بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » == وترجل المجاهد البطل (( ماجد )) تقبله الله في الشهداء ==

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 17-05-2004, 04:05 PM   #1
المرصاع
عـضـو
 
صورة المرصاع الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2002
البلد: بلاد الحرمين
المشاركات: 2,405
== وترجل المجاهد البطل (( ماجد )) تقبله الله في الشهداء ==

لمْ يزلْ وجهُه الشاحبُ ، وعُيونهُ المغرورقةِ بدمعاتٍ منْ أجل ِأمتهِ تدور بِخَلدي مُنذُ أنْ وصَلني خبرُ وفاةِ الأخِ " ماجد الهقص " رحمه الله رحمة واسعة ...
ماجدَ .. مفخرةٌ للأمةِ في زمن القاعدين ...

للهِ ابوهُ منْ ولدٍ صلبِ النفسِ ،وجلْدِ المعَاني ، وصَادقِ العزيمةِ ..

ارتحلَ منَ الدنيا .. ويَمّمَ نَحوَ الآخرةِ ..

ارتحلَ مِنْ حائلَ .. إلى العِرَاقِ ..

يَسيرُ وخَلفَ ظَهرهِ وَحِيدَتُهُ " نورة " تلكَ البُنيةِ التي لم تبلغَ الشَهرَ السابعَ ..

يسيرُ وقد بَاع نَفَسه للهِ – نَحْسَبُه واللهُ حَسيبهُ – وهو يَسمعُ صرخاتِ ابنتهِ في أذُنَيهِ ، فيتعامَى عنْها ، وهيَ لَهْفُ قَلْبِهِ ولْوعَةُ فؤادهِ ..

يَسيرُ ، فيأتيه الطارقُ ليقول له يا ماجد :

أمكَ .. بُنيتكَ .. شَبَابُكَ .. حَياتُكَ .. متعُتكَ وزَهرةَ ُعُمركْ ...

لمَ الرَحِيلُ يَا " ماجدُ " وفي الأمَلِ فُسْحةٌ ..

لمَ العراقُ ، وفي سُهولِ حَائلَ مغْنَى ؟؟

لمَ القتالُ .. وفي مُتْعَةِ الحياةِ أمَلاً وحُلُمَاً جَميلاً ..؟

يسيرُ .. فاذا صَوتُ أُمّهِ يَنْتَحِبُ خَلفَهُ ويقول : يا لَوْعَةَ قَلْبيَ .. ويَا حَشَاشَةَ نَفْسيَ يا بُنَيَ . مَالي أراكَ ذَهَبتَ وتَركْتَني .. يأتيه صوتُ الأُمِ الرءومِ بِحَشْرَجَاتِهِ ليَنْسَلَّ إلى النفسِ كسَهمٍ يَمَانيِّ يحّرقُ الحَشَاشَةََ ، وهو الابنُ البَارُ بِهَا ، الحَاني عَليها ، والذي لا يَسرّهُ أنْ تُشَاكَ بِشَوكَةِ ، أو يَأتيهَا ما يُنَكِدُ عَليها لحْظَةً ...

يا بُنَيَ يَا مَاجِدَ :

أنتَ لمْ تَزلْ عَريسَاً ..

زوجَتُكَ لمْ تُكْمِلُ مَعَكَ عَامَهَا الثَانيَ ..!

بُنَيَتُكَ ..لِمَ تُيَتِمُهَا ؟؟

ليسَ لها بَعْدَ اللهِ ألا أنتَ ...

آهٍ ، فوَاللهِ إنيَ حينَ أتَصورُ هذهِ النِدَاءاتِ - التي يَغْلُبُ على ظني أنَها قد دَارتْ في خَلَدهِ مَرَاتٍ وَمَراتٍ ...- لأجْزُمُ أنَهُ " ماجدٌ " مِنْ أمَاجِدِ الأمّةِ الأبْرَارْ ..

حَيَاتُهُ ؟؟ ومَاهِيَ حَيَاتُهُ عِنْدَ حَيَاةٍ سَرْمَديّةٍ أبَديةٍ في مَقْعَدِ صِدْق ٍعِندَ مَليكٍ مُقْتَدرٍ ..

