بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » حرية العقل (المسؤول)

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 12-05-2004, 08:55 AM   #1
السيـد: نور
عـضـو
 
صورة السيـد: نور الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2004
البلد: بريدة ــ الفايزية
المشاركات: 19
حرية العقل (المسؤول)

هذا المقال نشرته سابقاً في إحدى الصحف المحليـة ،، في محاولة مني لأبدى وجة نظر ...

حرية العقل المسؤول


إن قيمة الحرية بمفهومها العام أكثر شيء يعشقه الإنسان بعد عقيدته، ويمكن لنا القول أن حق الحرية لا يقل قدراً عن حق الحياة والكرامة الإنسانية. وحينما توضع الحرية بمفاهيم خاصة متعلقة بقيم عظيمة يكون العشق والحق أعظم، فما لو نظرنا لحق حرية منسوبة إلى ما تميز به الإنسان عن الحيوان وما كان مناط تكليفه وسبب مسؤوليته بوجوده، وبوابة مجده وهزة وبه يغلب وبه يحكم، ذلك العقل الجبار الذي يحمل الكثير والكثير من الإبداع والتنوير، فعندما ننظر إلى حريته نقول جميعا إن مصادرة حريته جريمة يجب أن نجتثها من جذورها في نفوسنا ومجتمعنا، ونطلق للعقل الحرية ونقول له انطلق حرا وكن على قدر من المسؤولية. وأعني بالمسؤولية ذلك العقل الذي عصم الضمير وأحياه، المدرك للحقائق، الموازن للأمور، المسدد المقارب بين الأضداد. والإسلام كفل للإنسان حرية العقل أيّا كان هذا الإنسان مسلماً أو دون ذلك. قال تعالى {قل انظروا ماذا في السموات والأرض} ومنه قوله تعالى {قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون} ومنه قوله تعالى {قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} والقرآن مليء بمثل هذه الألفاظ «النظر والتفكير والعلم» وهذا لا يحصل إلا بحصول العقل بل هو العقل حقيقةً ونعتمد عليه في إقامة الحجة وظهور البرهان. وإنه من السذاجة والإساءة أن يعطل المرء عقله أو يقيده مرضاة لمخلوق أو خوفاً منه، وهو ذلك العقل الذي يرفرف في ظل الحرية تحت راية الإسلام بل إن التفكير والاجتهاد أصل مقرر تبع أصول هذه الشريعة ومقاصدها، والتقليد أمر طارئ لايلتفت إليه إلا عند الضرورة وانحسار المصلحة فيه، وشر الناس من يحرم على عباد الله التفكر والتدبر والاجتهاد في الأمور بعد أن أمرهم الله بذلك وهو بهذا يحرمهم نعمة العقل والعمل والإصلاح. وللإمام ابن حزم رحمه الله كلام حول هذا في المجلد الأول من المحلى حيث يقول (لا يحل لأحد أن يقلد أحداً لاحيّاً ولا ميتاً، وكل أحد له الاجتهاد حسب طاقته، فمن سأله عن دينه فإنما يريد معرفة ما ألزمه الله عز وجل في هذا الدين ففرض عليه إن كان أجهل أهل البرية أن يسأل عن أعلم أهل موضعه.. إلى أن يقول : ومن ادعى وجوب تقليد العامي للمفتي فقد ادعى باطلاً وقال قولاً لم يأت به قط قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قياس، وما كان هكذا فهو باطل لأنه قول بلا دليل) أ.هـ وبهذا الكلام يُنظر إلى ابن حزم أنه متوسع في هذا الباب أيما توسع وهذا يخالف ما عرف عنه ـ رحمه الله ـ من إبطال للقياس وتفنيد للمصلحة المرسلة وإبتزاز للاستحسان، لكن يبقى أن الحر لا بد وأن يقول الصواب يوماً من الأيام. ومن الرشد أن يقال أن عبوديتك لله هي بذاتها «حرية» أو بوابة الحرية حيث ارتباطها بمصلحتك الذاتية وغايتك المنشودة «السعادة والسيادة» هذا من جانب ومن جانب آخر تحرير لك من جميع العبوديات الملعونة (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) فمن عبوديتنا لله سبحانه نستلهم الحرية وتحمل المسئولية، وأن نبني أفكارنا وعقولنا نحن ليس غيرنا ولا تصاغ لنا على طريقة تناسب ما يراد لنا. والمشكلة المرة التي يجب