بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » الطنزة تلحق

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 12-02-2002, 08:18 PM   #1
الحليل
عـضـو
 
صورة الحليل الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2002
البلد: .. البصر ..
المشاركات: 4,045
الطنزة تلحق

> > > ســــــــــــــالـــــــم
> > >
> > >
> > > (( يــــــأيـــــــــهــــــــــا الذيــن آ منــــوا لا يسـخر قـوم من
> > > قــوم عـســـى أن يـــــــــكونوا خـيــــــــــــــراَ
مــنــــهـــــــم
> >)
> > >
> > >
> > > لم أكن قد تجاوزت الثلاثين حين أنجبت زوجتي أوّل أبنائي، ما زلت أذكر تلك
> > > الليلة، كنت سهراناً مع الشّلة في إحدى الشاليهات، كانت سهرة حمراء بمعنى
> > > الكلمة، أذكر ليلتها أنّي أضحكتهم كثيراً .. كنت أمتلك موهبة عجيبة في
> > > التقليد، بإمكاني تغيير نبرة صوتي حتى تصبح قريبة من الشخص الذي أسخر
منه،
> > > أجل كنت أسخرمن هذا وذاك، لم يسلم أحد منّي أحد حتى شلّتي .. صار بعض
> >الرّجال
> > > يتجنّبني كي يسلم من لساني تعليقاتي اللاذعة. .
> > > تلك الليلة سخرت من أعمى رأيته يتسوّل في السّوق، والأدهى أنّي وضعت قدمي
> > > أمامه ليتعثّر. تعثّر وانطلقت ضحكتي التي دوت في السّوق .. عدت إلى بيتي
> > > متأخراً ، وجدت زوجتي في انتظاري .. كانت في حالة يرثى لها !!
> > > - أين كنتَ يا راشد؟!
> > > - في المريخ (أجبتها ساخراً) : عند أصحابي بالطبع ..
> > > كانت في حالة يرثى لها، قالت والعبرة تخنقها:
> > > - راشد… أنا تعبة جداً… الظاهر أن موعد ولادتي صار وشيكاً…
> > > سقطت دمعة صامته على جبينها ، أحسست أنّي أهملت زوجتي ، كان المفروض أن
> >أهتم
> > > بها وأقلّل من سهراتي خاصة أنّها في شهرها التاسع…
> > > قاست زوجتي الآلام يوم وليلة في المستشفى، حتى رأى طفلي النور… لم أكن في
> > > المستشفى ساعتها، تركت رقم هاتف المنزل وخرجت، اتصلوا بي ليزفوا لي نبأ
> >قدوم
> > > سالم ..
> > > حين وصلت المستشفى طُلب منّي أن أراجع الطبيبة… أي طبيبة؟! المهم الآن أن
> >أرى
> > > ابني سالم… لابد من مراجعة الطبيبة… أجابتني موظّفة الاستقبال بحزم !!
> > > صُدمت حين عرفت أن ابني أعمى !!!! تذكّرت المتسوّل… سبحان الله كما تدين
> > > تدان!!!
> > > لم تحزن زوجتي .. كانت مؤمنة بقضاء الله راضية .. طالما نصحتني… طالما
طلبت
> > > منّي أن أكف عن تقليد الآخرين… كلاّ هي لا تسميه تقليداً بل غيبة… ومعها
كل
> > > الحق!!
> > > لم أكن أهتم بسالم كثيراً، اعتبرته غير موجود في المنزل، حين يشتد بكاءه
> >أهرب
> > > إلى الصالة لأنام فيها .. كانت زوجتي تهتم به كثيراً ، وتحبّه .. لحظة لا
> > > تظنوا أنّي أكرهه،أنا لا أكرهه لكن لم أستطع أن أحبّه!.
> > > أقامت زوجتي احتفالاً حين خطا خطواته الأولى، وحين أكمل الثّانية اكتشفنا
> > > أنّه أعرج!!!!!!!!.
> > > كلّما زدت ابتعاداً عنه ازدادت زوجتي حباً واهتماماً بسالم حتى بعد أن
> >أنجبت
> > > عمر وخالد..
> > > مرّت السنوات كنت لاهٍ وغافل، غرّتني الدنيا وما فيها، كنت كاللعبة في يد
> > > رفقة سوء مع أنّي كنت أظن أنّي من يلعب عليهم.. لم تيأس زوجتي من إصلاحي،
> > > كانت تدعو لي دائماً بالهداية، لم تغضب من تصرّفاتي الطائشة ، أو إهمالي
> > > لسالم واهتمامي بباقي إخوته ..
> > > كبر سالم، ولم أمانع حين طلبت زوجتي تسجيله في أحد المدارس الخاصة
> >بالمعاقين