زَوجَتُهُ ؟؟ ماهيَ زَوجَتُهُ عِندَ سَبْعينَ مِنَ الحُورِ العِينِ ، الوَاحدةُ مِنْهُنَ لو اطلعتْ عَلى أهلِ الأرْضِ لمَلأتْ مَا بَينَ السَمَاءِ والأرْضِ طِيبَاً .. ولنَصيفُهَا عَلى رأسِها خَيْرٌ مِنَ الدنْيَا ومَا عَليها ...

بُنًيَتُهُ ! .. مَاذا أقولُ عَنْ بُنَيَتِهِ ..

إني لأُدْرِكُ مَعْنَى اليُتْم .. فَليَ إخوةٌ صِغَارٌ قَد تَرَكهم أبي أيتاما أذا رأِيتُهُم كادَ قَلبيَ ينْفَطرُ ..لأنَ الابَ لا يُعَوّضُ .. وَضَمتُهُ الحانِيَة ُ تَعْدِلُ الدنْيا وَمَا عَليهَا ...

ولكنْ ... ألَيسَ" لمَاجِدَ" سَلفٌ ؟؟ اولئكَ العُظَمَاءُ الأبْطَالُ مِنْ أجْيَالِ الأُمّةِ عَلَى مَدَارِ التَاريخِ .. مِنْ زَمَنِ الصََحَابَةِ الكِرَامِ إلى يِومِنَا هَذا ..ألمْ يُضَحْوا بأنْفِسِهِمْ في سَبِيلِ الحَق والأيمانِ؟

ألمْ يُيَتَمْ أطْفَالُهمْ مِنْ بَعْدِهِم .. كَيفَ هُوَ حَالُ الأمةِ لو كلُ أبنَائِها اقْعَدَتْهُم أهلوهُمْ وأبنَاؤهم عن التَضْحِيةِ .. هل يبقى فيها أحدٌ يَرفَعُ رَايتَها .. وينْصرُ قَضيَتَها ، ويُضَحيَ بالغالي والنَفيسِ في سبَيلِ أن تَكونَ كَلمةُ اللهِ هِيَ العُليا ..ويَنْصُُُُر ضَعيفَها ، وينَتَصِرُ لمَظلومِهَا ؟؟

لقَدْ تَقَرَرتْ هَذه ِالمَعَانِيَ العَظيمَةَ في قَلبِ " مَاجِدَ " فَقال بِصَوتٍ مُنْكَسِرٍ : ( وَعَجِلتُ ألْيكَ رَبِ لتَرْضَى ) ،وهُوَ مُقبِلٌ غَيَر مُدْبرٍ ، وقَْد وَضَعَ رُوَحَه عَلى كَفِهِ مُتَجِهَاً نَحوَ العِزَةِ الخَالِدَة ِ، وَالفَخْرَ العَظيمِ الذي لا يَعْدِلُهُ فَخْرٌ ....

لقدْ رَأيْتُ " مَاجِدَ " قَبلَ عَام ٍ...

رَأيْتُهُ فَقُلتُ في نَفْسي إنَ هذا الوجْهَ لوَجهَ مُوَدِعٍ ..

إنَّ هَمْهَمَاتٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ ، وتَنَهُدَاتٍ تَخْرُجُ مِنْ فُؤَادِهِ تَدُلُ عَلى أنّهُ عَلى وَشَكِ ارْتِحَالٍ مِنْ هَذهِ الدُنيا ، وهُوَ وَاقفٌ مَعي يَتَحَدثُ عَنْ جِرَاحَاتِ الأمّةِ الكبِيرةِ .. والتي أصْبَحتْ هَمّهُ الكبيرُ الذي لا يَعْدِلُهُ هَمٌ ..

أنْظُرُ إليهِ ، فَأذا الصَفَاءُ يَنْبَعِثُ مِنْ نَظَرَاتِهِ وَكَلمَاتِهِ ..وَالصِدْقُ يَسْري إلى الفُؤَادِ وَيَتسللُ إليهِ بِلا رَقيبٍ ولا حَسيبٍ ...وحَديثُ رُوحهِ يَفْهَمُه ُالقَلبُ ، لأنّهُ أتَاه ُ مِنَ القَلبِ :

حَدِيثُ الروحِ للأرْوَاحِ يَسْري ** فَتُدْرِكُهُ القُلُوبُ بِلا عَنَاءِ

لقدِ اخْتَارَ " مَاجِدُ " الطَريقَ ، رَغْمَ مُحَاوَلةَ الكثيرون ثَنْيَهُ عَنْهُ . أليْسَتْ نَفْسَهُ التَي خَلقَها اللهُ لَهُ .. لقد بَاعَهَا لله ، واللهُ اشْتَرَى ..

