صفعة على جبين التعليم ((قصة قصيرة)) =الدرس الحقيقي على ضفاف النيل

وليد العلي · 27-02-2003, 04:08 AM

الدرس الحقيقي على ضفاف النيل(قصة قصيرة)
حسن حمزة ...هو اسم ذلك الطالب الذي خُلد اسمه في مدرسته الابتدائية...حيث كان مثالاً للتفوق والأخلاق العالية...
وعلى هذا المنهج كانت مراحله المتبقية..
حسن حمزة من أبناء الريف المصري،كان حلمه منذ الصغر؛بل أكبر أمنية لأصحاب الريف أجمع هي لبس الجُبة الأزهرية ..
وبعد تخرجه سجل اسمه ضمن المتقدمين للأزهر ورغبته الأولى والأخيرة هي قبوله في كلية الشريعة ..
وبعد أيام خرجت الأسماء،وكانت أكبر بشارة بُشر بها هي قبوله في كلية الشريعة .. وما كان لمتفوقٍ أن يخسر جهده أبداً..
كانت المرحلة الجامعية بالنسبة له مرحلة جد وحيوية ،مفعمة بإلحاحه الشديد في الطلب،مع ذكاء ونبوغ حاد،على إثره تنبأ الجميع عن مولد إمام عظيم..

ومع تصرف الأيام والليالي كان ما تنبأ عنه الجميع حقاً،وتم اليوم الذي تسلم به وثيقة التخرج..

وبعدها،بدأ مشوار البحث عن الوظيفة،صاحب الجبة الأزهرية طرق كل بابٍ يلجُ إلى وظيفة العمر...ولكن صاحب الجبة الأزهرية لم يوفق للوصول إلى مطلبه... فما كان إلى أن خيم الحزن على نفسه ،وقبض نفسه حتى كأنه جاثوم قد جثم على صدره ينتظر ساعة خلاصه...
كان يمشي ...ولكن إلى أين؟؟!
حتى وصل إلى النيل..ولم يعلم به إلا بعد حين...
كان الهم يعصرُ قلبه،والغم كابتٌ على نفسه..كأنه في دوامة لا يدري كيف الخروج منها..
وما هي إلا لحظات حتى بدأ يَشعُرُ بأنه كان لا يشعر..
بدأ يناجي نفسه: آه كم هو الإنسان مخلوقٌ ضعيف... آه كم للهم من حسرات... آه ..هل سأجد مصدر رزقٍ أُعيل به عائلتي... وبدأت الآهات تحرق قلبه..وبدأ الدمعُ يخفف مصابه..
وأثناء انشاغله الشديد في التفكير إذ بشيخٍ قروي يجرُ جاموسه وقد حمل عليه حرماً عديدة من البرسيم..كأنه محصود اللحظة.. والشيخ القروي يعلوا موحياه السعادة..ويتجلى على قسمات وجهه القناعة.. وكل من لاقاه اشهر له السلام..وعلا وجهه ابتسامة تُقرب البعيد..وتُزيلُ الوحشة عن الغريب..
وأثناء سيره يُنشد بعض الأراجيز التي يزيل بها عنهُ شدة العناء.. ويخفف بها وطأة الشقاء..
وما هي إلا لحظات حتى اقترب من الشيخ الأزهري الذي يكسوه الهم..
فبادر القروي إلا السلام .. فرد عليه الأزهري السلام..
فقال القروي_بعد أن رأى الجبة الأزهرية_فقال:يا مولانا .. ما بك مهموم..كأن الدنيا على رأسك؟؟!
فأجابه الشيخ:تخرجت يا عم مُنذ أشهر ..وإلى الآن لم أجد مصدر رزق أَكفي به لقمة عيشي وعيش أبنائي.
فأجابه الشيخ القروي وهو يبتسم ويسير: الرزق من عن ربنا ..الله الرزاق الله الرزاق..

كانت هذه الكلمات صفعةً قوية في جبين ذلك الشيخ الأزهري ....
لم تكن هذه الكلمات التي خرجت من رجل أمي صفعةً في وجه ذلك الشيخ فقط!!
بل كانت صفعةً أكبر في جبين التعليم...
نعم نحن بسبب هذا التعليم أصبحنا مواد حافظة للتسجيل..غير قابله للانتفاع الشخصي..

