|
|
|
|
||
ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول |
![]() |
|
أدوات الموضوع | طريقة العرض |
![]() |
#1 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
|
مِيزانُ الحَقِّ
![]() قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى : « مِنْ الله الرسالة ، وعلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلَّم البلاغ ، وعلينا التسليم » . وصدق رحمه الله ؛ فنحنُ متعَبَّدون بشرع الله المنزَّل ، ولا خير ولا فلاح إلا بالتمسك بهذا الشرع القويم ، وليس لنا أن نزيد عليه أو ننقص منه ، بل علينا أن نسلِّم بكل ما جاء فيه من الأوامر ، والانتهاء عن كل ما جاء فيه من المناهي ؛ فحسب . وبذلك نحقق الخيريَّة والوسطيَّة التي ذكرها الله بقوله تعالى : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا } [البقرة: من الآية143]. والطريقُ إلى الوسطيَّة لا يكون بالنظر إلى الاتجاهات المتفرِّقة ، والأفكار المتنوعة ؛ ثم البحث عن المكان ( الاستراتيجي ) ـ حسب نظرتنا ـ بينها ! . بل الطريق يكون بالتَّسليم لأوامر الشارع الحكيم ، والتمسُّك بالشرع القويم ؛ وسنجد أنفسنا ـ تلقائيا ـ في أعلى مكانٍ ، وأنقى جوٍّ ، وأكرمِ منزلةٍ . وحين اختلَّ الميزانُ الذي نميِّزُ به الحقَّ ، وأهلَ الحقِّ في أذهان الكثير منَّا ؛ فأصبحـنا نرى مقاييس جديدة : فمنَّا من يرى الكثرة ميزانا لأهل الحقِّ ، ونسي قول الله تعالى : { وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ } [الأنعام:116] . وقد سمعنا من البعض تصحيح مذهب الأشاعرة بحجة أن أكثر المسلمين على المذهب الأشعري . ومن صفات أهلِ الحق أنهم : ( قلَّةٌ ) ، ( غرباء ) . قال العلامة ابنُ رجب رحمه الله تعالى ـ في مواضع من رسالته القيمة : "كشف الكربة في وصف أهل الغربة"ـ : « خرَّج مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء ) . وخرَّجه أبو بكر الآجري وعنده : ( قيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ) . وخرَّجه غيره وعنده : ( قال : الذين يفرون بدينهم من الفتن ) . وخرَّجه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الدين بدأ غريباً ، وسيرجع غريباً ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي ) . قال الأوزاعي في قوله صلى الله عليه وسلم : ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ ) : أما إنه ما يذهب الإسلام ولكن يذهب أهل السنة حتى ما يبقى في البلد منهم إلا رجل واحد . ولهذا المعنى يوجد في كلام السلف كثيراً مدح السنة ووصفها بالغربة ووصف أهلها بالقلة ، فكان الحسن - رحمه الله - يقول لأصحابه : ( يا أهل السنة ! ترفقوا - رحمكم الله - فإنكم من أقل الناس ) . وقال يونس بن عبيد : ( ليس شيء أغرب من السنة وأغرب منها من يعرفها ) . وروي عنه أنه قال : ( أصبح من إذا عرف السنة فعرفها غريباً وأغرب منه من يعرفها ). وعن سفيان الثوري قال : ( استوصوا بأهل السنة فإنهم غرباء ) ». وقد يجعل البعض ميزان القلة هو المقياس الوحيد لأهل الحق ؛ فيقع في الشذوذ ! ومنَّا من نصَّب رجلا وجعله ميزانـاً لأهل الحق ؛ فالحقُّ ما قرره ذلك الرمز ، والباطـل ما أبطله ، ولا قول لأحد بعد