رُبَمَا يَقولُ البَعضُ .. ومَاذا لو عَاشَ الفَتَى سُنَيّاتٍ أسْعَدَ أُمَهُ وَرَبّى ا بْنَتَهُ ؟؟ فأقولُ ... لقدْ قَالَ " مَاجدُ " ما قاله عَليُّ بنُ أبي طَالبٍ رَضْيَ اللهُ عَنهُ :

أَيُ يَومَيَّ مِنَ الموتِ أَفرْ ** يَومَ لا قـــُدّرَ أمْ يَـــــومَ قُدِرْ

يَوْمَ لا قُدّرَ لا أرْهَـــــبَهُ ** ومِنَ المَقْدُورِ لا يِنْجُ الــحَذِرْ

فَيَا أمَّ " مَاجِدَ " صَبْراً جَميلاً ، فإنَ الدُنيِا أمَدُهَا قَصيرٌ ...

ألمْ تَعْلَمي يَا أمَ " مَاجِدَ " أنّ الشهيدَ يَشْفَعُ لسَبعينَ مِنْ أقَارِبِهِ ؟؟ وأنهُ لا يَشعُرُ بألمِ الموتِ إلا كَمَا يَشْعُرُ الإنْسَانُ بالقَرْصَةِ ؟!

حُقّ لَك أنْ تَرْفَعي رأسَكِ عَالياً ، فَإنّ ابنَكِ لمْ يَذْهَبْ ضَحِيةَ ( تَفْحيطٍ ) مَعَ شَبابٍ لاهثينَ وراءَ المُتعةِ الزائفةِ ...

ولمْ يَمُتْ بَعدَ أنْ ضَرَبَ في وَريدهِ إبْرَةً أزْهَقتْ رُوْحَهُ بَعدَ إدْمَانِ مُخَدِرٍ ، وَلمْ يِمُتْ عَلى خَشَبَةِ مَسْرَحٍ ... وَلمْ يَمُتْ عَلى فِرَاشِهِ كمَا يَمُوتُ البَعيرُ ..ولكنهُ مَاتَ مُقبلاٍ غَيرَ مُدْبِرٍ في مَعْرَكةٍ صَافيةٍ بَينَ الكفرِ والإسْلام ِ..مَاتَ وقدْ أخَذَ في طَريقهِ مَجْمُوعَةٌ مِنْ عُلُوجُ الرُومِ الغَازيةِ الذينَ اسْتَذلوا المُسْلمينَ وقَتَلوهمْ وقَهَروهمْ فَعَزَمَ عَلى نُصْرَةِ إخْوَانهِ الذينَ حَرّقَ مُصَابَهم قلبَهُ ، فَهَبَ هَبّةَ أسَدٍ هَصُورٍ ليَنْصَرَهم ْ... نَصَره اللهُ وَعَوّضَهُ خَيراً في الفِرْدَوسِ الأعْلى ...

حُقَ لكِ .. وأهلَ حَائلَ إن تَفْخَروا بِماجِدَ ، فَبِمثلهِ فَليَفْخَرِ المُفتَخِرون ..

إن الشَبابَ تَتَخَطَفُهُمُ المَنايَا في حَوادثَ الدَهْرِ الكثيرةِ .. ولكنَّ مِيتَهَ ( مَاجِدَ) مِيتَةَ خَاصَةً ، سَيُسَطِرُها التَاريخُ في أسْفَارِ العِزِ الخَالدةِ ..وسَيذكرهُ مَعَ الأبْطَالِ الكِبَارِ ..وسَتلهِجُ الألسُنُ داعيةً له أنْ يَكُتَبَه اللهُ في عِدادِ الشُهَداءِ الأبْرَارِ ..وأنْ يُعَوضَكِ خَيراً .. ويُلهِمَكَ الصَبْرَ والسلوانَ ، وأن يَجمعَكِ بِهِ في جَنَاتٍ وَنَهرٍ ، في مِقْعًدِ صِدقٍ عندَ مَليكٍ مُقْتَدرٍ ... اللهم آمين .. اللهم آمين !
__________________