> > > ..
> > > لم أكن أحس بمرور السنوات .. أيّامي سواء .. عمل ونوم وطعام وسهر!!! حتّى
> >ذلك
> > > اليوم .. كان يوم الجمعة، استيقظت الساعة الحادية عشر ظهراً، ما يزال
الوقت
> > > باكراً لكن لا يهم، أخذت دشّاً سريعاً، لبست وتعطّرت وهممت بالخروج ..
> > > استوقفني منظره، كان يبكي بحرقة! إنّها المرّة الأولى التي أرى فيها سالم
> > > يبكي مذ كان طفلاً .. أأخرج…؟ لا .. كيف أتركه وهو في هذه الحالة؟! أهو
> > > الفضول أم الشفقة؟! لا يهم…
> > > سألته… سالم لماذا تبكي؟!.
> > > حين سمع صوتي توقّف ، بدأ يتحسّس ما حوله… ما بِه يا ترى؟! واكتشفت أن
ابني
> > > يهرب منّي!!!… الآن أحسست به… أين كنت منذ عشر سنوات؟! تبعته… كان قد دخل
> > > غرفته… رفض أن يخبرني في البداية سبب بكائه، وتحت إصراري عرفت السبب …
> >تأخّر
> > > عليه شقيقه عمر الذي اعتاد أن يوصله إلى المسجد، اليوم الجمعة خاف ألاّ
يجد
> > > مكاناً في السطر الأوّل، نادى والدته لكن لا مجيب، حينها…
> > > حينها وضعت يدي على فمه كأنّي أطلب منه أن يكف عن حديثه، أكملت : حينها
> >بكيت
> > > يا سالم…
> > > لا أعلم ما الذي دفعني لأقول له: سالم لا تحزن… هل تعلم من سيرافقك اليوم
> >إلى
> > > المسجد؟! أجاب: أكيد عمر… ليتني أعلم إلى أين ذهب؟! قلت له: لا يا سالم
أنا
> > > من سيرافقك! استغرب سالم، لم يصدّق، ظنّ أنّي أسخر منه، عاد إلى بكائه،
> >مسحت
> > > دموعه بيدي، وأمسكت بيده. أردت أن وصله بالسيّارة رفض قائلاً: أبي المسجد
> > > قريب، أريد أن أخطو إلى المسجد..
> > > لا أذكر متى آخر مرّة دخلت فيها المسجد ولا أذكر آخر سجدة سجدتها .. هي
> > > المرّة الأولى التي أشعر فيها بالخوف والنّدم على ما فرّطته طوال السنوات
> > > الماضية ..
> > > مع أن المسجد كان مليئاً بالمصلّين إلاّ أنّي وجدت لسالم مكاناً في الصف
> > > الأوّل .. استمعنا لخطبة الجمعة معاً وصليت بجانبه .. بعد انتهاء الصلاة
> >طلب
> > > منّي سالم مصحفاً... استغربت كيف سيقرأ وهو أعمى؟! هذا ما تردّد في نفسي،
> >ولم
> > > أصرّح به خوفاً من جرح مشاعره .. طلب منّي أن أفتح له المصحف على سورة
> >الكهف،
> > > نفّذت ما طلب، وضع المصحف أمامه وبدأ في قراءة السورة، يا الله!! إنّه
يحفظ
> > > سورة الكهف كاملة وعن ظهر
> > > غيب!!! خجلت من نفسي، أمسكت مصحفاً، أحسست برعشة في أوصالي، قرأت وقرأت،
> >قرأت
> > > ودعوت الله أن يغفر لي ويهديني .. هذه المرّة أنا من بكى حزناً وندماً
على
> >ما
> > > فرّطت، ولم أشعر إلاّ بيد تمسح عنّي دموعي، لقد كان سالم!.
> > > عدنا إلى المنزل .. كانت زوجتي قلقة كثيراً على سالم، لكن قلقها تحوّل
إلى
> > > دموع حين علمت أنّي صلّيت الجمعة مع سالم!!.
> > > من ذلك اليوم لم تفتني صلاة جماعة في المسجد، هجرت رفقاء السوء وأصبحت لي
> > > رفقة خيّرة عرفتها في المسجد.. ذقت طعم الإيمان معهم، عرفت منهم أشياء
> >ألهتني
> > > عنها الدنيا.. لم أفوّت حلقة ذكر أو قيام .. ختمت القرآن عدّة مرّات في
شهر
> > > وأنا نفس الشخص الذي هجرته سنوات!!! رطّبت لساني بالذكر لعلّ الله يغفر
لي
> > > غيبتي وسخريتي من
> > > النّاس ..
> > > أحسست أنّي أكثر قرباً من أسرتي، اختفت نظرات الخوف والشفقة التي كانت
تطل
> >من
> > > عيون زوجتي، الابتسامة ما عادت تفارق وجه ابني سالم، من يراه يظنّه ملك
> > > الدنيا وما فيها .. حمدت الله كثيراً وصلّيت له كثيراً على نعمه ..
