت السرعة أقل مما هي عليه لارتطمنا به أو حاولنا تجاوزها و انحرفت بنا السيارة .

هكذا تحدث الحوادث المرورية بلحظة واحدة يتحسر عليها الإنسان طيلة حياته ( إن كتب الله له حياةً جديدة) ، أصبحت ضحايا الحوادث المرورية تشكل رقمًا كبيراً يضاهي أعداد ضحايا الحروب و الكوارث الطبيعية ، و هذا شيء مفزع يدعو كل شخص أن يعيد حساباته ، و يصحح عاداته السيئة التي اعتاد عليها ، فهذه السيارات نعمة و هبة سخرها الله تعالى لعباده ، و لكن تعاملنا معها جعلها نقمة نزهق بها أرواحنا و نقوس أنفسنا من خلالها إلى الهلاك .

ماذا عسانا أن نقول في حالتي وفاة كل ثلاث ساعات نتيجة الحوادث المرورية ، و ماذا نقول في 5883 روح أزهقت في عام واحد كما جاء في إحصائية صادرة من الإدارة العامة للمرور ، بل إن الدكتور سعود التركي رئيس أبحاث الإصابات بمدينة الملك عبدالعزيز الطبيّة للحرس الوطني بالرياض صرّح بأن المرور يتحدّث في إحصائياته المنشورة عن وفاة تتراوح من 5إلى 6آلاف حالة تختلف من عام إلى آخر وهي التي تتوفى في موقع الحادث أو عند دخوله إسعاف المستشفى، ولا يحسِب(أي المرور) الوفيات التي تكون في غُرف العمليات أو العناية المركّزة أو داخل الأجنحة. بينما منظّمة الصحة العالمية تحسب مدة شهر من تاريخ الإصابة فأي حالة وفاة تُعتبر لها علاقة بالإصابة خلال مرور شهر" يُضيف لو أخذنا الدراسات العالمية لوجدنا أن الذين يموتون في الثلاث ساعات الأولى نسبتهم لا تتجاوز 48% بمعنى أن يُصحح الرقم من 6آلاف حالة ليصبح من 11إلى 12ألف مصاب يتوفون من إصابات حوادث الطرق .

إنه نزيف داخل المجتمع يعطل أجزاء كبيرة منه ، فضحايا المرور ما بين مقتول و مشلول و عليل ، و السبب لحظة طيش منه أو من متهور أرداه في أسوأ حال ، و إلى الله المشتكى . كم رملت من نساء ، و يُتَّمَ من أطفال بسبب هذه الحوادث التي تحسد أرواح أبنائنا يوماً بعد يوم ..!

سألت أحد الأخوة من نزلاء مستشفى النقاهة منذ سنوات عن قصة دخوله إلى هذا المكان ، وهو ذا شلل رباعي ، فذكر لي قصته وهو يتحسر و يتألم كيف كان سليما معافى يحلم بالحياة السعيدة بعد زواجه بأيام ، و ماهي إلا لحظات .. و يتحطم كل شي و تتحطم حياته و يفشل زواجه ليعيش بمفرده في مكانٍ عابس بائس .. و هذه هي الحقيقة .

نصيحتي لنفسي و أنا أولكم ..
اتقوا الله في أنفسكم ..
اتقوا الله في آبائكم و أمهاتكم ..
اتقوا الله في زوجاتكم و أبنائكم ..

و إذا كنت قد استرخصتَ نفسك ، فلا تفجع أهلك فيها ..


ياربِ احفظ قارئ هذه الكلمات في حله و ترحاله ، و متعنا بالصحة و الإيمان و العمل الصالح .


أخوكم / عبدالله .