[/c]
المرصاع غير متصل  


قديم(ـة) 17-05-2004, 07:25 PM   #2
ابوعمرنت
عـضـو
 
صورة ابوعمرنت الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2002
البلد: بالملحق
المشاركات: 1,751
تقبله الله
__________________
ابوعمرنت
: 12 : 12 : 12
;) ;)
:)
ابوعمرنت غير متصل  
قديم(ـة) 17-05-2004, 08:18 PM   #3
المنخرش
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Mar 2003
البلد: بريده (رضي الله عنه)
المشاركات: 13,063
الله يتقبله وجزاك الله خير
يالمرصاع
__________________
المنخرش غير متصل  
قديم(ـة) 17-05-2004, 09:02 PM   #4
ابوفراس
عـضـو
 
تاريخ التسجيل: Jan 2004
البلد: بريدتي
المشاركات: 167
اللهم تقبله شهيداً ياحي ياقيوم
وأعن اهله وزوجته واحفظ ابنته يارب
__________________
اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه
وارنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل
يارب العالمين
ابوفراس غير متصل  
قديم(ـة) 17-05-2004, 10:40 PM   #5
سراج الخير
عـضـو
 
صورة سراج الخير الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2003
البلد: .buraydahcity.
المشاركات: 3,435
للهم تقبله من الشهداء عندك
واجمعنا به في جنتك
__________________

.
.

لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين..
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..
استغفر الله وأتوب إليه..
سراج الخير غير متصل  
قديم(ـة) 18-05-2004, 01:41 AM   #6
الإعصار
عـضـو
 
صورة الإعصار الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Sep 2003
البلد: مُجرَّدُ غُرَبَـاءْ ..!!
المشاركات: 11,482
اقتباس
المشاركة الأصليّة كتبت بواسطة سراج أبو تفله
للهم تقبله من الشهداء عندك
واجمعنا به في جنتك

__________________
الإعصار غير متصل  
قديم(ـة) 18-05-2004, 04:26 PM   #7
مدحت شوقي بريده
.. وللشطوب نكهة و نكهة ..
 
تاريخ التسجيل: Feb 2002
البلد: هناك
المشاركات: 16,085
الله يتقبله ويلحقنا بــه ..

شكراً اخوي المر .. صاع ..
__________________
.
.
.

.. قلب البحطلة ينبض ..
ينبض ينبض ينبض ..







.
مدحت شوقي بريده غير متصل  
قديم(ـة) 20-05-2004, 05:59 PM   #8
طاب الخاطر
كاتب مميّز
 
صورة طاب الخاطر الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Feb 2002
المشاركات: 2,634





والله لقد سبقت دمعتي مافي خاطري
فتوقف قلمي عن كتابت مافي قلبي




ولكن كأني بأخي وهو يتمثل هذا البيت




إما النصر والتمكين وعز الإسلام والمسلمين
وإلا الشهادة وراحة باستراحة حتى نلقى أبو رواحه




هذه الرسالة وصلتني من خارج الوطن
أرجو ممن له صله بأهل ماجد توصيلها لهم
مشكوراً ومأجوراً إن شاء الله تعالى



