[د. صالح التويجري]

بسم الله الرحمن الرحيم

الوقت والإجازة 7/5/1425هـ

[align=justify]الحمد لله جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أقسم بالوقت في أكثر من موضع من كتابه إشارة إلى قيمة الوقت والعناية به فقال: ( والفجر ، والضحى ، والعصر ، والليل ) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سطر في سيرته جليل الأعمال في عمر لم يتجاوز الثالثة والعشرين، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه .
عباد الله : تمضي الساعات والأيام فضلاً عن الشهور والأعوام، وكم تخرج من أفواهنا كلمات لا نحسب لها حساباً وقد توردنا المهالك وكم نبيع أغلى ما نملك من الأوقات والأولاد بأبخس الأثمان، فنفرح حين نزجيه بالقيل والقال والانبساط مع الأصحاب والشلل .
أيها الناس: وإذا كان الحديث يطيب ويطول عن الوقت وأهميته فهو حياة الإنسان، فماذا يقال عن الوقت في الإجازة حين تغلق المدارس وتفتح كل الأبواب، تساؤلات كثيرة ملحة تحتاج لإجابة صادقة وواقعية فإلى أي شيء يتطلع جمهور الشباب، وماذا يدور في مخيلة الأولياء وما هي البرامج التي تشرف عليها المؤسسات وتسهم في استصلاح الشباب واستثمار الفراغ، وهل تفي وسائل الإعلام بتقديم برامج مفيدة لتحصين الشباب من التيارات الوافدة المنحرفة في العقيدة والأخلاق؟ ما هي الوسائل المشروعة؟ وهل الترفيه مقصور على فئة ورسم البرامج على ضوءها؟ أم المجتمع بكل شرائحه يستحق العناية بمطالبه وطموحاته المشروعة ؟!! .
سل نفسك وفكر في هذه الإجازة وما نصيب الآخرة، وكيف تقضي الأوقات وتنفق الأموال وتحفظ الأوقات؟ فهي أمانة وسوف تسألون.
نعم أغلقت المدارس فما حال التربية حين تنفرد بها البيوت وهناك من يقول إن البيوت تتعاظم مسؤوليتها وربما انكشفت البيوت الضعيفة في التربية في حال غياب توجيه المدرسة، فأصبح الأبناء وربما البنات عالة على المجتمع بالتجمعات الفارغة والسهرات الصاخبة والرحلات الخارجة غير المنضبطة أو بكثرة خروج النساء إلى الأسواق دونما حاجة وانقضاء الوقت عبر سماعة الهاتف .
أيها المسلمون: وإذا كان دور البيوت في التربية كبير وعلى الأولياء عبء جسيم فلا ينبغي أن نحمل الآباء والأمهات كامل الأثقال، فالأبناء الكبار والبنات عليهم كفل من هذه المسؤولية في مساعدة آبائهم وأمهاتهم . . وثمة همسة عتاب على الشباب المستقيم الذين يضعف أثرهم ويقل عطاؤهم في بيوتهم في الوقت الذي يمتد نفعهم إلى كل أحد ، فتراه يبخل على إخوانه وأهله بجلسة أو هدية وربما من عليهم بالذهاب بهم لقضاء حوائجهم أو زيارة أقاربهم، بينما تراه يتهلل مع الأصحاب ويفرح بخدمة الزملاء، والله تعالى يقول: ( وأنذر عشيرتك الأقربين )، ( والأقربون أولى بالمعروف ) .
عباد الله: ومهما طاشت بنا الدعايات وتنوعت العروض وتقاطر الناس سراباً إلى شهواتهم سواء ما حلّ أو حرم، وعادوا بالخيبة والندم والملل، فإن المسلمون يملكون مركز التربية الدائم وملتقى الإيمان، ومحضن التربية للكبار والصغار لا يغلق أبداً ولا تنقطع رسالته في الليل والنهار، إنها بيوت الله، فما هو أثر المساجد في الأحياء وما البرامج التي يمكن أن نقدمها؟ ما هي الأنشطة التي يمكن أن تنطلق من المساجد تربية وتعليماً وعبادة ومواساة، وتعرف على أصحاب الحاجات ومعاناة المشكلات، ولئن كان على الأئمة كفل كبير من هذه المسؤولية، فإن الإلحاح والمطالبة والمساندة من جماعة المسجد والتعاون على تحقيق الرسالة وتحقيق المصلحة وردم الفجوة، فإن المسجد متعدد الأغراض، ولكل مسلم فيه موقع ودور بقدر ضعفنا تنحسر رسالته ويضمر دوره في الحياة .
فالعالم بعلمه والمدرس برأيه والغني بماله، سينعم أهل الحي بالهدوء والسكينة وتختفي التجمعات الفارغة والعبث الذي يزعج المارة، ولو لم نعمرها إلا بالصلاة التي طالها الإجحاف في الإجازة حين يطول السهر وتخلو البيوت وينشغل الناس .
وإذا كان الأقوياء يحسنون الوصول إلى شهواتهم، فمن للأسر الفقيرة والأطفال الذين لا يلحقون الركب، والنساء اللاتي بدون عائل، والدية على العاقلة، فمن يحمل هم الأمة في إيقاظ القلوب الغافلة وسد الثغرات المفتحة إلا المصلحون أمثالكم، فابحث عن دورك في خدمة دينك وأمتك ونفع بلادك ووطنك . .
بارك الله لي ولكم في القرآن ونفعنا بما فيه من الذكر والبيان . . .[/CENTER]

