|
|
|
10-06-2010, 02:19 PM | #1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: May 2010
البلد: بريده
المشاركات: 27
|
"أربعون سنة لم تفته تكبيرة الإحرام" ،، عبدالرحمن بن محمد الرفيعي
قليل من الناس لم يسمعوا أن من السلف الصالح - كسعيد بن المسيب رحمه الله -
لم تفته تكبيرة الإحرام أربعون سنة ، وقد يكون قليل من الناس أيضاً من قُدّر لهم مشاهدة مثل هذه الصورة في رجال يعيشون بيننا .. يأكلون مما نأكل .. ويشربون مما نشرب .. ويسكنون ـ مثلنا ـ في بيوت من إنتاج المدينة المعاصرة. عبد الرحمن بن محمد الرفيعي، حي يرزق يسكن في مركز البصر في منطقة القصيم، ناهز التسعون عاماً أو جاوزها – ختم الله له بخير – يتمتع بصحة جيدة بحمد الله ولا يزال مؤذنا في مسجد العودة الغربي منذ ثلاثة عقود تقريباً . ما إن تستقر عينك عليه إلا وتشعر بارتياح لهذا الإنسان.. يعلوه وقار وسمت ظاهر، كث اللحية بيضاء ليس فيها سواد، جميل البسمة، كثيف شعر الحاجبين، يذكرك إن رأيته بالعلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - تضرب بشرته إلى السمرة، في أعلى ظهره انحناء لطول معاركة الحياة، طويل الصمت، قليل الكلام، عفيف اللسان، حتى لتكاد تعدّ كلماته في المجلس إن سألته أجابك ولا يكاد يبدأ بحديث . من أغرب ما علمناه من أحوال هذا الرجل أنه مضى عليه سنوات طويلة جداً لم تفته تكبيرة الإحرام، يحدث ابنه محمد أنه لم تقع عينه على والده ولا مرة واحدة وهو يقضي شيئاً من صلاة فاتته، وابنه محمد جاوز الأربعين عاماً . إن قُدّر لك مجالسة العم عبد الرحمن فلن يملأ مجلسك بتفننه في العلوم وطول باعه فيها .. كلا .. لكنّا نَحسبُ أن معه المراد من العلم ـ والله حسبنا وإياه ـ ، يذكرك مجلسه بأحوال الصالحين الذين طالما طالع الناس سيرهم مودعةً في بطون الكتب . # سنحاول أن نذكر هنا ما وقفنا عليه أو عرفناه من أحوال هذا الرجل : توفيت والدته وهو صغير نشأ في زمن شدة العيش وصعوبته، ونقدر أنه من مواليد عام 1340 هـ وكان يعمل في بناء الدور والمساكن من الطين وكان في تلك الأيام يعمل للأرامل والأيتام بالمجان، وربما هطلت الأمطار غزيرة على بلدته البصر في زمن عامة بيوت الناس من الطين فكأنك تشاهد هذا الرجل الوقور وهو أستاذ هذه الصنعة في مواقف طوارئ والأرامل يدعونه : يا خال .. يا خال .. فيبادر لإصلاح ما تداعى من بيوتهن ولا يسألهن مقابل على عمله . ومن صور البر النادرة أن جاراً له أعمى لم يخلف أبناء وكان قليل ذات اليد مكث سنوات طويلة غالب أكله مما يبعث له به العم عبد الرحمن فإن قام أحد بالإحسان إليه باستضافته وإلا فهو ضيف عند العم عبد الرحمن وبقي على هذا حتى توفي هذا الجار الأعمى . ولا يزال لا يرد سائلاً وربما استدان لأجل أن يعطي سائلاً، وحتى النساء الجلوس على أعتاب المساجد يوم الجمعة يأنف أن يعطي الشيء القليل كالريال والريالين ويقول بلهجته العامية : ( هذي مهب مدةٍ لي ) يعني أنه لا يليق بي إعطاء مبلغ قليل . وفي جلسة في منـزله المتواضع حيث يسكنه منذ أن تولى الأذان في مسجده سألناه هذا السؤال : يا عم : وش لك من الدنيا ؟ فأعاد السؤال كأنه يريد أن يتأكد من إرادة هذا السؤال ،، ثم أجاب على الفور بقوله : لي : لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله . ثم سكت حتى يظن السامع أنه لا جواب لديه غيره، ثم استأنف: لنا نِخِيْلاتٍ .. ثم ذكر معاناته في الزمان الأول وذهابه على الأقدام من بلدته إلى الرياض وتقلبه في أعمال متعددة ثم ختم كل ذلك بقوله : (رحنا وجينا .. اللي يأكل لقمة حلال بنعمة .. نحمد الله ونشكره ) . ومن خلالِه الحَمِيدة أنك لا تكاد تسمع منه كلمة في ذم أحد من الناس ولما سألناه عن ذلك كان جوابه : ( ليتي أطهر روحي .. أنا بلشٍ بذنوبي ها الحين) فلله هذا الفقه ، وهذه الفطرة الطيبة . والرجل كثير الشكر لمن قدم له معروفاً ولو بسيطاً، متسامح مع القريب والبعيد، ومن صور تسامحه وعفوه أنك لا تسمع منه كلمة عتاب أو لوم عندما تتأخر في زيارته ولو طال الزمن، يحدث بعض أولاد بنته عنه أن أقاربه ومن له حق عليهم لو انقطع أحدهم عن زيارته فإنه يدعو له ويذكره بخير .. بل كان يقرض بعض الناس ولا يطالبهم بالوفاء ولا يأذن لأولاده بالمطالبة بالدين ويخبر أن المدينين سيأتون بالدين .. ومن أعجب ما تراه في أحواله رضاه وطمأنينته وقناعته فلا يشتكي ولا يتذمر حتى إذا ذكرت له شيئاً من وجوه الألم في حياته تراه بعفوية تامة ينتـزع وجوه الرضى والحسن منها .. سألنا عن نَظَرِه فأخبرنا أنه لا يكاد يميز الأشياء ولم يذهب يتشكي من كونه لا يبصر طريقه أو تفوت عليه بعض حاجاته لضعف بصره ، كلا .. بل جعل يحمد الله على أن عينيه لا تؤلماه ،، إنه لم يكتسب ذلك من خلال دورة تدريبه ، ولكنه فضل الله يمن به على من يشاء من عباده . ولعل هذا الرضى والقناعة أحد أسباب تمتعه بصحة جيدة وكونه لا يعاني من أمراض السكر والضغط الشائعة في هذا العصر . ولعل من صور تسامحه أيضاً ولين عريكته أن ابنه الأول صالح ولد في الرياض فجاء أخو العم عبد الرحمن لأمه ـ الجد فهد بن عبد الله العودة ـ وسماه (صالح) فلما حضر العم عبد الرحمن أخبر بذلك فلم يمانع ولا يزال يكنى بأبي صالح ، ثم أنجب صالح ولداً سماه (فهد) على الجد فهد العودة . يقول ابنه محمد : أخبرت والدي أن المزرعة تسام مليون ريال فقال لي : ما أبيع حق العصفور بمليون، وكان لا يغطي بعض النخل ويقول: حق العصفور. حريص على لم شمل العائلة حيث تجتمع أسرته عنده في عيد الفطر في منـزله، وقد طلب منه أخوه عبد العزيز أن يكون الاجتماع عنده فأبى ويقول : ما دمت حي العيد عندي . وأخيراً: فدعنا نقف مع هذه الصورة البديعة والتي لم يكن العم عبد الرحمن يظن أن أحداً من الناس سيكتبها عنه وأن قارئاً في زمن ما سيتمتع بمشاهدته يقول ابنه محمد : كنت أسكن معه في منـزله في الدور العلوي وكنت ربما استيقظتُ من نومي في حدود الساعة الواحدة ليلاً على صوته وهو قائم يتهجد يقرأ من قصار السور . هذي المكارم لا قعبان من لبن ،،، شيـبا بماء فصارا بعد أبوالا وبعد: فهذه وقفات من حياة رجل شاهدناه وبإمكانك مشاهدته الآن تحكي صورة وضّاءةً لرجل من المسلمين حاولنا رصدها لتكون واحدة من منارات الهدى، ولنعلم مقدار تقصيرنا وسبق غيرنا . هكذا نحسب العم عبد الرحمن الرفيعي ولا نزكي على الله أحداً . منقوووول |
10-06-2010, 04:46 PM | #2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 1,694
|
ماشاء الله عليه ...
والله يكثر من امثاله
__________________
الابذكر الله تطمئن القلوب |
الإشارات المرجعية |
|
|