كانت هذه النقطة الحرجة التي حركت شِرُاع الهواجس من ساحل الهم إلى ساحل الأمل...
فناجى نفسه.. بل اسمع من حوله : نعم أنا الأزهري الذي تعلمت الدين.. يُعلمني هذا الأمي القروي.. يعلمني أركان عقيدتي ..
يدرسني بأن الله الرزاق .. لو آمنا به حق الإيمان لرزقنا كما ترزق الطير .....
إنه المفتاح للنجاح أن نجدد إيماننا بالله .. وعلاقتنا بربنا..
إنه صاحب الباب المفتوح ..إنه من لا يردُ سائل ..إنه الله الرزاق..

بعدها كان الشيخ حسن علمٌ فوق رأسه نار..
كان المفتي.. المقرأ.. الإمام.. المعلم..
زرع فأثمر حقلاً من الطلاب الذين سعوا لا للتخزين إنما للتحرك بهذا العلم..
فلم يكن معلم للمعاش.. إنما للمعاش الأخروي..
كان علمه تترجمه أفعاله..
من يقابله يقرأ من قسماته الجدُ لخدمةِ هذا الدين..
وكان كالسحابة المحملة بالخير..
لقد كانت حركته هذه ورائها كلمات الأمي.."الرزق من عند ربنا ..الله الرزاق الله الرزاق"
................أبو عمر/...12/6/1422هـ...

السمو · 27-02-2003, 02:33 PM

فعلاً
الطلاب تقول لماذا تدخل هذا التخصص ؟
يقولك الجواب :
المستقبل الوضيفي
والسلام عليكم

وليد العلي · 28-02-2003, 05:19 AM

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...

أصبت بعضاً أخي الحبيب ...

ومازال الهم الأكبر لكتابة الأقصوصة ينتظر كاشفيه...