الخطبة الثانية

[align=justify]الحمد لله رب العالمين . . .
عباد الله ونحن على أبواب متنوعة ودعايات براقة وأزمات مادية ونفسية واجتماعية وحقائق ودعاوى وتكلف ومشاجرة ومعاناة ومقاضاة، وصدق وفجور ونزاهة واحتيال، وتواضع واختيال، ونحن أمام ذلك كله لا نملك إلا الدعاء، اللهم سلّم سلِّم، وبذل النصح وسن المقترحات وكل امرئ حسيب نفسه وعامل على نجاتها، فأقول :
الترفيه لا يعني الإخلال بالقيم والثوابت ولا الخروج على مسلّمات الدين والأعراف المرعية، والتفريق بين تعاهد الترفيه، فهناك الاستجمام والانبساط وهناك الإهمال والضياع، فاختر لنفسك موقعاً يليق بك .
ولا يعني تهيئة عوامل الترفيه والترف ترك التوجيه والمتابعة، فليس الترفيه والمرح بديل عن التربية، واليقضة لفوضى العلاقات الاجتماعية وانفلات القيود والضوابط التي تحكم الأسرة .
وملاحظة الفروق الفردية وبواكير النبوغ ومظاهر الهمة والعزيمة، إذ ليس من الحكمة أن ينخرط كل الأبناء وأفراد الأسرة في مجال واحد، فهناك جوانب نقس في النفس إنما تكمل بالعلم ومجالسة الكبار وحضور محافل الرجولة، تغرس في أبنائك وتعرّف على خصائص كل فرد منهم، فهو مخلوق مستقل فادفع به إلى ما يناسبه ويصلحه ويساعده على اكتشاف ذاته، فما من عظيم إلا ومرّ في مرحلة الطفولة، ونماذج ذلك كثيرة، يقول سهل التستري : مضيت إلى الكتّاب فتعلمت القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين، ومن الأمهات أم أنس بن مالك ما فتئت تعلمه وتربيه حتى دفعت به إلى الرسول  وهو صغير لتكتمل تربيته ويحسن التعليم .
أيها الأخ المبارك : ومهما بالغت في وسائل الترفيه والترويح فسوف تمل النفس وتتوق إلى البدائل، إذاً فالترفيه ليس آخر المشوار ولا منتهى المطالب، فهل رسمت لنفسك وأهلك الأهداف الحقيقة والطرق الموصلة؟ وهل شاركتهم في صناعة الهدف وصحبتهم إليه؟ .
قال السيوطي: تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الإسلام فينشؤون على الفطرة وتسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها، وسوادها بأكدار المعصية والضلال.
وهكذا الأمة الجادة لا تعرف الهزل أو تهدر الطاقات والثروات في اللهو واللعب، ولا أُخذت أمة إلا حال غفلتها أو لهوها ولعبها ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون، أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) .
وإذا كانت النفس تتوق إلى الترويح فإن الأمة تحتاج إلى التصحيح، والتربية الجادة ضرورة ومثال القدوة في معالي الأمور لا يزال مهجوراً، فثمة نماذج في الأمة لا يروق لها المزاح ولا يعشق العبث وتتطلع وتطرب إلى طلائع الأمة في التاريخ من العلماء والعظماء والقادة وميادين الإشادة بأصحاب المروءة والوفاء والنجدة والشجاعة والنخوة والغيرة والثقة والكرم . . فمن حق الأمة أن تُرفع عنها حياة الهامشية وتكشف لها عن جوانب الفضل فيها ديناً وخلقاً، فإن التعتيم والتجاهل سوف يخرج أجيالاً لاهثة رخوة هزيلة .
وهكذا حياة المترفين يأخذون على حين غفلة وتخور قواهم عن مقاومة الأعداء ويكتفون من الحياة بالجانب البهيمي يأكلـون ويتمتعون ويلعبون، والله تعالى يقول : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )، وهم حين الغفلة والفرقة ينسون مصابهم في كل جانب ويكرسون تبعيتهم للأقوياء واستجداءهم للمستعمرين، وجراحات الأمة تنـزف في كل جانب وعلى كل صعيد ، فما نصيبها من البرامج والمناشط، وما مدى محافظتنا على مكتسباتنا في التربية والتعليم، هل تعد الإجازة مسخاً ونسخاً لتلك الثروة الهائلة من العلوم والمعارف والآداب، اللهم لا حول ولا قوة إلا بك يا قوي يا عزيز .
اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا وأصلح ذات بيننا واجمع شملنا، اللهم احفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، اللهم استعملنا في طاعتك وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين . . .[/CENTER]

خطبة د. صالح بن عبد العزيز التويجري
جامع الرواف - بريدة

[مدحت شوقي بريده]

بارك الله فيك .. شيخنا الفاضل ..
وأمد الله في عمرك على طاعته ..,..


شيخنا الفاضل ..
أرى في توقيعك عبارة .. ( اقتراح موضوع خطبة مع دعمه بوثائق أو مراجع. )
اقترح ان تكون هنااااااااااااااااااك خطبة .. عن حال المعتمرين في رمضان وحال أبنائهم في مكه وتسكعهم هنااااااااااااااك ..
ولايخفى على فضيلتكم ماحصل في العطله الصيفيه من مهازل يندى لها الجبين ..
ونتمنى ان تسجل حتى تعرض في المنتدى وغيرها من المنتديات ..
فالأخوه في الشريط الاسلامي .. مستعدين لتسجيل الخطبه ..
وجزيت الخير كله ..


للرفع ..
رفع الله درجاااااااااااااااات شيخنا ..

[الإعصار]

جزاك الله كل خير يا دكتور ويا شيخنا الفاضل

نسأل الله أن تكون كتاباتكم في موازين أعمالكم

نفع الله بكم الإسلام والمسلمين