قوله ! وهذا المسلك مسلك المتعصِّبة من مقلِّدة المذاهب ، وأتباع الأحزاب ـ المنظَّمة أو غير المنظَّمة ـ . وأعجب من هذا من يجعل بعضَ صحبِه أو مرشديه ؛ مرجعاً يأوي إليهم في ملمَّاتِ الأزماتِ ، ونوازل العصر ! . وهذه تبعيَّةٌ عمياء ، وحزبيَّة مقيتة . وآخرون فرُّوا من التقليد ؛ فوقعوا في التفلُّت ، واحتقار العلماء الربانيين . أو فرُّوا من الحزبيَّة للأشخاص إلى حزبيَّة الأفكار ! . ومنَّا من نظر في تقلُّب الأحوال ، وما آلت إليه الحال المعاصرة ؛ فبنى على ذلك أفكاراً ، وأسس ـ لنفسه منهجا ـ . وآخرون تعسَّرت أفهامهم عن إدراك ما يقال ويجري ؛ فاختار لنفسه منهجاً مريحاً ! فأما ما قيل ولم نفهمه فمردود على صاحبه ، وأما ما جرى فلنا له التفسير الصحيح المريح لعقولنا ، وقلوبنا ! . قال العلامة عبد الرحمن المعلِّمي رحمه الله تعالى : « فالواجبُ على الراغب في الحقِّ أن لا ينظر إلى ما يجيئه من معدن الحقِّ من وراء زجاجات أهل الأهواء الملوَّنة ، بل ينظر إليه كما ينظر إليهِ أهلُ الحقِّ » .
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه». [/center] [توضيح الكافية الشافيَة]. [/mark]صفحة ناشر الفصيح آخر من قام بالتعديل ناصرالكاتب; بتاريخ 08-09-2003 الساعة 02:14 AM. |
![]() |
![]() |
#2 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2003
البلد: دوماً مُحلِق
المشاركات: 218
|
السلام عليكم
جزاك الله خيرا.. انتقاء رائع أثابك الله.. ومما ذكرت من درر: قال الإمام الزهري رحمه الله تعالى : « مِنْ الله الرسالة ، وعلى الرَّسولِ صلى الله عليه وسلَّم البلاغ ، وعلينا التسليم » ما أجمل هذا الكلام المستوحى من كتاب الله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) فالعجيب أننا في الآونة الأخيرة أصابتنا صدمة فكرية، فنبذنا كل فكر قديم وصرنا ندعو للحرية الفكرية في كل مجال.. عجبا لقومي هل الدين يخضع للأراء.. لا خيرة لنا إلا التسليم.. ثم يقولون احترام رأي.. سبحان الله.. (لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) لا أدري متى نفيق من هذه الصدمة لنعي أن أمورا لا تقبل تدخل الرأي، وأمورا أخرى للرأي فيها مجال..والله تعالى المستعان والسلام عليكم
__________________
[POEM="font="Simplified Arabic,4,black,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]متاركة اللئيم بلا جوابٍ = أشّد على اللئيم من السبابِ فَما شيء أحب إلى لئيمٍ = إذا شتم الكريم من الجواب[/POEM] أن تكون على حق ؛ لا يستدعي رفع صوتك . :) |
![]() |
![]() |
#3 |
عـضـو
تاريخ التسجيل: Aug 2002
المشاركات: 377
|
بارك الله فيك
__________________
[mark=FFFFFF][align=right]قال الشيخ عبد الرحمن السَّعدي -رحمه الله-: «على كلِّ عبدٍ ... أن يكون في أقواله وأفعاله واعتقاداته وأصول دينه وفروعه متابعًا لرسول الله متلقيًّا عنه جميعَ دينِه، وأن يعرِض جميع المقالات والمذاهب على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فما وافقَهُ قبلَهُ، وما خالَفَهُ ردَّه، وما أشكل أمره توقف فيه». [/center] [توضيح الكافية الشافيَة]. [/mark]صفحة ناشر الفصيح |
![]() |
![]() |
الإشارات المرجعية |
|
|