رحمك الله يا ماجد


كانت آخر رسالة جوال بعثها لي عن الظلم والقهر الأمريكي لإخواننا في العراق إبان الهجمة الشرسة الأخيرة على الفلوجة ، وآخر مكالمة قبل أسابيع كانت لمجرد السلام والسؤال عن الحال ، لكني الآن عرفت أنها مكالمة وداعية ، ونهاية لحوار طويل بيني وبينه ، لازلت أذكر قبل أكثر من عام يوم أن سلّمت من صلاة المغرب في المسجد المقابل لبيته فرأيته ورآني ثم تبسم كالعادة ، وأشار إلي أن لا تذهب ، وبعدما انصرفنا من المسجد عرض علي أن أدخل بيته فاعتذرت له لكنه ألحّ علي أن أدخل معه نتقهوى ونسولف ، فلم أتمكن من الاعتذار أكثر ، كان الجو بارداً فقرب الدفاية وقدم التمر ، ثم القهوة ثم الشاي وغيره . . كانت حرقته على الدين وغيرته على محارم المسملين هي الموضوع الذي يميز حديثه طوال الوقت ، كنت أقول له : إن التزامات الإنسان الخاصة لابد أن تكون نصب عينيه ، والذمة المشغولة بشيء من العقود والمعاملات البشرية لا يمكن أن تكلف بتكاليف إضافية فوق طاقته ، فإذا رغب الإنسان في الانتقال إلى ذمة أخرى برئت منه الذمة الأولى ، ثم يشق على نفسه وعلى من حوله . . فقال : أليست ذمة المسلمين واحدة ؟ قلت : بلى هي كذلك في الأصل ، لكنها اليوم ليست واحدة ، بل كل حزب بما لديهم فرحون ، وتفرقوا شيعاً فكل قبيلةٍ . . فيها أمير المؤمنين ومنبر ، قال : أنا أريد أن أسأل عن الذي يذهب لمقاومة الظالمين وطرد المغتصبين من الأمريكان في العراق ولا يريد إلا ما عند الله . . هل هو مخطئ ؟ قلت له : ليس مخطئاً ، لكن عليه أن يتحمل عواقب تصرفاته وقراراته إذا رجع وترتب على مخالفته للمعاملات التي بينه وبين حكومة بلده فلا يلوم إلا نفسه ، وهو غير مكلف ابتداء ، والله تعالى لا يؤاخذه بتقصيره إذا عجز ، قال : وإذا ما رجع ؟ لأنه ما راح أصلا وفي نيته الرجوع ، قلت : الله ييسر له ما يريد ، وعسى الله أن يعينه . .
ولما قالوا إن ماجد الهقص ذهب إلى العراق ، قلت : سبحان الله الذي جعل في نفس الإنسان هذه الإرادة التي تصنع العجائب ، وصارت صورة ماجد تأكل معي وتشرب ، أحسست بشعور غريب لا يوصف ، فكتبت له رسالة من عشر فقرات ، وكنت أبحث عن الوسيلة المناسبة لإيصال الرسالة وهو في العراق ، هل يطّلع على الإنترنت ؟ هل يمكن أن يوصلها أحد من إخوته ؟ كيف أصل إليه ؟ . . (ولعلي أنشر تلك الرسالة في وقت لاحق إن شاء الله ) . . أرجأت الموضوع أياما حتى جاءني خبر استشهاده . . قبل أن يقرأ رسالتي . . فرحمه الله وبيض وجهه يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، لقد حقق مناه ، وبلغ مراده ، والله وحده المستعان وهو المرجو أن يتقبله عنده من الشهداء ، وأن يلهم أمه وزوجته وبنته وإخوانه وأحبابه الصبر والسلوان . . وأن يبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه ، وأن يلحقنا به في الفردوس الأعلى إنه سميع قريب مجيب . .
مضى الآن أكثر من ثلاثة أيام بلياليها وطيف ماجد لا يفارق مخيلتي ، حتى في صلاتي ، لا يمكنني أن أغمض عيني عن صورته التي تتردد وشريط حياته الطويل القصير منذ أن كنت أتابع مباريات الفسحة في المدرسة كان ماجد ملفتاً للنظر بسرعة حركاته ومهاراته في اللعب رغم صغر سنّه ، خفة روحه التي كانت تجذب حوله من يعرفه ، يمتلك جاذبية غير طبيعية ، لقد صارت الأخبار التي أسمعها هذه الأيام في الصباح والمساء أوأقرؤها عن الطغيان الأمريكي في العراق ، والفساد في الأرض ، وإهلاك الحرث والنسل تجدد جرح ماجد من جديد ، وذكراه تستدعي الألم العريض في العراق وفي كل بلاد المسلمين ، فلا أدري هل جرح ماجد يجدد جراح المسلمين في ذاكرتي ، أم جراح المسلمين تجدد حزني على ماجد ، ويستمر هذا الشريط مستعرضاً أحلى الذكريات التي بقيت ظلالها تلوح عبر السنوات ، حتى آخر مرة قابلته في زواج أخيه أو في عيد الفطر ، فيارب لا تحرمه رضاك والفوز بجنتك والحور العين يا أكرم الأكرمين . .
يا الله أشهدك أنه تعلم وتربى على الخير فنشأ رجلاً صالحاً يسعد به كل من حوله ، لقد أخذ الرجولة والشهامة والجود والطيب من أهله وجماعته ، وأشهدك أنه قد قضى سنوات عمره في تعلم كتابك الكريم ودراسة علم العقيدة والتوحيد الذي هو أشرف علم ، حتى تخرج وصار يعلم الناس الخير والدين ، اللهم إنه لم يكن في حال من أحواله ولا في مرحلة من مراحل عمره أحسن منه في آخر حياته ، اللهم إنه لم يكن جاهلاً ولا مقصراً في حقك ، وإنه لم يقصر في البحث عن مرضاتك حيث كانت ، فهو من أهل العلم والدين وإخوانه من أهل العلم والدين ويحبون أهل العلم والدين ، هكذا أحسبه وأحسبهم وأنت اللهم الحسيب . . وأنا أكتب هذه الكلمات الآن بعدما فارقنا وانتهى الحوار بيني وبينه وكلي حياء من الله أولاً ، ثم من ماجد الذي أحرجني وأحرج رجال الأمة كلهم من بعده . . فاللهم تقبله عندك في الشهداء ، وألحقنا به يا رب العالمين . .


