بريدة






عـودة للخلف بريدة ستي » بريدة ستي » ســاحـة مــفــتــوحـــة » هموم ولي العهد السعودي بواشنطن: المال الموجود والأمن المفقود ( د. مضاوي الرشيد )

ســاحـة مــفــتــوحـــة المواضيع الجادة ، والنقاشات الهادفة -- يمنع المنقول

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طريقة العرض
قديم(ـة) 04-05-2005, 01:17 PM   #1
albra
عـضـو
 
صورة albra الرمزية
 
تاريخ التسجيل: May 2005
المشاركات: 236
هموم ولي العهد السعودي بواشنطن: المال الموجود والأمن المفقود ( د. مضاوي الرشيد )

هموم ولي العهد السعودي بواشنطن: المال الموجود والأمن المفقود

2005/05/01

د. مضاوي الرشيد


لا أحد ينكر ان جهودا جبارة تكمن وراء الطفرة النفطية التي يعيشها النظام السعودي في الوقت الحاضر، فارتفاع سعر برميل النفط الي اكثر من 50 دولارا كفيل بتحريك الاقتصاد وزيادة قدرة الدولة علي شراء الولاء ودغدغة قلوب المواطنين ببعض المشاريع والوعود المستقبلية.


ويرجع الفضل في هذه الطفرة النفطية الي عاملين مهمين: اولا: زيادة الطلب وخاصة في آسيا (الصين والهند في مقدمتها) علي هذه الطاقة المهمة التي لا تزال تعتمد عليها الدول في كافة المجالات الاقتصادية. ثانيا: وهذا سبب ربما لا يعترف به النظام السعودي الا وهو دور القاعدة وعملياتها خلال عام 2004 وحتي قبل ذلك. هذه العمليات التي تساهم في فقدان الأمن والذي يعتبر العامل الأهم لتطوير الاقتصاد في بلدان العالم هي نفسها المسؤولة عن ارتفاع اسعار النفط بهذا الشكل غير المعهود سابقا. هذه الخلفية ربما تفسر لنا المعادلة غير الطبيعية التي تظهر بوضوح علي الساحة السعودية والتي تتجلي بالمال الموجود والأمن المفقود. وقد حمل ولي العهد السعودي هذا الهم الكبير معه الي مزرعة كروفورد لتجديد الحلف المقدس والذي هو الآخر يعتمد علي معادلة ليست بالخفية علي احد الا وهي النفط مقابل الحماية للنظام السعودي سابقا من قلاقل الخارج واليوم من خفايا الداخل واحتقانه. منذ نصف قرن والشريكان في هذه المعادلة يشدان علي ايدي بعضهما البعض. امريكا تريد تدفق براميل النفط باسعار تعجبها ولا تركع اقتصادها امام نمو اقتصاد دول بدأ وجودها الاقتصادي يشتد وربما ينافس الاقتصاد الامريكي يوما ما وهو اقتصاد الصين الذي يعد اليوم الأكثرنموا وديناميكية في العالم.


الكل يعلم ان اهمية نفط السعودية بالنسبة لأمريكا ورغبة الاخيرة في السيطرة عليه لا تكمن في كون الولايات المتحدة تعتمد عليه اعتمادا كليا، بل لأن السيطرة علي هذا النفط تجعل امريكا القوة الوحيدة التي تمسك بالطاقة التي يعتمد عليها اقتصاد منافسيها في اليابان والهند والصين وحتي اوروبا. وان استطاعت الولايات المتحدة ان تنوع مصادر طاقتها وتقلل من اعتمادها علي نفط السعودية فهذا لا يعني تخليها عن المعادلة السابقة الذكر، اذ انها مضطرة للعمل بمضمونها حتي تتحقق هيمنتها علي الاقتصاد المنافس لها أينما كان. لذلك يبدو لنا ان العلاقة الحميمة التي رواها النفط وجني ثمارها النظام السعودي خلال العقود الماضية لا تزال قائمة مهما عكرت صفوها انتقادات هنا وهناك وعتاب يجري علي صفحات الجرائد وخلف الكواليس.