27-02-2003, 04:08 AM	#1
وليد العلي عـضـو تاريخ التسجيل: Aug 2002 المشاركات: 430	صفعة على جبين التعليم ((قصة قصيرة)) =الدرس الحقيقي على ضفاف النيل الدرس الحقيقي على ضفاف النيل(قصة قصيرة) حسن حمزة ...هو اسم ذلك الطالب الذي خُلد اسمه في مدرسته الابتدائية...حيث كان مثالاً للتفوق والأخلاق العالية... وعلى هذا المنهج كانت مراحله المتبقية.. حسن حمزة من أبناء الريف المصري،كان حلمه منذ الصغر؛بل أكبر أمنية لأصحاب الريف أجمع هي لبس الجُبة الأزهرية .. وبعد تخرجه سجل اسمه ضمن المتقدمين للأزهر ورغبته الأولى والأخيرة هي قبوله في كلية الشريعة .. وبعد أيام خرجت الأسماء،وكانت أكبر بشارة بُشر بها هي قبوله في كلية الشريعة .. وما كان لمتفوقٍ أن يخسر جهده أبداً.. كانت المرحلة الجامعية بالنسبة له مرحلة جد وحيوية ،مفعمة بإلحاحه الشديد في الطلب،مع ذكاء ونبوغ حاد،على إثره تنبأ الجميع عن مولد إمام عظيم.. ومع تصرف الأيام والليالي كان ما تنبأ عنه الجميع حقاً،وتم اليوم الذي تسلم به وثيقة التخرج.. وبعدها،بدأ مشوار البحث عن الوظيفة،صاحب الجبة الأزهرية طرق كل بابٍ يلجُ إلى وظيفة العمر...ولكن صاحب الجبة الأزهرية لم يوفق للوصول إلى مطلبه... فما كان إلى أن خيم الحزن على نفسه ،وقبض نفسه حتى كأنه جاثوم قد جثم على صدره ينتظر ساعة خلاصه... كان يمشي ...ولكن إلى أين؟؟! حتى وصل إلى النيل..ولم يعلم به إلا بعد حين... كان الهم يعصرُ قلبه،والغم كابتٌ على نفسه..كأنه في دوامة لا يدري كيف الخروج منها.. وما هي إلا لحظات حتى بدأ يَشعُرُ بأنه كان لا يشعر.. بدأ يناجي نفسه: آه كم هو الإنسان مخلوقٌ ضعيف... آه كم للهم من حسرات... آه ..هل سأجد مصدر رزقٍ أُعيل به عائلتي... وبدأت الآهات تحرق قلبه..وبدأ الدمعُ يخفف مصابه.. وأثناء انشاغله الشديد في التفكير إذ بشيخٍ قروي يجرُ جاموسه وقد حمل عليه حرماً عديدة من البرسيم..كأنه محصود اللحظة.. والشيخ القروي يعلوا موحياه السعادة..ويتجلى على قسمات وجهه القناعة.. وكل من لاقاه اشهر له السلام..وعلا وجهه ابتسامة تُقرب البعيد..وتُزيلُ الوحشة عن الغريب.. وأثناء سيره يُنشد بعض الأراجيز التي يزيل بها عنهُ شدة العناء.. ويخفف بها وطأة الشقاء.. وما هي إلا لحظات حتى اقترب من الشيخ الأزهري الذي يكسوه الهم.. فبادر القروي إلا السلام .. فرد عليه الأزهري السلام.. فقال القروي_بعد أن رأى الجبة الأزهرية_فقال:يا مولانا .. ما بك مهموم..كأن الدنيا على رأسك؟؟! فأجابه الشيخ:تخرجت يا عم مُنذ أشهر ..وإلى الآن لم أجد مصدر رزق أَكفي به لقمة عيشي وعيش أبنائي. فأجابه الشيخ القروي وهو يبتسم ويسير: الرزق من عن ربنا ..الله الرزاق الله الرزاق.. كانت هذه الكلمات صفعةً قوية في جبين ذلك الشيخ الأزهري .... لم تكن هذه الكلمات التي خرجت من رجل أمي صفعةً في وجه ذلك الشيخ فقط!! بل كانت صفعةً أكبر في جبين التعليم... نعم نحن بسبب هذا التعليم أصبحنا مواد حافظة للتسجيل..غير قابله للانتفاع الشخصي.. كانت هذه النقطة الحرجة التي حركت شِرُاع الهواجس من ساحل الهم إلى ساحل الأمل... فناجى نفسه.. بل اسمع من حوله : نعم أنا الأزهري الذي تعلمت الدين.. يُعلمني هذا الأمي القروي.. يعلمني أركان عقيدتي .. يدرسني بأن الله الرزاق .. لو آمنا به حق الإيمان لرزقنا كما ترزق الطير ..... إنه المفتاح للنجاح أن نجدد إيماننا بالله .. وعلاقتنا بربنا.. إنه صاحب الباب المفتوح ..إنه من لا يردُ سائل ..إنه الله الرزاق.. بعدها كان الشيخ حسن علمٌ فوق رأسه نار.. كان المفتي.. المقرأ.. الإمام.. المعلم.. زرع فأثمر حقلاً من الطلاب الذين سعوا لا للتخزين إنما للتحرك بهذا العلم.. فلم يكن معلم للمعاش.. إنما للمعاش الأخروي.. كان علمه تترجمه أفعاله.. من يقابله يقرأ من قسماته الجدُ لخدمةِ هذا الدين.. وكان كالسحابة المحملة بالخير.. لقد كانت حركته هذه ورائها كلمات الأمي.."الرزق من عند ربنا ..الله الرزاق الله الرزاق" ................أبو عمر/...12/6/1422هـ...

27-02-2003, 02:33 PM	#2
السمو عـضـو تاريخ التسجيل: Apr 2002 البلد: حيث السمو يكون . المشاركات: 3,480	فعلاً الطلاب تقول لماذا تدخل هذا التخصص ؟ يقولك الجواب : المستقبل الوضيفي والسلام عليكم __________________

28-02-2003, 05:19 AM	#3
وليد العلي عـضـو تاريخ التسجيل: Aug 2002 المشاركات: 430	وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته... أصبت بعضاً أخي الحبيب ... ومازال الهم الأكبر لكتابة الأقصوصة ينتظر كاشفيه...