وداعـاً أيها الماجـد

استقبليه وألبسيه من الحرير بلا نكير
استقبليه وناوليه ألذ أصناف الخمور

استقبلي البطل الشجاع الفارس الحرَّ الغيور
استقبليه كما تنير الشمسُ في وقت البكور

استقبلي روحاً غدت في الجوفِ من خُضرِ الطيور
استقبلي الصقرَ الأبي إذا تنافست الطيور

استقبلي الأسد الهصور ، وليس يكفيه الزئير
وضع الفؤادَ على جناحِ الموت والعزمُ جَسور

استقبلي جسداً من الأشلاء غضّاً ذا عبير
استقبليه وأجلسيه على الأرائك في القصور

في قصره الذهبي تعلوه المهابة والحبور
ويطوف غلمان له كلآلئ البحر بُدور

استقبليه فإنه أهلٌ لحسنك والعطور
يستأهل الجود اليسير فكيف بالجود الكبير

غنِّي له وتغنجي وتمايلي قرب السرير
فلقد سعى نحو السعادة باذلاً أغلى المهور

لاهُمَّ إني شاهدٌ ، ولديك أنت حشا الضمير
أنا شاهد أن النفير لأجل رضوان الخبير

ورضاك يا ربي مناهُ ، وأنت أعلم بالصدور
وجنانك الفردوسُ لا يرجو سواها من مصير

ما كان يرجو سمعةً تبقى ، ولم أشهد بزور
بل كان ماجدُ صادقاً والله بالقلب البصير

زوّجهُ يا ربي بِحُورٍ ناعماتٍ كالزهور
واجمع به أحبابه من بعد بعثرة القبور

يا صاحبي كل النفوس تسير ناحية القبور
يا صاحبي اخترت الشهادة فلتفز يوم الحبور

يا ماجدُ اسعد بالحياة بظل موفورِ الأجور
يا ماجدُ ارحل عن حياةِ الهونِ والعيشِ الحقير

يا ماجد الجبلان عنك يسائلان ؛ متى يزور!
ما عاد يظهر ـ في دروب (أجا وسلمى) ـ أو يسير

قد كنتَ تكرهُ أن تغيبَ عن الديار ولو شهور
فلقد رحلت بلا رجوع للربوع مدى الدهور

لا تكرهي يا أم ماجدَ موتَه وهو صغير
لله ما أعطى ، وما مات الحبيب على فجور

فاستغفري وادعي له ، إنّا إلى الله نصير
قولي وداعاً ، واللقاء بجنة المَلِكِ القدير


أبو سلمان
ربيع الأول 1425هـ


اللهم لا تحرمنا أجرهم
ولا تفتنا بعدهم
واغفر لنا ولهم
اللهم آمين



تحيات أخوكم ومحبكم بالله



طاب الخاطر
25 / 3 / 1425هـ
__________________


طاب الخاطر غير متصل  
موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 02:17 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)