وعندما شدت الرحال الي مزرعة كروفورد من مبدأ زورونا كل سنتين مرة كان لا بد من الشد علي الايادي لتطمين المواطن الامريكي اولا واخيرا ان الكلّ ملتزم بطرفي المعادلة ولكن يبدو ان ولي العهد كان له همّ آخر تجلي بوضوح في مناشدته لرجال الاعمال الامريكيين وشركاتهم العالمية ان يستثمروا بالسوق السعودية، فرغم المال الموجود في الداخل نري ولي العهد وكأنه قد يئس من رغبة اصحاب الاموال السعوديين في استثمار اموالهم في السوق المحلية، حيث تهاجر هذه الاموال باستمرار للاسواق في الجوار وخاصة تلك التي أنعم الله عليها بشيء من تسهيل المعاملات وتيسير الامور والديناميكية التي لم تجمدها بيروقراطية السوق السعودية ولم تتلفها احتكارات معروفة مرتبطة برموز النظام، فهاجرت اموال الداخل، وها هو ولي العهد يستجدي اموال المستثمر الامريكي والتي قد تأتي او علي الاقل هذا ما يصبو اليه بعد انضمام السعودية الي منظمة التجارة العالمية. ولكن ليت الامور بهذه السهولة.


المال الموجود حاليا مرتبط بسلعة معروفة يتجاوز الطلب عليها فترتفع الاسعار وكلما فقد الأمن كلما زادت هموم العالم فترتفع الاسعار اكثر. أما جذب الاستثمارات الخارجية وخاصة لبناء قاعدة اقتصادية طويلة المدي يحتاج الي الأمن، هذا الأمن المفقود اليوم. هذا الأمن هوالذي يدوخ الشركات صاحبة رؤوس الاموال، وها هم القائمون عليها يدفعون المبالغ الباهظة في سبيل التنبؤ بالحالة الامنية وأي رجل اعمال غربي كبير نراه يطرح السؤال المهم الذي يقلق راحته وينغص عيشه، فمن جهة تغريه فرصة اختراق السوق السعودية ذات القدرة الشرائية العالية وذات الحجم الضروري لنجاح أي مشروع اقتصادي خاصة اذا اصبحت هذه السوق متحررة من القيود السابقة كنظام الشراكة وغيره، ولكنه في نفس الوقت ترعبه صور قطع الرؤوس علي الانترنت واصطياد الموظفين الاجانب من قبل عناصر القاعدة . هذا المستثمر يحتاج الي اكثر من الشد علي الايادي والقبلات لأنه لا يقامر بأموال مؤسسته، اذ انه قد يخسر عمله مقابل قرارات متهورة قد تمليها الرغبة في الربح السريع.


ومن هموم ولي العهد ايضا هم لا يستطيع ان يعبر عنه، اذ انه مرتبط بتلك اليد الخفية للرأسمالية المفتوحة التي يطالبه بوش بتبنيها وسيزفه لها بمجرد قبول الدولة السعودية كعضو في منظمة التجارة العالمية. منذ الطفرات النفطية السابقة يتمتع اصحاب رؤوس الاموال في السعودية بسوق محمية من قبل النظام عن طريق اجراءات قانونية تجبر المستثمر الخارجي بأن يتقيد بشروط معروفة، وقد بنيت ثروات طائلة ونضجت طبقة كبيرة من المستثمرين واصحاب الشركات الذين ترعرعوا تحت عباءة النظام وحمايته القانونية، وفي المقابل ومن مبدأ رد الجميل، اعطت هذه الطبقة كل ولائها للنظام، وكيف لا وهو حاميها من المنافسة الخارجية والمانح لها الكثير من التسهيلات كاستيراد اليد العاملة الرخيصة وتجاوز اليد العاملة المحلية، والتي دوما توصف بعدم التأهيل والخمول والكسل. وقد اعتمدت هذه الطبقة علي علاقات ودية شخصية مع رموز الحكم من اجل استمرار سيطرتها علي القطاع الخاص المحدود. ماذا يا تري سيكون موقف هذه الطبقة عندما تشرع ابواب السوق السعودية لكل مستثمر اجنبي؟ هل ستقدر هذه الطبقة علي مواجهة المنافسة القادمة من شركات عالمية كبيرة قادرة علي المناورة في السوق السعودية؟ ما هو يا تري مصير اصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة؟ وما هو مدي قدرتهم علي الصمود في وجه المنافسة المفتوحة مع ذوي الخبرات العالمية اصحاب المضاربات الاقتصادية؟ هل ستعلن الشركات السعودية الصغيرة افلاسها امام هذا الغزو الاقتصادي؟ الذي لن يستطيع النظام ان يوقفه خاصة بعد توقيع اتفاقية الانضمام الي منظمة التجارة العالمية. نعم ستأتي استثمارات الخارج ولكن من سيدفع الثمن ربما تخلق الشركات العالمية فرص عمل ولكن هل سيقدر السعودي العادي بتأهيله الحالي تحت مظلة برامج التعليم الحالية ان ينافس نظيره القادم من الخارج؟


