[أبو جنــى]

’‘

في الصباح الباكر !! حيث الهواء العليل الذي يطرب الأرواح ..
و أصوات زقزقـة العصافير و تحركاتها ! حيث النسيم البارد الذي ينعش القلب !
و شدو الطير الذي يعانق أغصان الشجر , فتحمل أعشاش الطيور و صغارها ! حيث النقاهه و الهدوء !!
حينها يتيح الموقف إسترجاع ذكرياتٍ ماضيـة , ذكرياتٍ مُندثرة ! كُنت أرقب كل هذا من نافذتي !!
هممت بترتيب الأوراق المتبعثرة , فأنا أُجيد فن البعثرة التي كم آرقتني و أخذت مني وقتـاً في ترتيب ما قُمت بِبَعثرتـة ,,
بـدأت بجمع الأوراق
واحدة تلو الأخرى !! حتى وصلت لورقة طوى عليها الزمن ,, منذُ أن كُنت في الإبتدائية من معلمي .. حيثُ كتب فيها :
( اليــوم ترتـقي أول درجـة من سلم النجاح , و تقطع الخطوات الأولى إلى قمـة المجد فهنيئاً لك ,, بارك الله لك نجاحك
و جعله طريق نحو فوز أعظم ) !!
قُلت في خاطري :
( ليتك لم تبارك لي ! و ليتك لم تعطني إياها , فهي ليست من قلبك و لا حتى خاطرك راضي بأن تعطني إياها !! ليتك إحتفظت بها و لم أراها لكي
لا أسترجع الذكريات معك ! ليتني لم أتعلم منك و بين يديك
لم و لن أنسى المواقف التي كانت تحدث بيننا .. لم أنسى الظلم الذي كنت تعطيني منه جرعات صباحـاً و ظهراً ,
فأعود لحظن أمي باكياً و تظنني متباكيـاً ,, فتُطبطب علي لكي أكف عن البكاء !!
فقد كنت تعاقبني بذنبٍ لم أرتكبه ! قد تظنني طفلاً و لم أنتبه لتعاملك الخاص معي وحدي ,,
و قد تظنني صغيراً و لستُ ألاحظ نظراتك و تحركاتك .. و لكني منتبه لكل شئ , فحقاً إنني طفل و لكن لم يخفى علي شيئاً من ما كُنت تفعلـة !
و لكني كُنت و لا زلت أمتلك خاصية ( التجاهــل ) فهي الخاصية الوحيدة التي أود بقائها أمداً !!
مُعلمي لم أنسى ذلك اليوم الذي جئتني بة إلى مكتبي لتعتذر مني .. عن ما فعلته بي حينما كُنت تلميذك ,
و لكن عذراً إنني أوهمتك بأني لم أتذكر شيئاً و أنك لم تظلمني و لم تعاملني معاملة تختلف عن البقية ,,
و إني راضٍ عنك و ممتن لك .. و ليس هُناك شيئاً يجعلني أقبل عذرك , فإنك لم تُخطئ بحقي يومـاً !
( كل هذا فقط من أجل ضميرة و مشاعــرة ) !!
فلستُ أود خدشها .. و لكن سرعان ما تكلم ضميري مُخاطباً لمعلمي .. فيقول :
( معلمي , مبارك لك هذا التغيير فقد كنت تظلم تلاميذك و تظن بأنك تنتقم ممن أخطأ عليك و بحقك , و هو أخاً أو قريباً لهم !! فهم
لم يرتكبون بحقك خطاءً ) !
نطق لساني قائلاً : ( أستاذي ليهنـأ بالك فإنك لم تخطئ بحقي ) !!

’‘