[البرنس كم]

في هذه اللحظة التي أكتب فيها هذا المقال أشاهد من نافذتي حشداً من الأشجار السامقة تتوسطها كنيسة. الساعة الآن الثامنة والنصف صباحا. علي أن أستعد لصيام طويل. لا أعلم كم الفرق بين ساعات نهار تورنتو وبين ساعات نهار الرياض. سأتصل بعد ساعة أو ساعتين بأحد معارفي المسلمين. سيزودني بالملاحظات الضرورية المتعلقة بحياة المرء كمسلم في كندا. هذه الملاحظات لن تضيف أو تعدل على حياتي اليومية في هذا البلد سوى القليل جدا. حياة المسلم لا تختلف عن حياة الآخرين. لن أنزوي ولن اشعر بالتميز أو الاختلاف ولن يكون لي طقوس خاصة. سأقتحم الحياة كما أفعل طوال حياتي الماضية. سيكون معارفي وأصدقائي من جميع الملل والنحل. سأحترم خياراتهم بقدر ما سيحترمون خياراتي. إذا كان هناك نداءات بأن يصبح المرء داعية لدينه فسوف أكون داعية بين شباب المسلمين وخاصة السعوديين. سأحثهم على خلع الملابس والتصرفات الطقوسية.على كل إنسان أن يعيش خياراته الشخصية وذوقه الشخصي. يفترض ألا يعرف الآخرون أنك مسلم إلا إذا سألوك. وأن تقول أنا مسلم كأنك تقدم اسمك أو جنسيتك. دون كبرياء أو استفزاز أو عنجهية. أن تكون مسلما تلقائيا. شعورك أنك مسلم من بدهيات حياتك. سأسعى إلى إعادة الشباب السعودي الذين سألقاهم إلى الاندماج مرة أخرى في إنسانيتهم التي فقدوها فترة طويلة. لا يعني هذا أنني سأكون داعية إنسانيا نشطا. لن أتعمد لقاء الشباب وإلقاء المحاضرات عليهم. لم تنتدبني أي عناية إلهية لأكون رسولا لها. لكني على ثقة أن القدر سيزحمني ببعض الواجبات وعلي أن أكون مستعدا. إذا كان هناك حوار مع أحد حول بعض القضايا الفكرية فسيكون هذا موقفي. أول كلمة أقولها لأي شاب. اتركْ عنك العبارات الرنانة والمستهلكة (أن تكون داعية لدينك أو رسولا لوطنك). إذا أردت أن تكون رسولا لدينك أو وطنك فعليك أن تعيش حياتك الطبيعية وأن تنجح بامتياز فيما جئت من أجله. لم تدفع عنك حكومتك ملايين الريالات لتكون داعية أو رسولا. إذا أرادت الحكومة داعية في كندا فسوف تبعث من هو أفضل منك . خلك في شغلك. قد تسيء لدعوتك أكثر مما تفيدها فكف نهائيا عن ذلك وركز على دروسك وتطوير حياتك الشخصية واستمتع بشبابك في هذه الدنيا. الفرص يا بني لا تتكرر. لا تضرب على نفسك سجنا فكريا. هناك الكثير يمكن أن تتعلمه من كندا. افتحهما معا عينك وقلبك. جمال هذا البلد لا يتوقف عند الأشجار والورود وبحيرات المياه العذبة. هناك جمال آخر عليك أن تستمتع به ويسمح لك الدستور الكندي أن تأخذه معك إلى المملكة إذا شئت: الانفتاح والتنوع والتسامح واحترام الآخر. إذا فتحت عينك وقلبك ستشاهد سودا وبيضا وصينيين وهنودا جاءوا من خلفيات متنوعة: مسلمون وهندوس ويهود وملاحدة يعيشون بتناغم. هذا يشتري من هذا وهذا يضحك مع هذا وهذا يتنزه مع ذاك. لقد ألغى الملك عبدالله فتاوى الفوضى والسيطرة عليك. رفعت أثداء شيوخ الصحوة من فمك . فطمت وكبرت. جئت إلى كندا لتنضج لا لتكون داعية..


عبدالله بن بخيت

+++++++++++++++++++++

كلام جميل من شخص كبير بكتاباتة
لله درك

[شمعة حنين]

كلام رائع
وجزاك الله خير