ان اي انفتاح اقتصادي يحصل دون الخلفية اللازمة في الوقت الحالي لا بد ان يحدث هزات محلية. والأهم من هذا ما سيكون موقف الطبقة الاقتصادية الحالية والتي تزدهر بسبب علاقتها مع النظام اولا وثانيا بسبب الحماية المتوفرة لها والتي تمكنها من احتكار الفرص اذا تغيرت الاحوال ولم تصمد امام المنافسة القادمة عندما تسقط المعادلة القائمة حاليا بينها وبين النظام.
من الصعب التنبؤ بمصير هذه الطبقة وعلاقتها مع النظام في المستقبل الا ان من المؤكد ان انفتاح الاقتصاد السعودي علي العالم بالشكل الذي يتطلبه الانضمام الي منظمة التجارة سيفتح الباب علي مصراعيه امام حراك ليس فقط اقتصاديا بل اجتماعيا وسياسيا تتعدي ابعاده تلك التي تمثلت بانتخابات فرعية هامشية ذات تأثير محدود علي التطور القادم والذي سيشهده المجتمع السعودي لا محالة. ولن تكون النقلة من الاقتصاد المحمي رغم كونه اقتصادا رأسماليا الي اقتصاد مفتوح نقلة سهلة بل ستكون موجهة لبعض الجهات في الداخل السعودي وخاصة الجهات التي كانت تنام علي سرير مخملي طيلة فترة الحماية والاحتكار. الانفتاح الاقتصادي ربما يكون بداية النهاية لتركيبة طالما غذتها السرية ومكنتها العلاقات الودية بين اطراف تتفق علي المصالح المشتركة ولكنه تختلف في نظرتها الي الدور الذي قد تلعبه علي الساحة.


نعم اسعار النفط المرتفعة تترجم الي قدرة شرائية ليس فقط للخدمات بل ايضا للولاءات وهي مؤهلة لارتفاع اكثر فأكثر كلما تدهورت الحالة الامنية ولكن الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال الخارجية امر آخر يختلف عن الطفرة النفطية كونه يعتمد اعتمادا كليا علي الأمن. هذا الأمن الذي ما زال مفقودا رغم الحملات الأمنية وتجفيف جذور الارهاب. ان اكثر ما تخافه رؤوس الاموال الخارجية هو العنف غير المنظم والذي يعتمد علي مبادرات فردية وليس علي جبهات معروفة.


عندما تنتقل المعركة من المجمع السكني الي وزارة الداخلية مرورا بأقدس الاماكن مكة المكرمة، نجد ان هذا العنف بالفعل يرهب من يريد ان يرهبه، وتضطر الدولة عندها ان تستعرض ارهابها هي لكي ترهب عدوها علي مرأي ومسمع الجمهور العريض، فصور الصلب وقطع الرؤوس في الساحات العامة قد ترهب المواطنين ولكنها في عصر العولمة تصل ايضا الي رجل الاعمال الغربي، ورغم علمه انه محصن من هذا الحكم الاسلامي الذي لا يطبق عادة الا علي ذوي الاصول الوضيعة من افارقة وآسيويين وحتي بعض المواطنين، لكنه قد لا يطمئن في بلد كهذا. ورغم ان هذا العامل لم يؤثر علي آلاف الموظفين الغربيين في السعودية خلال اكثر من نصف قرن الا انه قد بدأ يقلق البعض خاصة في المرحلة الحالية.


هموم ولي العهد المتمثلة بماله الموجود وأمنه المفقود والتي قد عبر عنها او لم يعبر تحتاج الي اكثر من لقاء حميم لتعود المياه الي مجاريها وترجع السكينة والطمأنينة الي القلوب بعد غياب عامين.

منقــــــــــول من ( القدس العربي)
albra غير متصل  


موضوع مغلق

الإشارات المرجعية


قوانين المشاركة
لا يمكنك إضافة مواضيع
لا يمكنك إضافة ردود
لا يمكنك إضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

رمز [IMG] متاح
رموز HTML مغلق

انتقل إلى


الساعة الآن +4: 12:49 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2017, Jelsoft Enterprises Ltd

المنشور في بريدة ستي يعبر عن رأي كاتبها فقط
(RSS)-(RSS 2.0)-(XML)-(sitemap)-(HTML)