أن نعترف بها أن الشباب المسلم والعربي على وجه الخصوص مستعبدون من قبل أناس من أصناف عديدة ـ جماعات وأحزاب ومعتقدات وخلل عقول ـ يمكن إزالتها والخلاص منها بعد تحليلها ودراستها وفهمها «فالشباب سجناء رموز وشخصيات» خلقناها ـ وإن كان ذلك من غير قصد ـ ولكن في استطاعتنا إزالتها والخلاص منها باستخدام الطرق والأساليب الصحيحة بعد فهمها وإدراكها، فالحر دائماً يقول أنا أرغب أن أكون سيد نفسي فأنا أرغب أن أعتمد على نفسي في الحياة وفي اتخاذ القرارات وليس على قوى خارجية من أي نوع كانت، وأرغب أن أكون أداة نفسي وليس أداة يحددها آخرون، أرغب في أن أكون الفاعل وليس من يقع عليه تأثير الفعل، وأن أسير بموجب غايات وأهداف شخصية واعية، لا أن أتحرك بموجب غايات تفرض علي، أن أقرر بنفسي لا أن أعمل ما يملي علي، أن أكون موجهّاً لا موجهّا من آخرين يتحكمون. هذا هو المفهوم الإيجابي للحرية وإلا ما معنى لحرية لا تريد السمو بذات وانتشالها من وحل العبوديات المنافية للفطرة، فالحرية السامية ما شخصت فطرة الإنسان وحررته من رأى المخلوق والهوى والشيطان، وهذا لا يعني عدم الأخذ بالرأي الآخر بل تكون حراً في الأخذ من الرأي الآخر وإلا الأخذ من الرأي الآخر أمر محتوم بل محمود في الإسلام قال تعالى {وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} والتواصي من التفاعل وهو من اثنين فأكثر، وهنا يحسن بنا أن نفهم الحرية فهماً أعمق وأدق فليس بمنطلق حرية الرأي أن الإسلام يقبل أيّ رأي ولا معنى أنه لا يقبله أن يصادره أو يعاقبه، فلا تلازم بين الرفض والمصادرة أو المعاقبة كما أنه لا تلازم بين الإثم والعقوبة أو الإثم وعدم الصحة أو عدم الإثم والإباحة كما في الذبيحة عند سقوط التسمية سهواً وهذا ظاهر في الفقه، فالمسألة فهم مزدوج مبني على التسامح وحسن الظن. ومن حق العقل الحر الرشيد «المسؤول» أن يتعلم على يد من يشاء من المعلمين أو وسائل تعلمية أخرى وحقه كذلك في نشر ما تعلمه أو ما احتضنه من أفكار بين الناس والمجتمع، وكذلك جدير بالعاقل الرشيد أن يقبل النقد والتنقيح من قبل الرأي الآخر وهذه هي قيمة الواصي التي حث عليها القرآن وبارك فيها. وعلى رأي أحد المفكرين الألمان وهو يحذر الفرنسيين قبل أكثر من مئة عام من مغبة الاستخفاف بسيادة الأفكار وسلطتها فقال : «إن الأفكار الفلسفية التي يطرحها أستاذ في مكتبه الهادئ، قادر على إبادة حضارة بكاملها». ونحن نقول فبما أن الإسلام كفل للإنسان حرية الرأي كفالة تامة فإن ممارستها يجب ألا تلحق الضرر للمجتمع، بلاخلال بنظامه أو النيل من وحدة صف الأمة أو تهديد سلطان الدولة وتعريض كيانها للخطر، وعلى العقل المسؤول حين يدلي برأيه في إحدى الوسائل يجب ألا يتضمن من قريب أو بعيد ما يجر المجتمع إلى الفساد. وفي نهاية المطاف أخلص إلى أن أقول : علينا أن نحافظ على الحد الأدنى من المجال الذي يتمتع به الفرد بحريته الشخصية، إذا أردنا أن نمنع ـ إذلال طبيعتنا أو نكرانها ـ إذ ليس باستطاعتنا أن نكون أحراراً بشكل كامل وتام، وعلينا في الوقت ذاته التضحية بشيء من حريتنا من أجل الحفاظ على ما تبقى لنا منها، ماذا يجب إذاً أن يكون عليه الحد الأدنى من الحرية؟ هو مالا يستطيع العقل التخلي عنه من غير أن يسيء إلى جوهر الطبيعة البشرية وجوهر الطبيعة الدينية الإسلامية.

تحياتي للأحرار ...

السيـد: نور
__________________
الإسلام حياة .. يبني الإنسان
من أجل أن يشعره أنه موجود

السيـد: نور
رجل يحترم عقله

smgaag_2@hotmail.com
السيـد: نور غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 12:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)