> > > ذات يوم قرر أصحابي أن يتوجّهوا إلى أحد المناطق البعيدة للدعوة، تردّدت
في
> > > الذهاب، استخرت الله واستشرت زوجتي، توقعت أن ترفض لكن حدث العكس!! فرحت
> > > كثيراً بل شجّعتني ..
> > > حين أخبرت سالم عزمي على الذهاب، أحاط جسمي بذراعيه الصغيرين فرحاً،
ووالله
> > > لو كان طويل القامة مثلي لما توانى عن تقبيل رأسي .. بعدها توكّلت على
الله
> > > وقدّمت طلب إجازة مفتوحة بدون راتب من عملي، والحمد لله جاءت الموافقة
> >بسرعة،
> > > أسرع ممّا تصوّرت .. تغيّبت عن البيت ثلاثة أشهر ونصف، كنت خلال تلك
الفترة
> > > أتصل كلّما سنحت لي الفرصة بزوجتي وأحدّث أبنائي .. اشتقت لهم كثيراً… كم
> > > اشتقت
> > > لسالم!! تمنّيت سماع صوته، هو الوحيد الذي لم يحدّثني منذ سافرت .. إمّا
أن
> > > يكون في المدرسة أو المسجد ساعة اتصالي بهم .. كلّما أحدّث زوجتي أطلب
منها
> > > أن تبلغه سلامي وتقبّله، كانت تضحك حين تسمعني أقول هذا الكلام إلاّ آخر
> >مرّة
> > > هاتفتها فيها .. لم أسمع ضحكتها المتوقّعة، تغيّر صوتها… قالت لي: إن شاء
> > > الله ..
> > > أخيراً عدت إلى المنزل، طرقت الباب، تمنّيت أن يفتح سالم لي الباب لكن
> >فوجئت
> > > بابني خالد الذي لم يتجاوز الرابعة من عمره.. حملته بين ذراعي وهو يصيح…
> >بابا
> > > يا بابا يا… انقبض صدري حين دخلت البيت، استعذت بالله من الشيطان
الرجيم..
> > > سعدت زوجتي بقدومي لكن هناك شيء قد تغيّر فيها، تأمّلتها جيداً، إنّها
> >نظرات
> > > الحزن التي ما كانت تفارقها .. سألتها ما بكِ؟! لا شيء.. لا شيء هكذا
ردّت
> >..
> > >
> > > فجأة تذكّرت من نسيته للحظات، قلت لها: أين سالم؟! خفضت رأسها لم تجب، لم
> > > أسمع حينها سوى صوت ابني خالد الذي ما يزال يرن في أذني حتى هذه اللحظة…
> >بابا
> > > ثالم لاح الجنّة عند الله !!
> > > لم تتمالك زوجتي الموقف أجهشت بالبكاء وخرجت من الغرفة ..
> > > عرفت بعدها أن سالم أصابته حمّى قبل موعد مجيئي بأسبوعين، أخذته زوجتي
إلى
> > > المستشفى، لازمته يومين وبعد ذلك فارقته الحمى حين فارقت روحه جسده ..
> >أحسست
> > > أن ما حدث ابتلاء واختبار من الله سبحانه وتعالى… أجل إنّه اختبار وأيّ
> > > اختبار؟!
> > > صبرت على مصابي وحمدت الله الذي لا يحمد على مكروهٍ سواه ..
> > > ما زالت أحس بيده تمسح دموعي، وذراعه تحيطني ..
> > > كم حزنت على سالم الأعمى الأعرج!!! لم يكن أعمى، أنا من كنت أعمى حين
انسقت
> > > وراء رفقة سوء، ولم يكن أعرج، لأنه استطاع أن يسلك طريق الإيمان رغم كل
شيء
> > > ..
> > > سالم الذي امتنعت يوماً عن حبّه!! اكتشفت أنّي أحبّه أكثر من أخوته!!!
بكيت
> > > كثيراً … كثيراً، ومازلت حزيناً…كيف لا أحزن وقد كانت هدايتي على يديه؟!
> > > متأكّداً لو أنكم عرفتم سالم ستحبّونه أكثر ممّا أحببناه!!!!


منقووووول
__________________
لاإله إلا الله محمد رسول الله ...
الحليل غير متصل  


قديم(ـة) 13-02-2002, 01:48 AM   #2
فتى العشة
عـضـو
 
صورة فتى العشة الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2001
البلد: الخبوب..
المشاركات: 408
قصة مؤثرة...جداً...نعم..ربنا..يمهل..ولا يهمل...
__________________
[c]


سبحانك اللهم و بحمدك ، اشهد الا اله الا انت ، استغفرك و اتوب اليك ...
[/c]
فتى العشة غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 05:44 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)